‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الفلكلور والأزياء الشعبية في اليمـن الموروثات الشعبية اليمنية مقومات سياحية فعّالة

الموروثات الشعبية اليمنية مقومات سياحية فعّالة

صوت الأمل – علياء محمد

أظهرت الدراسات أنّ أغلب الأشخاص يتوجهون إلى الوجهات السياحية ليتعرفوا على الثقافة والتراث المحلي في مختلف أنحاء العالم، وليعيشوا تجارب فريدة ومميزة في طبيعة حياة البلد، هنا تلعب الموروثات والفلكلورات الشعبية دورًا في تلبية هذه الاحتياجات التي تُسهم في تنمية السياحة وجذبها، بعدِّها عنصرًا من عناصر الثقافة التي لا تتجزّأ من الهوية الوطنية، التي تعكس تاريخ الشعوب وتقاليدها وعاداتها وطقوسها.

  في اليمن حظي الفلكلور والموروث الثقافي بشعبية كبيرة على مرِّ العصور، ولقيَ إقبالًا كبيرًا من اهتمام السّيَّاح الوافدين من مختلف دول العالم، الأمر الذي جعل منه موردًا سياحيًّا مهمًّا لاقتصاد البلد. 

يشير سلطان أحمد المقطري (مدير إدارة الرقابة والتفتيش في مكتب وزارة السياحة محافظة تعز) إلى أنّ السياحة من المجالات الاقتصادية الحيوية لكثير من دول العالم؛ سواء أكانت متقدمة أم نامية، ويعدُّ عنصرًا مهمًّا في إنعاش القطاعات المرتبطة في المجال الاقتصادي في البلد، ويلعب الإرث السياحي وما تمتلكه الدول من إمكانيات ومواقع سياحية دورًا كبيرًا في جذب عدد كبير من السيَّاح.

وأضاف: “أنّ الاهتمام بمجال السياحة والتنمية يسهم في خلق فرص عمل جديدة للشباب، ويدعم رصيد ميزان المدفوعات للاقتصاد الوطني؛ إذ تؤكد الدراسات الحديثة أنّ صناعة السياحة تعدُّ أسرع الصناعات من حيث تحقيق معدلات النمو والتنمية الاقتصادية في مختلف المجالات؛ إذ أصبحت التنمية الشغل الشاغل لمعظم دول العالم التي تسعى إلى تطوير المجال السياحي، عبر تعبئة كل الموارد المتاحة المادية منها والبشرية وتجنيدها ضمن سياسات وإستراتيجيات لكل القطاعات في إطار ما يسمي بالهندسة الشاملة للاقتصاد، وأصبحت السياحة معيارًا لجودة أداء الدول وتحضرها، فالنشاط السياحي يوجد حين توجد الدولة المتحضرة المتكاملة”.

كما أشار إلى أنّ الدول التي عجزت عن تحقيق التنمية وتوفير الرفاهية والسعادة لشعوبها، لا تستطيع تحقيق الرفاهية والسعادة لزوارها مهما كانت المقومات والإنفاق التسويقي والترويجي لها.

أهمية إستراتيجية 

 يقول الكاتب زياد القحم (مهتم بالفنون والمورثات الشعبية): “هناك أنواع مختلفة من التراث، وعند الحديث عن أهمية هذه الأنواع سنلاحظ أنَّه يمكن أن تكون خاصة بكل نوع، وأن تكون عامة لكل أنواع التراث الثقافي وفروعه”.

وأضاف: “إذا تحدثنا في البداية عن الأهمية العامّة، فإنّنا سوف نلاحظ أنّ التراث اليمني يعدُّ حصيلة عمل وتطوير قامت بها مجتمعات وأجيال متتالية عاشوا مراحل زمنية متنوعة، ويساعد الوعي المجتمعي بالتراث واستيعابه على بناء أعمال إبداعية جديدة وفخمة، ومن هنا تكمن الأهمية الإستراتيجية للتراث؛ لأنّ بناء أعمال جديدة مع استيعاب الخبرة التي أنتجت التراث يساعد المبدع أو الفنان على أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون، بدلًا من أن يعيد التجربة نفسها”.

وأوضح القحم أنّ التراث مجهود عقليّ وإنتاج فكريّ، ويمكن أن ينطبق هذا العنصر من عناصر التراث على معظم فروعه، وخصوصًا في جزئية التراث غير المادي الذي يشتمل على المأثورات والحكم والأقوال والأشعار القديمة، وكذلك القصص والموسيقى والألحان التي تنسب للتراث الشعبي عمومًا، وليس لمؤلف.

مشيرًا إلى أنّ التراث المادي كالآثار والتحف يعدُّ عنصرًا في صناعة السياحة؛ كونه يحمل قيمة مادية كبيرة، وبغض النظر عن هذه القيمة فإنّها تمثل هوية الشعب وانتمائه، وتشكل جزءًا مهمًّا من ملامحه التي يتعرف به الآخرون عليه، ومن خلاله يمكن أن تتفرع أهمية التراث إلى المجالات التي يمكن الاستفادة منها.

ويتابع القول: “تضمُّ الثقافة عددًا من الفنون والآداب والأفكار والتراث، وعليه تعدُّ المحافظة على التراث عملية مهمة وضرورية من أجل استمرارية التفاعلات الثقافية والإبداعية، وفي هذه الجزئية يمكن أن نُدرك أيضًا أنّ العناية بالتراث تمثل استمرارًا لرسالة الآباء المؤسسين الذين أنجزوا هذا التراث”.

وأوضح في حديثه أنّ التراث يعبّر عن الوطنية، وله مردود اقتصاديّ كبير على البلد، كما لا تكتمل أضلاع الثقافة الثلاثة (الماضي والحاضر والمستقبل) إلّا بوجود التراث القديم؛ للإيمان المطلق بأن لا حاضر إلا بماضٍ، وبهما يكون المستقبل.

مقومات سياحية 

يرى سلطان أحمد المقطري أنّ السياحة تعتمد بشكل عام على العديد من المقومات المتنوعة من المظاهر والعناصر التي تسهم في جذب السياحة، ويعد الموروث الشعبي اليمني؛ من فنون وأزياء وصناعات حرفية ويدوية وأسواق، عنصرًا من عناصر الجذب، وأداة للتعريف بالإرث الثقافي والتاريخي لليمن، التي تعدُّ ذاكرة وطنية وإنسانية يجب استغلالها وربطها بمجال السياحة؛ لتحقيق منافع اقتصادية، وتشغيل الأيادي العاملة.

وأضاف: “أنَّ السائح يسعي إلى معرفة تاريخ الشعوب والعادات والتقاليد ومظاهر الفلكلور في كل منطقة يزورها؛ لإشباع رغبته في المعرفة والاستكشاف، وليس فقط الانتقال من مكان إلى آخر للاستمتاع، ويسعى لمعرفة كل شيء، ويعيش الحياة الطبيعية بكل أشكالها؛ من مأكل ومشرب وطقوس فنية وأدوات وصناعات حرفية وتقليدية، واليمن تتمتع بالعديد من الموروثات التي لا تحصى ولا تعد”. 

ويواصل: “تعد اليمن من أكثر الدول العربية تميزًا بتراثها وثقافتها الغنية، وتمثل الصناعات التقليدية جزءًا مهمًّا من تاريخ اليمن، ولا تزال مستمرة في الوقت الحاضر بفضل العوامل المحلية والثقافية التي ساعدت في تعزيزها واستمرارها، إضافة إلى ذلك الطابع الثقافي والتقليدي العميق الجذور في المجتمع اليمني”.

وحول أهم الصناعات التقليدية والرئيسية والشعبية في اليمن التي تشكل أهمية كبيرة سياحية في البلد، أفاد المقطري بأنّ صناعة الحلي والمجوهرات والفضيات التقليدية والمنسوجات اليدوية والمصنوعات الجلدية والأواني الفخارية والحجرية، إضافة إلى ذلك صناعة الحصير وصناعة الجبن، وغيرها، تعدُّ من الصناعات الحرفية التي تعدُّ جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية لليمن، وتحظى بتقدير واحترام كبيرين من قبل السكان المحليين الذي يقدرون دقة المنتجات الصناعية التقليدية وجودتها، ويرغبون في اقتنائها لأغراض مختلفة، مثل الاستخدام الشخصي أو الهدايا أو الديكور.

وأكد في حديثه أنّ الاهتمام المستمر بالحرف اليدوية والتراث الثقافي في اليمن والحاجة المستمرة إلى المنتجات التقليدية يسهم في تشجيع الحرفيين والصناعيين على الاستمرار في إنتاج هذه الصناعات، وتوجد جهود مستمرة للحفاظ على التراث الشعبي وتعزيزه، وتشجيع الحرفيين وتعريفهم قيمة منتجاتهم التقليدية.

وأشار المقطري في حديثه إلى أهمية الأسواق الشعبية اليمنية التي تعدُّ مهرجانًا مفتوحًا وطبيعيًّا بعيدًا عن التصنع؛ إذ تتميز المناطق اليمنية بعدد من الأسواق التي تسمى باسم المنطقة أو بأيام الأسبوع، والتي تمثل كرنفالات شعبية أسبوعية تعكس نمط الحياة السائدة في المنطقة، وتمثل أهم عوامل الجذب السياحي، كما تكمن أهمية الأسواق كذلك من خلال عرض المنتجات الزراعية والحرفية والمشغولات اليدوية، بالإضافة إلى الأزياء والملبوسات الشعبية.

 ولفت إلى أنّ جميع دول العالم تسعى إلى توثيق المنتج السياحي؛ من صناعات حرفية أو أزياء شعبية وأغانٍ وأهازيج؛ إذ تمثل إرثًا تاريخيًّا يميزها عن بقية دول العالم.

صعوبات وتحديات 

 على الرغم من كل العوامل التي ساعدت في تنمية قطاع السياحة في اليمن، فإنّ القطاع السياحي يواجه العديد من التحديات، واستعرض سلطان المقطري بعضًا منها في أثناء حديثه؛ إذ قال: “تأثر القطاع السياحي في اليمن بعدة عوامل، كان أبرزها: ضعف الجانب الأمني وانعدام الاستقرار السياسي، الأمر الذي أوقف الحركة السياحية للوافدين من الأجانب”.

وأضاف: “أنّ من التحديات ضعف البنية التحتية الداعمة للمجال السياحي، مثل الطرقات والاتصالات والكهرباء والمياه، وغيرها من الخدمات التكميلية، وارتفاع تعريفة الكهرباء والمياه على المنشآت الفندقية والسياحية، وتدني خدمات سيارات النقل الداخلي المخصصة لمسافات طويلة بين المدن اليمنية، كما لا يجد السُّياح على الطرق الرئيسية أو المواقع السياحية استراحات أو دورات مياه نظيفة”.

وفي السياق ذاته أشار المقطري إلى انخفاض حجم الاستثمارات في القطاع السياحي؛ نتيجة تعدد الجهات التي تتعامل مع المنشآت السياحية بحق أو دون وجه حق، وعدم توفر المنشآت السياحية في مناطق الجذب السياحي (المديريات)، إضافة إلى ذلك عدم وجود المخططات لبعض المديريات القديمة، وخصوصًا الأماكن السياحية، بالإضافة إلى الاعتداء والبناء العشوائي على المواقع السياحية والأثرية، وعدم تنظيم البناء المعماري المجاور للمواقع السياحية بما يخدم أغراض المزار السياحي، ومشاكل الأراضي السياحية وإجراءات التراخيص، إضافة إلى ذلك التداخل في الاختصاص القانوني بين وزارة الأوقاف والإرشاد ووزارة النقل فيما يخص مكاتب وشركات النقل السياحي، وازدواجية الضمانات المطلوبة من تلك المنشآت.

موضحًا أنّ تدهور قيمة العملة الوطنية وانخفاض المستوى المعيشي لدى كثير من المواطنين، ومحدودية الطاقة الاستيعابية في المطارات والموانئ وضعف خدماتها، وعدم رصد الاعتمادات المالية الكافية في الموازنة العامة للمكاتب السياحية – شكَّل عائقًا كبيرًا أمام حركة عجلة التنمية في قطاع السياحة في اليمن.

حلول والتوصيات

أوصى سلطان المقطري أثناء حديثه بعدد من الحلول لتنمية قطاع السياحة في اليمن؛ إذ أكّد على أهمية توفير الاستقرار السياسي والأمني، وتنمية الصناعات الحرفية ذات الطابع التراثي، ونشر الوعي الثقافي والسياحي في أوساط المواطنين، والعمل على إنشاء مراكز التدريب والتأهيل للقطاع السياحي، وإعداد برامج تدريبية لتطوير القدرات المهنية للمشتغلين بالأعلام السياحي، وإدماج موضوعات مفاهيم السياحة ضمن مناهج التعليم الأساسي والثانوي والجامعي، إضافة إلى ذلك ضرورة وضع خطط سياحية طويلة الأمد؛ تحقّقُ منافع اقتصادية، وتوفّر على ضوئه فرص عمل تحسن دخل الفرد.

كما أكد على ضرورة حماية المراكز السياحية الطبيعية، واحترام الموروث الثقافي، والمحافظة على القيم والعادات والتقاليد، عبر إقامة الشاليهات والقرى السياحية والمتنزهات والمدن وحدائق الألعاب وأندية ترفيهية، خاصة في الأماكن التراثية، بالإضافة إلى منح المشاريع الاستثمارية إعفاءات جمركية وضريبية، وتقديم التسهيلات الضرورية لإجراءات الدخول والخروج للسيّاح من قبل أجهزة الهجرة والجوازات والجمارك في الموانئ البحرية والجوية والبرية؛ لتسهيل منح التأشيرة للزائرين والسياح والمسافرين في المنافذ البحرية والجوية والبرية، وتوفير خدمات البنية التحتية الداعمة والتكميلية.

 وأشار إلى أهمية تكثيف الجهود المشتركة في معالجة الاختلالات والازدواجية في القوانين واللوائح التشريعية، ومتابعة تنفيذ قانون أراضي عقارات الدولة فيما يتعلق بالسيَّاحة التي حددها القانون بأنّها لغرض الاستثمار السياحي بمسافة لا تقل عن 300 متر، إضافة إلى ذلك عمل إسقاطات ومخططات معمارية للمناطق السياحية، وعدم البناء العشوائي.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

96.3% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن الأزياء الشعبية اليمنية تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع اليمني

صوت الأمل – يُمنى الزبيري اليمن بلد يتميز بموروث شعبي غني ومتنوع. يعكس هذا الموروث ت…