ضبط استخدام السلاح؛ تحديات تواجه الجهات الرسمية في اليمن
صوت الأمل – أحمد باجعيم
يُحذر قانون تنظيم حمل الأسلحة النارية والذخائر والإتجار بها، من مخاطر انتشار ظاهرة بيع السلاح وحمله بشكل عشوائي في اليمن، وذلك من خلال نصوص واضحة تُجرّم هذه الممارسات، وتنص المادة 10 من القانون، على منع أي شخص من حيازة السلاح أو حمله داخل عواصم المحافظات أو المدن اليمنية، إلا في حال حصوله على ترخيص ساري المفعول، كما تُحظر المادة 11 على أي شخص أو جهة الإتجار بالأسلحة النارية داخل الأراضي اليمنية أو نقلها، إلا بموجب أحكام القانون اليمنية.
ومن هذا المنطلق تقع على عاتق الجهات الرسمية مسؤولية تطبيق هذه القوانين واللوائح بحزم، وذلك للحد من تفشي ظاهرة بيع السلاح أو حمله، التي تشكل تهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار في البلاد.
وتبذل الجهات الرسمية ممثلة بوزارة الداخلية والأمن العام جهودًا كبيرة في التخفيف من رقعة بيع السلاح وشرائه في المدن والمحافظات، عبر اتّخاذ خطوات حاسمة، تتمثل في تنفيذ حملات توعوية مكثفة لتنبيه المواطنين من مخاطر حيازة السلاح بشكل غير قانوني، لما له من آثار سلبية في تهديد الأمن المجتمعي، وبث الخوف بين السكان، كما يحجم من دور الأمن العام في تثبيت الأمن والاستقرار؛ إذ سيتم من خلال هذا التقرير التركيز على الدور الذي تلعبه الجهات الرسمية في سبيل تحقيق هذه الغاية.
الدور الرسمي
قال مدير أمن مديرية الضليعة غرب محافظة حضرموت، النقيب وليد بن شملان: “إنّ الدور الذي تتبناه الجهات الأمنية في الحد من انتشار تجارة الأسلحة في المحافظة، تكمن في تشديد المراقبة، وضبط عمليات بيع الأسلحة وشرائها بشكل غير قانوني، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين، كما تولي مديرية الضليعة، التي تعدُّ إحدى المديريات الريفية بالمحافظة، اهتمامًا خاصًّا في مكافحة ظاهرة انتشار السلاح بين المواطنين، بحكم انتشار السلاح فيها بشكل كبير، لهذا فإنّ أمن المديرية ينفذ حملات نوعية لضبط المتجولين بالسلاح بين المدة والأخرى، والعمل على تقليل هذه المظاهر بين أوساط المواطنين، كما يتمُّ التوقيع على تعهدات مع المواطنين بعدم التجول بالسلاح في المديرية”.
وأشار إلى أنّه في حالة تكرار تلك الحالات سواء التجول بالسلاح أو الإتجار به يتم حجز المواطن، ومصادرة الأسلحة، حتى يتبع التعليمات القانونية واللوائح اللازمة للكف على سلوكياته التي تعدُّ خارجة عن القانون؛ إذ إنّ أمن مديرية الضليعة يبذل جهودًا مضاعفة في سبيل الحد من استفحال هذه الظاهرة التي بدأت بالارتفاع، خصوصًا في السنوات الأخيرة؛ أي ما بعد نشوب النزاع المسلح، وضعف أجهزة الدولة، ومنها الأجهزة الأمنية على وجه التحديد.
من جانبه أوضح مدير أمن مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة العقيد إسماعيل قارورة أن تفشي حمل السلاح ومناطق بيعه أثر بصورة كبيرة على السلم والأمن المجتمعي في المحافظة، وأثار القلق والتوتر بين أوساط المجتمع، نتيجة تداعيات الصراع الذي أدّى إلى تزايد عمليات البيع والشراء في عموم المدن اليمنية، ومنها الخوخة.
كما أشار إلى أهمية تضافر الجميع في توعية المجتمع بشكل مكثف حول مخاطر بيع السلاح أو حمله بين المواطنين، والآثار المترتبة على ذلك، وتنفيذ حملات أمنية دورية تعمل على مكافحة هذه الظاهرة داخل المدن والمديريات، وقبل ذلك العمل على تحقيق السلام الشامل، وإنهاء الصراع القائم بين جميع الأطراف.
الإجراءات التنظيمية
ينظم القانون اليمني حيازة السلاح الناري واستخدامه من خلال مجموعة من المواد المقررة في “قانون تنظيم حمل الأسلحة النارية والذخائر والإتجار بها” لسنة 1992م؛ إذ تنص المادة التاسعة من الفصل الثالث “لمواطني الجمهورية اليمنية الحق في حيازة البنادق الآلية، وأيضًا المسدسات، وقدر كافٍ من الذخيرة بهدف الاستخدام الشخصي والدفاع الشرعي”.
في حين تقرُّ المواد التالية من ذات الفصل “على أنّه يجب على كل مواطن الحصول على ترخيص ساري المفعول يسمح باقتناء أسلحة نارية، وتعدُّ صلاحية الترخيص لمدة (ثلاث) سنوات قابلة إلى التمديد، كما يحق للجهات المختصة سحب الترخيص قبل انتهاء المدة الزمنية المحددة في حالة الإخلال بالقانون، ولا يصرف الترخيص لمن هم في السن غير قانوني، أو من أُصدر بحقه أحكام مغلفة؛ كارتكاب الجرائم أو نحوها، أو المصابين بأمراض نفسية وعقلية”.
دور الأجهزة الأمنية
نفذت اللجنة الأمنية بمحافظة شبوة في أكتوبر 2023م، حملة أمنية مشتركة بين الأجهزة الأمنية والعسكرية لمنح حيازة السلاح في مديرية عتق عاصمة المحافظة، وذلك بهدف تثبيت الأمن والاستقرار والقضاء على انتشار الأسلحة بين المدنيين في المدينة، وذلك حسب ما ذكره الموقع الرسمي للسلطة المحلية عبر تقرير بعنوان: “تنفيذًا لقرارات اللجنة الأمنية؛ استئناف حملة منع حمل وحيازة السلاح في مدينة عتق”.
وأوضح التقرير أنّ الحملة مستمرة حتى تحقق أهدافها الرامية إلى الحد من بيع السلاح وحمله داخل المدينة، وإعادة الدور الريادي للعاصمة عتق التي عرفت به، كما دعت الخطة الأمنية المواطنين بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لإنجاح الحملة، عبر مساعدة رجال الأمن والإبلاغ على المخالفين، وتعزيز الوعي المجتمعي لحفظ الأمن والسكينة العامة.
وفي يوليو 2021م، أعلنت إدارة أمن محافظة عدن عن استمرار حملة منع حمل السلاح غير المرخص، والتجول به في مديريات المحافظة، كما ألزمت إدارة الأمن عموم النقاط الأمنية بإعطاء الأشخاص الذين يتم ضبط أسلحتهم من مدنيين أو عسكريين سندات رسمية بالمضبوطات، وتدعو شرائح المجتمع كافة التعاون مع الأجهزة الأمنية لإنجاح حملة منع السلاح في المحافظة.
ولم تكن وزارة الداخلية عبر أجهزتها الأمنية وحدها المعنية بحملات منع التجول أو بيع السلاح في المدن والمحافظات اليمنية، بل هناك توجّه واضح من منظمات المجتمع المدني في القيام بحملات توعية للمجتمع؛ لمناهضة حمل السلاح في المدن، وفي هذا الصدد نفذت عدد من منظمات المجتمع المدني في عدن، وفقًا لموقع “الجزيرة نت”، حملةً مشتركة لخلق رأي عام مناهض لهذه الظاهرة، لما له من تداعيات عكسية على حياة المواطنين، تتمثل في إقلاق السكينة العامة، وبث الخوف، وانتشار عمليات القتل، وتدهور الحالة الأمنية.
وفي السياق ذاته يذكر المجند سعيد الديني، الذي يعدُّ فردًا في إحدى النقاط العسكرية على مدخل مدينة المكلا الغربية، أنّ قيادة النقطة مشددة على منع دخول السلاح إلى المدينة؛ إذ يتم تفتيش المسافرين القادمين إلى المكلا من مختلف المحافظات اليمنية بشكل مشدد، والاحتفاظ بالسلاح في الأمانات، مع إعطاء الأشخاص الذين بحوزتهم أسلحة سندات أمانة، وفور عودتهم من المدينة تستردُّ إليهم أسلحتهم، وذلك تطبيقًا لقرارات قيادات عسكرية.
وأشار إلى أنّ حالة الاستقرار الأمني الذي تشهده مدن الساحل يعود إلى الحملات الأمنية التي تقوم بنزع السلاح من المدنيين، وإخفاء مظاهر التجول به في المدن، الذي يعدُّ غير مرغوب فيه من قبل المواطنين أنفسهم؛ الأمر الذي ساعد الأجهزة الأمنية والعسكرية في تحقيق الهدف.
التحديات والمعالجات
عدّد مدير أمن مديرية الخوخة العقيد إسماعيل قارورة بعض التحديات التي تقف عائقًا أمام أجهزة الأمن للقضاء على عمليات حمل السلاح أو بيعه؛ أبرزها: استمرار الصراع بين الأطراف المتناحرة، الذي أدّى الى انتشار المظاهر المسلحة بين المدنيين، خاصة في مديريات محافظة الحديدة، وتحديدًا منطقة الخوخة التي تعد من أكثر المناطق تضررًا من ظاهرة التسليح، نتيجة استمرار مظاهر الصراع.
من جانبه، ذكر مدير أمن مديرية الضليعة النقيب وليد بن شملان، أنّه بفضل التوجه العام في محافظة حضرموت تمَّ القضاء على أشكال حمل السلاح كافة، ومواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه الأجهزة الأمنية، ولكن ما زال هناك بعض العراقيل، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من ضعف الوعي المجتمعي بأهمية نزع السلاح من المدنيين، وعدم توفر تراخيص تنظم عملية حمل السلاح أو التجول به، مؤكدًا بأنّه سيتم تخطي تلك التحديات في المستقبل، مع التركيز على زيادة الوعي المجتمعي لحفظ الأمن والاستقرار في ربوع الوطن.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الأجهزة الأمنية والرسمية في سبيل ضبط حمل السلاح، والقضاء على جميع أشكال التسلح المدني داخل المدن والمحافظات اليمنية، فإنّها تظل جهودًا منقوصة ما لم تصدر تشريعات وتعديلات في المواد القانونية التي تحظر امتلاك المدنيين حمل السلاح أو المتاجرة به، كما يجب أن يسبق ذلك إحلال السلام، وإنهاء النزاع المسلح، الذي يعدُّ سببًا رئيسيًّا لوصول البلاد إلى هذه المرحلة.
83.2%من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن حمل السلاح في اليمن له علاقة وثيقة بالثقافة الشعبية اليمنية
صوت الأمل – يُمنى الزبيري منذ قديم الزمان، ارتبطت حيازة السلاح بالعادات والتقاليد ال…