شراكة المجتمع المدني مع البعثات الإنسانية لليمن ضرورية في بناء القدرات وتلبية الاحتياجات
صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ
تعرف المادة (1/أ) من اتفاقية البعثات الخاصة على أنَّ البعثة الخاصة: هي بعثة مؤقتة تمثل الدولة وتوفدها دولة أخرى، برضا الدولة الأخرى؛ لتعالج معها مسائل معينة أو لتؤدي لديها مهمة محددة، وتعرف أيضًا أنَّها البعثات المؤقتة التي ترسلها الدولة لتمثيلها بمهمة طارئة أو مؤقتة في دولة أخرى أو مؤتمر دولي.
حجم المشاركة قبل الصراع وبعده
سجلت أول استجابة إنسانية في اليمن كانت في العام 2010م، هذه الاستجابة كانت بمثابة تدخل سريع لأوضاع مئات الأفراد الذين تضرروا بفعل ظروف الصراع، مما دعى إلى بذل المزيد من التدخلات الإنسانية، ليزيد حجم الاحتياجات لخطط الاستجابة الإنسانية في اليمن وحجم التمويل والمنح المالية لها.
جاء في تقرير نشره مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في العام 2022م أنَّ الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال السنوات الماضية أصبحت إحدى أهم وأكبر الاستجابات وأكثرها شهرة وتكلفة في العالم، بعد أن كانت مجرد تدخل صغير النطاق، جاء في التقرير أنَّ جهود الإغاثة استهدفت 16 مليون من أصل 20 مليون شخص بحاجة لمساعدة، في وقت كانت الأمم المتحدة قد استهدفت 15 مليون شخص بالمساعدات، ضمن خطة الاستجابة الإنسانية للعام2020م.
اعترفت بعض وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بأنَّ الشراكة بين المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، تحتاجها جهود الاستجابة الإنسانية ويحتاجه العمل الإنسانية والإغاثي في اليمن لتدارك الأزمة الإنسانية في اليمن؛ من هذا المنطلق بذلت منظمات المجتمع المدني على مدى سنوات جهودًا كبيرة في خطط الاستجابة الإنسانية في حضرة ظروف بالغة الشدة والتعقيد يعيشها الملايين من اليمنيين، مواجهتها لهذه الظروف لعبت دورًا قياديًا ساعدها في بناء علاقات فعالة مع المنظمات الدولية والوصول بشكل مباشر إلى موارد المانحين والممولين.
في 16 مارس من العام 2022م نظمت الأمم المتحدة مؤتمرًا لجمع الأموال من أجل توفير المساعدات الإنسانية، بعد حوالي شهر واحد من تحذير مارتن غريفيث وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، من أنَّ الملايين يواجهون “حكمًا بالموت” إذا لم تُردم الفجوات القائمة في التمويل، جمع المؤتمر تعهدات بمبلغ 1.3 مليار دولار أمريكي، أي 30٪ فقط من دعوة الأمم المتحدة لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2022م البالغة 4.3 مليار دولار أمريكي.
في نهاية مارس من نفس العام، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنَّه لم تقدم سوى 66.5 مليون دولار أمريكي من الأموال المتعهد بها، وكانت الولايات المتحدة قد ضاعفت مساهمتها ثلاث مرات من 191 مليون دولار أمريكي عام 2021م إلى 584.6 مليون دولار أمريكي عام 2022م، وساهمت المفوضية الأوروبية بمقدار الضعف.
في تقرير نشره موقع الأمم المتحدة في أبريل 2022م قال ديفيد غريسلي (منسق الشؤون الإنسانية في اليمن): “إنَّ الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن حقيقة واقعة ينبغي أن نتصدى لها على وجه الاستعجال”.
وأوضح قائلاً: “الأرقام هذا العام صادمة، فأكثر من 23 مليون شخص -أو ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان اليمن- يحتاجون الآن إلى المساعدة، وهذا يمثل زيادة بنحو ثلاثة ملايين شخص عن عام 2021م، ويواجه ما يقرب من 13 مليون شخص بالفعل مستويات احتياجات حادة”.
هذا التصريح مثل دعوة للداعمين والممولين لتكثيف جهودهم في احتواء الأزمة الإنسانية في اليمن والمتمثلة في تقديم المساعدات لكافة جوانب الحياة في البلاد، وتلبية كل ما تطلبه خطط الاستجابة الإنسانية في اليمن، فقد جاء في بيان صادر لمكتب الشؤون الإنسانية -في العام 2022م- أنَّ خطة الاستجابة الإنسانية للعام نفسه تناشد للحصول على 4.3 مليار دولار، وذكر البيان أنَّ الخطة تستهدف 17.3 مليون من أصل 23.4 مليون شخص في حاجة إلى المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة وخدمات الحماية في جميع أنحاء اليمن.
حجم المشاركة في تنفيذ مشاريع خطط الاستجابة الإنسانية لمنظمات المجتمع المدني
حسب ما جاء في تقرير نشر في موقع الأمم المتحدة في الأول من مارس 2021م، تعهدت السعودية بدعم خطط الاستجابة الإنسانية بمبلغ يصل إلى 430 مليون دولار، وكان هذا التعهد على هامش المؤتمر الخامس لإعلان التعهدات المالية للجهود الإنسانية في اليمن، وحظت خطط الاستجابة الإنسانية لمنظمات المجتمع المدني بنصيب كبير من هذا التمويل إلى جانب خطط الاستجابة لمنظمات المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة.
يتبعه تقرير آخر نشره الموقع يوم 16 مارس من نفس العام، أفاد أنَّ خطة الاستجابة في اليمن حظت بمبلغ، 2.3 مليارات دولار في العام 2020م، وذكر التقرير أنَّه تم الوصول إلى المجتمعات المحلية الضعيفة في كل مديرية من مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية، عن طريق 200 منظمة أغلبها منظمات مجتمع مدني.
في 20 أغسطس من العام 2021م نظمت منظمة تمدين شباب لقاء افتراضياً بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني بالشراكة مع شبكة نير الدولية، والائتلاف المدني للتنمية والاستجابة الإنسانية، ناقش اللقاء الذي جمع 67 منظمة محلية دور المنظمات المحلية في تعزيز جهود الاستجابة الإنسانية، وطالبت منظمات المجتمع المدني بإعادة تقيم الاستجابة الإنسانية وتصحيح مسارها، كما دعت المانحيين والمنظمات الدولية والوكالات الأممية إلى تنفيذ الاتفاقيات الموقعة عليها في هذا المجال.
من جانبه ذكر إبراهيم المسلمي (مدير منطقة مؤسسة تمدين شباب-تعز) أنَّ حجم المشاركة لمنظمات المجتمع المدني في خطط الاستجابة الإنسانية جيد لكنَّه ليس بالمستوى المطلوب وهناك الكثير من التحديات التي تواجه التنفيذ بكفاءة وفعالية –خصوصًا- في ظل الظروف الراهنة، أبرزها التحديات الأمنية وانخفاض تمويلات المانحين وضعف القدرات وضعف إشراك المجتمعات المحلية في التحليل والتخطيط والتنفيذ والتتبع والتقييم لضمان الاستمرارية والاستدامة وهي حجر الزاوية في هذا الإطار.
أضاف المسلمي في حديثه أنَّ استمرار الصراع ساهم في استمرار الوضع الإنساني المعقد وفجوة الاحتياجات دون الانتقال لبرامج الإنعاش المبكر والتعافي والتنمية، وهي البرامج التي كانت قبل الصراع حيث كانت البرامج والتدخلات موجهة نحو التعافي والتنمية.
دور البعثات الإنسانية في بناء الشراكة مع منظمات المجتمع المدني
بدوره علق إبراهيم المسلمي (مدير منطقة مؤسسة تمدين شباب-تعز) عن دور البعثات الإنسانية في بناء الشراكة مع منظمات المجتمع المدني، بقوله: “ما زالت هناك فجوة حقيقة في إشراك منظمات المجتمع المدني المحلية، وبناء قدراتها وما زالت المنظمات الدولية تحشد التمويلات وتقوم بتنفيذ المسوحات والتحليل والتخطيط والتنفيذ والتقييم بعيداً عن السياق المحلي وحتى إن وجدت بعض الشراكات فهي لا تتناسب مع سقف التوقعات وتوطين العمل الإنساني ويتم إدارة البيانات والمعلومات المكتبية والميدانية بواسطة منسقي الكُتل الإنسانية المختلفة والتي تتم إدارتها بواسطة منظمات دولية باستثناء بعض الأدوار للمنظمات المحلية لكنَّ التنسيق جيد في إطار تبادل البيانات والمعلومات”.
يقول المسلمي عن العلاقة بين المبعوث الأممي ومنظمات المجتمع المدني”دور مكتب المبعوث الأممي جيد، لكنه لا يعمل مع كافة الشركاء المحليين ولا يقوم بإشراكهم، هناك شخصيات ومنظمات محدودة يتم إشراكها دورياً وهذا أدى إلى حالة من التذمر والاستياء والشعور بعدم الرضا تجاه دور مكتب المبعوث”.
نبيل الشرعبي (صحفي وباحث) يفسر العلاقة بين المبعوث الأممي ومنظمات المجتمع المدني بقوله: “هي في الأصل ليست علاقة وإنما شراكة توجدها منظمات المجتمع المدني من خلال ما تقدمه من رؤى ومقترحات من شأنها الإسهام في تعزيز معرفة تفاصيل القضية وتعقيداتها وفي المقابل ما الذي يمكن عمله لتجاوز تلك التعقيدات تمهيداً لتأسيس أرضية قوية، تقام عليها لبنات الحوار والمفاوضات بغية الوصول إلى السلام”.
في السنوات الأخيرة ومع اتساع رقعة الصراع، فإنَّ توافد البعثات الانسانية إلى اليمن تكثف بشكل ملحوظ في محاولة منها لاحتواء الجانب الإنساني والتخفيف من معاناة اليمنيين، هناك آراء متفاوتة حول ما حققته هذه البعثات على الواقع وتهدئة الصراع وتخفيفها من الوضع الإنساني الذي يعيشه اليمنيون.
في هذا الصدد يذكر الصحفي مصعب عفيف أنَّ الدور الذي تلعبه البعثات الإنسانية في اليمن محل جدل وانتقادات من جميع اليمنيين، الكثير يشكون من عدم وصول المساعدات الإنسانية، فعلى الرغم من أنَّ الأرقام المالية المعلنة مهولة وكبيرة فإنَّها على الواقع أقل بكثير ولا ترقى لمستوى النصف من المبالغ المعلن تقديمها لليمن، وربما يعود ذلك إلى النفقات التشغيلية المرتفعة لطواقم تلك المنظمات.
وأشار عفيف في حديثه إلى أنَّ هناك فساداً وعدم رقابة حقيقية على تلك العمليات الإغاثية، ناهيك عن أنَّ المشاريع الإنسانية في اليمن حتى اليوم مشاريع طارئة وليست مستدامة ولا تقدم حلولًا جذرية لمستحقيها، وتقتصر على المساعدات الغذائية أو الصحية التي تنتهي سريعًا.
وذكر عفيف أنَّ بعثة الأمم المتحدة في الحديدة هي أهم بعثة على الرغم من طبيعتها السياسية، وكان يفترض أن يكون لها دور إنساني حقيقي وناجح في نزع الألغام بعد أن توقف القتال بشكل نهائي في جبهات الحديدة والساحل الغربي، على الرغم من وجود بعض المناوشات هنا أو هناك في الجبهات الجنوبية للحديدة.
استطلاع .. 56% الفساد الإداري من أهم المعوقات التي تواجه عمل منظمات المجتمع المدني في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد يرى 56% من المشاركين في استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر م…