من معلمٍ إلى تاجر… علي الحماطي وورشة العرش للألومنيوم
صوت الأمل – سماح عملاق
يعمل علي أحمد الحماطي معلمًا للغة العربية في ثانوية جمعان، مديرية رداع بمحافظة البيضاء، ومنذ قرابة العشرين عامًا وهو مكتفٍ ذاتيًّا بوظيفته، فلم يعمل في الجانب المهني على الرغم من خبرته ودراسته السابقة؛ لأن التدريس مهنته المقدسة والأحبّ إلى قلبه.
وعقب انقطاع رواتب الموظفين أجبرت الظروف المعيشية عليًّا على تذكر عمله المهني لأجل لقمة العيش، فهو مسؤول عن أربعة إخوة وزوجة وولد.
لم يخجل علي أحمد الحماطي(45 عامًا من البيضاء) من مهنته التي هجرها لاكتفائه بالعمل مدرسًا، لكنه في عام 2011م تذكر أنه كان يتَّجه نحو معهد البيضاء المهني؛ ليتعلم حرفةً يستغل بها وقته في العطل الصيفية للمدرسة، قبل تخرجه منها عام 1990.
وبحلول مارس 2011م اتَّجه علي نحو أول ورشةٍ لتصنيع الألومنيوم في مركز مدينته؛ كي يستفيد مما تعلمه في مسيرته المهنية بعد أن فقد راتبه الشهري بسبب الصراع، واليوم يمتلك أكبر ورشة لتصنيع الألومنيوم في ضواحي محافظته بعد عمل دام ست سنوات.
ميلاد ورشة العرش للألومنيوم
“مع أن ظروفي سمحت لي بإكمال دراستي الثانوية والجامعية، وكانت عائلتي الكبيرة في انتظاري لأرفع رأسها وأكون موظفًا حكوميًّا، لكنني مع ذلك احتفظتُ بشعلة طموحي، وشغفي الكبير بعد هجرانه”. يقول علي الحماطي (مالك ورشة العرش للألومنيوم في البيضاء).
أجبرت الظروف المادية عليًّا على ترك عمله في المدرسة بسبب توقف الراتب مصدر دخله الوحيد، ليبدأ برحلة البحث عن مصادر حرّة للدخل.
يقول علي: “كانت حياتنا على ما يرام في ظل وظيفتي الحكومية، لكن ظروف الأزمة جعلت من كلِّ موظف لاسيما المعلمين يفكرون في البحث عن مصدرٍ آخر للعيش، وقد طرحتُ على العائلة خيارات عديدة من ضمنها شراء باص للنقل، أو افتتاح بقالة”.
ويتجلى السبب الرئيس في اختياره لورشة الألومنيوم فيما رواه الحماطي من أن أحد الأصدقاء اقترح عليه أن يستغل دراسته القديمة في المعهد المهني، وأخبره أنها الطريق الأقصر والأنسب لتحقيق حلمه وتحمل مسؤوليته في آنٍ واحدٍ، وكان ذلك.
تفوّق عليُّ في تعلُّم تصنيع الألومنيوم، فقد تدرَّب منذ زمن في ورشةٍ متواضعة ليحصد حصيلة السنين، لم يتوقع علي أبدًا أن تصبح هذه الدورات القليلة مصدر عيشٍ وترف لعائلته في ظل أزمة خانقة تعاني منها البلاد.
عقبات
يوكّد علي أنَّ احتمالية الخسارة كانت أكبر من الكسب، لكنه تحمَّل المسؤولية، وبدأ في تجميع العمال حوله ليشرف عليهم ويحقق حلمه بأن يغدو رجل أعمالٍ.
يوضح علي لـ “صوت الأمل” أن عملية الحصول على التمويل كانت من أعظم التحديات التي واجهته في البداية، كذلك الحصول على التراخيص اللّازمة لافتتاح ورشته، وعملية التعاقدات مع محلات البيع في بقية المحافظات.
لكنه وبتوجيهات من بعض رواد الصنعة استطاع أن يشقَّ طريقه بنفسه، بدأ بجهود متواضعة للغاية لتصبح (ورشة العرش) اليوم من أفضل ورش تصنيع الألومنيوم وتصديره لبقية محافظات الجمهورية.
تواجه اليوم ورشة العرش تحدِّيًا آخر هو كفاية الطلب، ولحل هذه المشكلة قام علي بمضاعفة عدد عمال الورشة، وتجهيز معملين إضافيين.
يقول علي: إن الطلب يزيد على العرض أخيرًا مع استقرار الأوضاع الأمنية في البلد، وأن العكس كان صحيحًا قبل عامٍ فقط.
وفيما يخص الجهات الداعمة، يقول: “لم تدعمني أيُّ جهة رسمية، إنما وقف لمساندتي صديق سابق، حيث إنه كان تاجرًا كبيرًا في المفروشات، وكان دعمه قرضًا قضيته خلال أقل من عام ونصف، إذ افتتحت الورشة في يونيو 2015، وقضيت الدين في مارس 2017”.
ومما يرويه علي أن الدعم المعنوي كان مساندًا له في بداياته وما زال حتى اللحظة، وأن نظرة المجتمع الإيجابية له ساعدته كثيرًا وعزَّزت من ثقته بنفسه ودفعته إلى المغامرة بافتتاح ورشة بأقل من نصف رأس المال اللّازم.
ساندت عليُّ زوجته وكذلك إخوانه الأربعة، ولنعم الأصدقاء هم -حد قوله- ويحكي علي موقف زوجته التي آزرته في الشدائد ووقفت إلى جانبه عند كل خسارة تعرض لها، فقد عملت على تشجيعه ودعمه بحليّها حين تطلب الأمر ذلك، وهو اليوم أكثر ثباتًا ويخطط لافتتاح فروع لورشة العرش في المحافظات الأخرى. واختتم عليُّ حديثه بالقول: “إن للمعهد المهني الدور الأكبر في مسيرتي العملية، وما كنت لأصل إلى ما وصلت إليه من دون المعرفة الأساسية التي نهلتها من أساتذتي في المعهد”. وأكد أن مشروعه حيويٌّ ومهمٌّ، ويخدم عملية بناء البلد، وأنه يحرص على تقديم كل جديد.
58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…