‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الفلكلور والأزياء الشعبية في اليمـن المنظمات العاملة في اليمن.. دورٌ حيويٌّ في الحفاظ على الترا ث

المنظمات العاملة في اليمن.. دورٌ حيويٌّ في الحفاظ على الترا ث

صوت الأمل – علياء محمد

تمتلك اليمن رصيدًا كبيرًا من الموروث والفلكلوريات الشعبية المختلفة والمتنوعة ذات جذور ثقافية هائلة تعود إلى آلاف السنين؛ فقد شهدت البلاد حضارات عظيمة استطعنا من خلالها أن نرى العديد من الموروث الشعبي والثقافي الذي ما يزال يعيش في قلوب اليمنيين حتى اليوم.

ونظرًا لقيمة هذ الموروث وأهميته، فقد أولت المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة موضوع التراث الثقافي اهتمامًا غير مسبوق، وأقامت العديد من الأنشطة والبرامج لإحياء الفلكلور اليمني ونشره على نطاق واسع.

 أكدت ليلى الشعيبي -مُنَظِّمَةُ مهرجانات ومعارض تراثية- أهمية دور المنظمات في إنعاش الفلكلور اليمني، وبحسب قولها: “أسهمت كثير من المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني في الحفاظ على التراث الثقافي في اليمن وتعزيزه ونشره، وكرست جهودها المستمرة في حماية الفلكلور والموروث اليمني من التهديدات التي قد تواجهه، سواء كانت تأثيرات خارجية أو تأثيرات طبيعية”.

مضيفة: “عملت عددٌ من المنظمات على جمع معلومات ثقافية عن الموروث والفلكلوريات الشعبية من خلال توثيقها ونشرها للجمهور عبر مختلف الوسائل والأنشطة، ونظمت عددًا من الفعاليات والمهرجانات الثقافية التي تسهم في تعزيز الفلكلور اليمني وجذب الاهتمام إليه”.

وأشارت الشعيبي إلى الدور الذي قامت به عددٌ من المنظمات في توجيه المجتمع نحو الاهتمام بالفلكلور اليمني وتشجيع أفراد المجتمع على المشاركة في نشره والمحافظة عليه، وذلك عن طريق تنظيم ورش العمل والدورات التدريبية والندوات التي تعزز من الوعي الثقافي؛ للحفاظ على الفلكلور من النسيان”.

منظمات لحماية الثقافة الشعبية

 واجهت اليمن عددًا كبيرًا من التحديات والصعوبات التي طالت العديد من القطاعات والمجالات، ومن ضمنها مظاهر التراث الثقافي والفلكلور الشعبي؛ الأمر الذي تطلب من جميع الجهات المعنية والمنظمات القيام بجهود مكثفة تحافظ على التراث الثقافي؛ إذ عملت عددٌ منها على حماية التراث اليمني والفلكلور الشعبي من خلال دعم وتنفيذ الأنشطة والمبادرات التي تهدف إلى الحفاظ على هذا التراث الثقافي القيِّم.

وتعد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) من أهم الهيئات الدولية المعنية بحماية التراث الثقافي في العالم، ولعبت دورًا بارزًا في حماية التراث الثقافي لليمن وتوثيقه؛ لأنها ضمن الدول الأعضاء في المنظمة.

الجدير بالذكر أن اليونسكو وضعت إستراتيجيات وسياسات وبرامج هادفة؛ لحماية التراث وصونه عن طريق إيجاد المواثيق والمعاهدات في اليمن وبلورتها. كما قدمت المنظمة جهودًا مشهودة؛ للحفاظ على المواقع الأثرية والتراثية، وشجعت الحوار الثقافي، وعززت مفاهيم الثقافة والتعاون.

وفي مايو من العام 2023، قام فريق من منظمة اليونسكو بزيارة إلى مدينة صنعاء، بذلت فيها جهودًا لبناء قدرات المجتمعات المحلية المتضررة من النزاع، ووفرت فرص عمل لـ14,000 من شباب وشابات اليمن من عام 2018 وحتى 2026.

هذا، وتقود منظمة اليونسكو إجراءات وتدابير عملية؛ للحد من مخاطر الكوارث، خاصة الفيضانات، بدعم من حكومة اليابان. كما نفذت في مدينة سيئون في محافظة حضرموت أعمالَ ترميم وإعادة تأهيل طارئة في متحف سيئون (قصر السلطان القعيطي) بدعم من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.

  عروض ومهرجانات ثقافية

يرى عمرو أحمد -ناشط ومنظم مهرجانات ثقافية- أن تعزيز الفلكلور اليمني يعد أمرًا ضروريًا للحفاظ على التراث الثقافي اليمني الغني والمتنوع ونقله إلى الأجيال القادمة. مشيرًا إلى أهمية الأنشطة والبرامج التي تستهدف إحياء الفلكلور اليمني وتلعب دورًا حيويًا في تعزيز الوعي الثقافي وتحفيز المجتمع للحفاظ على تراثه.

وحول أهم الأنشطة التي تسهم في إحياء الفلكلور اليمني يقول عمرو أحمد: “تعمل العروض الفنية التقليدية والمهرجانات الثقافية على إحياء الفلكلور والموروث الشعبي اليمني، وهي تعد فرصة للمجتمع المحلي للاحتفال بتراثهم الثقافي، وتبادل الخبرات والمعرفة حول أهمية المحافظة على مظاهر الفلكلور اليمني. تضم المهرجانات عددًا من الفنانين والحرفيين المحليين في عروض تشمل الغناء والرقص والموسيقى التقليدية والأزياء الشعبية والمأكولات والمصنوعات التراثية التي تعبر عن التراث اليمني”.

مضيفًا: “تخصص المسابقات الثقافية وورش العمل والندوات مساحاتٍ للنقاش والتبادل الفكري، وتقدم معلومات ثقافية مهمة حول الفلكلور وأنواع الموروث الشعبي. ولا ننسى الدور الذي قام به المجتمع المدني في دعم الفلكلور اليمني وتعزيزه”.

ويتابع: “نظمت العديد من الجمعيات والمنظمات المدنية برامج توعية ونشاطات تهدف إلى تعزيز الفلكلور اليمني وتوجيه الضوء إلى أهميته للمجتمع المحلي، وذلك عبر إنشاء مراكز ثقافية ومتاحف لعرض الفن التقليدي والحرف اليمنية؛ بهدف تشجيع الناس على الاهتمام بالفلكلور اليمني”.

في سياق متصل، تعد مؤسسة “عدن أجين” إحدى المؤسسات الثقافية الفعالة في اليمن التي تأسست في العام 2012 بهدف إحداث تغيير مجتمعي عن طريق تعزيز الثقافة والوعي الفني لدى المجتمع، وإعادة إحياء دور عدن الثقافي في المنطقة، وبناء القدرات الشبابية وتنظيم اللقاءات الثقافية.

واستطاعت المؤسسة بالشراكة مع عدد من الفاعلين المحليين والدوليين العاملين في المجال الثقافي إقامة عددٍ من الفعاليات والأنشطة الثقافية التي أسهمت في تمكين الفنانين والمبدعين، وتحفيزهم على الإنتاج الفني.

 وكذلك أُنشئت “مؤسسة البيت اليمني للموسيقى” في العام 2007، وهي تعد مؤسسة مجتمع مدني تُعنى برصد الأغنية اليمنية وتوثيقها، وتقيم دورات تأهيلية حول مبادئ الموسيقى وتعلم العزف على مختلف الآلات الموسيقية.

 إضافة إلى ذلك تعمل المؤسسة على تحقيق الأهداف التي أسست على ضوئها، من أبرزها: الحفاظ على الموروث الشعبي والهوية الفنية والثقافية اليمنية، رصد الأغاني الشعبية والأغنية الكلاسيكية اليمنية وتوثيقها وتدوينها لحنًا وأداءً والحفاظ عليها من التشويه والسرقة والاندثار والعمل على إحيائها وإعادة إشهارها، عمل دراسات وبحوث متخصصة عن رواد الأغنية الشعبية في اليمن، كما عملت على جمع ألحان الزوامل والمغارد والأهازيج والمواويل اليمنية وأغاني الزراعة وأغاني الصيادين والعمال والبنائين والحرفيين وتوثيقها علميًا.

منظمة “وعي” هي الأخرى من منظمات المجتمع المدني المهتمة بالتراث الثقافي المادي وغير المادي والموروث الشعبي والمواقع الطبيعية والبيئية. تأسست في نهاية عام 2022 من نخبة مميزة كانت رؤيتهم إيجاد مجتمع يتمتع بالهوية الحضارية والتراث الثقافي وينعم بالموارد البيئية المستدامة. وقد قدمت المنظمة جهودًا لصيانة مكونات التراث وحمايته، والإسهام في تنمية الموارد البيئية بما يحقق التنمية المستدامة.

تسعى منظمة “وعي” إلى تعزيز الجهود لحماية التراث الثقافي والطبيعي والمحافظة عليه من خلال المساهمة في حصر المواقع الأثرية والآثار والمخطوطات والمباني التاريخية، التي خلفتها الحضارات المتعاقبة على أرض اليمن، وتوثيقها وحمايتها وصونها من أجل مستقبل الأجيال القادمة، والإسهام في إقامة المتاحف والمعارض المحلية والدولية. إضافة إلى ذلك، نشر الوعي بأهمية التراث الثقافي وأهمية الحفاظ عليه لدى مكونات المجتمع وأفراده، والترويج للحضارة اليمنية بوصفها جزءًا متميزًا من التراث الإنساني العالمي.

من جانب آخر، استطاعت “جمعية الخياطة للخدمات التنموية والحرفية” إقامة معرض خاص بالموروث الشعبي والفلكلور لعدد كبير من المحافظات. وتمتلك أنيسة طربوش -رئيسة الجمعية- خبرة واسعة في مجال الحرف اليدوية والموروث الثقافي؛ إذ تعمل في هذا المجال منذ عقود من الزمن.

تقول طربوش: “تهدف الجمعية إلى تحسين دخل الحرفيين، والاستمرارية في العمل والحفاظ على التراث، كما نعمل بشكل مستمر على البحث في آلياتٍ وخططٍ جديدة تمكنا من تصدير ما نقوم بإنتاجه إلى الخارج”.

مشيرة في حديثها إلى سعي الجمعية في القيام بعملية جمع بيانات عن كل الحرفيين، وعمل خطط مدروسة، ودراسة المشاريع المستهدفة من خلال الأعضاء، بالإضافة إلى تأهيل كوادر الاتحاد والحرفيين، وعقد الترتيبات اللازمة لمهرجانات ثقافية وتراثية.

صعوبات وتحديات

 “تواجه المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني صعوبات كبيرة في طريق حماية التراث؛ نظراً للتحديات القوية التي تواجهها في العمل الميداني”، هذا ما أكدت عليه أنيسة طربوش. موضحة أن نقص التمويل والموارد اللازمة تقف عائقًا أمام استمرار عمليات حماية التراث الشعبي؛ إذ إن قلة التمويل تؤثر سلبًا على قدرة تلك المنظمات في تنفيذ برامجها ومشاريعها المتعلقة بحماية التراث الثقافي مما يعرضها للخطر.

 وتضيف: “تأثرت جهود عدد من المنظمات بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد؛ فقد أدى الصراع إلى تدمير المواقع التاريخية وتهجير الشعوب، مما يعرض التراث الثقافي للنسيان، كما تواجه منظمات المجتمع المدني صعوبات في الحصول على التفويض والدعم من الحكومات المحلية لتنفيذ مشاريع حماية التراث الثقافي؛ الأمر الذي يقلل من فاعلية جهودها في هذا المجال”.

توصيات

يؤكد عمرو محمد أن حماية التراث الثقافي يتطلب تعاونًا وتنسيقًا بين المنظمات الدولية والحكومات المحلية ومنظمات المجتمع المدني، وأنه يجب على الجميع العمل معًا للحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز التوعية حول أهميته بين الجمهور.

وأضاف: “يمكن تنفيذ مشاريع خاصة بحماية التراث الثقافي من خلال زيادة التمويل وتقديم الدعم اللازم، إضافة الى التعاون والشراكة بين الحكومات والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني لضمان حماية الفلكلور الشعبي اليمني”.

يمكن القول إن التراث الثقافي والفلكلور الشعبي لليمن يعد جزءًا لا يتجزأ من الهوية والروح الوطنية للشعب اليمني؛ ولذا يجب على الجميع العمل على حمايته والمحافظة عليه للأجيال القادمة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

96.3% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن الأزياء الشعبية اليمنية تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع اليمني

صوت الأمل – يُمنى الزبيري اليمن بلد يتميز بموروث شعبي غني ومتنوع. يعكس هذا الموروث ت…