‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الصحة النفسية في اليمن 69.2% من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم عانوا بالفعل من أعراض الاضطرابات النفسية

69.2% من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم عانوا بالفعل من أعراض الاضطرابات النفسية

إعداد: يُمنى الزبيري

الصحة النفسية -حسب تعريف منظمة الصحة العالمية لها- حالة من العافية يستطيع فيها كل فرد إدراك إمكاناته الخاصة والتكيّف مع حالات التوتّر العادية، والعمل بشكل منتج ومفيد والإسهام في مجتمعه المحلي. وتعد الاضطرابات النفسية واحدة من أكبر المشكلات الصحية التي تواجه العالم؛ إذ تمثل 8.8% و16.6% من عبء المرض الإجمالي الناجم عن الاعتلالات الصحية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، على التوالي. كما أن ما بين كل ثمانية أشخاص حول العالم، يعاني شخص واحد من اضطراب نفسي، أي ما يقارب المليار شخص حول العالم.

وفي الدول التي تعاني من أزمات وصراعات تتفاقم هذه الأرقام بشكل كبير؛ فالشعوب التي تعيش تحت وطأة الصراعات والعنف والنزوح تعاني من اضطرابات نفسية حادة ومزمنة، مثل الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة. كما أن أطفال هذه البلدان هم الأكثر عرضة لتداعيات هذه الأزمات، إذ يعانون من اضطرابات في النمو والتطور، وصعوبات في التعلم، ومشاكل سلوكية.

اليمن، للأسف، تُعد مثالًا صارخًا لهذه المعاناة؛ فبعد سنوات من الصراع والنزاع زادت أعداد المصابين بالاضطربات النفسية بشكل واضح؛ إذ وصل عدد الأشخاص الذين يعانون من الصدمات النفسية والإجهاد الناجم عن النزاع المستمر بنحو 7 ملايين شخص، أي ما يقرب ربع سكان اليمن. من بين هولاء فقط 120 ألفَ شخصٍ يستطيعون الوصول إلى الخدمات الصحية بشكل مستمر.

هذا العدد الضخم من الحالات، مقارنة بعدد القادرين على الحصول على العلاج، يرسم صورة قاتمة عن الوضع النفسي في اليمن. فالصراع ليس المسبب الوحيد لتراجع الصحة النفسية في اليمن، فإلى جانبه، تسبب الصراع بتضرر البنية التحتية للقطاع الصحي وقلة الكادر الصحي -لا سيما المتخصصين في الصحة النفسية- مما يجعل الحصول على المساعد أكثر صعوبة. فضلًا، عن النظرة الاجتماعية ووصمة العار التي تلصق بأي شخص يعاني من اضطراب نفسي مما يدفع بالكثيرين إلى إخفاء مشكلاتهم النفسية وعدم تلقي العلاج المناسب.

على إثر هذا كله، نفذت وحدة المعلومات واستطلاع الرأي بـ(يمن إنفورميشن سنتر) استطلاعَ رأي حول الصحة النفسية في اليمن.

أُجري الاستطلاع على عينة مكونة من (312) مشاركًا من مختلف أنحاء اليمن، كانت نسبة المشاركين في الاستطلاع من الجنسين متساوية بنسبة 50% للإناث مقابل 50% للذكور. وتوزع المشاركون عبر شرائح عمرية مختلفة، إذ شكلت الفئة العمرية بين 36 و45 عامًا أكبر نسبة (38.5%)، تلتها الفئة العمرية بين 25 و35 عامًا بنسبة 36.9%. كما شارك في الاستطلاع 16% من الذين تتراوح أعمارهم بين 46 و65 عامًا، و7.6% من الفئة العمرية 18-25 عامًا، في حين كانت نسبة مشاركة كبار السن (65 سنة فأكثر) محدودة بنسبة 1%.

من ناحية التعليم، كان الحاصلون على شهادة الثانوية العامة هم الفئة الأكثر تمثيلًا بنسبة 33%، يليهم الحاصلون على الشهادة البكالوريوس بنسبة 27.6%. وشارك 24% من الطلاب الجامعيين، و9% من الحاصلين على الشهادات العليا، وفقط 6.4% من الحاصلين على شهادة الإعدادية أو أقل.

شمل الاستطلاع 21 محافظة يمنية، كانت محافظة صنعاء صاحبة النسبة الأعلى من المشاركين بنسبة 19.3%. تلتها محافظة تعز بنسبة 15.7%، وذمار بنسبة 10.9%، والحديدة بنسبة 9.3%. كما شارك 8.7% من محافظة عدن، و7.4% من حضرموت، و6.4% من إب، و2.6% من الضالع، و1.9% من شبوة، و1.9% من لحج، و1.9% من صعدة، و1.6% من المحويت، و1.6% من ريمة، و1.6% من حجة، و1.6% من سقطرى، و1.6% من أبين، و1.6% من الجوف، و1.6% من عمران، و1% من المهرة، و1% من مأرب، وفقط نسبة 0.8% من البيضاء.

النتائج الرئيسة

في البداية، أظهرت النتائج تفاوتًا في مستوى الوعي بالصحة النفسية بين المشاركين فقد أبدى 67.3% فهمًا واضحًا لمفهومها، فيما أشار 24.7% إلى وجود فجوات في معرفتهم، واعترف 8% بعدم معرفتهم أي شيء يتعلق بالصحة النفسية.

وعند سؤال المشاركين عن مدى انتشار الاضطرابات النفسية في المجتمع اليمني، أظهرت النتائج أن 56.7% من العينة يرون أن معدل انتشار الاضطرابات النفسية مرتفع جدًا في المجتمع اليمني مع وجود إهمال مجتمعي لهذه المشكلة، و31.7% يرون أن المعدل مرتفع، و11.6% يرون أن معدل انتشار الاضطرابات النفسية في المجتمع اليمني منخفض.

وعند تقييم المشاركين لصحتهم النفسية، أشار 42.6% إلى أنها في حالة متوسطة، وذكر 30.1% أنها في حالة سيئة، فيما أشار 17.6% إلى أنها في حالة جيدة، وأشار الباقون (9.7%) إلى أنها في حالة سيئة جدًا.

أما عن الفئات الأكثر تعرضًا لخطر الإصابة بالاضطرابات النفسية، فكانت إجابات المشاركين كالآتي:*

  • النساء: 63.5% من المشاركين أكدوا أن النساء أكثر فئة تعرضت لخطر الإصابة بالاضطرابات النفسية؛ وذلك يعود -من وجهة نظرهم- إلى العوامل الاجتماعية والثقافية والبيولوجية.
  • الرجال: أفاد 49% من المشاركين أن الرجال أكثر الفئات عرضة لخطر الاضطرابات النفسية، وذلك بسبب الضغوط المرتبطة بتوفير لقمة العيش وتلبية احتياجات الأسرة، بالإضافة إلى التوقعات الاجتماعية.
  • الأطفال: 45% من المشاركين قالوا إن الأطفال أكثر الفئات عرضة لخطر الاضطرابات النفسية؛ بسبب تعرضهم لبيئات غير مستقرة أو عنيفة، وقد تؤثر سلبًا على صحتهم النفسية.
  • كبار السن: قال 16% من المستطلعين إن كبار السن أكثر الفئات عرضة لخطر الاضطرابات النفسية؛ وذلك بسبب قلة الدعم الاجتماعي والنفسي الذي يتلقونه، خاصة مع تقدم العمر.

69.2% من المشاركين قالوا إنهم عانوا بالفعل من أعراضِ الاضطرابات النفسية، مثل:*

  • نوبات الاكتئاب، بنسبة (56.2%).
  • تكرار ذكريات غريبة غير مرغوبة فيها لحادث صادم، بنسبة (50.4%).
  • تغييرات سلبية في التفكير والمزاج، بنسبة (45.3%).
  • القلق المفرط، بنسبة (44.2%).
  • أوهام وهلوسات، بنسبة (22.8%).

في حين قال 30.8% إنه لم يسبق لهم أن عانوا من أي أعراض للاضطرابات النفسية.

وعن أكثر العوامل تأثيرًا على الصحة النفسية للأفراد في اليمن، كانت إجابات المشاركين في الاستطلاع كالآتي:*

  • العنف والمشكلات الأسرية: 66% من المستطلعين يرون أن أحد أكبر مسببات الإصابة بالاضطرابات النفسية هو العنف الأسري، خصوصًا العنف ضد المرأة والأطفال، الذي يؤدي إلى آثار نفسية عميقة ومدمرة.
  • الفقر: أفاد 56.1% من المستطلعين أن الفقر أحد أكبر مسببات الاضطرابات النفسية في اليمن، فهو يؤدي إلى تدهور الصحة الجسدية، وزيادة العنف الأسري، وانخفاض مستوى التعليم، وكلها عوامل تسهم في تفاقم المشاكل النفسية.
  • الضغوط المجتمعية: 54.5% من المستطلعين يرون أن أحد أكبر مسببات الإصابة بالاضطرابات النفسية هو الضغوط المجتمعية، لا سيما المشاكل الاقتصادية والصعوبات المعيشية التي تواجه الكثيرين.
  • الصراع: 45.5% من المستطلعين يرون أن أحد أكبر مسببات الإصابة بالاضطرابات النفسية هو الصراع؛ فهو يدمر البنية التحتية للمجتمع، ويؤدي إلى فقدان الشعور بالأمان والاستقرار، مما يزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية.

ويرى المشاركون في الاستطلاع أيضًا أن هناك الكثير من المشكلات والصعوبات التي تواجه الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية في اليمن، من هذه الصعوبات -من وجهة نظرهم- الآتي:*

  • الخوف من النظرة المجتمعية، (54.2%).
  • صعوبة الحصول على تشخيص وعلاج مناسبين، بنسبة (53.2%).
  • عدم وجود دعم كافٍ من العائلة والأصدقاء، بنسبة (40.4%).
  • قلة الوعي بأهمية الصحة النفسية لدى المجتمع، بنسبة (38.5%).
  • ارتفاع تكلفة العلاج، بنسبة (31.1%).

في الختام، يرى المشاركون في الاستطلاع أن الوعي بالصحة النفسية في اليمن لا يزال محدودًا، وأن وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي تمنع الكثيرين من طلب المساعدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص الخدمات الصحية النفسية، خاصة في المناطق الريفية، يزيد من معاناة المصابين. كما أشار المشاركون إلى أن هناك فئات -مثل النساء والأطفال وكبار السن-  تتعرض لخطر الإصابة بالاضطرابات النفسية بشكل أكبر، وذلك لأسباب تتعلق بظروفهم الاجتماعية والاقتصادية ودورهم في المجتمع. ويرى المستطلعون أيضًا أن الوضع النفسي في اليمن يتطلب اهتمامًا عاجلاً وجادًا من قبل جميع الأطراف المعنية، سواء كانت حكومية أو أهلية أو دولية؛ فالاستثمار في الصحة النفسية هو استثمار في مستقبل اليمن ومستقبل أجياله القادمة.


*   سؤال متعدد الخيارات، حُللتْ كل إجابة عن هذا السؤال -بوصفها عينة منفصلة- بنسبة تقدر بـ 100%

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

واقع الصحة النفسية في الجمهورية اليمنية

الدكتور/ عدنان القاضي الأستاذ المشارك بقسم الإرشاد النفسي ـ جامعة تعز استشاري الدعم النفسي…