‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الشعر في اليمن كلمات يمنية تحلق في سماء الإبداع…مشاركات واسعة للشعراء اليمنيين محليًا ودوليًا

كلمات يمنية تحلق في سماء الإبداع…مشاركات واسعة للشعراء اليمنيين محليًا ودوليًا

ياسمين عبدالحفيظصوت الأمل

برزت على مر التاريخ العديد من الأسماء المؤثرة في مجال الشعر اليمني، من مختلف المناطق اليمنية، وخلفوا وراءهم إرثًا أدبيًا غنيًا يثري المكتبة العربية، ولهم إسهامات كثيرة تناولت حياة الشعراء أنفسهم والظروف التي يمر بها اليمنيون ونضالاتهم، وغيرها من المواضيع التي تطرقوا إليه. كما استخدموا الشعر كوسيلة للتعبير عن المشاعر والأفكار، وكذلك للتعريف عن العادات والتقاليد التي تمتاز بها المناطق في البلاد عن غيرها.

وعلى الرغم من الصعوبات التي يواجهها الشعراء اليمنيون عند المشاركة في المحافل المحلية أو حتى الدولية، فإنهم يحرصون أن يكونوا حاضرين بأقلامهم وكلماتهم التي لخصت وضع بلادهم المشحون بالمآسي والمحن تارة، وممتلئة بمشاعر الفرح والحب والأمل تارة أخرى؛ إذ إن قصائدهم قد وصل صداها إلى أسماع الكثير من الناس في مختلف الفعاليات الشعرية في المدن العربية والأجنبية.

منذ بدأ الصراع تقلصت إقامة الفعاليات المحلية الخاصة بالشعر جراء الأوضاع التي تمر بها كثير من المناطق اليمنية، وفي السنوات الأخيرة ظهرت جهود ذاتية لإقامة الأمسيات الشعرية والندوات في بعض المحافظات التي لم تشهد صراعات مباشرة.

يحرص كثير من الأدباء في مختلف الفنون الأدبية لتفعيل فعاليات شعرية على نطاق محلي، وذلك دعمًا لوضع الشعراء وتشجيعهم على الاستمرارية في تقديم إنجازات شعرية؛ حفاظًا على بقاء المبدعين واستمرارهم، في ظل ظروف الصراع التي تركت أثرًا بالغًا على إسهاماتهم الأدبية. أما بالنسبة لدور الجهات المختصة بتنظيم الفعاليات الشعرية وإقامتها، فتكاد تكون مغيَّبة في عموم مناطق البلاد.

مشاركات محلية ودولية

على الرغم من التحديات والصعوبات التي يمر بها اليمنيون في كل نواحي الحياة، فإن إنتاجات المبدعين غزيرة، وإذا وجدوا الدعم والتشجيع اللازم فستشهد البلاد نهضة في المجال الثقافي والأدبي بشكل كبير، من خلال إنجاز نماذج من الإبداعات في مختلف الفنون.

في العام 2011، فاز الشاعر عبد العزيز الزراعي، ابن محافظة حجة اليمنية، بإمارة الشعر في مسابقة “أمير الشعراء”، وهو برنامج تلفزيوني إمارتي يعنى بمجال الشعر. استطاع الزراعي من خلال البرنامج أن يحصد لقب أمير الشعراء متحديًا شعراء كُثر من مختلف الوطن العربي.

وفي يونيو من العام 2016، حصل الشاعر اليمني عبد الكريم العفيري على جائزة مهرجان الإبداعات الأدبية، بالمنتدى الثقافي الثالث للكتاب في المغرب، متنافسًا على الجائزة مع ثمانين مشاركًا من مختلف الدول العربية.

وفي العام 2018، فاز الشاعر سالم العوسجي، من محافظة أبين، بلقب “شاعر النيل والفرات” في مسابقة “النيل والفرات” في دورتها الثانية التي أقيمت في جمهورية مصر العربية. وفي العام 2020-2021 فازت الشاعرة اليمنية ميسون الإرياني بجائزة “توليولا” من ضمن عدد من الشعراء العرب والأجانب. وكانت الشاعرة ميسون الإرياني قد فازت بجائزة رئيس الجمهورية للشعراء الشباب في 2009-2010، وقبلها حصدت المركز الأول في الشعر من جامعة صنعاء في العام 2007.

الشاعرة اليمنية أميرة شايف هي الأخرى حصدت عددًا من الجوائز منها أن فازت بجائزة الإبداع في الشعر بلبنان، كما حصلت على جائزة “محمود درويش للشعر” في الأردن، ولها العديد من المشاركات المحلية والدولية.

وفي يناير من العام 2023، فاز الشاعر غالب العاطفي بجائزة الشارقة للإبداع العربي؛ إذ استطاع أن يحصد المرتبة الأولى عن ديوانه الشعري “أشياء كثيرة لا تخصني”. الجدير بالذكر أن للعاطفي العديد من الإسهامات الشعرية، منها قصيدة “خبز لقافلة الجياع”، وقصيدة “الساعة الآن كم؟”، وقصيدة “قف في تعز”.

أما محمد إسماعيل غالب الأبارة، من عزلة الأبارة بمديرية مزهر بمحافظة ريمة، فشاعر وأديب وله العديد من الملفات الشعرية، وكذا الكثير من المشاركات المحلية والدولية. وقد حصل على لقب “شاعر الجمهورية” للعام 2019 في المسابقة التي نظمتها “حركة تام الأدبية”، وهي مؤسسة محلية تهتم بالمبدعين اليمنيين.

تتضمن إصداراته الشعرية الدواوين الآتية: “سهيل اليماني”، “القادمون من المذابح”، “صهيل الحرف”، “محمد الأقصى”، ومجموعة غنائية بعنوان “عيون الأغاني”، “هزيم”، “موشحات وترانيم”، “زمان المعنى”، “إذا الروح يَامَنَت”، وديوانٌ آخر بعنوان “أوان الزيزفون”.

 الشاعر الأبارة عضوٌ في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ورئيس تحرير “صحيفة ريمة”، شارك في العديد من الفعاليات العربية، منها في السودان ومصر وليبيا والأردن، وحصل على قلادة الاتحاد العربي للثقافة والإبداع.

تحديات تحول دون المشاركة محليًا ودوليًا

يشير الشاعر زين العابدين الضبيبي إلى أن هناك صعوبات تواجه المشاركة في الفعاليات الشعرية داخل البلاد وخارجها منذ بدأ الصراع في اليمن، بل إن أكثر شرائح المجتمع تضررًا هم المثقفون بشكل عام، وفي مختلف مناطق اليمن.

وبخصوص الفعاليات الشعرية المحلية يوضح الضبيبي أنها أصبحت شبه محدودة، والمشهد الثقافي شبه معزول؛ نظرًا لانعزال المناطق اليمنية عن بعضها، وأن هناك جهودًا ذاتية لإقامة فعاليات شعرية في بعض المناطق اليمنية لكنها نادرة جدًا.

ويضيف في حديثه: “كثيرٌ من المثقفين في مختلف مناطق البلاد يجدون صعوبة في التنقل بين المدن اليمنية؛ نظرًا لبعد المسافات بسبب انقطاع الطرقات، وفي أحايين كثيرة يتطلب الانتقال من منطقة إلى أخرى يومًا كاملًا”.

ويتابع: “أما بالنسبة للمشاركة في المحافل الدولية، فتكلفة التنقل تعد باهظة، بالإضافة إلى ما يواجهه اليمنيون من عراقيل في مطارات بعض الدول، ومنها المعاملة غير اللائقة”.

الجدير بالذكر أن للشاعر الضبيبي العديدَ من المشاركات المحلية والدولية، التي بدأت في العام 2008 لتستمر إنجازاته حتى هذا العام، منها مشاركته في تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والأدبية والشعرية داخل البلد، وعمله على إحياء كثير من الأمسيات في مختلف المحافظات اليمنية، وفي عواصم عربية عديدة، كالجزائر وتونس والمملكة العربية السعودية وسوريا ومصر، وغيرها. ومن أهم المهرجانات العربية التي شارك فيها مهرجان الشعر العربي في الباحة بالمملكة العربية السعودية، ومهرجان قرطاج للشعر العربي بتونس.

يوفقه في الرأي الشاعر محمد القاسمي، الذي يرى أن تدهور الأوضاع ونشوب النزاع قد عكسَ النظرة الإقليمية والدولية للواقع اليمني، وهذا أدى إلى تعقيد المشاركات الأدبية والشعرية اليمنية في الفعاليات الدولية بشكل كبير، وذلك من خلال عدم تبني الجهات الحكومية المسؤولة دعم الشعراء من أجل التمثيل في تلك الفعاليات، وكذلك النظرة السلبية للشخصية اليمنية على أنها شخصية فوضوية تعيش في صراعات.

التحديات

يشير الشاعر القاسمي إلى مجموعة من التحديات التي يواجهها الشعراء اليمنيون في مختلف المدن اليمنية من المشاركة في الفعاليات المحلية، وذلك عبر قوله: “الصراع الأهلي المستمر في العديد من المحافظات تسبب في عدم الاستقرار السياسي في اليمن، الذي ألقى بظلاله على تدني الوضع الثقافي، وهو الأمر الذي عمل على تقويض الفعاليات الأدبية والثقافية، ونزوح واسع النطاق بين أوساط شريحة كبيرة من أبناء المجتمع، ومن ضمنهم الشعراء؛ وهذا الأمر خلق شتاتًا بين الشعراء، وعدم القدرة على التجمع في الأماكن العامة لمشاركة أعمالهم ونشر أشعارهم”.

كما يؤكد أن الصراع أدى إلى وجود رقابة وقيودٍ على حرية التعبير، مما تسبب في الحد من قدرة الشعراء اليمنيين على التعبير عن أفكارهم والوصول إلى جمهورهم، إضافة إلى أن بعض الدول التي تقام فيها مثل تلك الفعاليات الشعرية تعمل على منع دخول الشخصية اليمنية إلى أراضيها أو السفر إليها.

مسيرة الشاعر زاهر حبيب أنموذجًا

زاهر حبيب مقبل القرشي، يعرف في الوسط الأدبي بـ”زاهر حبيب”، وهو من مواليد عام 1991 من محافظة تعز، شاعر شاب ينتمي إلى الجيل الجديد من شعراء اليمن.

برز حبيب في عالم الشعر دون سابق إنذار، ساعده في تفجر قريحته الشعرية أنه قد أتم القراءات السبع للقرآن وهو في الخامسة عشرة من عمره، وهذا كان كافيًا ليبدأ رحلته الشعرية مع خلق الصورة مباشرة دون المكوث عند أساسيات اللغة وشعابها، كالنحو وغيره.

وفي العام 2011 بدأ حبيب مشواره في عالم الشعر، وله ديوان بعنوان “جراح مضارعة” صادر عن دار النخبة في 2020 من جمهورية مصر العربية، وديوانان مخطوطان قيدا الطبع هما “نون النشوة”، و “ياء المتألم”.

حصد حبيب العديدَ من الجوائز المحلية والدولية. وإلى جانب إسهاماته الشعرية ونيله للعديد من الجوائز والألقاب، يعد حبيب عضوًا في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، واتحاد الأدباء العرب، وعضوًا في “أكاديمية الفينيق للأدب العربي”، وعضوًا في منظمة “شعراء بلا حدود”، وعضوًا في “رابطة البردُّوني الثقافية”.

أبرز الفعاليات التي شارك فيها دورة “معجم البابطين لشعراء العربية في عصر الدول والإمارات” (دولة الكويت 2023)، وأمسية “شعراء من اليمن” التي نظمها بيت الشعر في الأقصُر (جمهورية مصر العربية 2021)، وأمسية شعرية أحياها نادي أدب المَعادي (جمهورية مصر العربية 2021)، إلى جانب مشاركته في فعاليات اليوم العالمي للغة العربية (جمهورية جيبوتي 2023).

 كما شارك في تحكيم العديد من المسابقات الأدبية المحلية والعربية؛ إذ كان عضوَ لجنةِ التحكيم لديوان (شعراء الرسول) الصادر عن مجموعة نخبة شعراء العرب 2017، وعضوَ لجنة التحكيم في ديوان (الطاهرة) الصادر عن مجموعة نخبة شعراء العرب في العام ذاته، وعضوَ لجنة التحكيم في ديوان (لن تسكت المآذن: 50 سنة والأقصى تحت الاحتلال) الصادر عن جائزة الأستاذ (يونس أبو هليل) عام 2017.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

90.2% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن للشعر دورًا حيويًّا في الحفاظ على الهوية الثقافية اليمنية ونقلها عبر الأجيال

إعداد: يمنى الزبيري يعود تاريخ الشعر اليمني إلى عصور ما قبل الإسلام؛ إذ كانت القبائل اليمن…