المنظمات في اليمن ودورها في التوعية ضد حمل السلاح
تلعب منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية في اليمن دورًا محوريًّا في تنفيذ أنشطة توعوية هادفة حول مخاطر حمل السلاح واستخدامه بشكل عشوائي وغير آمن بين المواطنين، ولكن على الرغم من البرامج والأنشطة التي تنفذها تلك المنظمات، لا تزال تعاني العديد من التحديات التي تعرقل عملية إحلال السلام، والحد من انتشار الأسلحة في اليمن، أهمها: استمرار الصراع، وقلة الوعي، والثقافة المجتمعية.
التوعية بأضرار حمل السلاح
تحدث محمد شوقي (اسم مستعار) استشاري وخبير في مجال بناء السلام، بقوله: “قبل مدّة الصراع، كان هناك العديد من المنظمات في اليمن تعمل على التوعية حول حمل السلاح وتعزيز ثقافة السلم والسلام في المجتمع اليمني، مثل منظمة “مبادرة السلم اليمنية” التي تركز على أهمية السلم والحوار في حل النزاعات، ومنظمة “المركز اليمني للدراسات والبحوث الاجتماعية” التي تهتم بالقضايا الاجتماعية المختلفة، بما في ذلك حمل السلاح وتأثيره على المجتمع”.
وأشار إلى أنّ هناك العديد من المنظمات العاملة في اليمن تهدف إلى تعزيز قيم السلم والتسامح ومكافحة العنف والتمييز في المجتمع اليمني، مثل منظمة “مناهضة العنف والتمييز في اليمن”، ومنظمة “المرأة الجديدة”، ومع ذلك تأثرت بشكل كبير بالتغيرات السياسية والأمنية التي شهدتها اليمن خلال مدّة الصراع.
كما عدّد الخبير المنظماتِ المحلية والدولية، التي تعمل على تعزيز السلم والتوعية بأضرار حمل السلاح في اليمن، مثل “منظمة الأمم المتحدة”، و”منظمة الصليب الأحمر الدولية”، و”منظمة يمن بلا ألغام”، و”منظمة مركز الدراسات الإستراتيجية والدفاعية العربية”، و”منظمة الشباب اليمني للتنمية”.
بهية السقاف (رئيسة مؤسسة PASS سلام لمجتمعات مستدامة) تشير إلى أنّ هناك جهات مجتمعية في مدينة عدن تعمل على التوعية حول مخاطر حمل السلاح في المدينة، خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها بلادنا، من ضمنها مؤسسة سلام، بالإضافة إلى منظمة شباب بلا حدود، ومؤسسة أكون للحقوق، ومركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، ومؤسسة sos للتنمية، والعديد من المبادرات الشبابية التي عملت ضمن حملات مناصرة للحد من انتشار السلاح.
أبرز الأنشطة التوعوية
وتشير السقاف إلى أنّ الأنشطة التي قامت بها المنظمات، ومنها مؤسستها، شملت حملات مجتمعية مناصرة ضد حمل السلاح بالشراكة مع إدارة الأمن ووزارة الداخلية والسلطة المحلية بالمحافظة، وتنفيذ عمليات تفتيش واسعة في المديريات لمصادرة الأسلحة غير المرخصة.
وبيّنت أنّ النتائج كانت في إطار ضيق، على الرغم من تلك الجهود التي بذلت، وذلك في ظل استمرار الصراع المسلح، وعملية تجييش الشباب لمختلف الجبهات. مؤكدة الاستمرار في مواصلة العمل المجتمعي التوعوي رغم كل الصعوبات.
ومن جانبه أشار الخبير في مجال بناء السلام إلى أنّ منظمات المجتمع المدني ما زالت تواجه كل الصعوبات السياسية والأمنية، وتقوم بجهود كبيرة للتوعية بضرر حمل السلاح، وتعزيز السلم والأمن في المجتمع، عبر تنفيذها حملات إعلامية وتوعوية عبر وسائل الإعلام المختلفة، وإقامة ندوات ومؤتمرات لتبادل الخبرات حول ضرورة تعزيز السلم والأمن في اليمن، وبرامج تدريبية وتثقيفية للشباب والمجتمع المحلي حول آثار حمل السلاح وخطورة العنف، بالإضافة إلى توفير المعلومات حول حقوق الإنسان وقيم السلم والحوار البنَّاء.
من ناحية أخرى يبين وليد الجعوري (المسؤول الإعلامي لأحد مشاريع نزع الألغام) أنّه خلال مدّة الصراع لم تكن هناك أنشطة للمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، سواء الدولية أو المحلية، خاصة في مجال التوعية بمخاطر حمل السلاح أو الحدّ من استخدامه.
وأضاف: “أنّه من الممكن أن يكون السبب الرئيسي لهذا العزوف من قبل المنظمات استمرار الصراع الدائر في اليمن، الذي أثّر بشكل كبير في انتشار ظاهرة حمل السلاح في أغلب المحافظات اليمنية، ودخول كميات مهولة من الأسلحة بمختلف أشكالها بطرق مشروعة وغير مشروعة، وعزّز من ثقافة امتلاك السلاح وحمله”.
المنظمات المحلية وانتشار السلاح
تلعب المنظمات المحلية في اليمن دورًا كبيرًا في الوساطة وحل النزاعات والتوعية بمخاطر حمل السلاح، وذلك لأسباب مختلفة، منها ما ذكرته السقاف قائلة: “تتمتع المنظمات المحلية بفهم عميق للسياق الاجتماعي والثقافي للنزاعات المحلية، ممّا يجعلها قادرة على التعامل معها بشكل فعّال، بالإضافة لتمتعها بمستوى من الثقة والمصداقية في المجتمع، التي تساعدها في إحلال السلام”.
وبحسب تصريحها، تؤكد أنّ المنظمات المحلية لها القدرة على الوصول إلى المجتمعات المطلوبة، والعمل على حلِّ الخلافات؛ إذ تتمتع بخبرات واسعة في هذا المجال، وذلك عن طريق مبادرات الوساطة والتفاوض وبناء السَّلام، كما يمكن للمنظمات المحلية العمل مع المنظمات الدولية والوكالات الحكومية لتعزيز جهود الوساطة، وحلّ النزاعات، والحدّ من انتشار السلاح.
التحديات التي تواجهها المنظمات
تواجه المنظمات المحلية والدولية جملة من التحديات التي قد تعوق حركتها وجهودها في القيام بأعمالها، وتنفيذ برامجها بالشكل المطلوب والمتوقع.
الجعوري يرى أنّ أبرز التحديات تتمثل في عدم وجود نية واضحة من مختلف الأطراف لإيقاف النزاعات واستمرارها؛ الأمر الذي يعوق الجهود كافة التي قد تقدمها المنظمات في هذا الشأن.
من جانبها تشير بهية إلى أنّ غالبًا ما تفتقر المنظمات المحلية إلى الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ برامجها بشكل هادف، فمن المهم دعم هذه المنظمات وتزويدها بالموارد اللازمة لكي تتمكن من الاستمرار في عملها.
وتضيف: “أنّ العنف وانعدام الأمن والسلامة لموظفي المنظمات يعدّ أيضًا من أبرز التحديات التي تواجه عمل المنظمات في اليمن، فهذا قد يحدّ من قدرتهم على العمل في المجتمعات المحلية”.
الخبير في مجال بناء السلام، يرى أنّ أبرز التحديات التي تواجه المنظمات الداخلية والخارجية في الوضع الراهن في اليمن الوضع الأمني المضطرب، والانتهاكات المستمرة، والاستخدام غير القانوني للسلاح، وعدم الالتزام باتفاقيات نزع السلاح، ونقص الموارد المالية والتقنية، وصعوبة الوصول إلى المناطق المتنازع عليها.
كما يوضح أنّ قلة الوعي والتوعية لدى المواطن ضد حمل السلاح لا يزال يشكل تحدّيًا أمام عمل المنظمات، إذ بعض الأفراد قد يكونون غير مدركين للأضرار الناجمة عن استخدام السلاح بشكل عشوائي؛ الأمر الذي يحتاج لتجاوزه إلى تعاون دوليّ ومحليّ قويّ، لتحقيق الحوار والسلام، وتعزيز العدالة والتنمية المستدامة في اليمن.
المعالجات والتوصيات
يذكر الخبير أبرز المعالجات التي تخفِّف من حِدّة انتشار ظاهرة حمل السلاح في اليمن، وذلك عبر تعزيز الحوار والتفاهم، وتشجيع جميع الأطراف المتنازعة في اليمن على الجلوس معًا، والمشاركة في حوار مفتوح للوصول إلى تفاهمات وحلول سلمية، وأن يكون هناك التزام من جميع الأطراف ببناء الثقة المتبادلة عبر تنفيذ الاتفاقيات والتعهدات، والتركيز على جهود نزع السلاح من المواطنين، وإعادة التأهيل للجماعات المسلحة، وتوفير فرص العمل والتعليم، والدعم النفسي والاجتماعي للأفراد المتأثرين بالنزاعات.
وأضاف: “أهمية تعزيز العدالة والمصالحة المجتمعية، ودعم الجهود الإنسانية والتنموية، من خلال توفير المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاعات، وتعزيز القدرات المحلية للتنمية المستدامة، وتحسين الخدمات الأساسية، مثل التعليم والصحة والمياه والصرف الصحي، وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لدعم جهود حل النزاعات في اليمن، والتعاون مع المجتمع الدولي لتوفير الدعم السياسي والمالي والفني اللازم لحل النزاعات، ومنع انتشار السلاح”.
من جانبها تذكر بهية السقاف عددًا من التوصيات للمنظمات العاملة في الوساطة، وحل النزاعات، والحد من انتشار السلاح في اليمن، وتشمل التركيز على بناء الثقة من خلال تعزيز الحوار والمشاركة بين جميع أطراف النزاع، وفهم السياق المحلي من خلال دراسة التاريخ والثقافة والسياسة في اليمن لفهم ديناميكيات النزاع بشكل أفضل، والتعرف على احتياجات المجتمعات المحلية المختلفة وتطلعاتها، مع مراعاة العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي أسهمت في النزاع.
كما ذكرت أهمية استخدام نهج شامل يهدف إلى الجمع بين الوساطة الرسمية وغير الرسمية لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاع، مثل الفقر وعدم المساواة والتهميش، وبناء قدرات الوساطة المحلية، والعمل مع المجتمع الدولي الذي يدعم جهود السلام في اليمن.
وتؤكد ضرورة دعم برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة التأهيل، ورفع مستوى الوعي بمخاطر العنف المسلح، ودعم مبادرات بناء الثقة بين المجتمعات المحلية، بالإضافة إلى تعزيز المشاركة النسائية في عمليات السلام، وإشراكهنّ في جميع مراحل السلام، ودعم المنظمات النسائية التي تعمل في مجال الوساطة وحل النزاعات.
83.2%من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن حمل السلاح في اليمن له علاقة وثيقة بالثقافة الشعبية اليمنية
صوت الأمل – يُمنى الزبيري منذ قديم الزمان، ارتبطت حيازة السلاح بالعادات والتقاليد ال…