تحديات متزايدة وجهود مؤسسية لدعم مرضى السرطان في اليمن
علياء محمد – صوت الأمل
يُعدُّ السرطان من أخطر الأمراض المنتشرة التي تهدد صحة الأفراد، وازدادت معدلات الإصابة به في اليمن بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، ممَّا شكّل عبئًا كبيرًا على المرضى وأسرهم، وتتضاعف هذه التحديات نتيجة الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد بفعل الصراع المستمر، الذي أثّر بشكل مباشر على القطاع الصحي وقدرته على تقديم الخدمات اللازمة.
وعلى الرغم من التحديات الهائلة التي تعيشها البلاد، تلعب المؤسسات الرسمية وغير الرسمية دورًا محوريًّا في دعم مرضى السرطان، عن طريق برامج متعددة تهدف إلى تحسين جودة حياة المرضى وتخفيف معاناتهم، وتشمل تقديم الرعاية اللازمة لهم عبر برامج التوعية، والتشخيص المبكر، وتوفير الأدوية والعلاج، وفي هذا التقرير نستعرض دور هذه المؤسسات وجهودها.
جهات رسمية داعمه لمرضى السرطان
تعدُّ وزارة الصحة العامة والسكان أكبر الجهات الرسمية التي تلعب دورًا محوريًا في تقديم الرعاية اللازمة لمرضى السرطان في اليمن، وتعمل الوزارة بشكل مكثف لمواجهة هذا المرض المتزايد عبر إستراتيجيات شاملة تركز على العلاج، والوقاية، والتوعية المجتمعية، ممَّا يجعلها ركيزة أساسية في مكافحة السرطان على مستوى البلاد، وقد قامت الوزارة بإنشاء مراكز متخصصة لعلاج السرطان في مختلف المحافظات، بهدف تسهيل وصول المرضى إلى الخدمات العلاجية، وتقدّم هذه المراكز خدمات العلاج الكيماوي والإشعاعي، بما يتناسب مع الإمكانات المتاحة لتلبية احتياجات المرضى.
علاوة على ذلك، تسعى وزارة الصحة العامة والسكان جاهدة لتعزيز جهودها في مكافحة مرض السرطان عبر مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى التوعية، والعلاج، والدعم النفسي والاجتماعي للمرضى، وذلك عبر تنظم حملات توعية واسعة النطاق تستهدف المجتمعات المحلية لرفع مستوى الوعي بشأن مرض السرطان، وأسبابه، وطرق الوقاية منه، كما تسلط الضوء على أهمية الكشف المبكر في تحسين فرص العلاج والنجاة، والاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور.
كما تعمل الوزارة بالتنسيق مع منظمات دولية، مثل منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر لتأمين الدعم المالي واللوجستي اللازم، يشمل هذا الدعم توفير الأدوية والمعدات الطبية الحديثة لتلبية احتياجات مراكز علاج السرطان، وتقديم الدعم الفني والتدريب للكوادر الطبية لتحسين جودة الخدمات الصحية، وتقديم خدمات دعم نفسي واجتماعي للمرضى وعائلاتهم، لمساعدتهم على التكيف مع الضغوط النفسية المرتبطة بالمرض.
ومن جانب آخر، تقدّم مراكز الأورام في مختلف المحافظات اليمنية خدمات علاجية مجانية حسب الإمكانيات المتاحة، بما يشمل العلاج الكيماوي والأدوية والتشخيص، مع تغطية جزء من تكلفة الفحوصات الخارجية، ويعتمد العديد من مراكز علاج الأورام في اليمن على التبرعات المحلية لدعم المرضى، خاصة مع ندرة الدعم الدولي.
مراكز صحية محلية
تعدُّ المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان في اليمن إحدى الجهات الخيرية الرائدة التي تعمل على تقديم الدعم الشامل لمرضى السرطان في البلاد؛ إذ تسعى إلى مواجهة التحديات الصحية والاجتماعية التي يعاني منها المرضى وعائلاتهم، وتهدف المؤسسة إلى تحقيق أهداف متعددة لمكافحة السرطان، وتقديم الرعاية والدعم اللازمين، ومن أبرز هذه الأهداف: زيادة التوعية المجتمعية عن السرطان، وأسبابه، وطرق الوقاية منه، مع التركيز على أهمية الكشف المبكر كوسيلة فعّالة لتقليل معدلات الإصابة، وتحسين فرص العلاج، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لمرضى السرطان وعائلاتهم أثناء رحلة العلاج، وتوفير العلاج الكيماوي والإشعاعي والرعاية الصحية اللازمة للمرضى.
الدكتورة أميمة أحمد الحمزي، مشرفة مركز الحياة للكشف المبكر في المؤسسة العامة لمكافحة السرطان في عدن، أكدت أنّ المؤسسة تسعى إلى تحسين جودة حياة مرضى السرطان والإسهام في تقليل معدلات الإصابة بالمرض في المجتمع اليمني.
وأوضحت أنّ المؤسسة تقدّم خدمات شاملة ومتكاملة لمرضى السرطان تشمل الجوانب الصحية والاجتماعية والنفسية؛ إذ تقدّم خدمات التصوير الطبي، مثل الأشعة المقطعية، والرنين المغناطيسي، وأجهزة الماموجرام المتخصصة للكشف عن سرطان الثدي، وإجراء الفحوصات الطبية باستخدام أجهزة متطورة، مثل الألتراساوند للكشف عن أورام الرقبة، والثدي، والحوض، بالإضافة إلى توفير منظار الكولبوسكوب الخاص بفحص عنق الرحم؛ للكشف المبكر عن السرطان، وإجراء العمليات الجراحية، كما أنّ المؤسسة توفّر طبيبًا مختصًا في الأورام يقدّم خدماته مجانًا أسبوعيًا.
وأشارت إلى أنّ المؤسسة توفّر دعمًا اجتماعيًّا مباشرًا للمرضى عبر تقديم سلّات غذائية ومبالغ مالية للمحتاجين، وتنظم برامج دعم نفسي تساعد المرضى على التكيف مع التحديات الصحية، عبر إقامة رحلات ترفيهية لتحسين الحالة النفسية للمرضى وإدخال السرور على قلوبهم.
وأوضحت الدكتورة أميمة أنّ الدعم النفسي يعدُّ أحد أهم الاحتياجات الأساسية التي يحتاجها مرضى السرطان لمكافحة المرض، مؤكدة أنّ الدعم النفسي لا يقتصر على المرضى فقط، بل يشمل الأشخاص المحيطين بهم، نظرًا لما يواجهونه من ضغوط نفسية كبيرة نتيجة للتعامل مع المرض.
وأكدت أنّ المؤسسة تقدّم جلسات نفسية فردية تركّز على الحالات الشخصية لكل مريض، كما تنظم جلسات جماعية تجمع بين الناجيات اللواتي تماثلنَ للشفاء، والمحاربات اللواتي ما زلن يخُضنَ رحلة العلاج، وتنظم العديد من الرحلات الترفيهية التي تعدُّ جزءًا من الدعم النفسي؛ ليتمكن المرضى من اللقاء والتفاعل في أجواء إيجابية مع مختصّات وخبيرات في الدعم النفسي، ممَّا يُسهم في تحسين حالتهم النفسية.
وأشارت إلى أنَّ هذه المبادرات تعدُّ خطوة أساسية في تقديم رعاية شاملة تراعي الجوانب النفسية والاجتماعية، إلى جانب الخدمات الطبية، ممَّا يعزز من جهود المؤسسة في مكافحة السرطان، وتحسين جودة حياة المرضى.
أوضحت الدكتورة الحمزي أنّ من أبرز مهام المؤسسة العامة لمكافحة السرطان هو العمل المستمر على التوعية والتثقيف الصحي، الذي ينفذ على مدار العام، إلى جانب تكثيف الأنشطة التوعوية في الأشهر العالمية الخاصة بأنواع السرطان؛ كاليوم العالمي لسرطان الثدي في أكتوبر، وسرطان عنق الرحم في يناير.
وأضافت أنّ المؤسسة تنظم حملات نزول ميدانية إلى المدارس، والمؤسسات، والمراكز التي تستهدف فئات واسعة من النساء عبر مشروع الطبيب الزائر الذي يقدّم خدمات الفحص المبكر، هذه الحملات تركز على نشر المعلومات بشأن أهمية الكشف المبكر، وطرق الوقاية، وعوامل الخطر.
تحديات وصعوبات
على الرغم من الجهود التي تبذلها الجهات المعنية الرسمية والمؤسسات الخيرية لدعم مرضى السرطان في اليمن، فإنّ هناك العديد من التحديات الكبيرة التي تعوق توفير الرعاية الصحية الشاملة والفعّالة.
ولعلَّ من أبرز هذه التحديات تدهور الخدمات الصحية نتيجة النزاع المستمر، وافتقار العديد من المنشآت الصحية إلى التجهيزات والمعدات الحديثة اللازمة لتشخيص السرطان وعلاجه، ونقص الموارد والتمويل للميزانية المخصصة للرعاية الصحية، الأمر الذي يوثر على قدرة المراكز الصحية في توفير الخدمات، إضافة إلى ذلك يعدُّ ضعف الوعي عن مرض السرطان، وأهمية الكشف المبكر عنه، من أهم التحديات التي تواجه مرضى السرطان.
ولمعالجة التحديات التي تواجه مرضى السرطان في اليمن تتطلب نهجًا شاملًا وجهودًا متكاملة من الأطراف المعنية كافة، بما في ذلك الجهات الرسمية، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية، ولتحقيق تقدّم ملموس، يجب التركيز على تخصيص ميزانيات أكبر لدعم القطاع الصحي بشكل عام، وخدمات مرضى السرطان بشكل خاص، وتنظيم برامج تدريبية متخصصة للأطباء والممرضين على أحدث أساليب التشخيص والعلاج، وإطلاق حملات توعية وطنية بالتعاون مع وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني.
ويظل مرض السرطان في اليمن تحدّيًا كبيرًا يهدد حياة الآلاف من المرضى يوميًّا، في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي تمرُّ بها البلاد، ورغم هذه التحديات، فإنّ الأمل قائم لتحسين الوضع الصحي لمرضى السرطان، خاصة مع تضافر الجهود وتكثيفها بين الأطراف المعنية كافة والمجتمع المدني والدولي لبناء نظام صحي أكثر فعالية وقدرة على مواجهة التحديات المرتبطة بهذا المرض، وتعزيز البرامج الصحية، وزيادة الوعي بأهمية الكشف المبكر والعلاج؛ لضمان تحسين جودة حياة المرضى، وتقليل معدلات الإصابة.
(عفاف غالب)؛ قصة ملهمة لرحلة كفاح ضد مرض السرطان
علياء محمد – صوت الأمل يعد مرض السرطان من أكثر الأمراض الصحية تأثيرًا وانتشارًا حول …