‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الفساد في اليمن غياب الرقابة والنزاهة يعرض قطاع الثروة السمكية في اليمن للفساد

غياب الرقابة والنزاهة يعرض قطاع الثروة السمكية في اليمن للفساد

صوت الأمل – علياء محمد

تعاني البلدان المنكوبة بالنزاع الداخلي والصراعات من ضعف سيادة القانون، الذي يؤدي بدوره إلى ممارسات غير قانونية وفاسدة؛ بسبب غياب الأمن والاستقرار والنظام، وتظهر نتيجة ذلك أنشطة مؤسسية غير مشروعة.

   اليمن إحدى البلدان التي تعرضت مؤسساتها للانهيار؛ نتيجة الصراع القائم، والذي أدى الى غياب سيادة القانون والتشريعات، مما تسبب بانتشار الفساد في مؤسساته وقطاعاته. وعلى الرغم من أهمية قطاع الثروة السمكية  في اليمن، باعتبارها ثروة دائمة وثالث مورد طبيعي لليمن ومصدرًا مهمًا ورئيسًا لدعم الاقتصاد اليمني، وأحـد موارد الملكية العامة؛ فقد شهد القطاع في العقود الماضية أشكالًا مختلفة من الفساد ازدادت مع توسع رقعة النزاع في اليمن، ووصلت إلى سوء استخدام لهذه الثورة الكبيرة.

وبينت الورقة العلمية الصادرة عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في العام 2020م بعنوان “تطوير قطاع الأسماك في اليمن” أن قطاع الأسماك واجه العديد من التحديات الهيكلية التي حدت من إنتاجه ومساهمته المحتملة في الاقتصاد الوطني، وعانت البنية التحتية للقطاع من تدني مستويات التطوير والتنمية،  في مرحلة ما قبل اندلاع الصراع؛  وبالتالي، ازدادت التحديات التي تواجه القطاع بعد اندلاع الصراع.

أعلى مستويات الفساد في قطاع الأسماك

أرجع مصدر مسؤول في وزارة الثروة السمكية -طلب عدم ذكر اسمه- سبب تردي عائدات الثروة السمكية وقلة نسبتها إلى الفساد الإداري والعشوائية في تنظيم الاصطياد والاستثمار، بالإضافة إلى غياب المعلومات اللازمة والدقيقة عن حجم المخزون السمكي.

وأوضح أن التعيينات الإدارية لا تمت للمهنية بأي صلة؛ فهناك الكثير ممن تم تعيينهم لا يملكون أي خبرة في المجال السمكي، وقد تم استبدال من هم مؤهلون علميًا ولديهم الخبرة الكافية بالإدارة في القطاع السمكي التي تزيد عن 20 عامًا بأشخاص غير مؤهلين  وغير متخصصين في الإدارة الرشيدة لمصائد الأسماك، مخالفين بذلك قوانين الخدمة المدنية؛ الأمر الذي أدى إلى التأثير سلبًا على إدارة النشاط في القطاع السمكي، وإصابته بالشلل التام، نتيجة عدم وجود سياسة منهجية فعالة لسد الفجوة الحاصلة في القطاع.

 وفي السياق ذاته، أشارت ذات الورقة العلمية الصادرة عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية الى شحة الأبحاث العلمية، وتدني إنتاج المعرفة فيما يخص حجم وصحة المخزون السمكي؛ حيث كان آخر تقييم لتحديد مناطق الصيد والنظم الإيكولوجية الساحلية والبحرية ومواقع تربية الأحياء المائية قد أجري منذ أكثر من 30 عاماً، وليس هناك أي تقييم حديث؛ ومن ثمَّ ليس هناك معلومات أو بيانات عن القطاع ووضع المخزون السمكي من حيث الجدوى التجارية، ولا عن الشعاب المرجانية والأنواع المهددة بالانقراض، وغيرها من الجوانب المتعلقة بالنظام البيئي البحري والمواطن البحرية.

 ضعف دور الأجهزة الرقابية في تنظيم واستغلال الأحياء المائية

تنص المادة الثالثة في القانون رقم (2) لسنة 2006م، بشأن تنظيم واستغلال الأحياء المائية وحمايتها، على: “حماية الأحياء المائية وبيئتها البحرية من عمليات الاصطياد العشوائي والأعمال والممارسات الضارة بها، وتنمية وتحسين نوعيتها وجودتها بما يؤدي إلى ديمومتها وزيادة مخزونها، ووضع الضوابط والمعايير المناسبة لتنظيم الاصطياد التقليدي والساحلي والصناعي بما يكفل تشجيع وتطوير نشاط الصيد التقليدي والساحلي إحلاله محل الصيد الصناعي الأجنبي تدريجياً وبما يشكل نواة لتأسيس أسطول وطني متميز”.

وأشارت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن الصيد غير القانوني، دون إبلاغ ودون تنظيم، من بين أكبر التهديدات التي تواجه النظم الإيكولوجية البحرية. وذكر التقرير أن  الصيد غير القانوني يستفحل في الإدارات الفاسدة ويستغل نظم الإدارة الضعيفة، لا سيما في الدول النامية التي تفتقر إلى القدرة والموارد اللازمة للرصد والمراقبة والإشراف بشكل فعال.

هذا وقد يحرم الصيد غير القانوني صيادي السمك ذوي النوايا الحسنة من الموارد السمكية المتاحة، ما يمكن أن يؤدي إلى انقراض مصائد الأسماك المحلية. علماً أن المصائد الصغيرة النطاق في البلدان النامية معرّضة بشكل خاص لهذا الخطر.

 وحول الدور الرقابي في قطاع الأسماك في اليمن أفاد نبيل اليعقوبي، العامل في مهنة الصيد منذ 15عاما في محافظة عدن، أن الدور الرقابي في قطاع صيد الأسماك مغيب تماما، ودون المستوى المطلوب؛ بسبب ضعف خطط وآليات التنسيق إن لم يكن انعدامها، بالإضافة إلى عدم سيادة التشريعات القانونية.

وأضاف اليعقوبي: “تتأثر أسعار الأسماك وترتفع بشكل جنوني نتيجة العشوائية في القطاع وعدم التنظيم في ضبط الأسعار الجهات المعنية بذلك، بالإضافة إلى جشع التجار التي تتهافت لشراء الأسماك من المزاد بعشوائية ومزاجية دون الاكتراث للأوضاع”، مشيرًا في حديثه لـ”صوت الأمل” إلى قصور عمل الجمعيات السمكية وعدم قدرتها على وضع المقترحات والحلول لحل بعض مشاكل القطاع، ومشددًا على أهمية تشكيل إدارة من الصيادين المتصفين بالنزاهة تنظم وتضبط عملية صيد وبيع وشراء الأسماك.

أشجان فضل -من محافظة عدن- تشكو ارتفاع الأسعار في الأسماك؛ حيث أصبح المواطن البسيط غير قادر على شرائه؛ فسعر الكيلو من سمك الثماد وصل إلى 16 ألف ريال يمني (ما يقارب 16 دولارًا) وعجزت الكثير من الأسر على شرائه.

وتقول فضل: “كانت موائدنا لا تخلو من السمك، أما اليوم فنحن نضطر لشراء السمك المعلب الذي أصبح سعره أقل من السمك الطازج، الذي للأسف نجده خارج بلادنا بأسعار غير مكلفة”.

 من جانبه  أشار  (صلاح وليد أحد بائعي الأسماك في مدينة عدن)  إلى عجز السلطة الرقابية بالقيام بأعمالها، وغياب مسؤوليتها تجاه تنظيم وضبط الأسعار في الأسواق المحلية، وتوفير  كميات مناسبة من الأسماك تتناسب مع دخل المواطن، مؤكدًا أن الجمعيات لا تقدم أي وسيلة من وسائل الدعم للصيادين، ولا تبادر باتخاذ الإجراءات اللازمة في حل مشاكلهم.

ضعف الاستثمار وسلطة المتنفذين

أشارت التقديرات إلى أن إنتاج اليمن من الأسماك والأحياء البحرية يبلغ سنويًا حوالي 200 ألف طن قبل اندلاع الصراع، وتم تصدير ما بين 40% إلى 50% من هذا الإنتاج، ما أدرَّ عائدات تقدر بحوالي 300 مليون دولار.

خلال الصراع الجاري انخفض حجم الإنتاج السمكي قرابة النصف، بينما تراجعت الصادرات إلى أقل من 70 ألف طن سنوياً منذ اندلاع النزاع، جاء ذلك وفقًا للورقة العلمية بعنوان “تطوير قطاع الأسماك في اليمن” الصادرة عن  مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.

ويعد قطاع الأسماك من أهم القطاعات الجاذبة للاستثمار والرافدة للاقتصاد اليمني، لكن بيئة الاستثمار الحالية أصبحت تواجه الكثير من التحديات والعراقيل التي أدت إلى ضعف الاستثمار.

 وصرح مصدر مسؤول -طلب عدم ذكر اسمه- أن “المؤسسات في اليمن بشكل عام تفتقد  إلى منظومة قانونية صحيحة في قطاع الاستثمار، بالإضافة إلى تدهور واسع في خدماتها العامة؛ الأمر الذي يجعل المؤسسة بيئة غير قابلة للاستثمار، وهذا ما يلاحظ في الواقع”. مشيرًا إلى أن قطاع الاستثمار في الأسماك يستلمه عدد من المتنفذين، الذين لا يشترطون عددًا من القيود والاشتراطات، ولا يقدمون أي تسهيلات لخلق بيئة استثمارية تشجع رجال الأعمال والمستثمرين.

قائلًا: “نحن بحاجة إلى بلورة القطاع السمكي، وإعادة بنائه، والعمل على تنفيذ القوانين والتشريعات المنظمة لهذا القطاع، وتقديم المعلومات والبيانات اللازمة للمخزون السمكي، وشدد في حديثه على أهمية تكاثف الجهود للقضاء على بؤر الفساد المستشري في القطاع ومعاقبة كل من تسول له نفسه في إفساد نجاح وتطور القطاع”.

توصيات وحلول

 “يعتمد نجاح وتطور القطاع السمكي على إصلاحات الفساد”، هذا ما أكده نبيل الكوني (مدير عام الجودة والشؤون الفنية في وزارة الثروة السمكية)، موضحًا أن هناك عدة خطوات ذات الصلة المباشرة بالإدارة الفنية والرقابية للقضاء على الفساد وخلق نوع من التوازن.

ويضيف الكوني: “تبدأ الخطوة بتفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة؛ لما له أثر إيجابي في ردع الفاسدين عن أعمالهم، وتفعيل الإدارة العامة للرقابة الداخلية، بالإضافة إلى تفعيل دور الرقابة البحرية، ووضع آليات وخطط تنظم وتشرف على أعمال القطاع بشكل عام، واختيار العناصر ذات الكفاءة المهنية والإدارية والنزيهة، ومنح الموظف راتبًا شهريًا يكفيه ليعيش حياة كريمة”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. 95% يرون أنَّ استمرار الصراع في اليمن يؤثر على انتشار الفساد

صوت الأمل – يُمنى أحمد كشفت نتائج الاستطلاع الإلكتروني الذي أجرته وحدة المعلومات واستطلاع …