لمحة عن شعرية الصراحة.. (دراسة أسلوبية لمجموعة “الصراحة راحة” للشاعر الشعبي محمد سالم الكهالي- أنموذجًا)
البروفيسور سالم عبد الرب صالح السلفي
أستاذ الأدب والنقد قسم اللغة العربية – كلية التربية جامعة عدن
(مستشار عدد الشعر في اليمن)
تسعى هذه الدراسة القصيرة إلى تصحيح النظر إلى الشعر العامي من قبل النخب الأكاديمية والمثقفة التي تنظر إليه بعين الانتقاص، وتقدم الدراسة أنموذجًا موجزًا لتحمُّل الشعر العامي أعباء الممارسة النقدية بمناهج ينظر إليها أنها حكر على الشعر الفصيح.
واستنادًا إلى منهج التحليل الأسلوبي، كان عليَّ أن أختار مدخلًا صحيحًا وخاصًّا للمجموعة الشعرية المدروسة، فاستقر عندي أن تكون الصراحة هي المأتى الأول لولوج عالم الشاعر، من خلال هذا المنهج، وهو من أكثر المناهج قدرة على إظهار الجوانب الجمالية في هذا الكلام/ الشعر، من خلال مبادئ الاختيار والانزياح والإضافة، التي تبحث عن الخصوصية والتفرد في عالم شاسع من الأشعار.
والمجموعة المدروسة (الصراحة راحة – 2008) هي المجموعة الثانية التي أصدرها الدكتور علي صالح الخلاقي من أعمال الشاعر محمد سالم الكهالي، المولود سنة 1945 في مديرية يافع بمحافظة لحج، إضافة إلى العملين الآخرين: مساجلات الكهالي والخالدي 2008، مواجهات ساخنة مع عشرات الشعراء.
كان اختيار عنوان “الصراحة راحة” اختيارًا موفَّقًا؛ إذ لا تخطئ عين الناقد محوريةَ الصراحة في شعر الكهالي، حتى تكاد تكون هي الخيط الناظم لهذا الشعر بكل تجلياته ومستوياته. والحكم على الصراحة بأنها راحة هو حكم سديد انطلق من حقيقة الشعر نفسه الذي كان متنفسًا للشاعر، عبَّر فيه عن مكنوناته تجاه القضايا المختلفة، العاطفية والاجتماعية والسياسية.
يبدو عنوان “شعرية الصراحة” صادمًا لنقاد الشعر والمهتمين به؛ لأن المقرر لديهم أن الأصل في الشعر الكذب والتمويه والتكنية والتعريض، لا الصراحة، فكيف يتأتى للصراحة أن تكون شعرية، وهي ضد الكذب والنفاق الذي يقوم عليه جل شعر العرب الفصيح، الذين جعلوا الكذب معيار الجمال والعذوبة في الشعر، في قولتهم الشهيرة “أعذب الشعر أكذبه”! فماذا نقصد بشعرية الصراحة؟
من الناحية اللغوية، الصراحة هي الخلوص والظهور والوضوح، ومن الناحية الاصطلاحية هي أن يبدي الإنسان ما في نفسه ويظهره بصدق وإخلاص. وههنا مدخل إلى الفن من جهة أن الصراحة إبداء ما في نفس المبدع بصدق، والصدق الفني لا يعني أن ما يقوله الشاعر مطابق للواقع الخارجي، بل مطابق لما وقر في نفسه وما تخلَّق في مخيِّلته، سواء كان مطابقًا للواقع أو مجازًا. ومن هنا فإن الصراحة عندما تكون موشَّاة بعناصر جمالية وإجراءات غير اعتيادية تكون عندئذ صراحة شعرية.
وحتى نتبين شعرية الصراحة رصدناها في ثلاث بنى شعرية، هي بنية المعجم، وبنية التركيب، وبنية الصورة.
أولا: معجم الصراحة:
المعجم هو مجموعة من المفردات المرتبطة فيما بينها ارتباطًا ينشأ عنه بناءٌ متماسك، نكون معه قادرين على وصف هذا البناء من خلال المفردة ووصف المفردة من خلال البناء. وقد ارتأينا في دراستنا شعر الكهالي أن نبدأ بدراسةِ مفردة الصراحة واشتقاقاتها، على أساس أن علاقة الاشتقاق هي العلاقةُ الأقوى في جدول الاختيار لقرابتها الصوتية والدلالية، وأتبعناها بدراسة علاقة الترادف، ثم علاقة التضاد.
في الاشتقاق، تظهر الصراحة في شعر الكهالي بوصفها ضرورة ملحة، وليست مجرد قول عابر أو مجرد تنفيس عن الانفعالات؛ ولهذا اقترنت الصراحة بعبارات من قبيل “لا بد” و”لازم”:
لَازمْ نصَارحْكمْ بمَا نتْلمَّسهْ بـاجْلَى صوَرْ
مَا عَاد شِي بَا حِنّ منْ تحْت السّتَارةْ والحجَابْ
إن تتبُّع مفردة الصراحة واشتقاقاتها في شعر الكهالي يفضي بنا إلى القول إن فعل الصراحة كان أقوى حضورًا من الصراحة نفسها، وهو ما يتجلى واضحًا في عنوان مجموعته “الصراحة راحة” الذي ركز على فعل الصراحة المتمثل في إنتاج الراحة. لكن سنكتشف أن هذا الفعل الإيجابي بالنسبة للذات يقابله فعل سلبي لدى الآخر، ومن هنا يمكن دراسة الصراحة من خلال فعلها، وسنكون عندئذ بإزاء فعلين؛ إيجابي وسلبي. فالأفعال الإيجابية مثل أن الصراحة أساس للتقدم، وأنها تكشف كذب الآخر، وأما الفعل السلبي فيظهر في غضب الآخر واستيائه من صراحة الذات.
في الترادف، رصدنا أبرز مرادفات الصراحة وأشباهها، وهي: الصدق، الوضوح، النصح، الصياح، الصحة، الإعلان. وسنكتفي بالوقوف عند الصدق الذي يطالب الشاعرُ الآخرين به؛ لكونه خلقًا نبيلًا وقيمة كبيرة:
ونشْتِيِ الصِّدْق كَوْن الصدْق عَاْ الرَّاس مُشْقُرْ
يَا مَاسكِين الزِّمَامْ
في التضاد، نجد أضداد الصراحة في شعر الكهالي تتنوع بحسب السياقات المختلفة، وأبرزها: السكوت، التحفظ، الكذب، إخلاف الوعد، المغالطة، الخداع، التقلب. وسنكتفي بالتمثيل للسكوت المرتبط عند الشاعر بالعبودية والعار، في مقابل الصراحة المرتبطة بالحرية:
مَا دَام عَيْنِي تِشَاهِدْ ذلِك المَنْظَــــــــــــــــــرْ
وَالله مَاْ اسْكُتْ وَعَا نَا حُرّ مِن لَّحْــرَارْ
لِانّ الخَطَا طَفّ مِنْ فَوْقِ الشَّعَرْ واكْثَرْ
يِسْتِنْكِرِ الطِّفْل، مَنْ يُسْكُتْ عَلَيْهِ العَارْ
وفي حال وضوح الباطل أمام أعين الشاعر فإن سكوته أمر محال، وأما الآخرون فقد عبر الشاعر عن انزعاجه من الساكتين على الخطأ والباطل؛ إذ يقول مخاطبًا الدولة “من ذي قال لش تسكتين”، ويوجِّه بالمصارحة والمحاسبة، ويبيِّن عاقبة الصمت.
ثانيًا: الصراحة في التركيب الشعري:
من ناحية التركيب الشعري، كانت الفرصة سانحة للتعرُّف على قدرات الشعر العامي في الخلق الجمالي من خلال البناء التركيبي للشعر. وقد تناولنا التركيب من خلال التكرار والانزياح.
والتكرار نوعان، أفقي ورأسي؛ فالأفقي ظاهر بيِّن، لا تكاد قصيدة تخلو منه، بل نجد في القصيدة الواحدة وقائع أسلوبية متعددة من هذا النوع، أبرزها: الاشتقاق، والترديد، والتكرار المحض، والجناس. وسنكتفي بالاشتقاق، وهو أكثر أنواع التكرار في شعر الكهالي، وأكثره يأتي عفو الخاطر، ونلمح أنواعًا كثيرة من الاشتقاق، أكثرها الاشتقاق المصدري، الذي يتكون من الفعل ومصدره (تتجرَّع تجرَّاع، ترْفسها رَفِيس، كَذَبْ كَذْب، خادَعونا خِدَاع، يعاكسونه عَكْس، يعذّبونك عَذَاب، عاقبْ لصوصك عقاب).
أما التكرار الرأسي فهو التكرار الحاصل في الأبيات المتتالية، وهو نوعان؛ استهلالي وبنائي؛ فالأول حر يكون في أبيات محدودة والدلالة فيه تغلب الإيقاع، والثاني ملتزَم في كامل القصيدة والإيقاع فيه يغلب الدلالة. والتكرار الاستهلالي هو تكرار كلمة أو عبارة في مطالع أبيات متتالية، من غير التزام، ورصدنا ثلاث قصائد تتضمن هذا النوع، وهي من القصائد الغزلية التي قالها الشاعر في شبابه، وهو ما يدفعنا نحو القول بأن التكرار الاستهلالي هو نتاج العاطفة المشبوبة والانفعال القوي، وهذه القصائد هي “يا فتان قال الكهالي”، “دعيني أشوفك”، “وصية عاشق”. والتكرار البنائي هو تكرار جملة أو شطرة أو شطرتين في أبيات القصيدة كلها، ما يعني أنها ملتزَمة؛ لأنها تدخل ضمن بناء القصيدة، وكان هذا التكرار يقع في آخر الأبيات، وهذا التأخر يشير إلى الطبيعة الغنائية للقصيدة، وقد رصدنا أربع قصائد تتضمن هذا النوع، هي: “أسرع بلقياك”، “طعموني عسل”، “شي خبر زين”، “ما با تفيده عقول الناس”.
الجانب الآخر في التركيب الشعري هو الانزياح، وهو خروج الكلام عن معيار اللغة والتعبير الشائع، بصورة جمالية قادرة على التأثير في المتلقي، وهو باب عريض، اقتصرنا فيه على: التقديم والتأخير، والحذف.
يمتلئ شعر الكهالي بظاهرة التقديم والتأخير، وأكثرها شيوعًا تقديم شبه الجملة على متعلقها، ولعل أكثر مكان نصادف فيه هذا النوع من التقديم في مطلع القصيدة، ويعبر الشاعر عن المفاجأة والشعور بخيبة الأمل من الحاكم، من خلال تقديم شبه الجملة (بوجهي) على الفعل:
وانَّهْ بوِجْهِي شَهَرْ سَيْفهْ ويتْوعَّدْ
وأما الحذف فيبدو غريبًا أن يكون جزءًا من بنية شعرية الصراحة وهو ضد الذِّكر والتصريح، ولكن هذا جزء من سحره الذي تحدث عنه عبدالقاهر. والحذف في شعر الكهالي أنواع؛ منها: حذف المبتدأ؛ وحذف الخبر.
ثالثًا: الصراحة والصورة الشعرية
الصورة هي محاولة للتصريح بالمكنون الحقيقي، بعد أن عجزت اللغة الاعتيادية عن هذا التصريح، وهي في الوقت نفسه تصريح مزين بجماليات الشعر القادرة على التأثير. وسنكتفي بالحديث عن أنماط الصورة ومصادرها.
للصورة الشعرية أنماط كثيرة، أشهرها التشبيه والاستعارة والكناية والرمز، ولا يخرج الشعر العامي عن هذا، إلا أني وجدت في شعر الكهالي ميلًا كبيرًا نحو الكناية؛ فلذلك قدمتها على غيرها.
والكناية أقرب إلى الواقع؛ لأنها لا تمتنع عن الحقيقة، فلم يكن مستغربًا أن تشيع الكناية في شعر الكهالي الذي ينتهج الصراحة حياةً وشعرًا، متواطئًا مع متلقيه، فلا يلقي إليه إلا ما كان سريعَ التحصيل في الذهن. وقد عبَّرت الكناية عن صراحة الشاعر، مع الحبيب والشعب والحكام، فهو يكني عن خضوعه للمحبوب بانخفاض الرأس، وعن جرأة المحبوب بتجاوز الأبواب والأحراس، وعن الانتظار لوصل الحبيب بعدِّ الكواكب، وعن السهد والأرق بالتقلب في الفراش، وعن الفاسدين بعبارة “محاليق الدقون”، وعن الشدة بــ”زرِّ الحبال”.
والتشبيه كثير في شعر الكهالي، ويعود ذلك إلى قرب الشاعر من جمهوره وتقديم معانيه في صور شعرية قريبة المأخذ سهلة الفهم، وهذه الكثرة تعكس رغبة الشاعر في الصراحة من حيث إن التشبيه صورة قائمة على وجود المشبه والمشبه به لا يحذف أحدهما. وفي الشعر الغزلي، كان الشاعر يصف محبوبته وصفًا قريب المأخذ؛ مستخدمًا الصور الجاهزة، ولكنه يزرعها في وسط شعري خاص:
شبِيهِ القمرْ لَوْ بَان نُورهْ من المُزَنْ
فهو يضيف إلى الصورة المعتادة بزوغَ نور القمر من بين السحب المحملة بالمطر، كأنه أراد أنه كثير الاحتجاب. ومن التشبيه: التشبيه البليغ (“كَبْدِي عَقَارِبْ وسُوسْ”)، والتشبيه الإضافي (“ومنْ حَلَاوَى ابْتسَامَاتكْ قلَيْبِي اكْتوَى”).
أما الاستعارة فهي تشبيهٌ حُذِف أحدُ طرفيه، ولعل هذا هو أحد أسباب قلة الاستعارة في شعر الكهالي الذي يقوم على الصراحة، من حيث إن الصراحة ضد الغموض. ومع هذا، تضمن شعر الكهالي استعارات عدة، كان للاستعارة التصريحية حضور بارز فيها، ولا شك في أن كلمة “تصريحية” تقربنا من فكرة الصراحة؛ لأن التصريح بالمشبه به يجعل الصورة أكثر وضوحًا من الاستعارة المكنية، ومن استعاراته التصريحية أن شبه الرجال قليلي القَدْر بالزِّنْج (وهو الإسبستو)، وشبه رفيعي القدر بالحديد الهندوان، في صورة تقابلية تظهر تقلبات الحياة وخطأ الحكام في التعامل مع الناس (“واغليت سعر الزِّنْج وارْخَصْت الحديد الهندوان”).
وأما الاستعارة المكنية فوردت منها نماذج عدة، شبه الشاعر في بعضها الكلامَ (الوعود) بالطعام:
شفْ معْنَا حكُومةْ تمَامْ
تِشْبِعْ شعْبَهَـــــا بالكلَامْ
وشبه ابتداء حراك الجماهير بالطفل:
وﭐلزحْف عَادهْ بدأْ فِي عِيد مِيلَادهْ
أما الرموز في شعر الكهالي فهي نوعان؛ مفرد ومزدوج؛ فالمفرد تتم صياغته في مفردة واحدة، ويكون هو المهيمن على الصورة، وقد تكون الهيمنة جزئية في بيت أو مجموعة أبيات، أو كلية في كامل القصيدة أو معظم أبياتها، وقد يكون الرمز عامًّا موجودًا في أكثر من قصيدة. ومن هذه الرموز الأم رمزًا للوطن، جزئيًّا، وكليًّا. ومنها الدار رمزًا للوطن، والجمل رمزًا للحاكم، والراعي رمزًا للحاكم كذلك والثعلب رمزًا للمكر والخديعة، والفتاة الحسناء (الفنِّية) رمزًا للدولة. والرمز المزدوج مركب من لفظين، قد يتباعدان ولكن يظل كل واحد منجذبًا إلى صاحبه؛ نحو: الجمَّال والجِمَال رمزًا للحاكم والشعب، والراعي والغنم رمزًا للمسؤول والرعية.
وأما مصادر الصورة فتكشف عن المنابع التي نهل منها الشاعر صوره، وهي منابع تحدِّدها طبيعة الرؤية الشعريَّة للعالم. ومن أبرز هذه المصادر في شعر الكهالي: البيئة الإنسانية، والطبيعة الحية، والمصادر الثقافية.
تشمل البيئة الإنسانية كل ما يحيط بالشاعر من الأشياء التي صنعها الإنسان أو استحدثها أو استصلحها؛ كالحبال، وأدوات الزينة والمعادن، والبناء، والبيئة العسكرية التي استثمرها الشاعر في رسم صورة المحبوبة والتصريح بتسلطها على قلبه كتسلط قائد عسكري محاط بالعساكر المدججة بالأسلحة.
ومن الطبيعة الحية ظهرت الحيوانات في صور محدودة (كالغزال، والضبع، والحمار)، وبعضها تردد في أكثر من قصيدة؛ كالثعلب الذي يعمل ضد الصراحة، والجمل الذي اقترن بالصبر والقوة والهيجان. ومنها الحشرات وأبرزها النحل (النُّوب) وما يتصل به، ومرد ذلك إلى أن الشاعر نشأ في بيئة تهتم بتربية النحل وإنتاج العسل، وقصيدة “طعموني عسل” خير مثال على ذلك.
وأما المصادر الثقافية فقد كان المثل أبرزها، وعلى الرغم من أن المثل ذو بنية عصية على التغيير، فإن الشاعر تمكن من تطويعه لخدمة رؤيته الشعرية. ومن هذه الأمثال: (وَا تِجْنِيِ المحْصُول ذِي زرَّعتَهْ، منْ تقنَّعْ شبعْ، صمْ نَظَرْ وافْطرْ نظرْ، ذِي بيِتْغدِّي بكذْبهْ مَا بيِتْعشِّيهْ، لَا ظهْر بنْ علْوَان يِمْسُواْ يطْعنُونْ، من كال استكال، يا شيخ شف ما شيَّخوك إلا الرجال، هزّ سَيْفكْ بـالجفِيرْ)، وغير ذلك من الأمثال التي تحضر في النصوص الشعرية مساندةً الشاعر في إنجاز مهمته الأثيرة لديه، الصراحة، فتكتسي الصراحة بشعرية الاستعارة التمثيلية.
خاتمة:
كنت أعتقد أن الشعر العامي بسيط وسطحي، يمكن تناوله كيفما اتفق، وعندما بدأت العمل لم أجد وسيلة مناسبة لتناوله إلا بالمناهج النقدية الحديثة! فقد اكتشفت أنني بإزاء عالم جديد يستحق أن يُرتاد من قبل النقاد والدارسين، وبكل الأدوات والمناهج النقدية التي نستخدمها في دراسة الشعر الفصيح.
وقد وجدت أن الاقتصار على المنهج الأسلوبي أضاع عليَّ فرصة الخوض في قضايا أخرى ذات أهمية، لكن أوصي غيري من الدارسين بسد هذا النقص. لكن دراسة هذا الشعر أسلوبيًّا هي فاتحة للمهتمين بالشعر العامي، وإنَّ ترك الحبل على الغارب في دراسة شعر شاعر عامي كبير سيشعرك بأنك تسبح في بحر لا ساحل له.
وأختم بالنصح بالتزام الموضوعية في التعامل مع النصوص، وألا نجعل للأفكار السابقة والأحكام الجاهزة علينا سبيلا، التي حرمتنا من الاقتراب الحميم من نصوص قريبة إلينا، وعلينا مباشرة النصوص بأنفسنا ولا نجعل بيننا وبينها وسيطًا يوجهنا، كيف ونحن أهل النقد المستعصون على الخضوع المعرفي والمتسلحون بالمنهج والمعرفة الشاملة نذود بها هجماتِ الجمود والقولبة.
90.2% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن للشعر دورًا حيويًّا في الحفاظ على الهوية الثقافية اليمنية ونقلها عبر الأجيال
إعداد: يمنى الزبيري يعود تاريخ الشعر اليمني إلى عصور ما قبل الإسلام؛ إذ كانت القبائل اليمن…