‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الأدب في اليمن دور المنظمات والمؤسسات في دعم المجال الأدبي في اليمن

دور المنظمات والمؤسسات في دعم المجال الأدبي في اليمن

علياء محمد – صوت الأمل

لطالما لعب الأدب دورًا حيويًّا وفعّالًا في تشكيل الهوية الثقافية للمجتمع اليمني عبر الزمان، وعبّر عن تجارب أفراد المجتمع ومعاناتهم، وطرح قضاياهم بأشكال مختلفة، واستخدمه كأداة ووسيلة لتعزيز القيم الإنسانية ونشر الوعي المجتمعي.

والمنظمات المحلية والدولية التي تهتم بالمجال الأدبي تلعب دورًا محوريًّا في الحفاظ على التراث الأدبي اليمني وتطويره، ودعم المبدعين، وبناء جسور التواصل بين الأدباء والجمهور، وتعزيز الحركة الثقافية في المجتمع. لكن، نتيجة تداعيات الصرع القائم في البلادشهدت الساحة الأدبية في اليمن تدهورًا ملحوظًا؛ بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة؛ إذ واجهت المؤسسات الثقافية والأدبية عددًا من الصعوبات والتحديات المالية والإدارية والأمنية والاقتصادية، وأصبح بعضها عاجزًا عن تقديم أي نشاط أدبي أو ثقافي، في المقابل استطاعت عدد من المؤسسات والجمعيات الأدبية المحلية القيام بأدوار حيويّة وفعّالة لدعم فنّ الأدب اليمني.

مؤسسات فعّالة في دعم الأدب

توجد العديد من المؤسسات الأدبية المحلية التي تهدف إلى تعزيز الثقافة الأدبية في اليمن، هذه المؤسسات وجهت أنشطتها وفعاليتها لدعم الأدب اليمني، وأسهمت في تنمية الوعي الثقافي عن طريق تنظيم الفعاليات الأدبية، مثل المعارض، والندوات، والمهرجانات، وأتاحت الفرصة للمؤلفين والشعراء للتعبير عن أفكارهم ومشاركة تجاربهم، ومن أبرز هذه المؤسسات مؤسسة (بيسمنت) الثقافية، وهي إحدى المؤسسات الثقافية والفنية التي تسهم في دعم المشهد الأدبي والفني وتعزيزه في اليمن، وتهدف المؤسسة إلى توفير منصة للكتّاب والفنانين لإبراز مواهبهم، وتشجيع الإبداع الثقافي في بيئة تتسم بالتحديات.

أقامت (بيسمنت) فعاليات ثقافية أتاحت للكتّاب والفنانين فرصة لعرض أعمالهم والتفاعل مع الجمهور، ونظمت مهرجانات أدبية ومعارض فنية، وعقدت جلسات حوارية ناقشت فيها قضايا الأدب والثقافة في اليمن، بمشاركة كتّاب ونقاد يمنيين.

في سياق متصل، لعب البيت اليمني للموسيقى دورًا مهمًّا في دعم الأدب والثقافة بشكل عام، وأسهمت مؤسسة البيت اليمني للموسيقى في إثراء المشهد الثقافي في اليمن، عن طريق تعزيز الفنون الموسيقية، ودعم الأدب عن طريق تنظم فعاليات وورش عمل خاصة بكتابة الأغاني والشعر، وإقامة أمسيات شعرية وندوات خاصة بالفنون الموسيقية التقليدية في اليمن؛ كالشعر والموسيقى الشعبية.

إضافة إلى ذلك تعدُّ مؤسسة (عدن أجين) أحد المؤسسات الثقافية التي تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في اليمن، عن طريق مجموعة من الأنشطة والبرامج الأدبية المختلفة أبرزها: إقامة فعّاليات تناقش مواضيع أدبية وثقافية متنوعة، وأتاحت الفرصة لعدد من الكتاب والمفكرين لمشاركة أفكارهم وتجاربهم، إضافة إلى ذلك فقد نظمت مؤسسة (عدن أجين) فعاليات أدبية تجمع الكتّاب والمثقفين وتحتفي بالأدب اليمني.

من جانب آخر قامت مؤسسة (أمد الثقافية) في عدن بدورها الفعّال في إحياء المشهد الثقافي في عدن، وعملت على توفير بيئة أدبية ثقافية تشجع الحوار الفني بين الأجيال، وأصبحت بذلك منصة للمواهب الأدبية المحلية، ومن أنشطتها الأدبية تنظيم معارض فنية وأدبية، وإقامة أمسيات شعرية، وتنفيذ ورش عمل في مجالات متعددة؛ مثل الكتابة، والفنون التشكيلية، والموسيقى.

كما يعدُّ (نادي القصة) في اليمن منصة أدبية تهدف إلى دعم فن القصة القصيرة وتعزيزه في اليمن، ويعمل النادي على توفير بيئة ملهمة للكتّاب والمبدعين، ويُعدُّ ملتقى للأدباء لمشاركة أفكارهم وتجاربهم.

ويهدف (نادي القصة)، الذي توجد له عدة فروع في عدد من المحافظات، إلى تشجيع الكتابة الإبداعية، وتعزيز مهارات الكتابة لدى الأعضاء، عن طريق تقديم ورش عمل ودورات تدريبية، وتنظيم الفعاليات الأدبية، وإقامة أمسيات أدبية وندوات تناقش مواضيع القصة القصيرة وأهمية الأدب.

ويسلط النادي الضوء على الكُتّاب المحليين، عن طريق تنظيم فعاليات تدعم أعمالهم وتعرّف الجمهور بهم.

وعن أهم إنجازات نادي القصة في ذمار، تقول نبيهة محضور (رئيسة النادي): “أسهم نادي القصة في تعزيز الثقافة الأدبية في اليمن عن طريق دعم الكتّاب والمبدعين، وعمل على بناء مجتمع أدبي متفاعل ومزدهر، عن طريق برامجه وفعالياته، ونفّذ نادي القصة منذ تأسيسه عام 2006م عددًا من الأنشطة الثقافية والأدبية السنوية، ونظّم ورشًا تدريبية سنوية في فنّ كتابة القصة لكُتّاب القصة بالمحافظة، وأقام صباحات ومساءات قصصية لكُتاب القصة من داخل المحافظة وخارجها”.

وأضافت: “احتفى نادي القصة بالإصدارات الأدبية الجديدة لأدباء من داخل المحافظة وخارجها، وقد نفذ العديد من المهرجانات؛ مثل المهرجان الأول للقصة القصيرة عام 2016م، والمهرجان الثاني للقصة القصيرة في العام 2020-2021م، إضافة إلى ذلك كرّم النادي الشخصيات القيادية الأدبية والثقافية وأديبات بالمحافظة، وأصدر مجموعة قصصية بعنوان (بوح) لعدد (20) كاتبًا وكاتبة من أعضاء النادي (الإصدار الأول) في عام 2021م”.

تحديات وصعوبات

ترى الأديبة والإعلامية نبيهة محضور أنّ الجانب الثقافي مهمٌّ جدًّا في أي مجتمع أو دولة؛ لأنه يعكس حضارتها وتاريخها، ولكن للأسف في اليمن نلمس ضعف الاهتمام بالجانب الثقافي على مستوى وزارة الثقافة المعنية بالأمر، وتأتي بعدها المنظمات المحلية الداعمة للأدب والأدباء، وهذا يأتي بسبب غياب الوعي بالدور المهمّ الذي يلعبه الأدب في خلق مجتمع واعٍ ومتحضر فكريًّا.

وأضافت: “أنه يوجد المئات من الأندية والمؤسسات الثقافية في اليمن، منها ما توقف عن تنفيذ فعاليات أدبية وثقافية نتيجة الصراع وتداعيات الاضطرابات السياسية في الوقت الراهن، وما لحقها من آثار سلبية على كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية وغيرها؛ إذ اضطرت كثير من المؤسسات الثقافية إلى أن توقف نشاطها، وتترك مقراتها؛ لعدم القدرة على دفع الإيجارات”.

وأكدت أنّ هناك قليلًا ممّن يؤمنون بأهمية الجانب الثقافي والأدبي في اليمن؛ إذ ما زال يعمل بصمود وبجهود ذاتية، بالمقابل هناك منظمات دولية ومحلية أخرى توقفت عن تقديم الدعم اللازم للجانب الثقافي وركزت اهتمامها بجوانب أخرى.

في سياق متّصل يوافقها الرأي أمين العلياني (أستاذ مشارك في الأدب اليمني في محافظة لحج)؛ إذ يقول: “على الرغم من وجود العديد من المنظمات المحلية والدولية في اليمن، فإنّ فنّ الأدب في اليمن يعاني من قصور كبير في الدعم، وما زالت الجهود المبذولة في دعم الثقافة والفنون والأدب لبعض المؤسسات المحلية محدودة، وفي إطارات معينة، نتيجة تداعيات الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتدهورة”.

وأكد أنّ النزاع في اليمن شغل بعض المنظمات بتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، ممّا جعل الأدب والفنون بعيدًا عن اهتماماتها في الوقت الحالي، ولم يحظَ بالقدر نفسه من الاهتمام في المجالات الأخرى، الأمر الذي يحدُّ قدرة المؤسسات الأدبية والفنانين الأدبيين من الإنتاج الأدبي والتفاعل مع الساحة الثقافية.

   في المقابل ظهرت عدد من الصعوبات الأمنية والاقتصادية وغيرها أثرت سلبًا على ما تقدمه هذه المؤسسات، وأسهمت في تراجع المشهد الأدبي على الساحة المحلية بشكل ملحوظ، كما تسبب في توقف الأنشطة والفعاليات الأدبية والثقافية، وعليه أصبح من الضروري فهم احتياجات المؤسسات الأدبية اليمنية لضمان استمراريتها ونجاحها.

  من جانب آخر أفادت نبيهة محضور: “أنّ المؤسسات الثقافية المعنية بدعم الأدب تعاني من ضعف التمويل والموارد المادية، وتفتقر إلى المقومات الأساسية للاستمرار في تنفيذ الأنشطة والفعاليات، ممّا يحدُّ من قدرتها على تنظيم الفعاليات الأدبية، إضافة إلى ذلك أن المؤسسات الثقافية بحاجة إلى الدعم الإداري والفني والتدريب على صياغة المشاريع للجهات المانحة والتشبيك مع الجهات المحلية والشراكة معهم في تنفيذ الأنشطة”.

وأضافت: “ما زال المجتمع بحاجه إلى التوعية بأهمية دور المؤسسات الثقافية وأنشطتها وأعمالها في دعم فن الأدب اليمني، ودعم المبدعين والإنتاج الفكري للشباب وإظهارهم؛ كونهم ثروة البلد”.

وشددت على ضرورة تفعيل دور وزارة الثقافة للقيام بواجبها نحو المؤسسات والأندية الثقافية، ودعمها معنويًّا وماديًّا؛ ليتمكنوا من تنفيذ أنشطتهم، إضافة إلى ذلك أكدت محضور أهمية فتح آفاق التواصل على المستوى الداخلي في تنفيذ النشاط الثقافي، وكذاك الخارجي للتعريف بحضارة اليمن وموروثاته الثقافية.

تلعب المنظمات الأدبية والثقافية دورًا بالغ الأهمية في تعزيز مكانة الأدب اليمني وتأثيره في المجتمع، ومع ذلك تواجه المنظمات العاملة في المجال الأدبي في اليمن العديد من الصعوبات والتحديات التي تعوق جهودها في تقديم الدعم الكافي للمبدعين والمشهد الأدبي بشكل عام، ولِتجاوز ذلك تشير العديد من التقارير إلى أهمية العمل بجهد مضاعف لتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية للحصول على الدعم المالي واللوجستي، وبناء شراكات مع القطاع الخاص لجذب الاستثمارات في المجال الثقافي، والاستفادة من التكنولوجيا الرقمية لنشر الأعمال الأدبية والتواصل مع الجمهور، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعية بأهمية الأدب ودوره في المجتمع.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

الشاب ربيع؛ قصة شغف بالقراءة وسط تحديات الحياة

أحمد باجعيم – صوت الأمل القراءة تمثل أداةً أساسية لتطوير الذات وبناء المعرفة، وهي من…