تحولات الإعلام اليمني في ظل توسع استخدام مواقع التواصل الاجتماعي
صوت الأمل – هبة محمد
تعيش اليمن تحولًا جذريًّا في المشهد الإعلامي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ذوات التأثير المباشر على وسائل الإعلام المتخصصة، وأصبحت هذه المنصات الرقمية الشهيرة، مثل فيسبوك وتويتر، ويوتيوب، قنوات نقل الأخبار الرئيسية في اليمن، وأنّ تأثيرها يمثل تحديًّا جديدًا للإعلام التقليدي، ويطرح أسئلة حول هذا التأثير. في هذا التقرير نتعرف على تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على محتوى الإعلام اليمني.
تحول الإعلام اليمني بين الواقع التقليدي وثورة التواصل الاجتماعي
في عصرنا الحالي، أصبح العالم يتحول بشكل ملحوظ في مجال الإعلام، إذ تأثر الإعلام التقليدي بشكل كبير بظهور وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الافتراضي، وعلينا أن ندرك أن الإعلام التقليدي ومواقع التواصل الاجتماعي لهما دور مهم في تشكيل الرأي العام وتوجيه المجتمع، يقول مقدم البرامج التلفزيونية، الإعلامي صدام حسين: “في عصر تطور التكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، يثار التساؤل حول تأثير هذه المنصات على وسائل الإعلام التقليدي، ويمكن أن نقول بأنّ هناك تأثيرًا قائمًا، ولكنه يظل محدودًا ومتقلبًا في الوقت نفسه”.
وأفاد بالقول: “إنّ منصات التواصل الاجتماعي توفّر للأفراد منصة للتعبير والتفاعل الفوري، وهذا يشكل تحديًّا للإعلام التقليدي، الذي يعاني من تجاوب أقل وروتينية مسيطرة، ومع ذلك، يجب أن نكون واقعيين في تقييم قدرة هذه المنصات على توفير المعلومات الدقيقة والموثوقة”.
ويوضح ذلك قائلًا: “الكثير من الناس لا يعتمدون على منصات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للمعلومات الدقيقة، وذلك لعدّة أسباب؛ منها الغموض وعدم وضوح المصدر؛ وذلك ينقص من مصداقية المعلومات، وتكون معرضة للشائعات والأخبار المزيفة التي تنتشر بسرعة كبيرة عبر هذه المنصات، لذلك، يصبح من الصعب الاعتماد عليها بشكل حصري للحصول على المعلومة الدقيقة”.
وأضاف: “يواجه الإعلام التقليدي قيودًا لم يتم تحديثها بشكل كافٍ للتواؤم مع التكنولوجيا الحديثة، وتظل القنوات الرسمية ووسائل الإعلام التقليدية ملتزمة بالروتينية والتقاليد، ممّا يقيّد قدرتها على المنافسة مع منصات التواصل الاجتماعي في تقديم المحتوى المثير والمفيد”.
وأشار أنّه بالنسبة لتحديد الأثر لمواقع التواصل الاجتماعي على المحتوى الإعلامي ربما يعتمد عليه في بعض الأحيان، ولكن ليس بدرجة رئيسية؛ لأنّ الإعلام الرسمي أو التقليدي هو من يصنع الحدث دون تزييف أو تشويه، ولكن يمكن أن تصنع خبرًا معيّنًا أو قصة خبرية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه قابل للتزييف والتشويه، فالناس تتعامل مع ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي بجدية أقل.
وينصح أن نتعامل مع هذا الموضوع بحكمة ووعي، وينبغي الاستفادة من قوة منصات التواصل الاجتماعي في تمكين المجتمع وتشجيع التفاعل، ولكن يجب أن نكون حذرين في الاعتماد عليها بشكل كامل للحصول على المعلومات الدقيقة، ويتطلب ذلك تحديث الإعلام التقليدي وتطويره ليلائم التحول التكنولوجي الحاصل، وتوفير معايير صارمة للجودة والموثوقية.
تأثير استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على الصحافة والإعلام في اليمن
“وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على تحديد محتوى الإعلام وتشكيله، في اليمن وفي جميع أنحاء العالم، إذ إنّ هذه الوسائل تقدّم منصة للمواطنين والصحفيين للتعبير عن آرائهم وتبادل المعلومات بسرعة كبيرة، فهي تسمح للأشخاص العاديين بنشر الأخبار والمعلومات وآرائهم بشكل مباشر دون الحاجة إلى تصريحات رسمية” وفقًا للمستشار للإعلامي محمد الرزيقي.
وأضاف: “يمكن للمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي أن يؤثر على وسائل الإعلام التقليدية، مثل التلفزيون والصحف والراديو، وبالتالي فإنّ الصحفيين والمؤسسات الإعلامية قد يكون لديهم اهتمام خاص بالتفاعل مع المحتوى المنشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، وبشكل عام فإنّ وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت تلعب دورًا كبيرًا في تحديد محتوى الإعلام اليمني وتشكيله، ويمكن أن تكون مصدرًا مهمًّا لتدفق المعلومات والأخبار”.
ويرى الرزيقي أنّه يمكن أن تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على توجهات الجمهور والعمل على تشكيل آرائهم واعتقاداتهم، وهذا يجعل من الضروري على وسائل الإعلام التقليدية أن تكون حذرة ومهتمة بتلبية احتياجات الجمهور، وتقديم محتوى يتناسب مع تلك التوجهات والاهتمامات.
فيما يشاركنا الحديث الإعلامي أمين الغابري (معدّ ومقدّم لبرامج تلفزيونية) بالقول: “عندما نتحدث عن تأثير مواقع التواصل على الإعلام اليمني فذاك أبسط الأمثلة وأقربها التي نستشهد بها على التأثير الكبير والطاغي لمواقع التواصل على وسائل الإعلام”.
ويوضح ذلك التأثير بقوله: “فتواضع وسائل الإعلام اليمنية تدفعها للتوجه نحو مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار، فالافتقار الكبير في المعلومات والغياب الكامل لمواكبة العصر في حاجة ماسة إلى الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار، وبالتالي أصبح أربابها هم سادة النقل الإعلامي والمتصدرين للمشهد”.
ويتابع الحديث: “الجدير بالذكر أنّ سهولة تأسيس موقع أو صفحة أو منصة أو قناة في مواقع التواصل الاجتماعي يجعلها ذات انتشار كبير، وذلك الانتشار هو الأساس الذي تتطلبه مفردة الإعلام رفعًا للحدث أو إرسالًا له، كما يميزها التلقائية التي تمكّنها من الوصول والانتشار والتداول السريع”.
ويرى أن من أبرز سلبياتها أنها، على خلاف وسائل الإعلام الرسمي، لا تخضع للرقابة القانونية، ممّا يجعلها خارج أي مساءلة أو محاسبة قانونية أو مجتمعية، وهذا جعل كثيرًا من مواقع التواصل الاجتماعي تحمل كثيرًا من الخَبَث وفساد الأخلاق والقيم، وبعيدًا عن سلطة الدولة والأسرة والمجتمع.
منصة إكس وتحولها إلى وسيلة إعلامية رسمية
من افتراضية المسمى إلى مصدر أساسي للإعلام الواقعي المصور منه والمسموع والمقروء، ومن اجتماعية المسمى إلى سياسية الاستخدام، يقول الإعلامي أمين الغابري: “هكذا هي مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت اليوم الأكثر متابعة وتشاركًا وتفاعلًا، بل وصار بعضها وسيلة الإعلام الرسمي لمعظم مسؤولي الدول الكبرى المؤثرة، كمنصة (إكس) التي أصبحت نافذة لإعلان تصريحاتهم، التي باتت مع دوام التناول والتداول رسمية، مثلها مثل المؤتمرات الصحفية”.
ويواصل: “كثير من الحسابات في مواقع التواصل صارت أكثر انتشارًا ومتابعة وتفاعلًا مع الأحداث عن وسائل الإعلام المحلية، وحتى الدولية المتواضعة، بل وصارت العديد من القنوات والصفحات والحسابات حديث الناس استقاء للأخبار وقراءة للمواقف وتبادلًا للآراء، بل وتمثل مساحة أكبر وأشمل للتجارب الاجتماعية التي تفتقر وسائل الإعلام التقليدي إليها باستثناء مساحات ضيقة جدًّا في خططها البرامجية”.
ربط المجتمع الافتراضي بالإعلام اليمني والواقع المعاش
يقول الإعلامي محمد الرزيقي: “ربط المجتمع الافتراضي بالإعلام اليمني والواقع المعاش يمثل تحدّيًا كبيرًا، لكنه في الوقت نفسه فرصة لنشر الوعي والتواصل الفعّال، على الرغم من التحديات التي قد تواجه هذا الربط، فإنّ استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي والإنترنت يمكن أن يعزز التواصل ويسهّل الوصول إلى الأخبار والقصص التي تظهر وسط المجتمع اليمني”.
ويُكمل: “ومن خلال الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، يمكن للإعلام اليمني تقديم قصص وأحداث تلامس واقع المجتمع، وتعكس تحدياته وطموحاته، وبالمقابل يمكن للمجتمع الافتراضي أن يسهم في تعزيز هذه القصص ونشرها والتعبير عن آرائه حولها”.
وأوضح بالقول: “بهذه الطريقة، يمكن أن يكون للمجتمع الافتراضي تأثير مباشر على الإعلام اليمني، ويمكن أن يسهم في ربط الواقع المعاش بالمحتوى الإعلامي، وتسليط الضوء على القضايا المهمة التي تؤثر على الحياة اليومية للناس في اليمن”.
قصص النجاح في الإعلام الجديد؛ الأهمية والتحديات
يقول الإعلامي صدام حسين: “عندما نتحدث عن أهمية إبراز قصص النجاح سواء كان على مواقع التواصل أو عبر قنوات الإعلام الرسمي، فنحن نتكلم عن نماذج ناجحة ومشرفة للمجتمع، إذ تجعل من المبدع أو المتميز أو غيره نموذجًا ناجحًا للناس يمكن أن يقتدى به”.
ويواصل حديثه: “فنحن في اليمن بحاجة ماسة إلى قصص النجاح التي تلعب دورًا كبيرًا في تغيير واقع المجتمع، وإبراز قدرات أفراده وإمكانياتهم وإبداعاتهم ومواهبهم وتميزهم، فقد كان لديَّ برنامج بصمة على قناة السعيدة، واستطعت من خلاله تقديم مجموعة من قصص النجاح المتنوعة التي برزت من واقع الحياة اليومية لدى الأفراد اليمنيين، الذين تميزوا في مختلف المجالات”.
فيما يشارك الكاتب مروان الشرعبي بالقول: “تسليط الضوء على قصص المعاناة يمكن أن يثير الوعي بالتحديات التي تواجه الناس في مختلف جوانب حياتهم، ممّا يسهم في تعزيز التفاهم والتعاطف بين الأفراد، كما يمكن أن يحفّز الناس على مدِّ يد العون والدعم للمحتاجين”.
وأضاف: “تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مهمًّا في نشر الوعي حول قضايا اجتماعية وإنسانية مهمة، ومن خلال مشاركة قصص النجاح والمعاناة، يمكن للأفراد نشر الوعي حول القضايا التي قد لا تحظى بالاهتمام الكافي في وسائل الإعلام التقليدية”.
وعن أهم التحديات التي تواجه الإعلام اليمني في جمع قصص النجاح والمعاناة التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي يقول الإعلامي الرزيقي: “الإعلام اليمني يواجه العديد من التحديات في جمع قصص النجاح والمعاناة وتوثيقها ونشرها عبر مواقع التواصل، من بين هذه التحديات، الوضع الأمني والسياسي المضطرب؛ فالصراع المسلح والاضطرابات السياسية في اليمن شكلت عائقًا كبيرًا في جمع القصص والمعلومات وتوثيقها بشكل كافٍ”.
وأشار أيضًا أنّ الإعلام اليمني يواجه تحديات مالية وتقنية تؤثر على قدرته على توثيق القصص ونشرها بشكل كامل وفعّال، بالإضافة إلى أن وسائل الإعلام والصحفيين يواجهون قيودًا وتحديات في التحقيق وتوثيق القصص ونشرها بحرية؛ مما يؤثر على تغطية شاملة وشفافة، إضافة للعادات والتقاليد والتحديات الاجتماعية التي قد تحد من إمكانية التواصل مع الأشخاص المعنيين”.
فيما يرى الشرعبي أن أحد التحديات هو الحجم الهائل للمحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، ومع تحميل الملايين من المنشورات ومقاطع الفيديو والمقالات كل يوم، قد يكون من الصعب على وسائل الإعلام تحديد قصص النجاح وقصص النضال المقنعة، وتتطلب عملية غربلة كميات هائلة من المعلومات للعثور على قصص حقيقية ومؤثرة – وقتًا ومواردَ وخبرةً كبيرةً.
ويوافقه الرأي الإعلامي فارس شرف الدين بقوله: “فإنّ التحقق من صحة هذه القصص ودقتها يشكل عقبة أخرى؛ لأنّ منصات التواصل الاجتماعي تعدُّ أرضًا خصبة للمعلومات الخاطئة والحسابات المزيفة، ويتعين على وسائل الإعلام توخّي الحذر، وإجراء تدقيق شامل للحقائق؛ للتأكد من أنّ القصص التي تقدمها حقيقية وموثوقة، ويمكن أن تستغرق هذه العملية وقتًا طويلًا، خاصة عند التعامل مع محتوى أنشأه المستخدمون، ويفتقر إلى الإسناد أو التحقق المناسب”.
وأفاد الشرعبي بقوله: “على الرغم من وجود تحديات في تسليط الضوء على قصص النجاح وقصص النضال على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، فإنّ وسائل الإعلام لها دور مهم في تنظيم هذه الروايات وتقديمها، ومن خلال التغلب على العقبات المتعلقة بحجم المحتوى والتحقق والخصوصية وجذب الانتباه، يمكن لوسائل الإعلام أن تشارك بشكل فعّال القصص المؤثرة التي تلهم الجماهير”.
وينهي الرزيقي حديثه بالقول: “تجاوز هذه التحديات يتطلب التعاون والتضامن بين الصحفيين والإعلاميين، بالإضافة إلى دعم من الجهات المعنية والمجتمع المحلي؛ لتسهيل عملية جمع القصص ونشرها بشكل فعال”.
98.1% من المشاركين يرون أن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا كبيرًا في تمكين الشباب اليمني
صوت الأمل – يُمنى الزبيري تشغل مواقع التواصل الاجتماعي اليوم جزءًا كبيرًا من حياتنا اليومي…