الدكتورة نجاة جمعــان لـ صــوت الأمــــل: القطاع الخاص تعامل برشاقة مع الــوضع الراهــن
صوت الأمل – منصور الجرادي
الدكتورة نجاة جمعان الأستاذة الجامعية ومدير تنفيذي لمكتب استشارات ومستشارة الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية لشؤون المرأة تبحر معنا في حوار ضاف حول دور سيدات الأعمال في أثناء الأزمات والصراعات، وقدرتهن على خلق بيئة أعمال ناجحة هي نفسها مثال حي على ذلك، تناقش وتحلل وضع الاقتصاد اليمني والتحديات والفرص التي تصدى لها الشباب من الجنسين بشجاعة وحققوا إنجازات فريدة من خلال تأسيس مشاريعهم وشركاتهم الخاصة.
تبدي رأيها في أهمية مشاركة القطاع الخاص في عملية السلام وإشراكه في أي تسوية سياسية قادمة، ودعت القطاع الخاص للتكتل من أجل القيام بدور فاعل في عملية البناء والإعمار لليمن خلال المستقبل القريب.
فإلى الحوار مع الدكتورة نجاة جمعان.
حوار أجراه/ منصور الجرادي
كيف تقرئين المشهد الاقتصادي العام في البلاد؟
مرت اليمن بفترة صعبة جداً، لكن من المشاهد أن هناك قدرة لدى اليمنيين على امتصاص هذه الصدمات، بدليل أنّ القطاع الخاص لا يزال يمارس عمله، مع أنّ الكثير من القطاعات تقلصت أعمالها وانكمشت، ولكن عندما نشاهد نرى أنّ هناك أيضاً من يدخل في سوق العمل، وهذا مؤشر إيجابي على قدرة المجتمع اليمني على مقاومة الصدمات كما ذكرت، وبهذه الرؤية البسيطة نرى أنّ القطاع الخاص يعد ويرتب أوراقه ويعيد هيكلة أعماله، بحيث يستطيع أن يستمر، وفي الحقيقة لفت انتباهي تعبير جميل يتحدث عن:” الاستراتيجيات الرشيقة” وهي تعني كيف تستطيع الشركات أن تتعامل مع بيئتها الخارجية التي هي شديدة التغير لأسباب متعددة، وفي اليمن الأسباب هي الصراعات والنزاعات المسلحة مما ولد مشاكل اقتصادية كثيرة ترتبت على ذلك، واستطاع القطاع الخاص أن يتعامل معها برشاقة، واستطاع أن يضمن الاستمرارية والديمومة.
ويمكننا أن نضع القطاع الخاص في خانة المحارب، فالاقتصاد أيضاً جبهة كبيرة تحارب من أجل لقمة عيش اليمنيين، وهي جبهة اقتصادية، والقطاع الخاص موجود في قلب هذه الجبهة التي تدافع عن المواطن، وهو مستهدف بطريقة أو بأخرى ومتضرر بلا شك مما يحصل، والشيء الإيجابي الآن أنَّ الكثير من الأصوات بدأت ترتفع بأنَّه يجب أن ننقذ الوضع الاقتصادي في البلاد، لأنَّه إنقاذ لحياة اليمنيين، وأيضاً لا بد من أخذ الورقة الاقتصادية كأحد أوراق عملية السلام أو اتفاقية السلام، وعدم تجاهلها، مثلاً لو راجعنا الوضع الاقتصادي في السنوات الماضية سنجد مثلاً وضع البنك المركزي وانقسامه بين عدن وصنعاء قد أثر بشكل كبير على القطاع المصرفي، وأيضاً تقطيع أوصال طرقات التنقل بين المحافظات، والطرق غير المعبدة، وأسعار الصرف التي ترتفع بشكل مخيف مقابل العملة الوطنية، وعدم تدفق الأموال من العملات الأجنبية إلى السوق المحلي بحيث يستطيع القطاع الخاص الحصول على العملة الصعبة لتلبية احتياجات السوق من السلع والخدمات.
إذاً نستطيع القول أنّ القطاع الخاص في مربع المحارب وبالتالي يجب أن يؤخذ موضوع القطاع الخاص بجدية عند اتفاقية السلام.
لكن ما هي آثار التحديات التي تواجه القطاع الخاص في اليمن؟
التحديات كثيرة والقطاع الخاص تمكن من إدارة هذه التحديات بطرق مختلفة، ولكنَّ الأثر موجود فهناك انكماش اقتصادي كبير جداً وانكماش في الأسواق، وانعدام الكثير من السلع والخدمات، عدم وجود استثمارات جديدة مستدامة ولها رؤية أو أهداف طويلة الأمد، وتأثر على مؤسسات التعليم العالي وكذلك مؤسسات التعليم المهني لأنَّها هي المصدر الأساسي للحصول على الموارد البشرية الجيدة.
طبعاً هذه كلها تحديات واجهها القطاع الخاص واليمن عموماً، والأثر النهائي هو اقتصاد يكاد يكون نموه محدوداً جداً، وبالتالي التأثير مؤكد أن يكون كبيراً وموجوداً.
ما هو دور الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية في هذا الجانب؟
الاتحاد العام يعمل ويبذل جهوداً كبيرة لتناول القضايا التي تظهر فترة الصراع، ونحن بوصفنا أساتذة في إدارة الأعمال نعتبرها نوعاً من المخاطر التي علينا أن نعمل على الاستعداد لها وإدارتها. فالاتحاد العام وكذلك الغرف التجارية بالمحافظات تحاول قدر المستطاع التعامل مع هذه القضايا حال حدوثها، مثلاً مسألة إغلاق الطرقات، كان للاتحاد والقطاع الخاص دور مهم في استمرارية تنقل البضائع إلى الأسواق المحلية وإلى العملاء، وأيضاً مسألة مناقشة قضايا الضرائب والزكاة، والوقوف إزاء تضرر منشآت القطاع الخاص عندما تم استهدافها بشكل مباشر، وفي هذا الإطار استطاع القطاع الخاص أن يرسل رسالة للعالم، وقبلها نادى بإخلاص أنّه يجب تحييد مؤسسات القطاع الخاص لإدراكه العميق أنّه إذا انهار هذا القطاع سيكون من الصعوبة إعادة بنائه، وسوف يأخذ وقتاً طويلاً، وتكاليف كبيرة جداً.
وإذا نظرنا إلى ما خسره القطاع الخاص خلال الفترة من عام2015م وحتى اليوم، فهناك الكثير من المؤسسات والمصانع توقفت وبالتالي تشكلت أعباء كبيرة جداً تصل إلى التريليونات من الريالات والمليارات من الدولارات، وحتى نستطيع أن نعيد استقطاب هذه الأموال واستعادة هذه المؤسسات سيكلف الاقتصاد اليمني فاتورة باهظة جداً.
وبالتالي مارس الاتحاد العام والغرف التجارية الصناعية دور الأب تجاه القطاع الخاص، وموقف مسؤول تجاه هذه المؤسسات من خلال وقوفه معه في مشاكله وإرسال رسائل متعددة، سواء كانت للسلطات في صنعاء أو غيرها من المحافظات، أو إلى المجتمع الدولي.
المرأة، الأزمات تولد الفرص
دكتورة كان للمرأة اليمنية دور واضح في ابتكار الأعمال وريادتها خلال سنوات الحرب، إلى ماذا يرجع ذلك في اعتقادك؟
أولاً احتياج السوق، مؤكد هناك أشخاص تخلوا عن الأعمال فكان هناك فرصة لمشاريع ودماء جديدة أن تدخل إلى سوق العمل، ثانياً الوضع الاقتصادي، أصبحت المرأة ترى أنّ كل مصادر الدخل جفت بالنسبة للأسرة وبالتالي لا بد أن تفكر خارج الصندوق بأنّها تكون في البيت وتصبح في ذات الوقت معيلة للأسرة وبالتالي تبحث عن فرص عمل، لهذا اختارت الكثير من النساء وخاصة الشابات الصغيرات أن تفتح مشاريع صغيرة جديدة، وتمارس أعمالها، أيضاً الطموح فقد لاحظنا أنّ الكثير من الشباب والشابات لديهم طموح في تأسيس أعمالهم، وهو طموح إيجابي، نأمل من مؤسسات القطاع الخاص أو الجهات المختصة أن تساعد هذه المشاريع والقطاعات الاقتصادية الواعدة بأن تدخل سوق العمل وتمارس أعمالها، وتوجه مؤسساتها بتذليل كل الصعاب أمام هؤلاء الشباب لكي تستطيع مشاريعهم أن تستمر لأنّها فرص حقيقية تعود بالفائدة للشباب وللبلد على حد سواء في تخفيف وطأة الوضع الاقتصادي.
وهناك نقطة أخرى مهمة أنّ الأزمات يمكن أن تولد فرص، فعندما نأتي إلى تحليل السوق سنجد أنّ هناك قطاعات اقتصادية تتأثر، بينما هناك قطاعات اقتصادية تظهر، فالقطاعات الاقتصادية التي تظهر هي التي يدخل فيها أصحاب المشاريع الجديدة، مثلاً الطاقة الشمسية كانت واعدة، أيضاً الزراعة أصبحت واعدة، لأنّ الاعتماد على العالم الخارجي أصبح تقريباً محدوداً ومقيداً، فبالتالي نجد أنَّ هناك فرص تُخلق إلى جانب التهديدات التي يمكن أن تُعيق هذه القطاعات.
كيف يمكن أن توائم المرأة بين كونها ربة بيت وسيدة أعمال؟
هو تحدٍ كبير بلا شك، لكن سبحان الله فنحن دائماً نقول أنَّ الإنسان القائد والإنسان الكفء يوائم ويوازن بين احتياجاته في الحياة، فالمرأة توازن بين دورها بوصفها ربة بيت وبين كونها صاحبة عمل، فأنا اعتقد أنّ التي تستطيع أن تدير مشروعها هي تستطيع أن تدير بيتها، وبالتأكيد تحس بالعبء الكبير في العمل فالوقت بالنسبة لها محدود، والأعباء تكون كبيرة جداً وبالتالي قد تُصاب بالإحباط أيضاً من الضغوطات الاجتماعية، فهناك فئتان فئة تستطيع أن تتعامل مع بيئتها بتوازن وبالتالي تستطيع أن تدير هذا وذاك وهناك فئة تواجه صعوبات وتحديات كبيرة جداً في هذا الجانب وهذه تكون أمام خيارين إما أن تقلص من دورها وتبتعد عن كونها ربة بيت أو العكس، أن تركز على الأسرة وبالتالي تترك العمل، وهي خيارات صعبة وربما نحتاج إلى دراسات حول هذا الجانب لكي نستفيد من الأخوات اللاتي حققن نجاح في ظل مسؤولياتهن وأدوارهن الاجتماعية الصعبة.
ما هو الحلم الذي ما زالت نجاة جمعان تود أن تحققه في حياتها العملية؟
الحمد لله في الجانب الأكاديمي تقريباً وصلت للذي أريده وأنا الآن أستاذ دكتور في جامعة صنعاء، فالدرجة الأكاديمية حصلت عليها، لكن في جانب القطاع الخاص حقيقة عندي طموحان الأول أن يكون هذا القطاع هو القطاع القائد والرائد في التنمية الاقتصادية في البلد، ويستطيع أن يخلق علاقة تكاملية مع القطاع الحكومي، وعمل توأمة رائعة في جانب التنمية الاقتصادية وفقاً لقوانين واضحة تنظم هذا العمل وحوكمة ومساءلة ومحاربة للفساد، لأنّه في الأخير الهدف العام هو تحقيق التنمية للبلد والرفاهية الاجتماعية، ففي الأخير نريد أن نرى الناس لديهم دخل يستطيعون من خلاله مواجهة الحياة واستئجار بيت دون أن يتعرضوا للمهانة والطرد وأيضاً أن يستطيعوا إدخال أولادهم الجامعة دون وجود ضغط عدم وجود موارد، وبالتالي أولادهم يستطيعون أن يتعلموا تعليماً جيداً وإذا مرض أحدهم فهو قادر على مواجهة تكاليف العلاج دون انتظار المساعدة من أحد أو الانتظار من العالم الخارجي أن يعطينا منح، بالرغم أنّنا مجتمع قوي ولدينا موارد قوية ولكنّها تحتاج إدارة في حقيقة الأمر.. فهذا الطموح الأول أما الطموح الثاني أطمح أن أرى الشركات العائلية تبوأت مركزها الاقتصادي، وأن تحافظ على ديمومة شركاتها من خلال الحوكمة العائلية المؤسسية وإن شاء الله فيما تبقى لنا من ملاءمة مهنية نستطيع أن نحققها.
أنت رئيسة لجنة سيدات الأعمال ومستشارة الاتحاد العام للغرف التجارية لشئون سيدات الأعمال ما هو الهدف الذي تودين تحقيقه لسيدات الأعمال في اليمن؟
هذا طموح آخر يندرج تحت الطموحين اللذين تكلمت عنهما عن القطاع الخاص والشركات العائلية أتمنى من زميلاتي في قطاع الأعمال أن تكون لديهن رؤية استراتيجية للمستقبل، طبعاً الولوج في القطاع الخاص ليس بالأمر السهل، وليست وظيفة أو عمل يأتي على طبق من ذهب هو يأتي بعد كثير من الصراع والكثير من الطموح والنجاح في المضمون فالأمر ليس مستحيلاً بالعكس، فالمرأة تستطيع أن تنجح إذا دأبت بشكل يومي على العمل وأن تحقق الإنجاز وتحقق مخرجات إيجابية هنا تستطيع أن تنجح، بمعنى أنّ الله سبحانه وتعالى أعطاني الكثير من الوقت والعقل والصحة والمهارة هنا كيف نستطيع أن نحقق النجاح من خلال توظيف وتوجيه كل هذه العوامل بطريقة صحيحة فكما تُربي المرأة الطفل وتعلمه حتى يكبر ويتعلم ويصبح طبيباً أو مهندساً أو رجل أعمال هي بنفس الوقت قادرة على إنجاح المشروع الذي ترعاه بنفس الطريقة.
هناك كثير من سيدات ورائدات الأعمال يخضن التجربة ويفشلن لأسباب كثيرة منها أسباب اجتماعية ما سبب ذلك؟
نحن للأسف في اليمن يحكمنا إطار اجتماعي إذا خرجت المرأة عنه يحكم عليها بالفشل باعتبار أنّها خرجت عن المألوف، لذلك من ضمن المشاريع التي يجب أن تطور هي المناصرة والتوعية بقضايا المرأة وتقبل عملها في مجالات الأعمال الاقتصادية، وهو أمر مهم حتى يتقبل الرجل مشاركة المرأة وعملها في تنمية المجتمع ونحن نرى شواهد كثيرة.
فإذا أنت علّمت المرأة ودرّستها في الجامعة وأنت تعوّل عليها في التنمية الاقتصادية إذاً تقبّلها في المشاركة بالأعمال كونها لا تختلف عنك بالعقل والإبداع والعمل والجهد وهي قوة اقتصادية بشرية هائلة إذا تم استغلالها بالشكل المناسب.
ثم المجتمع ينفق تريليونات على تعليم المرأة صحيح أنّ هناك أثر إيجابي في تعليم المرأة من أجل الأسرة وتخريج أسرة متعلمة وتعليم الأولاد لكن بالمقابل هناك أعباء إضافية، على الحكومة من ناحية كونها تخسر مورداً اقتصادياً بشرياً مهماً لا يشارك في التنمية من ناحية ومن ناحية أخرى أعباء على الأسرة، ولكن بمشاركة المرأة تستطيع المرأة أن ترفد الأسرة بمورد آخر ويستطيعون أن يعيشوا كلهم حياة أفضل، خاصة أصحاب الدخل المحدود وحتى لو كنت أستاذاً جامعياً أحياناً دخل الأستاذ الجامعي لا يكفيه ليعيش حياة كريمة وبالتالي إذا كانت زوجته أستاذة جامعة أو مهندسة أو طبيبة أو موظفة هذا يساعد ويرفد الأسرة بدخل إضافي مهم.
هل يعود ذلك إلى العامل الاجتماعي باليمن الذي يعتبر عمل المرأة عيباً؟
هو سبب وعائق رئيس فهو الحرباء التي تهدد المرأة وتتعبها وتعيق مشاركتها في الحياة وتحرمها من كثير من الطموحات حين تكون قادرة على العطاء في شتى ومختلف المجالات، والسبب كله هو عامل خوف مبالغ فيه على المرأة وخروجها لمجال العمل، ولهذا كما قلت نحن بحاجة إلى توعية ومناصرة في هذا الجانب.
هذا يحتاج إلى زمن طويل؟
لا أبداً إنما يحتاج إيماناً بالمرأة، فهناك أحياناً كما ذكرت عامل خوف على المرأة، خوف سلبي يؤثر عليها وعلى ثقتها بنفسها وبالتالي عدم الثقة بالمجتمع.
ربما المجتمع ليس مهيّأً لذلك؟
العكس هو مهيأ تماماً فالرجل يسافر للخارج ويقابل في عمله نساء، ويخرج للعمل في اليمن وفي مجال عمله نساء وهو طوال الوقت يتعامل مع النساء، وهناك تعامل في منتهى المهنية والمرونة والأخلاق.
كونك أستاذة جامعية، ألا تعتقدي أنَّ للجامعة دوراً كبيراً في تخريج الموارد البشرية، فهل تعتقدي أنَّ مخرجات التعليم الحالية قادرة على مواجهة هذا التحدي؟
مخرجات التعليم ما زالت بحاجة إلى إعادة هيكلة وجهد كثير، هناك محاولات ولكنّها محاولات محدودة، طبعاً أنا أدرّس في كلية التجارة منذ عام 2000م، ولاحظت أنّ الأعداد كبيرة جداً، وبيئة التدريس أو التعليم بيئة غير مكتملة، مكتبات ناقصة، ناهيك عن أنَّ الأستاذ الجامعي يعمل بدون مرتب منذ عام 2015م، ولك أن تتخيل النتيجة، جودة ومنهج التعليم ضعيف، وبالتالي فنحن بحاجة إلى جهد كبير جداً في هذا المجال، لأنّ الذي نعاني منه الآن هي عملية تراكمية منذ عقود، فالممارسة غير الصحيحة تؤدي في النهاية إلى نتائج غير صحيحة، فلو جئنا إلى تقييم التعليم منذ ثورة سبتمبر سنجد أنّها مرت بمرحلة صعود وهبوط وهي مرتبطة في الأخير بالوضع السياسي والوضع الاقتصادي، ولكن نرجع ونقول إنّ الموارد البشرية تظل هي أهم عنصر في الموضوع، وأذكر أنني عندما كنت أدرس الماجستير في ذلك الحين، المكسيك كانت في الحضيض وأمريكا كانت مسيطرة على كل مواردها، فماذا عملت المكسيك، قامت بإرسال عدة مئات من الطلبة للدراسة في جامعة هارفارد، وأنفقوا عليهم وفي الأخير قالوا لهم:” تعالوا ابنوا بلادكم”، وهم عبارة عن موارد بشرية وفعلاً بنوا بلادهم من الصفر، إذاً الخلاصة أنّه إذا وفرنا الموارد الكافية للتعليم بحيث نخلق بيئة تعليمية محفزة ونخلق عنصراً بشرياً قوياً ومؤهلاً، سنجد النتيجة كبيرة، وهناك تجارب دول كثيرة في كوريا وماليزيا وغيرها كلها تجارب اعتمدت على التعليم وتأهيل الكادر البشري.
إذاً الأمر لا يتعلق بالكم ولكن الكيف؟
نعم بالضبط، فما هو ملاحظ عندنا أنّ الشعب اليمني (فتيُّ) ولديه زيادة سكانية كبيرة، حتى أثناء الحرب، ارتفعت هذه الزيادة السكانية وبالتالي هؤلاء العناصر البشرية الجدد بحاجة إلى تعليم وتعليم نوعي، ولكنّه لم يجده منذ عام 2009م بداية بوادر الأزمة السياسية في اليمن، فإذاً نحن أمام مشكلة حقيقية في تقديم خدمة تعليم حقيقي ونوعي، فهل نستطيع أن ندرك حجم هذه المشكلة، ومعالجتها، وفي الحقيقة هي ليست مسؤولية شخص أو فئة أو مؤسسة هي مسؤولية وطنية جماعية.
معنى ذلك أنّ اليمن يواجه تحدياً كبيراً فيما يتعلق بالموارد البشرية خلال المستقبل القريب؟
مائة في المائة اتفق معك، والواقع أنّ الجميع مسؤول عن هذا الأمر أستاذ الجامعة والمؤسسة التعليمية والدولة وحتى الطالب يجب أن يكون لديه فكر التعلم، وليس التعليم من أجل الشهادة، وهذه مشكلة التعليم في اليمن، فيجب أن نعلم أولادنا أنّ الأساس ليست الشهادة ولكنَّ الأساس أن تخرج بمهنة وأداة وقدرة تستطيع أن تمارسها وتطورها وتنقلها، إذا خلقنا هذا الفكر بين الناس أعتقد أننا نستطيع أن نقاوم كل المتغيرات التي تواجه البلاد.
نتحدث عن الثورة التعليمية والتكنولوجية، كيف يستطيع القطاع الخاص اليمني أن يواجه هذه الثورة التكنولوجية الهائلة وينافس عالمياً؟
في رأيي أنّ القطاع الخاص مدرك لهذا الأمر فالمشاهد أنّ هناك تطور كبير في الجانب المصرفي، وفي جانب النقود الإلكترونية والموبايل موني، إلى جانب أنّ المؤسسات تتابع كلَّ جديد فيما يتعلق بالأنظمة، وإذا دخلت الشركات ستجد أنّ لديها الحد الأدنى من الأنظمة المعلوماتية لكنَّ مشكلتها أنّها لا تنمو بشكل سريع، فهي ليست ديناميكية مثل العالم الخارجي وهذا مرتبط ببيئتنا التي نشتغل فيها.
ماذا تحتاج بيئة الأعمال في اليمن حتى تكون بيئة قادرة على مواجهة التحديات العالمية؟
إذا أردت أن نتحدث عن ذلك فإنّها تحتاج حوكمة مؤسسية، وقيادة عندها رؤية واضحة، واهتمام بالإنسان (المورود البشري)، والتعامل مع المتغيرات الخارجية والدولية بشكل أكثر توازناً وأكثر حكمة بما يحقق مصلحة البلد، بما يحقق مصلحة اليمن أولاً ويحقق مصلحة اليمني ثانياً، وضع خطط واضحة لما يحتاجه الإنسان اليمني، وتسهيل حركة التنقل داخلياً وخارجياً، لأنَّ القطاع الخاص والأعمال تخدم 30 مليون يمني.
كونك عضوة في عدة تكتلات اقتصادية داخلية وخارجية معنية باليمن ما هو الدور الذي تقوم به هذه التكتلات؟
أنا عضو في فريق الإصلاحات الاقتصادية، تأسس عام 2012م وكنَّا نقدم الكثير من التوصيات الاقتصادية لرئاسة الوزراء، وأيضاً عضو في رواد التنمية تأسس عام 2016م تقريباً بمبادرة من مركز صنعاء، بدعم أممي لأنَّهم يريدون أن يسمعوا اليمنيين كيف يضعون رؤى عن الاقتصاد الخاص ببلدهم، كذلك عضو في التوافق النسوي للأمن والسلام تأسس عام 2015م على هامش اجتماع دولي مهم عن اليمن في كيفية مساعدة اليمن في حالة الحرب، في الجانب الاقتصادي والإنساني وهو تأسس بمبادرة من مكتب المبعوث الأممي لليمن.
كيف تنظري إلى دور القطاع الخاص في مرحلة الإعمار باليمن؟
إذا لم يتحرك القطاع الخاص بوصفه تكتلاً موحداً عبر الغرف التجارية والاتحاد العام ويكون له صوت خارجي يمكن أن يفوته القطار، وسيكون هناك فئات أخرى تأخذ على عاتقها هذه المبادرة وتشتغل عليها دون مراعاة احتياجات ومصالح القطاع الخاص واليمن.
إضافة تودين قولها؟
نعم علينا أن نجعل من المرأة شريكة حقيقية للرجل وتساهم بفاعلية في شؤونه وقياداته، فالتنويع في المجتمع بين النساء والرجال يخلق الإبداع والسلام والتوازن الحقيقي للحياة، فمثلاً فنلندا لم توقف الحرب فيها إلا امرأة تم تعيينها وزير دفاع وأوقفت الحرب، والمقصود لا بد أن يستفاد من حكمة المرأة وقدراتها العقلية والإدارية ومساهمتها في بناء الدولة والاقتصاد، أعتقد إذا تم ذلك فإنه سيساهم في تحسين وضع اقتصاد البلد كثيراً.
43% : الصراع أبرز العوائق امام عمل القطاع الخاص في اليمن
صوت الأمل قالت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر لصالح صحيفة صوت الأمل، في ش…