‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الأطفال الأحداث في اليمن الأحداث والحق في الرعاية الصحية.. ضرورة ملحة في اليمن

الأحداث والحق في الرعاية الصحية.. ضرورة ملحة في اليمن

علياء محمد – صوت الأمل

تُعد قضية رعاية الأطفال الأحداث في اليمن من أهم القضايا الإنسانية التي تشهد تحديات كبيرة نتيجة الصراعات والنزاعات المسلحة في البلاد. هؤلاء الأطفال، الذين هم أكثر الفئات ضعفًا في المجتمع، يواجهون مخاطر عديدة تهدد حياتهم ورفاهيتهم، وفي هذا السياق، تبرز أهمية توفير الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة لهذه الفئة المهمشة، التي تعد ضرورة حتمية لضمان حماية حقوقهم الأساسية وتمكينهم من العيش بكرامة.

تعد الرعاية الصحية للأطفال الأحداث في اليمن قضية حيوية تتجاوز كونها مجرد خدمة طبية؛ لأنها استثمار في مستقبل الأطفال والمجتمع بشكل عام، خاصةً في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد؛ إذ تشهد اليمن معدلات عالية من وفيات الأطفال نتيجة الأمراض المعدية وسوء التغذية، مما يهدد استمرارية الجيل القادم، لذا يعد الاهتمام بالرعاية الصحة للأطفال بشكل عام، وللأحداث بشكل خاص، ضرورة ملحة تسهم في المشاركة المجتمعية بمختلف الجوانب والمساعدة في تطويرهم وتنميتهم.

يرى عبد الرحمن القديمي (مساعد طبيب أطفال) أن توفير الرعاية الصحية المناسبة للأطفال الأحداث أحد الحقوق الأساسية لجميع الأطفال وبما في ذلك الأطفال الأحداث، وتوفير الرعاية لهم يُعد التزاماً دولياً وأخلاقياً.

وأضاف: “تلعب الرعاية الصحية دورًا كبيرًا في ضمان النمو البدني والعقلي والنفسي السليم للأطفال، وتسهم التطعيمات واختبارات الكشف المبكر في حماية الأطفال الأحداث من الأمراض المعدية والإصابات الخطيرة، كما تسهم في تأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع ليصبحوا فئات منتجة بعد خروجهم من دار الأحداث”.

في سياق متصل تقول إجلال عفيف (مساعد طبيب): “تمر اليمن بأوضاع صحية صعبة نتيجة تدهور البنية التحتية للقطاع الصحي، وانعدام الأمن والاستقرار في البلاد، وعانى الكثير من الأحداث من سوء التغذية والأمراض المنتشرة، كالإسهال والالتهابات والأمراض التنفسية. إضافة إلى ذلك، أصيب بعضهم بالصدمات النفسية والاضطرابات العقلية نتيجة عدم الوصول إلى الخدمات الصحية اللازمة في وقتها المناسب”.

وأشارت إلى أن رعاية الأطفال الأحداث يتطلب نهجًا متكاملًا يجمع بين الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية؛ وذلك لضمان نموهم الصحي والشامل، فهم في هذه المرحلة العمرية بحاجة إلى رعاية خاصة تلبي احتياجاتهم المتنوعة وتحميهم من المخاطر التي قد تواجههم.

أنواع الرعاية الصحية للأطفال الأحداث

 وحول الرعاية الطبية التي يجب أن تقدم للأطفال الأحداث تقول مروى نجيب (طبيبة أطفال): “يعاني الأطفال الأحداث في اليمن من أزمة إنسانية حادة تجعلهم الأكثر ضعفًا في المجتمع، فالنزاع المستمر والصراعات المسلحة قد حرمت هذه الفئة من أبسط حقوقها، بما في ذلك الحق في الصحة والتعليم والحماية؛ الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود في توفير رعاية صحية ونفسية واجتماعية وتأهيلية عاجلة لهم”.

وأضافت: “يحتاج الأطفال الأحداث إلى رعاية طبية أساسية تشمل الفحوصات الدورية والعلاج للأمراض الشائعة، كالإسهال وسوء التغذية والالتهابات. كما يحتاجون إلى التطعيمات اللازمة لحمايتهم من الأمراض المعدية، وتعد هذه الخدمات ضرورية؛ لضمان صحتهم البدنية والنمو السليم”.

كما أوضحت أن الأطفال الأحداث بحاجة ماسة إلى دعم نفسي واجتماعي جراء ما تعرضوا له من صدمات نفسية وعنف نتيجة تداعيات الصراع والنزوح وسوء المعاملة الأسرية والمجتمعية، ومن الضروري توفير خدمات إرشاد نفسي وبرامج دمج اجتماعي؛ لمساعدتهم على التعافي والتكيف مع الظروف الصعبة التي يمرون بها.

وقالت: “إن حصول الأحداث على الغذاء الكافي والصحي يجنبهم الإصابة بسوء التغذية ويقوي مناعتهم وصحتهم في المستقبل. كما يسهم توفير إمدادات المياه النظيفة والمرافق الصحية المناسبة في تجنب انتشار الأمراض المنقولة بالمياه لهم”.

وأكدت في حديثها أهمية تعاون وتكاتف الجهات الحكومية والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والمجتمع في توفير الدعم المتكامل الصحي والنفسي والاجتماعي للأطفال الأحداث في اليمن.

تحديات وصعوبات

تسبب الصراع القائم في اليمن بتدهور القطاع الصحي بشكل عام على مستوى البلاد، وتوقفت الكثير من المرافق الصحية عن تقديم الخدمات الصحية لأفراد المجتمع، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل الجانب الحكومي والمنظمات المحلية والدولية الداعمة في توفير الرعاية الصحية للمجتمع، وخاصة للأطفال الأحداث، فإن هناك العديد من التحديات التي تواجه عمل تلك الجهود على أرض الواقع.  

وحول التحديات يقول عبد الرحمن القديمي: “تسبب الصراع بتدهور البنية التحتية الصحية في اليمن، الأمر الذي حد من قدرة المرافق الصحية على تقديم الخدمات اللازمة لأفراد المجتمع في مختلف المحافظات والمناطق اليمنية، وخاصة للأطفال الأحداث”.

وأوضح أن القطاع الصحي في اليمن يعاني من نقص حاد في الموارد الطبية والإمدادات الأساسية، مما يهدد حياة الآلاف، لا سيما الأطفال الذين هم الأكثر عرضة للأمراض، فالنقص الحاد في الأدوية واللقاحات والتطعيمات، بالإضافة إلى التجهيزات الطبية، يعيق تقديم الرعاية الصحية اللازمة في العديد من المرافق الصحية. كما يعد تردي الأوضاع الأمنية التي تحول دون وصول المساعدات الطبية إلى المناطق المتضررة والنائية أحد أهم التحديات التي يواجه قطاع الصحة في اليمن”.

وفي تقرير لمنظمة الصحة العالمية 2023، أكد أن قلة تمويل الدول المانحة لقطاع الصحة في اليمن سيؤدي إلى إيقاف الدعم عما يصل إلى 1000 مرفق صحي؛ وعدم حصول 10 ملايين شخص، من بينهم 7.9 ملايين طفل، على الخدمات الصحية اللازمة؛ وتعرض 1.1 مليون طفل ممن يعانون من سوء التغذية الحاد لتدهور صحتهم أو وفاتهم.

كما أكد القديمي أن الأطفال الأحداث في اليمن يعانون من نقص حاد في الحماية القانونية، مما يعرضهم لمخاطر صحية جسيمة، فغياب التشريعات الواضحة التي تضمن حقوقهم في الحصول على الرعاية الصحية يؤدي إلى تهميشهم ومنعهم من الوصول إلى الخدمات الطبية الأساسية.

التوصيات والحلول المقترحة

تشير العديد من التقارير الصحفية إلى أن توفير الرعاية الصحية الشاملة للأحداث في اليمن سيكون له أثر كبير على حمايتهم، ودعم تعافيهم وإعادة إدماجهم في المجتمع؛ لذلك يجب القيام بعدد من الخطوات لتحسين الرعاية الصحية للأحداث وضمان وصولها لهم. ومن أبرز تلك الخطوات تطوير البنية التحتية الصحية في المرافق الإصلاحية والسجون لتوفير الرعاية الطبية الأساسية للأحداث، وزيادة التمويل لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة من خلال التنسيق بين الجهات الحكومية والمنظمات المحلية والدولية وإشراكها في تنفيذ برامج وأنشطة، ووضع إستراتيجية شاملة لرعاية الأحداث تركز على الجوانب الصحية، بالإضافة إلى تعزيز برامج التغذية والرعاية الوقائية وتوفير البرامج المساعدة لهم. كما أن عملية إطلاق حملات إعلامية وتوعوية عبر وسائل الإعلام المختلفة حول أهمية توفير الاحتياجات الصحية للأطفال الأحداث، وإقامة الندوات وورش العمل، تسهم في زيادة الوعي المجتمعي بأهمية الرعاية الطبية للأطفال الأحداث وإعادة إدماجهم في المجتمع.

يمكن تحسين الرعاية الصحية للأطفال الأحداث في اليمن من خلال مجموعة من الإجراءات، مثل زيادة التمويل للقطاع الصحي، وتدريب الكوادر الطبية، وتوفير الأدوية والمعدات الطبية، وتنفيذ برامج التوعية الصحية، التي تعد ضرورة إنسانية وأخلاقية ملحة تسهم في بناء مستقبل أفضل لليمن وشعبها.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

61.9% من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنّ القوانين الحالية غير كافية للتعامل مع قضايا الأحداث في اليمن…

إعداد: يمنى الزبيري – صوت الأمل في ظل الأزمة الإنسانية التي يعاني منها اليمن والصراع المست…