‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الأطفال الأحداث في اليمن التعليم.. الأمل الأكبر في مواجهة الجريمة وتعزيز القيم الإيجابية لأطفال اليمن

التعليم.. الأمل الأكبر في مواجهة الجريمة وتعزيز القيم الإيجابية لأطفال اليمن

أحمد باجعيم – صوت الأمل

في عالمنا المعاصر، يقدم التعليم دورًا محوريًّا في تشكيل مستقبل الأجيال القادمة؛ إذ تبرز أهمية المدارس والمعاهد كحصون للمعرفة وأدوات فعّالة لتعزيز القيم والمهارات الإيجابية لدى الأطفال. ويتجلى دور هذه المؤسسات التعليمية ليس في تقديم التعليم الأكاديمي فقط، بل أيضًا في بناء جيل واعٍ ومسؤول يسهم في تقليل معدلات الجريمة وبناء مجتمع أكثر أمانًا وتماسكًا، ويسهم في تطوير مهاراتهم لمواجهة التحديات ومنها العنف والجريمة.

إنّ المدارس والمعاهد الفنية والمهنية لا تقتصر مهمتها على تقديم المناهج الأكاديمية والمهنية فحسب، بل تمتد لتشمل تربية النشء السليمة للطفل على مبادئ الأخلاق والقيم الإنسانية الرفيعة، خاصة في ظل التحديات التي يوجهها اليمن من فقر ونزاعات وتأثيرات سلبية متعددة. وبهذا التقرير سنتعرف على الدور الذي تقدمه المدارس والمعاهد لأطفال اليمن.

دور الجهات التعليمية

تلعب المدارس الفنية والمهنية دورًا حاسمًا في تعزيز المهارات الإيجابية لدى أطفال الأحداث، وذلك من عدة جوانب، وتتمثل في تطوير المهارات التقنية والحرفية عبر تزود الطلاب بمهارات عملية جديدة تسهم في بناء ثقتهم بأنفسهم وتنمية إحساسهم بالإنجاز، وتساعدهم في إيجاد فرص عمل مناسبة في المستقبل، ممّا يقلل من خطر الانخراط في سلوكيات سلبية، كما تتيح المدارس للطلاب فرصة للتفاعل مع أقرانهم وتطوير مهاراتهم الاجتماعية، والتكيّف بشكل أفضل مع المجتمع.

كما أنّ من مهام المدارس العملية والفنية توفير بيئة آمنة وداعمة للطلاب، يشعرون بأنّهم جزء من فريق وأنهم محل اهتمام، عبر توجيه طاقتهم نحو أنشطة بنّاءة وإنتاجية، بدلًا من الانخراط في سلوكيات ضارة.

ولعلَّ من الآثار الإيجابية التي تسهم بها تلك المدارس على الأطفال وخاصة أطفال الأحداث تزويدهم بمهارات وفرص، تقلل من فرص انخراطهم في الأنشطة الإجرامية، وتساعدهم في تحسين فرص العمل، والارتقاء بالوضع المعيشي للأفراد وأسرهم مستقبلًا، وبناء مجتمع قوي ومتماسك.

قال مدير التوجيه التربوية بمكتب وزارة التربية والتعليم بساحل حضرموت سعيد بامحيسون: “إنّ المكتب حرص ضمن خططه الإستراتيجية على وضع أهدافه الخاصة في غرس القيم الفاضلة بين الطلاب في مختلف المدارس، وذلك عبر غرس العديد من القيم والمهارات في الطابور الصباحي، التي تتضمن محاضرات وأنشطة توعوية مختلفة؛ كالرياضة والمسابقات الترفيهية والثقافية سواء داخل المدرسة نفسها أو بين مدارس مديريات الساحل، وذلك بهدف تعزيز المهارات الإيجابية والحياتية لدى مستويات الصفوف التعليمية كافة”.

وأضاف: “أيضًا ينفذ المكتب برامج إذاعية خاصة بالطلاب عبر إذاعة (المستقبل)، وهي إذاعة أنشأها مكتب وزارة التربية، ويتمُّ بها بثّ برامج تسهم بوضع معالجات لكثير من العادات الدخيلة التي قد تؤثر على أخلاقيات الطلاب، ونشر التوعية، والتركيز على غرس القيم الحميدة بين الطلاب.

وفي هذا الشأن، أشار الأستاذ التربوي علي سيول بافرج إلى أنّ نسبة ظاهرة العنف بين الأطفال في ساحات المدارس لا تكاد تُذكر، وذلك لما يبذله المعلمون من جهد في بث روح التعاون الأخوي بين الأطفال، وكذلك التوجيه المستمر والمتابعة لسلوكيات الأطفال، وزرع قيم الفضيلة والأُخوّة بينهم، ولهذا فإنّ ظاهرة العنف أو الأخلاقيات المنحرفة بين الطلاب ضعيفة جدًّا، ولكن يتطلب الاستمرار في التوجيه والمتابعة للأطفال في الساحات المدرسية بهدف تعزيز القيم النبيلة.

وتابع: “كذلك توجيه أولياء الأمور للاهتمام برعاية أطفالهم أول بأول؛ لضمان الابتعاد عن بعض السلوكيات التي قد تضرّ بهم أو بمن يخالطهم من الأطفال، ولهذا فإنّ التوجيه والمتابعة هما العنصران المهمان في التخفيف من ظاهرة العنف أو أي سلوك عدواني آخر؛ إذ إنّ هذه الفئة العمرية تعدُّ عماد المستقبل، وأنّ انحرافها أو انتشار العنف بينها يعدُّ خطرًا حقيقيًّا على البلاد”.

التحديات

أوضح بامحيسون أنّ أهم التحديات التي تواجه مكتب وزارة التربية بساحل حضرموت في تعزيز المهارات الإيجابية لدى طلاب المدارس، خصوصًا ما بعد نشوب النزاع المسلح، يتمثل في اختلاف بيئات الطلاب ومناطق الوافدين؛ إذ أصبحت حضرموت أكثر المحافظات اليمنية تزايدًا للسكان سواء من الأرياف أو من المحافظات الأخرى أو حتى من الخارج، وهذا يشكل تحدّيًا في تحسين المهارات الحياتية والحميدة للأطفال وصقلها؛ كون البيئة أصبحت متنوعة.

وأردف قائلًا: “إن من التحديات أيضًا ضعف التواصل بين إدارات التوجيه التربوي أو المدارس مع أولياء أمور الطلاب، فضلًا عن انتشار ظواهر سلبية في المجتمع، مثل العنف، وانتشار الأسلحة بشكل كبير، وكذا التنمر، وغيرها من العادات السيئة والدخيلة على المجتمع اليمني، التي تؤثر على نشأة الطفل وسلوكه، وهذا يتطلب جهدًا مضاعفًا من قبل مكاتب التربية وإدارات التوجيه التربوي في تعديل تلك السلوكيات.

في هذا الصدد، ذكر التربوي بافرج أنّ أهم التحديات بهذا الخصوص كثرة عدد المدارس وفروعها، وهذا يعدُّ أكبر عائق في تنمية المهارات المتنوعة لدى الطلاب؛ لأنّه من الصعب توفير كل الوسائل التي يحتاج لها الأطفال في جميع المدارس، خصوصًا في المناطق الريفية أو النائية، كذلك ضعف توفير البرامج التثقيفية التي تعزز من تلك المهارات الإيجابية لأطفال المدارس.

وأضاف: “أنّ ضعف التأهيل والتدريب للكادر التربوي يعدُّ من أهم التحديات التي تواجه العملية التربوية، وهذا سببه إهمال للكوادر التربوية أو الإدارية؛ إذ لا توجد دورات تدريبية أو بعثات أو منح في ذلك الجانب، وهذا يسبب ضعفًا شديدًا في دور التثقيف التربوي للأطفال في المدارس والمعاهد؛ لأنّ أكثر التربويين ليس لديهم مهارات كافية في الاتصال بينهم وبين الطلاب، وكيفية التعامل معهم، وتعديل سلوكياتهم إذا لم تكن إيجابية، وهناك العديد من التربويين في اليمن يتعاملون مع الأطفال بمجهود ذاتي أو بدائي يفتقد للمعايير التربوية المتبعة في الدول الأخرى”.

المعالجات والتوصيات

بامحيسون ذكر جملة من المعالجات التي تسهم في تطوير العمل التعليمي والتدريبي في الاعتماد على الذات لدى الطلاب بشكل عام، ومنها تغيير في مناهج الصفوف الأولى من الصف أول ابتدائي إلى الصف الثالث، وعقد دورات تركّز على كيفية إكساب تلاميذ الصفوف الأولية المهارات الأساسية اللازمة للتعلم.

واسترسل: “من ضمن التوصيات، تخصيص برامج توعوية تثقيفية موجهة للأطفال بشكل عام في الطابور الصباحي، وكذلك في إذاعة المستقبل الخاصة بتربية حضرموت وصوتها التربوية، وكذا تشكيل مجالس الآباء والأمهات، وعقد دورات خاصة بهم؛ لإبراز أهمية التواصل بين أولياء الأمور وإدارات المدارس، وخلق شراكات بين الإدارات المدرسية والمجتمع المحيط بما يضمن تواصلًا فعالًا وإيجابيًا يخدم بدرجة رئيسية الأطفال”.

وأشار بافرج إلى أهمية توفير الوسائل التي تنمي قدرات الأطفال، واكتسابهم معلومات في هذه الجوانب، وتدريبهم عليها حتى يصبح الطفل قادرًا على القيام ببعض المهام بذاته، والاهتمام بالتربويين في إكسابهم مهارات التواصل مع الأطفال لمعرفة سلوكياتهم وتغييرها، وذلك من خلال الابتعاث أو إشراكهم في دورات في ذلك المجال الحيوي، الذي يُسهم في بناء قدراتهم أثناء مخاطبتهم للأطفال في شتّى الجوانب التعليمية والنفسية والاجتماعية.

وأكد على أهمية توفير الدعم اللازم لذلك المجال، وتكثيف الزيارات الدورية للمرافق التعليمية، وحتى زيارة أطفال الأحداث للاطلاع على وضعهم التعليمي والتدريبي، والعمل على حصر الإيجابيات ومعالجة السلبيات، والعمل على تطوير مجال التواصل مع الأطفال في المدارس من حين إلى آخر وفق المعايير الحديثة، وبما يتناسب مع البيئة المحلية.

وبشكل عام، يمثل التعليم لأطفال الأحداث في اليمن شريان الحياة، فهو أكثر من مجرد اكتساب للمعارف والمهارات، بل هو بمثابة استثمار في مستقبلهم ومستقبل بلادهم، وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن، تزداد أهمية التعليم كأداة للنهوض والتغيير الإيجابي.

ولعلَّ من أبرز الأسباب التي تؤكد أهمية التعليم لأطفال الأحداث أنّه يعدُّ بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولأسرهم، ويسهم في ترسيخ الهوية الوطنية والقيم الأخلاقية لديهم، ويزيد من وعيهم بحقوقهم وواجباتهم، ويعدُّ وسيلة فعّالة لمكافحة التطرف والعنف، ويحميهم من الاستغلال والعمل المبكر، ويمنحهم فرصة للنمو والتطور بشكل صحي.

وعلى الرغم من الأسباب الإيجابية التي يعززها التعليم لدى أطفال الأحداث كفرصة لبناء حياتهم من جديد، فإنّ التعليم يواجه العديد من التحديات التي تتضمن استمرار النزاع المسلح الذي أثّر على كل مناحي الحياة، من ضمنها التعليم، بالإضافة إلى نزوح الملايين من الأطفال، وانتشار الفقر، ونقص الكوادر التعليمية، الأمر الذي يتطلب من الجميع بذل المزيد من الجهود في توفير برامج تعليمية تلبي احتياجات الأطفال في التعلم والنمو.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

61.9% من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنّ القوانين الحالية غير كافية للتعامل مع قضايا الأحداث في اليمن…

إعداد: يمنى الزبيري – صوت الأمل في ظل الأزمة الإنسانية التي يعاني منها اليمن والصراع المست…