انتشار الأسلحة يهدد الأمن المجتمعي ويؤجج جرائم العنف في اليمن
صوت الأمل – علياء محمد
تعد قضية حمل السلاح من القضايا الشائكة والمثيرة للجدل في المجتمع اليمني؛ إذ تنتشر فوضى السلاح بشكل لافت، وتشكل خطرًا كبيرًا على الأفراد والمجتمعات، وأصبحت مظاهر حمل الأسلحة الفردية واستخدامها مشكلةً معقدة؛ لما يترتب عليها من أضرار وآثار مجتمعية تزيد من نسبة وقوع العديد من الحوادث والإصابات وإزهاق كثير من الأرواح ولأسباب غير مبررة، كخلافات أو نزاعات أو أخطاء في الاستخدام.
زيادة الجرائم وزعزعة أمن المجتمع
يرى عرفات محمد -عامل وناشط مجتمعي- أن حمل السلاح ظاهرة خبيثة وآفة زُرعت لزعزعة أمن المواطنين والبلاد بشكل عام، مما وضعها في حالة من عدم الاستقرار، وهذا جعل المواطنين في حالة ارتباك وتخبط دائمين.
وأضاف أن السبب الرئيسي لانتشار ظاهرة حمل السلاح يعود إلى غياب الدولة ومقوماتها وأركانها، إضافة إلى وجود جهات تغذي وتستفيد من إدخال السلاح بمختلف أنواعه وأشكاله إلى اليمن، وإعطائه أو تسليمه للمواطنين الشباب بشكل عشوائي.
كما أشار في حديثه إلى الأضرار والآثار المجتمعية الناتجة من انتشار هذه الظاهرة، وأن هناك علاقة كبيرة بين ظاهرة حمل السلاح وزيادة معدلات الجريمة والعنف في المجتمع اليمني؛ فالمجتمعات التي تنتشر فيها الأسلحة وبطرق عشوائية وغير منظمة يصعب فيها تنفيذ القانون ومحاربة الجريمة بشكل فعال؛ الأمر الذي يزيد من احتمالية حدوث النزاعات والحوادث نتيجة الخلافات الشخصية والمواجهات العشوائية. إضافة إلى ذلك، تؤثر ظاهرة حمل السلاح على الاستقرار وتزعزع الأمن؛ نتيجة تفشي ثقافة العنف وحل النزاعات بالقوة، الأمر الذي يعرقل العملية السلمية والحوار المجتمعي.
في سياق متصل، تؤكد الناشطة المجتمعية كفى الكباب أن انتشار ظاهرة حمل السلاح في اليمن من أبرز التحديات الأمنية التي تواجه البلاد خاصة في الوقت الراهن؛ إذ أصبحت تشكل تهديدًا خطيرًا على الأفراد والمجتمع.
وأضافت أن حمل السلاح العشوائي وغير المنظم للمواطن يعد من أكبر المشاكل المجتمعية في اليمن، بسبب الاستخدام غير المبرر له، وقد يقع الكثير من الأشخاص في مواقف مستفزة تدفعهم إلى استخدام السلاح بطرق غير قانونية أو غير مشروعة، مثل استخدام السلاح في حالات الغضب أو العنف الأسري.
وأشارت في حديثها إلى أن الجهات الأمنية والضباط فقط من يحق لهم امتلاك السلاح واستخدامه في أماكن عملهم، وفي الحالات التي تستدعي ذلك.
قصص وحوادث
تضج وسائل الإعلام اليمنية ووسائل التواصل الاجتماعي بكثير من القصص المساوية والحوادث التي يذهب ضحاياها العديد من الأبرياء نتيجة انتشار السلاح بشكل كبير بين أوساط المجتمع، وسهولة الحصول عليه.
وفي ظل فوضى انتشار السلاح زادت نسبة الجرائم والحوادث، فكانت محافظة إب أكثر المحافظات تألمًا بها. وأبرز تلك الحوادث حوادث العنف الأسري حين أقدم شاب يمني على قتل والده وشقيقته، في منطقة “جباح” بمديرية فرع العدين غربي محافظة إب، نتيجة خلافات أسرية.
وفي حادثة مشابهة، أقدم شاب على قتل والده بمنطقة الوازعية بمديرية الظهار، وأقدم آخر على قتل والدته في منطقة بني زهير بمديرية العدين غربي محافظة إب.
أما الطفلة حنين البكري البالغة من العمر سبع سنوات فقضت هي الأخرى عشية عيد الأضحى، في جريمة مروعة هزت الرأي العام آنذاك في عدن، إذ أزهقت روحها برصاص أطلق من سلاح الجاني على سيارة والدها بعد خلاف نشب بينهما نتيجة حادث سير.
وفي حادثة أخرى فجَّر رجل يمني قنبلة يدوية بنفسه وبزوجته في شارع بمدينة عدن بسبب خلافات زوجية، مما أسفر عن موتهما معًا.
من جانب آخر تسببت ظاهرة انتشار السلاح في اليمن بزيادة نسبة حوادث القتل الخطأ بسبب سوء استخدام الأسلحة والتعامل معها باستهتار. تقول فائزة عبده عبد الله -مسؤولة المرأة والطفل- للجان المجتمعية: “تشكل ظاهرة حمل السلاح خطورة بالغة في أوساط المجتمع اليمني؛ إذ تتسبب بزيادة نسبة الحوادث وانتشار العنف. كما يعد كثير من الأفراد حمل السلاح وسيلةً للأمن الشخصي. وفي المقابل قد يؤدي حمل السلاح إلى اتخاذ قرارات سريعة وخاطئة في التعامل مع مواقف محتملة وغير مبررة؛ إذ يخطئ في تقدير حقيقة التهديد المحتمل، الأمر الذي يؤدي إلى تبعات خطيرة أبرزها الإصابة أو موت أشخاص أبرياء جراء الضرب العشوائي”.
كما أضافت أن حمل السلاح يزعزع أمن المجتمع اليمني، فانتشاره بين الأفراد يصعب تحديد من هم المسلحون عن غيرهم؛ الأمر الذي يعقد عملية تنفيذ القانون ويجعل من الصعب على السلطات الأمنية التصدي للجرائم المنتشرة ومنعها. إضافة إلى ذلك يمكن أن يؤدي حمل السلاح إلى زيادة احتمالية استخدامه في جرائم العنف والسطو، مما يشكل تهديدًا على سلامة المجتمع بشكل عام.
ترجع فائزة سبب انتشار ظاهره حمل السلاح إلى غياب دور رجال الأمن والحكومة الجاد في تأدية واجباتهم في الرقابة والمتابعة والتفتيش وانتزاع الأسلحة ممن يمتلكونها بشكل غير قانوني أو مبرر.
آثار نفسية
تترك ظاهرة حمل السلاح آثارًا نفسية على الأفراد في أوساط المجتمع؛ إذ يعيش الأشخاص في المجتمع اليمني حالةً من الخوف المستمر والقلق، وهذا يؤثر على الحياة العامة وممارساتها، وتختلف هذه الآثار والأضرار من شخص لآخر، وتعتمد على العديد من العوامل المختلفة مثل البيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والقانونية المحيطة بحمل السلاح في المجتمع.
“يعيش الأفراد في المجتمعات التي يسود فيها انتشار السلاح حالة من الخوف وعدم الاستقرار النفسي المستمر”، هذا ما قالته انتصار محمد -مختصة نفسية- مشيرة إلى أن حمل السلاح يزيد من الإصابة بحالات التوتر العصبي، ويزيد من احتمالية حدوث حالات الاكتئاب والقلق نتيجة عدم الشعور بالأمان وتشوش الحياة اليومية والشعور بعدم الراحة في الأماكن العامة. إضافة إلى ذلك، يؤدي انتشار السلاح إلى زيادة الضغوط النفسية على الأفراد بسبب زيادة مسؤولية حماية أنفسهم وأفراد عائلاتهم من المخاطر المحتملة باعتبارهم عرضة للتهديدات المحتملة.
وتؤكد في حديثها أن حمل السلاح يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية؛ نظرًا لقلة الثقة بين أفراد المجتمع وخوفهم من بعضهم؛ وبالتالي ينشأ التباعد بين الأفراد والتشكيك المستمر في نوايا الآخرين، مما يؤثر سلبًا على الروابط الاجتماعية والتآزر بين الأفراد.
خطوات للحد من انتشار ظاهرة حمل السلاح
للحد من انتشار ظاهرة حمل السلاح في اليمن، وحماية الأفراد من الأضرار والآثار السلبية الناتجة عن هذه الظاهرة، يلفت عرفات محمد الانتباه إلى أن تنفيذ الحلول يعد بسيطًا جدًا، بشرط وجود الرغبة في إنهاء الظاهرة من قبل الجهات المختصة وأفراد المجتمع.
وأشار إلى أهمية الجهود المشتركة التي يجب بذلها من جميع الجهات المعنية لمكافحة ظاهرة حمل السلاح في اليمن، وهي تهدف إلى عودة سيادة الدولة وفرضها وتقوية مكوناتها وأركانها على أرض الواقع، وتفعيل دورها عن طريق تعزيز حكم القانون وتنفيذ العدالة، وتعزيز الأمن والاستقرار، وبناء قدرات الأجهزة الأمنية، وتنفيذ الخطط والسياسات والبرامج لضبط حيازة الأسلحة والتصدي لتهريبها.
من جانبها تقول فايزة عبد الله: “يجب أن يتم التفكير الجيد والتقييم الواعي للآثار السلبية المحتملة قبل اتخاذ قرار حمل السلاح، كما أنه يجب العمل على تعزيز الحوار والحلول السلمية في المجتمعات؛ للحد من العنف وتحسين الأمان العام”.
وأكدت على أهمية مراعاة الضوابط الصارمة والتنظيم لعملية حمل السلاح في اليمن، وتقيم الأفراد الذين يحملونه بشكل دوري لضمان سلامة المجتمع. مبينةً أهمية التركيز على تنظيم حملات توعوية وتثقيفية تسعى إلى تعزيز ثقافة السلم وحل النزاعات بوسائل سلمية، وتعزيز الحوار والمصالحة المجتمعية، والاهتمام بالتعليم والتثقيف للشباب وتوفير فرص عمل مناسبة لهم.
في الختام تظل الآثار المجتمعية لحمل السلاح قضية معقدة تحتاج إلى جهود شاملة ومتعددة الأطراف تحقق التوازن بين حقوق الفرد وسلامة المجتمع.
83.2%من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن حمل السلاح في اليمن له علاقة وثيقة بالثقافة الشعبية اليمنية
صوت الأمل – يُمنى الزبيري منذ قديم الزمان، ارتبطت حيازة السلاح بالعادات والتقاليد ال…