‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة هجرة الشباب اليمني الجهات الرسمية اليمنية وأدوارها في مواجهة ظاهرة هجرة الشباب

الجهات الرسمية اليمنية وأدوارها في مواجهة ظاهرة هجرة الشباب

علياء محمد – صوت الأمل

منذ عام 2015م، أصبحت اليمن تعاني من أزمات سياسية واقتصادية متعددة نتيجة الصراع وتداعياته المستمرة، الذي أدّى إلى تدهور الوضع المعيشي بشكل غير مسبوق؛ إذ شهدت موجات كبيرة من الهجرة إلى الخارج، وذلك للهروب من الأزمات المتفاقمة إلى واقع أفضل، والبحث عن فرص عمل أخرى تسهم في تحسين مستوى المعيشة بعيدًا عن النزاع والضغوط الاقتصادية.

هنا تبرز دور الجهات الرسمية والحكومية في إدارة ظاهرة الهجرة في اليمن، سواء شرعية أو غير شرعية، وذلك بأن تضع الحكومات خططًا وإستراتيجيات متكاملة تعالج أسباب الهجرة، وتحسين الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية، وحتى الأمنية في البلاد. ومع ذلك، تواجه الجهات الرسمية تحديات عدة تعوق تحقيق دورها الفعّال في معالجة هذه القضية، وتقديم دورها الإيجابي في المجتمع.

دور توعوي وإرشادي

يؤكد بليغ المخلافي، المستشار الإعلامي في السفارة اليمنية في القاهرة، أنّ الهجرة الخارجية، بجميع أنواعها، تُعدُّ من الظواهر العالمية المعقدة التي توجد في كثير من دول العالم، وأنّ بعض الدول أصبحت محطات رئيسية للهجرة بفضل موقعها الجغرافي المميز، مثل تلك التي تقع بالقرب من الشواطئ الأوروبية أو سواحلها، ما يجعلها نقطة انطلاق للعديد من المهاجرين الباحثين عن فرص أفضل أو هروبًا من الأزمات، والأمر يتطلب القيام بكثير من الجهود للحدِّ من انتشارها.

وعن الدور التي تقوم به الجهات المعنية؛ مثل وزاره الخارجية والمغتربين، ووزارة الداخلية، يقول المخلافي: “تلعب الجهات الرسمية والحكومية دورًا حيويًّا وفعّالًا في مجال الإرشاد والتوعية، بتقديم النصائح للمجتمع، والتحذيرات والتنبيه لمسالة الهجرة غير الشرعية وغير النظامية وخطورتها”.

وأضاف: “عملنا أكثر من مرة مع وسائل الإعلام على التوعية في موضوع الهجرة وتأثيرها السلبي على المجتمع، واستطاعت سفارتنا في جمهورية مصر منع حالات من الهجرة غير النظامية، التي كانت تحدث عن طريق أحد المكاتب المملوكة لشخص يمني، وأبلغنا السلطات المصرية عنه؛ إذ كان يقوم باستقطاب الناس للهجرة غير الشرعية إلى روسيا، ومِن ثَم إلى دول أوروبا، وعدد كبير ممّن استُقطبوا فقدوا حياتهم في الغابات والحدود البولندية”.

وأكد المخلافي أنّ هناك تعاونًا قائمًا بين السلطات اليمنية والسلطات في دول الاعتماد (الدول التي تُعد وجهة للهجرة) للحدِّ من الهجرة غير الشرعية، وتجنب المخاطر التي قد يتعرض لها المهاجرون، إلّا أنّ الدور الرسمي في هذا المجال يبقى محدودًا، وذلك بسبب شدة الصراع وتأثيراته السلبية على جميع فئات المجتمع اليمني، وأنّ كثيرًا من الشباب يرى في الهجرة بداية جديدة لحياة أفضل، ويعتقد كثير منهم أنهم إذا وصلوا إلى أوروبا فأنّهم في الجنة.

كما أشار إلى أهمية التفريق بين المهاجر واللاجئ؛ إذ إنّ اللاجئ هو الشخص الذي يكون مسجَّلًا بشكل رسمي لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في الدول الوسيطة (الدول التي يتوقف فيها اللاجئ قبل الوصول إلى وجهته النهائية)، أو في الدول الثانية التي يلجأ إليها مؤقتًا قبل الانتقال إلى الدولة الأخيرة التي تمنح حق اللجوء. أمّا المهاجر فهو شخص يغادر وطنه بحثًا عن فرص اقتصادية أو لتحسين ظروف حياته بشكل عام، وليس بسبب الاضطهاد أو العنف.

وأضاف “أنّ في دولة مصر عددًا من المهاجرين واللاجئين اليمنيين؛ إذ تنقطع علاقة اللاجئين بسفاراتهم، ويُمنع أي تواصل بينهم وبين السفارات اليمنية، وتُعِدُّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) أنّ التواصل مع السفارات يعدُّ مشكلة قانونية؛ لأنه قد يؤثر على وضع اللجوء القانوني لهؤلاء الأفراد، وفي أوروبا أو الدول التي تُعد المرحلة الأخيرة من وصول اللاجئين، تنقطع علاقة اللاجئين بالسفارة اليمنية بشكل نهائي، وأيّ تواصل مع السفارة في تلك المرحلة يُعدُّ مخاطرة، وقد يؤثر سلبًا على ملف اللجوء الخاص بهم، وتُعِدُّ المفوضيةُ اللاجئين اليمنيين الذين يتواصلون مع سفاراتهم في هذه الدول آمنين من أيّ خطر يهدد حياتهم”.

وأشار المخلافي في حديثه لـ(صوت الأمل) إلى أنّ كثيرًا من اللاجئين يتجنبون التواصل مع السفارة اليمنية، رغم ذلك تصل إليهم حالات تحتاج إلى الدعم والمساعدة، وفي هذه الحالات، تقدّم السفارة الدعم المباشر سواء عبر الهلال الأحمر، أو عبر علاقاتها مع مؤسسات المجتمع المدني ومنظماته العاملة في مجال اللاجئين.

من جهة أخرى، يرى المخلافي أنّ عددًا كبيرًا من المهاجرين اليمنيين في الدول الأخرى استطاعوا أن يشكلوا تكتلات أو جمعيات بينهم، وقد قدموا فيها برامج تنظيمية وداعمة تساعدهم على ترتيب أوضاعهم بشكل أفضل.

 تحديات وصعوبات

أشار الصحفي فارس اليافعي إلى غياب دور الجهات الحكومية والرسمية في تقديم الدعم للمهاجرين، وأنّ هذا الغياب ناتج عن استمرار الصراع وغياب الاستقرار السياسي في البلاد، مما يمنع الحكومة والجهات الرسمية من تنفيذ خطط فعّالة للتعامل مع ظاهرة الهجرة والحدّ منها.

وأكّد اليافعي أنّ الوضع السياسي والاقتصادي الحالي جعل من الصعب على السلطات اليمنية تقديم أي دعم فعلي للمهاجرين.

كما أضاف: “أنّ هناك شائعات بشأن وجود منظمات تسهل عملية الهجرة وتساعد المهاجرين، لكن الواقع يؤكد عكس ذلك؛ إذ إنّ الشباب المهاجرين لا يجدون أيَّ دعم من هذه المنظمات، وأنّ من أبرز الأدلة على ذلك إيقاف اللجوء في ألمانيا وهولندا لليمنيين، وهو ما يوضح فشل هذه الجهات في توفير المساعدات اللازمة للمهاجرين اليمنيين في الخارج”.

وأشار اليافعي إلى قصور واضح في الدعم المقدم من قبل سفارات اليمن للمهاجرين، موضحًا أنّ السفارات نفسها بحاجة إلى دعم؛ بسبب توقف مستحقاتها لأوقات طويلة، وأنّ من المستحيل للسفارات تقديم أيّ نوع من الدعم للاجئين في الخارج؛ وذلك بسبب قوانين اللجوء التي تمنع التعامل مع سفارة البلد الأم في حالات اللجوء السياسي أو الإنساني؛ إذ يعدُّ الشخص الذي هرب من بلده في وضع حسّاس، ولا يُسمح له بالتواصل مع السفارة الأم أثناء تقديمه للجوء.

وأكد أنّ اللاجئين في الوقت الراهن يبحثون عن اللجوء لأسباب إنسانية أكثر من كونها سياسية؛ إذ تزداد الحاجة إلى الأمان والحماية بسبب الظروف الصعبة في البلاد.

وأشار فارس اليافعي إلى أنّ نسبة كبيرة من الشباب، تصل إلى 95%، يهاجرون عن طريق التهريب، وأنّ مجموعة كبيرة من هؤلاء الشباب كانوا في دول الخليج قبل أن يستغلوا صراع 2015م ويتوجهون إلى أوروبا، هربًا من الوضع الأمني والاقتصادي المتدهور في بلادهم.

في سياق متصل، أكّد بليغ المخلافي أنّ الجهات الرسمية والحكومية تواجه تحديات كبيرة في مواجهة ظاهرة الهجرة، مشيرًا إلى أنّ هذه التحديات ليست مقتصرة على اليمن فقط، بل تشمل دولًا أخرى تواجه مشاكل مماثلة في إدارة الهجرة غير الشرعية، مثل تركيا واليونان.

مضيفًا: “اقتصر دور الجهات الرسمية والحكومية على الدور التوعوي والإرشادي ومتابعة المهاجرين الذين يواجهون مشاكل، مثل المهاجرين العابرين من بيلاروسيا إلى بولندا، بالإضافة إلى ذلك، نحن اليوم نقف أمام مشكلة تجنيد المهاجرين إلى روسيا؛ إذ إنّ هناك عددًا كبيرًا من الضحايا الذين قتلوا نتيجة لذلك”.

إستراتيجيات وخطط

إنّ الحد من الهجرة إلى خارج اليمن يتطلب جهودًا متكاملة من الحكومة والجهات الرسمية، كما تُعدُّ إستراتيجيات الجهات الخاصة ضرورية للتخفيف من هجرة الشباب اليمني، ويمكن لهذه الجهات أن تلعب دورًا محوريًّا في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الاستقرار السياسي، وتقديم الدعم للمهاجرين العائدين، ومع ذلك، يتطلب نجاح هذه الإستراتيجيات تعاونًا بين جميع الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومة والمجتمع المدني، وذلك بتعزيز الاستقرار السياسي، والوصول إلى تسوية سياسية شاملة تنهي الصراع في اليمن، الذي يعدُّ أحد الخطوات الرئيسية للتقليل من الهجرة، والعمل على تحسين الظروف الاقتصادية؛ بتوفير فرص عمل للشباب، وإنشاء مشاريع جديدة عن طريق استثمار رؤوس الأموال في قطاعات؛ مثل السياحة، والتكنولوجيا، والزراعة، وتشجيع الشركات على التوسع في أنشطتها لتوظيف المزيد من الشباب.

علاوة على ذلك تعدُّ برامج التدريب والتطوير من الإستراتيجيات الأساسية التي يجب أن تتبناها الجهات الرسمية، بتوفير دورات تدريبية متخصصة في مجالات؛ مثل تكنولوجيا المعلومات، والحرف اليدوية، إضافة إلى ذلك يجب أن تعمل بعض الجهات الخاصة على رفع الوعي بشأن مخاطر الهجرة غير الشرعية، عن طريق تنظيم ورش عمل وندوات لشرح المخاطر الاجتماعية والاقتصادية للهجرة، ويمكن للحكومة التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية لتقديم الدعم المالي اللازم للمهاجرين، وتوفير برامج تدريبية تؤهلهم للحصول على وظائف مناسبة.

‫شاهد أيضًا‬

الشباب في الهجرة؛ بين البحث عن فرص عمل ومواجهة التحديات

أحمد باجعيم – صوت الأمل الهجرة إلى الخارج أصبحت فعلًا واحدة من أبرز الظواهر بين الشب…