الرياضة عند الأطفال… ما بين الأهمية الصحية وتقصير الجهات الرسمية
صوت الأمل – سماح عملاق
في جولات متفرقة قامت بها “صحيفة صوت الأمل” تمكنت من ملاحظة تجمعاتٍ مختلفة لأطفالٍ يلعبون في الأزقة والميادين الترابية، لعدم وجود نوادي خاصة للأطفال تقوم بتدريبهم وتوجيه إمكاناتهم وتطوير أدائهم الرياضي في مختلف الأنشطة والمجالات الرياضية. لم تكتمل في ذهن أطفالٍ كُثر أهمية الرياضة فمعظمهم لا يرونها هواية يجب تنميتها، بل تسلية وترفيه، باستثناء من كانوا نسلًا لرياضيين.
“بما أن الرياضة مكون رئيس ومهم للاهتمام بصحة الطفل، فكل مرحلة عمرية تستلزم أنواعًا معينة من الرياضة، وتتطلب برامج تدريبية وتأهيلية خاصة لقدراتهم، ولكن ـ مع الأسف ـ لم تُعطَ هذه الأنشطة للأطفال، وهناك سعي متواصل لتسليط الضوء على هذه الجزئية”. وفقًا لطبيب الأطفال في مستشفى أطباء المنار الدكتور مروان الداعري.
يقول الداعري لـ”صوت الأمل”: إن الاهتمام برياضة الطفل تعدُّ من الأساسيات التي تسهم في تقوية صحة الطفل وشخصيته نفسيًّا وعقليًّا وجسديًّا، فكثير من الأطفال يتعرضون للعديد من الأمراض الوراثية أو المناعية أو أمراض نقص التغذية، وأيضًا الأمراض الالتهابية أو التحسسية، كما أن هناك أطفالًا يعانون من حالات نفسية جراء الأوضاع التي يعيشونها سواء أسرية أم مدرسية أم بسبب تأثيرات الصراع، وكل هذه العلل تؤثر في الطفل وممارسته للرياضة من عدمها.
ذهن الطفل يتجه للألعاب الافتراضية
ينظر الأطفال إلى كرة القدم على أنها لعبة للتسلية والترفيه فيمارسونها من دون أن يعوا الفائدة العظيمة لها, ومع أهميتها لا تحظى باهتمام شامل من المعنيين، فلا توجد أندية متخصصة في هذا المجال للأطفال.
“إن ذهن الأطفال يتجه بواقع الحال للألعاب الافتراضية مثل (البلايستيشن وألعاب الـ3D والأنمي ) وغيرها، لهذا فقد أخذ هذا العالم غير الواقعي حيّزًا كبيرًا من ذهن أطفالنا مما جعلهم يتركون الرياضة إلا من كان متأثرًا بأحد أفراد أسرته أو أصدقائه الذين يمارسون الرياضة”. كما يقول الكابتن عمرو الجماعي (مؤسس ومدير نادي الأسد الرياضي الثقافي في إب).
ويضيف الجماعي: الرياضة تفتقر إلى دعم كبير، كاحتياج الأندية لتوفير الأدوات التي يستخدمها اللاعبون ويحتاجون إليها، مثل: البوكس، والكوتشيات، والكيك بوكسينغ، وكذلك الألعاب المناسبة للأطفال.
فالأندية التي توفر الأدوات هي التي تجعل من ذاتها حاضنة وقبلة ووجهة للأطفال؛ كون الطفل يتجه للنشاط الأسهل الذي يكون في متناول يده كالجوال الذي وجد فيه الطفل كل ما يحتاج إليه من ألعاب الإلكترونية”.
هنا يقول طبيب الأطفال الدكتور مروان الداعري لـ( صوت الأمل): “الجدير بالذكر أن الجري واللعب لا نعدُّها رياضات هادفة من دون مشرف متخصص، حيث إنها لا تمارس على وفق قواعد رياضية صحية مناسبة تحافظ على خصوصية الطفل وصحته، ومن شأنها أن تسبب له التهابات في الجهاز التنفسي خاصة في الملاعب الترابية غير الآمنة صحيًّا.
ويقول الداعري: “إنه من المهم التركيز على الرياضات التي تناسب عمر الطفل وحالته الصحية وبنائه الجسدي”
وحذر من سوء اختيار اللعبة التي يمارسها الطفل، كما نبه على أنه لا يصح أن يلعب الأطفال صغار السن ألعابًا تنافسية مع أطفال أكبر منهم، لأن هذا الأمر قد يؤدي إلى عواقب صحية كبيرة كالكسور في العظام والرضوض، بل وتخلق مشكلات نفسية لدى الطفل.
تقول والدة الطفل إبراهيم الوصابي (الحاصل على الحزام الأصفر في الكاراتيه من نادي شعب إب): إن الرياضة في نظر طفلها كالغذاء والهواء، وهو حين بدأها كان يلعبها للتسلية لكن زيارته المستمرة للنادي طوَّرت من مهاراته وقدراته أكثر، فهو يتمرن تحت إشراف مدرب وخبير متخصص، الأمر الذي جعله يحصل على الحزام الأصفر وعمره لم يتجاوز الـ9 سنوات.
الرياضة أفضل في فترة النمو
تؤثر الرياضة على النمو الذهني والبدني عند الأطفال تأثيرًا كبيرًا في نظر مدير نادي الأسد الكابتن عمرو الجماعي، حيث قال: “إن فترة النمو للطفل تبدأ من عمر 9 أعوام إلى 16 عامًا، وإذا مارس الطفل الرياضة في فترة النمو هذه فستصير بنيته الجسدية والعقلية أفضل من أي شخص آخر لا يمارس الرياضة؛ لأنها تساعد الطفل على التغذية السليمة والنوم السليم، وتقوم بتجديد الدورة الدموية، وحرق طاقة أكبر، ونمو أفضل لعظام الطفل”.
الدكتور مروان الداعري يستقبل في عيادته المتخصصة بطب الأطفال عددًا من الأطفال الذين يعانون من نقص الكالسيوم أو الهشاشة في العظام أو التشوهات الخلقية، لذا فهو يقدم النصح لأهل الطفل بضرورة أن يمارس ذلك الطفل الرياضات المتنوعة والمناسبة لبنيته، فهو ينظر إلى الرياضة على أنها نشاط يهتم بصحة الطفل اهتمامًا غير مباشر.
وأضاف: “ينبغي للأم والأب أن يزورا طبيب الأطفال من دون أن يكون هناك مرض ظاهر؛ فطبيب الطفل يستطيع تشخيص الأمراض التي لا يلاحظها الوالدان، ولا مانع أن يسألوا الطبيب عن جوانب اللياقة للطفل في مراحله العمرية المختلفة، فقد توجد موانع تتعلق بالحالة الصحية والبدنية والنفسية للطفل، ومن ثمَّ فإن ممارسة الرياضة يجب أن تخضع لهذه المعايير وفقًا لتقنين مهني يحدد الرياضات المسموح له بها وغير المسموح بها”.
غياب الأنشطة الموجهة للطفل
يؤكد الجماعي (مؤسس نادي الأسد الرياضي في محافظة إب) “عدم وجود أندية تعمل على إدراج برامج رياضية في المجتمع أو على المسجلين في البرامج الرياضية بحيث توجه للأطفال، فالإهمال كبير ويبدأ من وزارة الرياضة إلى أسفل الهرم”.
ويردف قائلًا: “لا توجد أي جهود رسمية تبذل في جانب رياضة الطفل، فعلى سبيل المثال لم أحظَ خلال مشواري الرياضي في نادي شعب إب بأي اهتمام من الجهات الرسمية ولا حتى النادي، ومع ذلك حصلت على لقب بطل المحافظة والجمهورية ولقب البطل العربي، وشاركت في بطولات داخلية وخارجية”. يقول مدير عام النشاط الرياضي في وزارة الشباب والرياضة بعدن، رائد علي نعمان: “نتيجة للأوضاع القائمة لا نستطيع تقييم الرياضة، ولكن قيادة الوزارة تبذل جهودًا كبيرة لإعادة الأنشطة الرياضية وتحقيق الأهداف المرجوة لحصول جميع الفئات العمرية، بما فيهم الأطفال، على الدعم اللازم لتطوير الأنشطة الرياضية التي يبدعون بها، ويجب أن تتظافر الجهود من أجل الارتقاء بالنشاط الرياضي على مستوى البلاد”.
38% أكثر التحسينات المقترحة للرياضة الاهتمام بالأندية
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفو…