الظروف المعيشية الصعبة تعرّض المرأة اليمنية للاستغلال البشري
صوت الأمل – حنين الوحش
تعددت أسباب الاتجار بالنساء، واختلفت أشكالها وبمجمل الحديث عن الجرائم التابعة لهذا النوع لا يمكن تحديد حجة واضحة، ولكن عادة ما تتمحور حول الفقر والتشتت الأسري وغيرها من الأسباب الذي تدفع النساء أو أهاليهن إلى اتخاذ هذه السبل طريقاً لهن.
وفي هذا الإطار تتعرض الكثير من النساء لشتى أنواع الاستغلال ومن أهم أنواعه هي قضايا الاستغلال الجنسي للمرأة وكما تعرف (بجرائم الدعارة) سواء خارج اليمن أو في الداخل وبسبب الصراع وما أضافه من معاناة كانقطاع المرتبات وانهيار الوضع الاقتصادي والنزوح لكثير من النساء من محافظات إلى محافظات أخرى انجرفت المرأة في طرق غير مشروعة.
ولا تقتصر هذه الطرق على الطرق التقليدية فحسب، بل هناك مجموعة من الطرق المستحدثة للاتجار بالنساء منها تجارة الأعضاء البشرية كبيع (الكلى والكبد والقرنية) أو إنشاء مواقع إلكترونية بقصد الترويج للاتجار بالنساء، وهذه الطرق المعروفة بالشبكة الإلكترونية سهلت عمليات استغلال النساء.
الاتجار الالكتروني
“في الآونة الأخيرة ومع احتلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي العالم، احتل الاتجار الإلكتروني مساحة واسعة –خصوصًا- لدى الشباب من فئة النساء اللواتي يكن في مقتبل العمر ولم يصلن إلى مرحلة النضج الكافي الذي يمكنهن من التعامل مع أي موقف أو اتخاذ قرارت سليمة” هذا ما قالته سميرة عبده (دكتورة علم الاجتماع) مضيفة أنَّ من أشكال الاتجار الإلكتروني أو البؤرة التي تتوسع فيها هذا النوع من الاتجار هو الابتزاز الإلكتروني الذي يتبعه البعض للضغط على الضحية وجرفها إلى البؤرة نفسها.
مضيفة أنَّ لشبكات التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في ارتكاب جرائم الابتزاز من خلال حصول المبتز على الصور الشخصية للفتاة، أو على فيديو شخصي أو على البيانات الشخصية، ومن ثم ابتزاز الفتاة للخروج مع المبتز، أو إقامة علاقة غير شرعية مباشرة أو ابتزاز الفتاة لاستدامة الاتصال بها ومن أبرز الأساليب المتبعة نشر مقاطع الفيديو أياً كان نوعها والتلاعب بعواطف الضحية وجرها لما هو أكبر لتصبح ممتهنة لديهم.
تجارة مشروعة
الزواج القسري أو (الاغتصاب القانوني) الذي أجازته العادات والتقاليد والقوانين وأهالي الضحايا اللاتي يتم تزويجهن عنوة لأسباب مختلفة، وهذا النوع من الاتجار لم يتم وضع حلول صارمة له، وبالحديث عن الزواج القسري تروي عائشة محمد من محافظة إب (إحدى الفتيات اللاتي اضطررن للزواج في سن مبكر)؛ بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي كانوا يعانون منها في المنزل، وبحسب قولها لم يكن لديهم ما يأكلونه.
قائلة: “كان لا بد من كبش فداء (تضحية) لإنقاذ عائلتي من الفقر والجوع من خلال تزويجي لرجل مقتدر ينفق علي وعلى أهلي المال ومع الأسف لست الوحيدة هناك الكثير من الفتيات الصغيرات في قريتي يتم بيعهن من قبل الأهالي بنفس الطريقة ولا يوجد حلول يتم تطبيقها حتى اللحظة”.
من الناحية النفسية لتجارة الفتيات من خلال تزويجهن بشكل قسري تقول وفاء أمين (الدكتورة في علم النفس): “يتم تزويج الفتيات قسراً لرجال يفوقهن بالعمر كالبائع والمشتري؛ لغرض متعة الرجال مع الصغيرات وحصول أهالي الفتيات على المال دون مراعاة للوضع النفسي لهؤلاء الفتيات ودون النظر إلى جاهزيتهن الجسدية والنفسية للزواج، والدخول إلى حياة جديدة وهذا بالفعل نوع من أنواع المتاجرة التي تتم من قبل الأهالي وبشكل قانوني”.
انتقاص حقوق المرأة والمهمشات
ورقة عمل أصدرتها (المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر- الأستاذ علي ناصر) في الثامن من مارس 2022م، أوضحت أنَّ انتقاص حقوق المرأة والفئات المهمشة هو انتقاص لحقوق الإنسان، وأنَّ –الانتقاص- يولد التبعات الاجتماعية، وبالرغم من كل الجهود الرسمية والأهلية المتعلقة بتغيير وتحسين أوضاع وحقوق المرأة والفئات المهمشة على الصعيد الرسمي والتشريعي، فإنَّ الجهود لا تزال دون الحدود المقبولة على صعيد التطبيق العملي والممارسة الاجتماعية.
وأشارت الورقة ذاتها إلى أنَّ المادة 9 من إعلان الأمم المتحدة -بشأن القضاء على العنف ضد المرأة- تعرّف العنفَ ضد المرأة بأنَّه “أي فعل عنف مبني على النوع الاجتماعي ويترتب عليه، أو يرجّح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسدية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.
مضيفة أنَّ العنف القائم على النوع الاجتماعي يتجسد من خلال مجموعة كبيرة من الأفعال منها: الزواج القسري للفتيات اليافعات، والاتجار بالبشر، والعنف الجنسي والإساءة اللفظية، والقوانين والأنظمة التي تحدّ من حقوق النساء والفتيات ويتجلى كذلك في الزواج المدبّر أو المبكر أو القسري، وفي ممارسات أخرى مثل الزواج المؤقت أو في حالات الزواج التي يكون فيها فارق السن بين الزوجين شاسعاً. ولهذه الأشكال من الزواج آثار حادة على الفتيات والنساء من الناحية الجسدية والنفسية. وبحسب الورقة ذاتها، الإطار القانوني الدولي والبروتكول المعني يُلزم الدول على تجريم مرتكبي الاتجار بالبشر والتحقيق معهم، وملاحقتهم قانونياً وإدانتهم، ويلزمها أيضًا باتخاذ تدابير لمراقبة الحدود، وتوفير تدابير لحماية الضحايا ومساعدتهم وتوفير المعلومات عن الضحايا والضحايا المحتملين وعن عموم السكان، ويلزمها أيضاً بالتعاون مع الدول الأخرى لتحقيق هذه الأهداف.
المرأة اليمنية والطهي.. قَدَرٌ منذ الولادة أم مجرد مهارة؟
صوت الأمل – حنين الوحش في مجتمع غلب عليه طابع الحكم على أساس الموروثات والعادات والتقاليد …