الاتجار بالبشر.. وجهود المكافحة في اليمن
صوت الأمل – علي ناصر الجلعي (رئيس المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجاربالبشر وعضو اللجنة الوطنية الفنية لمكافحة الاتجاربالبشر)
الاتجاربالبشر وفقًا لتعريف البروتوكول الدولي الخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجاربالأشخاص، هو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطافات أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة الضعف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا؛ لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال.
ويشمل الاستغلال كحد أدنى استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسراً أوالاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء والممارسات الجنسية ما دون سن الـ18 عامًا، ويشير البروتوكول الدولي إلى أنَّه يعد تجنيد طفل أو نقله أو إيوائه أو استقباله لغرض الاستغلال اتجاراً بالأشخاص، حتى إذا لم ينطو عليه استعمال أي من الوسائل المبينة أعلاه.
وتعد جريمة الاتجار بالبشر جريمة عابرة للحدود عبر الوطنية، ومنتشرة في كل أنحاء العالم، ولا توجد دولة بمنأى عنها، وتعد من الجرائم المنظمة فهي تنتهك كرامة الإنسان التي أشاد بها دين الإسلام الحنيف. تبذل دول وحكومات العالم جهودًا كبيرة في مكافحة هذه الجريمة.
وتتمثل جرائم الاتجار بالبشر في الاتجار بالأعضاء البشرية، الاتجاربالبشر لتهريب المهاجرين، الاتجاربالأطفال، الاتجاربالنساء (الدعارة)، الاتجاربالبشر للسخرة والعبودية، الاتجاربالبشر للعمل القسري، الاتجاربالنساء والأطفال واستخدامهم في الأفلام الإباحية والإعلانات الجنسية، الاتجار بالبشر استغلال العمالة الوافدة، نزع الأعضاء البشرية.
أضف إلى ذلك، استغلال دعارة الغير، تجنيد الأطفال واستخدامهم دروعاً بشرية في الصراعات واستخدامهم للكشف عن الألغام، تجنيد واستقطاب الأشخاص واستخدامهم سلعة لجني الأرباح، النقل والتنقيل والإيواء والاستقبال _بكافة أشكاله وأنواعه لغرض الاستغلال، التهديد بالقوة لإجبار شخص ما على ممارسة عمل ما تحت التهديد والإجبار.
الاستعباد، إسار الدين (العمل لدى شخص من أجل قضاء الدين الذي عليه)، القنانة مثالاً على ذلك كأن يعيش شخص ويعمل على أرض شخص آخر، ويقدم خدمات معينة للشخص بعوض أو بلا عوض ودون أن يمتلك حرية تغيير وضعه.
وقد عملت الأمم المتحدة جهودًا كبيرة وتم إصدار بروتوكول خاص بقمع ومنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص صدر عام 2001م، وهناك عدد من الاتفاقيات الدولية الخاصة بقمع ومنع ومعاقبة الاتجاربالنساء والأطفال وقد خصصت الأمم المتحدة يومًا عالميًا لمكافحة الاتجار بالبشر، هو الـ 30 من يوليو يتم إحياءه والاحتفال به؛ لتذكير العالم بهذه الجريمة التي تنتهك كرامة الإنسان ورعاية ضحايا الاتجار بالبشر، ومساندتهم وإعادة تأهيلهم وإدماجهم بالمجتمع .
إنَّ جريمة الاتجار بالبشر تنتشر بكثافة في الدول التي تعاني صراعات ونزاعات على السلطة؛ فهي البيئة الخصبة التي تستغلها العصابات الإجرامية في المتاجرة بالبشر، فعندما تحدث هذه الأزمات تتهالك سلطات البلد الذي يتعرض لمثل هذه الأحداث وتصبح هناك فجوة كبيرة داخل هذه المجتمعات؛ بسبب انعدام الأمن وزيادة عدد النازحين الهاربين من هذه الصراعات، والبعض يفقد مصادر دخله ويفر من المناطق الملتهبة تاركًا أمواله وسكنه، ويصبح تحت العوز والحاجة وتستغل العصابات هذه الظروف؛ لتصيد ضحاياها وتتاجر بهم.
واليمن تضررت من هذه الجريمة، إذ انتشرت بشكل سريع بسبب الصراعات والنزاعات، حيث انتشر بكثافة الاتجار بالأعضاء البشرية؛ بسبب العوز والحاجة وانعدام مصادر الدخل وانقطاع المرتبات؛ الذي أحدثته الانقسامات التي حصلت في اليمن، وتباين السلطات وانقسام الحكومة والأوضاع التي نعيشها كل هذه العوامل ساهمت مساهمة فعالّة في تنامي جرائم الاتجار بالبشر –خصوصًا- الاتجار بالأعضاء البشرية وربما هناك أنماط أخرى موجودة، لكننا لم نصل إليها؛ بسبب الظروف الأمنية والوضع الحاصل فمن الصعب النزول الميداني، وتوثيق ورصد جرائم الاتجاربالبشر.
وقد بذلت بعض المؤسسات جهودًا في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، مثل المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجاربالبشر منذ تأسيسها في العام 2009م، واستجابت الحكومة لكل ما طالبت به المؤسسة، وهو الاعتراف بوجود الجريمة؛ كون الاعتراف بوجود المشكلة، هو بداية الحل لها، وتم تشكيل اللّجنة الوطنية الفنية لمكافحة الاتجاربالبشر بقرار رئيس الوزراء رقم 46 لعام 2012م، والذي حدد مهامها، ومن أهمها صياغة مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر وإعداد استراتيجية وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر.
وتم تجميع كل الجهود الوطنية حول مكافحة الاتجاربالبشر، والتي قد بدأت بصياغة مشروع قانون والمتمثلة في فريق التشريعات الوطنية الذي كان من مهامه إعداد مشروع قانون بمساندة ودعم المنظمات الدولية عبر المنظمة الدولية للهجرة، ولجنة مكافحة الاتجاربالبشر التي تشكلت في وزارة العدل بناءً على توصية الجامعة العربية، ومجلس وزراء العدل العرب. تم تجميع كل هذه الجهود، وإعداد مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر، وتم رفعه إلى مجلس الوزراء، وتم إقراره، وإحالته إلى مجلس النواب والذي ظل فيه فترة للأسف الشديد ولم يتم مناقشته وإقراره.
وتم تقديم المشروع مرة أخرى عبر وزارة العدل إلى مجلس النواب كونها الجهة الأقرب والمتخصصة في سن مثل هذه القوانين وتم مناقشته، وإقراره ورفعه لرئاسة الجمهورية وتم المصادقة عليه وإقراره بقرار رقم 1 لعام 2018م، وأصبح القانون ساري النفاذ أمام جهات إنفاذ القانون، وقد بذلت اليمن في الجانب الرسمي جهودًا كبيرة وسريعة وفي فترة استثنائية وحرجة تكللت هذه الجهود بإصدار القانون، والذي سيمنع ويعاقب ويقمع المتاجرين بالبشر، ويحمي الضحايا.
وخصصت صحيفة “صوت الأمل” التابعة لـ يمن إنفورميشن سنتر الملف الإنساني المهم والشائك في اليمن وهو ملف الاتجار بالبشر، وقامت بعمل ملف كبير والذي يعد فريداً من نوعه في العالم العربي، متميزاً بحجم تناوله للقضية من كل الجوانب وإثراء المعلومات القيمة التي تعد مرجعاً علمياً وبحثياً للدولة والباحثين والمتخصصين في هذا المجال.
إنَّ جريمة الاتجار بالبشر جريمة بشعة تنتهك كرامة الإنسان، ويجب على كل فئات المجتمع بكل تكويناته ومختلف اتجاهاته الفكرية والسياسية أن تقف صفًا واحدًا لمكافحة هذه الجريمة كل في موقعه وتحت شعار تفرقنا السياسة وتجمعنا الإنسانية.
استطلاع .. (37.7%) أغلب ضحايا الاتجار بالبشر من الأطفال!
صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه مركز يمن انفورميشن سنتر للبحوث و…