‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الفلكلور والأزياء الشعبية في اليمـن الأغنية الفلكلورية اليمنية؛ أصوات الماضي في حاضرنا

الأغنية الفلكلورية اليمنية؛ أصوات الماضي في حاضرنا

صوت الأمل – حنان حسين

تُعدُّ الأغنية الفلكلورية اليمنية عنصرًا مهمًّا في ثقافة اليمن وتاريخه؛ إذ تجسد تاريخ البلد وحضارته باختلاف مناطقه، وتعبّر عن مشاعر الناس وأفكارهم في كل وقت وحالة، لكن مع مرور الزمن، حدثت هناك كثير من التغيرات على واقع الأغاني اليمنية، سواء من حيث الأهمية أو المضمون أو حتى الموسيقى.

الفرق ما بين الزمن

الفنان والناقد الفني جابر علي أحمد، يتحدث قائلًا: “المشهد الغنائي في اليمن يتضمن التراث الغنائي الشعبي (الفولكلور)، والتراث التقليدي الذي يعدُّ غناء المحترفين والهواة الماهرين، وتعود جذوره إلى القرن الثالث الميلادي، بالإضافة إلى التجديدات الغنائية التي بدأت بالظهور في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على يد الشيخ جابر أحمد رزق، الذي جمع بين الإنشاد الديني والعزف على آلة العود اليمني (القنبوس).

ويضيف: “الأغاني القديمة، تشتمل على الأغاني الشعبية، مثل أغاني المهن والمناسبات، وتقدّم نفسها في لوحة فنية غاية في التعدد والتنوع، ولهذا تعدُّ اليمن من أغنى بلاد العالم في تراثها الغنائي الشعبي والفلكلوري على مستوى العالم”.

كما يوضح أنّ الوجه الآخر للأغاني القديمة هي الأغنية التقليدية التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر؛ إذ ظهرت أول تجربة (الموشح) في اليمن، على يد الشيخ أبي بكر بن عيسى بن حنكاش، عندما كانت عاصمة اليمن حينذاك مدينة زبيد، ومن بعده توالت التجارب الغنائية في هذا المجال، وهناك طائفة واسعة من الوشاحين الذين تعددت أغراضهم الشعرية ما بين الديني والدنيوي، وآخر كوكبة غنائية يمنية ظهرت في عدن على هيئة حراك فني حملته شركات الأسطوانات التي دشنتها شركة أوديون عام 1938م”.

ويضيف: “أنّ ما يتعلق بالغناء الشعبي غالبًا ما يؤدَّى جماعيًّا في مناسبات محددة؛ كالأعراس، ومراحل الزراعة، ومراحل الصيد البحري، والحروب، وألعاب الأطفال، وغيرها، وهناك حالات محدودة للأغاني الفردية؛ كالهدهدة والملالة… وغيرها”.

كريم الحضري (مسؤول إحدى الفرق الفنية الشعبية) يقول: “هناك فرق جوهري ملموس لدى المستمع ما بين الأغاني القديمة والحديثة، كما أنّ لها مميزات وعيوبًا يظهرها المستمع أثناء استماعه لأنواع الأغاني اليمنية”.

ويضيف: “من ناحية إعادة التوزيع، يجد المستمع وضوحًا ملموسًا في نقاوة الصوت، وحضور الآلات المتطورة، وتقنيات جديدة في التسجيل، خاصة على الأغاني القديمة، بالإضافة إلى وجود فرق في المزج بين الماضي والحاضر من خلال الإيقاعات والأصوات الموسيقية الجديدة وعمليات الدمج”.

ويرى السقاف أنّ الأغاني القديمة رُبّما كانت أبطأ، ومتواضعة نوعًا ما أيلول السقاف (عازف)، يتحدث: “أنّ هناك فروقًا كبيرة في الأغنية اليمنية؛ إذ إنّ كل زمان وله أسلوبه في صنع الأغنية، فالأغاني بشكل عام تتطور مع تطور التكنولوجيا ويعدُّ طبيعيًّا”.

من ناحية التوزيع الموسيقى؛ إذ كانت الأغنية تستخدم عددًا قليلًا من الموسيقيين، أمّا الأغاني الحديثة (المتطورة) أصبحت تعتمد على أحدث الآلات الموسيقية التي سهلت من الإيقاع، وأصبحت الأغنية أكثر سهولة من ناحية التوزيع الموسيقى والموسيقيين أنفسهم.

الأهمية بين القديم والحديث

يؤكد كريم الحضري أنّ الفن الغنائي القديم يجسد أصالة اليمن وتاريخه الفني الكبير الذي يجسد الوطنية والتراث الخالد، على الرغم من الإمكانيات البسيطة المتوفرة قديمًا.

أيلول السقاف، يرى أنّ الفن رمزية للوطن، ويعد رسالة مؤثرة تعبّر عن حال الناس ومشاعرهم في كل منطقة من مناطق اليمن؛ إذ إنّ البلدان في العالم التي تتمتع بتاريخ طويل وحضارة تعرف بفنها وتراثها ومبانيها”.

جابر علي أحمد يتحدث عن أهمية وجود الأغنية الفلكلورية؛ إذ يقول: “التراث الغنائي اليمني بشقيه الشعبي والتقليدي، يعدُّ العنوان الرئيسي للهوية الثقافية اليمنية عامة، وفي البلاد العربية يحظى الموروث الثقافي بأهمية كبيرة، خاصة أنه يعدُّ كيانًا ثقافيًّا يتحرك في جنبات المجتمعات”.

ويضيف: “في اليمن تتضخم أهمية الموروث الغنائي؛ لكونه ملازمًا لحياتنا في كل المناسبات الاجتماعية، ولكن سُلّط الضوء على الأجيال الغنائية الحالية إعلاميًّا بشكل كبير، الأمر الذي شكّل خطورة على استمرار استخدام الموروث الثقافي القديم خاصة الأغنية التقليدية في المناسبات الاجتماعية”.

الفنانين والأغاني القديمة

يرى كريم الحضري أنّ أبرز الأغاني التي يتذكرها منذ الزمان القديم أغنية (اضحك على الأيام) للراحل علي بن علي الآنسي، التي ما زال كثير من اليمنيين يستمعون إليها خاصة في الأعياد.

أيلول السقاف يذكر أنّ هناك كثيرًا من الأغاني القديمة والأصوات الشعبية التي تعدُّ كنزًا فلكلوريًّا لليمن؛ إذ يقول: “هناك مجموعة من الفنانين اليمنيين القدماء غير معروفين لجميع اليمنيين، ويرجع الأمر إلى أنّه لم يكن هناك أيُّ تطور تسويقي أو وسائل تواصل اجتماعية ولا انتشار، بعكس ما هو حاصل الآن، مثل محمد سعد عبد الله الذي لم يأخذ حقه في الشهرة، والفنان عبد الله بدوي الزبير، وغيرهم”.

ويُضيف السقاف: “بالنسبة لتأثير الأغنية التراثية اليمنية، فهناك تأثير كبير على الواقع المعيشي لدى أفراد المجتمع اليمني، فلا يوجد مجلس أو عرس أو أيّ مناسبة خاصة إلّا والأغنية اليمنية حاضرة؛ إذ إنّ كل محافظه لها لونها الخاص الذي ينفرد ببهجته وطريقته في إمتاع المستمع، ومثال على ذلك وجود أغانٍ يمنية قديمة شهيرة مجهولة المصدر ولم يُعرف صاحبها الأصلي مثل أغنية (صادت فؤادي).

جابر علي أحمد يرى أنّ الأغنية الفلكلورية تشمل أسماء كثيرة وأغاني متميزة عديدة، مثل أغاني الموشحات، ومن الممكن التوقف عند بعض العناوين المشهورة، مثل (لله ما يحويه هذا المقام- وا مغرد – أشكو من البين – طرب سجوعه – زمان الصبا – فرج الهمّ – دع ما سوى الله …إلخ)، وبالنسبة لمشاهير هذا الفن، فهناك من كان لديه نشاط ملحوظ مع شركات الأسطوانات في عدن، مثل (الشيخ علي أبو بكر باشراحيل – الشيخ محمد الماس – الشيخ إبراهيم محمد الماس – الشيخ عوض عبد الله المسلمي – الشيخ صالح عبد الله العنقري – الشيخ أحمد – عبيد قعطبي)”.

طرق الحفاظ على الفلكلور الفني

أيلول السقاف يقترح مجموعة من المعالجات التي قد تساعد في الحفاظ على الأغنية اليمنية من الاندثار إذ يقول: “أهم الطرق للحفاظ على التراث الفني، أولًا حفظ الحقوق الفكرية والفنية حتى لا تسرق أو تنسب لغير موطنها، فكما نعلم أنّ هناك كثيرًا من الفنانين غير اليمنين تغنوا بأغانٍ يمنية، ونسبت لهم، ولم تُنسب للفنان اليمني الأصلي، وبعضهم حرّف اللحن كما يحب، ولم يذكر أصل اللحن، كذلك تسجيل الأغاني وحفظها في أماكن مخصصة للجهات المعنية، وتسجيل كل المعلومات المتعلقة بالأغاني من شأنه حفظها والرجوع لها عند الحاجة بشكل أرشيفي ومحفوظ للحقوق والملكية”.

الفنان جابر علي أحمد يرى أنّه لا بُدّ من الحفاظ على الفن الفلكلوري والافتخار به؛ إذ إنّه يمكن الحفاظ على التراث الغنائي عبر مؤسسات حكومية خاصة للجمع والأرشفة، وتأخذ مراحل معروفة لدى علم الموسيقى.

وعلى الرغم من التغيرات التي طرأت على الأغاني الفلكلورية في اليمن، فإنّها لا تزال تحظى باحترام كبير، ويُنظَر إليها على أنها جزء من تراث البلد، فمن المهم العمل على الحفاظ على هذا التراث من الاندثار والسرقة، وذلك من خلال تسجيل هذه الأغاني وتعليمها للأجيال الجديدة وتوثيق تاريخها.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

96.3% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن الأزياء الشعبية اليمنية تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع اليمني

صوت الأمل – يُمنى الزبيري اليمن بلد يتميز بموروث شعبي غني ومتنوع. يعكس هذا الموروث ت…