حملات توعوية لمبادرات شبابية تناهض ظاهرة حمل السلاح
صوت الأمل – أفراح بورجي
تشهد اليمن منذ عام 2014 صراعات ونزاعات دامية، ذهب ضحيتها كثيرٌ من الأرواح، وتشرد الملايين من المواطنين، وتدهورت الخدمات الأساسية في مختلف القطاعات. وعلى الرغم من ذلك، وفيما يواصل الصراع دماره، تظهر من بين الركام مبادرات شبابية ومجتمعية تسعى جاهدة إلى خلق السلام في اليمن، وتعمل على إعادة الأمل وإيجاد حلول سلمية لإنهاء الصراع.
لا شك أن الجهود المبذولة لإنهاء الصراع في اليمن ضرورية وملحة، وأن تحقيق السلام المستدام يعد الهدف المنشود من جميع اليمنيين، لكن -حين تبذل هذه الجهود- لا بد من التنبه إلى مخاطر حمل السلاح التي تفاقمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وشكلت عقبة كبيرة أمام تحقيق السلام المستدام.
بهذا الخصوص يقول الصحفي إسماعيل الأغبري: “لحمل السلاح عديد من المخاطر والدلالات التي تشير إلى خلل ما في بنية المجتمع؛ فهو يؤدي إلى إراقة دماء بشكل عبثي، وخلق إعاقات، وتفكيك للمجتمع، ونشوب خلافات وثارات غير منتهية. كما أن هذا التصرف الأرعن يدل على افتقار الفرد لثقته بنفسه، وبالمجتمع”.
وأوضح أن المجتمع الذي يفتقر لسلاح العلم والمعرفة والمهارات يلجأ إلى ارتداء سلاح يصنعه مجتمع آخر متسلح بذلك العلم وتلك المهارات العلمية؛ ولذلك فإن نزع سلاح الفرد من كتفه يتطلب خطوات أعمق من مجرد مصادرة السلاح، بل يتطلب ذلك العمل على بناء مجتمع قوي مسلح بالعلم والمعرفة والمهارات، يشجع على حل النزاعات بالحوار والتفاهم، وبناء مجتمعٍ متماسكٍ يحارب العنف وينادي بالسلام.
أدوار مؤثرة في الحد من حمل السلاح
وتوضح مودة خالد -المديرة التنفيذية لمؤسسة وجود للأمن الإنساني- دور الشباب في التوعية المجتمعية ضد مخاطر حمل السلاح وتعزيز السلام، قائلة: “إن دور الشباب في التوعية المجتمعية ضد مخاطر حمل السلاح في اليمن يعد ذا أهمية كبيرة؛ فالشباب فئة مهمة ومؤثرة في المجتمع اليمني، ولديهم القدرة على تغيير الواقع وتحقيق التغيير الإيجابي بالتوعية والتثقيف عبر استهدافهم مختلف شرائح المجتمع. كما يمكن للشباب أن يسهموا في تحقيق ترسيخ ثقافة سلمية في عدم انتشار ظاهرة حمل السلاح في المجتمع اليمني”.
وتابعت مودة: “بشكل عام، يُصبح دور الشباب في التوعية المجتمعية ضد مخاطر حمل السلاح ضروريًا ومهمًا، بوصفهم ذوي طاقة هائلة قادرة على التغيير، وهم أكثر فئة مستعدة للتفاعل مع الأفكار الجديدة وتبنيها، خاصة في عملية بناء مستقبل أكثر سلام واستقرار لليمن، ولن يتم ذلك إلا عبر توفير الدعم المناسب وتغليب الوعي والتعاون المجتمعي ضد أي ظواهر سلبية ينتجها الصراع”.
مبادرات فاعلة
أوضحت مودة أن هناك تنوعًا في المبادرات الشبابية التي تعمل على التوعية ضد مخاطر حمل السلاح في اليمن، وهي تتضمن مجموعة متنوعة من الأهداف والرؤى. بعض هذه المبادرات تهدف إلى تعزيز الوعي حول الأضرار الناجمة عن حمل السلاح وتأثيرها على الفرد والمجتمع، وتركز أخرى على تعزيز القيم السلمية والتسامح وحل النزاعات بشكل سلمي، ومبادرات أخرى تهدف إلى توفير فرص تعليمية وتدريبية للشباب؛ لتمكينهم من الانخراط بشكل فعال في التوعية والعمل المجتمعي.
وتابعت: “تشمل أنشطة المبادرات إقامة حملات توعية وندوات وورش عمل، وإنتاج مواد إعلامية مختلفة ونشرها، مثل مقاطع الفيديو والمنشورات التوعوية، وكذا تنظيم فعاليات مختلفة كالمسابقات التي تعزز الوعي وتشجع على المشاركة الفعالة في المجتمع”.
نظرة المجتمع وتقبله
وحول تقبل المجتمع تقول مودة: “قد تختلف الآراء والتفضيلات في أن هناك من يرحب بجهود التوعية المجتمعية ضد حمل السلاح ويدعمها بشكل إيجابي، ويرونها كوسيلة للحد من انتشار ظاهرة حمل السلاح وتعزيز السلم والاستقرار بين أوساط المجتمع. مع ذلك، قد يواجه بعض أصحاب المبادرات تحديات جمة من بعض الأفراد أو الجماعات التي قد تكون متورطة في استخدام السلاح، وأيضًا قد يتعرضون للانتقادات أو التهديدات من مختلف الجهات المستفيدة من استمرار الصراع وانتشار تجارة الأسلحة بين الشباب وأفراد المجتمع ككل، مما يعرضهم لصعوبات في تنفيذ أنشطتها بشكل فعال”.
وحول الدعم المقدم لتلك المبادرة العاملة في مجال التوعية المجتمعية ضد حمل السلاح، توضح مودة أنه يمكن أن يأتي دعم من مجموعة متنوعة من الجهات المحلية والدولية، وقد يتلقى أصحاب المبادرات الشبابية دعمًا شخصيًا من أفراد المجتمع الذين يشجعونهم ويدعمونهم في جهودهم.
وأكدت العديد من التقارير الصحفية أن للمبادرات الشبابية دورًا مهمًا في نشر الوعي حول مخاطر حمل السلاح في اليمن، من خلال تنظيم حملات توعوية، وإنتاج مواد إعلامية، وإقامة ندوات وورش عمل، كما أن لديهم القدرة في الوصول إلى فئات واسعة من الشباب عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ لنشر رسائل السلام والاحترام.
وتُصبح المبادرات الشبابية في التوعية المجتمعية حول مخاطر حمل السلاح ذات أهميةٍ بالغةٍ لعدة أسباب، أهمها التأثير على فئة مستهدفة من الشباب، والتأثير عليهم بشكل مباشر من خلال لغة مفهومة وأساليب مبتكرة تناسب اهتماماتهم، ومشاركة تجاربهم وأفكارهم حول مخاطر حمل السلاح، والعمل على تعزيز ثقافة السلام والحوار بين الشباب، وتُشجعهم على حل النزاعات بشكل سلمي، وتقدم بدائل إيجابية عن العنف.
صعوبات وتحديات
تشير مودة إلى أهم التحديات التي قد تواجه أصحاب المبادرات، وهي قد تشمل صعوبة الحصول على الدعم المستدام والمستمر، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها اليمن، وأيضًا نقص في الموارد المالية والتقنية والبنية التحتية، التي تعد تحديًا كبيرًا.
وأضافت أنه قد تواجه المبادرات صعوبات في الوصول إلى المناطق المتضررة بشكل كبير أو المجتمعات النائية بسبب وعورة الطريق أو الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وتعد التحديات الأمنية والسياسية واستقرار البلاد من ضمن العوامل المؤثرة على قدرة الشباب في تنفيذ أنشطتها التوعوية بشكل كبير وفعال، بالإضافة إلى انخراط أغلب الشباب إلى السلك العسكري.
وبحسب تقرير منتدى اليمن الدولي 2023، هناك منظمات مجتمع مدني في عدن نفذت حملات توعوية وتأهيلية لخلق رأي عام مناهض لظاهرة حمل السلاح وأضراره؛ كونه أصبح منتشرًا بشكل واضح في المدن اليمنية بالكامل، وخاصة في مدينة عدن التي كانت خالية من مظاهر حمل السلاح قبل النزاع. وبيَّن التقرير أن أهم التحديات التي ساعدت في انتشار السلاح هي عدم الاستقرار الأمني، الذي أدى إلى إثارة القلق وكثرة الحوادث.
وأضاف التقرير أن الحملة المجتمعية ضد ظاهرة حمل السلاح قد بدأت في عام 2023، التي هدفت إلى خلق رأي شعبي معارض لظاهرة حمل السلاح في اليمن، خاصة في عدن، والضغط على الجهات المعنية والقانونية لاتخاذ إجراءات تردع وتعاقب من يحمل السلاح بغير داعٍ خارج نطاق الواجب الرسمي.
وهنا نؤكد أهمية دور الشباب ومبادراتهم في عملية التوعية ضد مخاطر حمل السلاح في اليمن، وضرورة دعمها لتحقيق عملية بناء سلام شامل، والتخفيف من مستويات العنف الناتج عن حمل السلاح، لتصبح اليمن خالية من أي تحديات أمنية تسبب القلق والتوتر في مجتمعاتها.
83.2%من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن حمل السلاح في اليمن له علاقة وثيقة بالثقافة الشعبية اليمنية
صوت الأمل – يُمنى الزبيري منذ قديم الزمان، ارتبطت حيازة السلاح بالعادات والتقاليد ال…