‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الأسلحة في اليمن بين السِّلب والإيجاب والتحذير؛ آراء مختلفة لظاهرة حمل السِّلاح في اليمن

بين السِّلب والإيجاب والتحذير؛ آراء مختلفة لظاهرة حمل السِّلاح في اليمن

صوت الأملحنين الوحش

دفع تصاعد أعمال العنف خلال السنوات الأخيرة عددًا من اليمنيين إلى حمل السلاح، غير أنّ النزاع المسلح لم يكن المبرر الوحيد وراء تفشي هذه الظاهرة في بلد صُنِّف كواحد من أكثر البلدان تسليحًا على مستوى العالم؛ إذ بلغ إجمالي ما يحوزه اليمنيون 60 مليون قطعة سلاح قبل أعوام عدة من النزاع المسلح؛ أي بمعدل ثلاث قطع سلاح لكل مواطن.

ويشير استطلاع ميداني أجريناه أثناء عملنا على هذا التقرير تفاوت الآراء حيال هذه الظاهرة؛ فهناك من يراها أمرًا طبيعيًّا تعود إلى ثقافة يمنية متوارثة؛ إذ إنّ حمل السلاح يعدُّ موروثًا يمنيًّا على علاقة وطيدة بالأزياء الشعبية، والمناسبات الاجتماعية، إلى جانب الآراء التي رأت أن تفشي الظاهرة سبب طبيعي لعلو معدل الجريمة، وحاجة المواطن للحماية الشخصية، خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها بلادنا، فيما حذّر مواطنون من الخطر المستقبلي لانتشار هذه الظاهرة، ليصفها أحد الباحثين بالصراع المُعلن والمبيّت.

صراع مبيّت ومعلن

يصف مختار جميل ظاهرة حمل السلاح بين أوساط المجتمع بالصراع المبيّت والمعلن؛ إذ قال ذلك حين سألناه عمّا ينتظرنا من مجهول جراء استفحال ثقافة حمل السلاح، كما يؤكد أنّ تحقيق السلام العام بوسعه حسم معركة النزاع المسلح في البلد، غير أنّه لن يوقف حوادث الثأرات والاغتيالات التي تنشأ عادة في ظروف ما بعد النزاع.

ويسرد مختار تجارب كثير من البلدان التي تأثرت من حمل السلاح بعد الصراع، غير أنّه يعود ليؤكد أنّ الواقع اليمني يعدُّ أكثر خطرًا وقتامة جراء كثافة انتشار الأسلحة الخفيفة والثقيلة على نحو مطرد ينذر بكوارث مجتمعية لا تحصى، فإلى جانب الثأر يعتقد مختار أنّ جرائم أخرى كالسطو والنهب ستعود إلى السطح بسبب الفقر والعنف.

ويحذر 52% من الآراء الميدانية التي حصلنا عليها من وصول ظاهرة حمل السلاح إلى حدٍّ يصعب معالجته، في ظل استمرار النزاع المسلح واتساع دوائر التجنيد للأطفال والشباب على السواء، وتوزيع أطراف النزاع للأسلحة بعشوائية على المواطنين المنخرطين بنسبة كبيرة في القتال في مختلف المحافظات اليمنية.

عادة متأصلة

تبدو ظاهرة حمل السلاح في اليمن بالنسبة لكثير ممَّن قابلناهم عادة متوارثة ومتأصلة، ولها ارتباط بالتراث اليمني في عدد من المحافظات والمناطق، لهذا فإنّ المخاوف من تفشي جرائم القتل والنهب بعد هدوء الصراع المسلح تبدو مبالغًا فيها، وذلك بحسب 48% من الأصوات التي رصدناها في استطلاعنا الميداني.

وتعتقد هذه الأصوات، وغالبيتها نساء، أنّ المجتمع اليمني مسالم في طبيعته، وأنّ حوادث القتل تبدو طفيفة في وقتنا الحالي في مقابل الصراعات المستشرية، وظواهر العنف، وغياب القانون، وحضور السلاح المبالغ به في المنازل والأوساط الشعبية، ويدفعها هذا الطرح للاستنتاج بأنّ ما بقي نسبيًّا في مُدد الانفلات سيشهد انحسارًا مع عودة القانون.

وتأكيدًا على ذلك تقول المواطنة هدى فرحان: “اليمني دأب على حمل السلاح بهدف الزينة والتفاخر؛ إذ إنّه عادة متوارثة منذ الأجيال القديمة، وتجسد عشرات الرسوم والنقوش القديمة هذا في صورة اليمني وهو يحمل خنجره على خصره”.

ولا تجد هدى غرابةً من تصاعد حوادث القتل، مبررة ذلك بأنّه نتاج طبيعي للصراع المسلح، ولكن هذا الأمر سيخف بعد انتهاء الصراع. وتتساءل؛ هل شاهدتَ يمنيًّا يرفع سلاحه على شخص آخر قبل الأزمة وأحداث الفوضى؟ إذ تجيب أنّ في أكثر الحوادث عنفًا كان السلاح الأبيض هو الحاضر، في حين ينأى المواطن عن استخدام السلاح الآلي إلَّا فيما ندر.

استنتاجات مغلوطة

ويشجب وليد سعيد، الخبير في الشئون الأمنية، الآراء التي تقلل من خطر تفشي حمل السلاح، مؤكدًا أنّ أعداد المنفلتين والعناصر غير النظامية التي تحمل السلاح تفوق بأضعاف كثيرة القوات النظامية، وأنّ الخطر الكبير يأتي من حيازة هذه التشكيلات غير النظامية لأسلحة ثقيلة كانت حكرًا على القوات النظامية.

كما أشار إلى حوادث التقطع والنهب التي تحدث للقوات النظامية من قبل عناصر خارجة عن القانون؛ بهدف سلب ما تمتلكه من سلاح لبيعه في السوق السوداء، مؤكدًا أنّ هذه السيناريوهات تشير إلى ما سيكون عليه واقع الحال مستقبلًا، وأنّ المجتمع اعتاد حوادث القتل اليومي وصورًا مختلفة للعنف، وهو ما يعني في نظره أنّ المستقبل يخفي صورًا أكثر بشاعة ودموية.

زيادة أمد الصراع

من جانبه يقول المواطن محمد يسلم: “إنّ انتشار السلاح بكثافة يقف وراء استمرار النزاع المسلح في اليمن ودخوله العام العاشر”. مؤكدًا ذلك بالقول: “استفادت الأطراف المتصارعة من نهب خزائن الدولة من الأسلحة في تحشيد الشباب، والحفاظ على بقائها مدّة أطول”.

وأكّد أنّ مجموعة كبيرة من الشباب انخرطوا في الصراع المسلح من أجل الحصول على قطعة سلاح؛ إذ ما يحصلون عليه من أسلحة متنوعة يبيعونها في السوق السوداء لشراء باص نقل ركاب، أو دفع تكاليف الزواج، وهو ما ضاعف من ازدهار تجارة السلاح.

وحذّر يسلم من مغبة تحويل اليمن إلى معسكر كبير وسوق سوداء لحمل السلاح، مؤكدًا أنّ التداعيات الحقيقية للنزاع المسلح، الفردية والاجتماعية، ستؤتي أكلها بعد إعلان انتهاء الصراع بين الأطراف الرئيسية والفاعليين الأساسيين.

خلق بيئة مناسبة للشباب

ركز الاستطلاع الميداني الذي نفذناه في بحث الطرق والوسائل المناسبة لتحجيم خارطة انتشار السلاح، وإعادتها إلى حدودها الدنيا، ومن بين المعالجات المقترحة ما رأه طلاب الجامعات من إيجاد بيئة مناسبة للشباب؛ بعدِّهم الفئة الأكثر انخراطًا في النزاع المسلح.

ويقول طه العامر: “إنّ البطالة كانت الدافع الأول لانخراط الشباب في النزاع المسلح؛ إذ أصبح التجنيد وسيلة استرزاق للحصول على راتب يمكنه توفير بعض احتياجاته الضرورية، وقضاء أيام قليلة مع أصحابه أثناء عودته من جبهات القتال”.

وأكّد انخراطه خلال العام 2018م في القتال ضمن صفوف إحدى القوات المسلحة للسبب ذاته، غير أنّه تمكن من الحصول على مقعد دراسي بدعم أحد أقاربه، وهو ما جعله ينصرف عن فكرة القتال، ويعود إلى حياته الطبيعية. كما يجدد تأكيده: “لا أحد منَّا يريد أن يموت، لكن لا أحد منَّا تمكن من الحصول على الحياة التي يتمنّاها”.

كما يرى كثيرٌ من الشباب أنّ على الدولة تحمل الجزء الأكبر في معالجة هذه الظاهرة، عبر دعم الأنشطة الثقافية التي تُعزز ثقافة السلام والمصالحة، وتوفر فرص عمل للشباب، وذلك للحدّ من ظاهرة اللجوء إلى حمل السلاح؛ من أجل الحصول على لقمة العيش، والعمل على جمع الأسلحة من أيدي المدنيين.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

83.2%من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن حمل السلاح في اليمن له علاقة وثيقة بالثقافة الشعبية اليمنية

صوت الأمل – يُمنى الزبيري منذ قديم الزمان، ارتبطت حيازة السلاح بالعادات والتقاليد ال…