إعادة الإعمار، من أين نبدأ؟!
صوت الأمل – هاجر سامعي
“إعادة الإعمار” هذا المصطلح الرنان، الذي يشي بكثير من الأسرار البئيسة حول بلد ما ويروي حكايات لا يمكن أن يتصورها عقل أو يدركها خيال، يقول بكل الوسائل: “أمامنا بلد محطم، وشعب مهزوم من الداخل، وأعداء كثر، وأموال مهولة لا بد من استثمارها ورؤية لتنمية مستدامة ينبغي تطبيقها، إنما من أين تكون البداية؟” هذا هو السؤال المهم الآن. هل نبدأ إعادة الإعمار من المؤسسات الهشة؟ أم من البنى التحتية شبه المدمرة؟ أم من المشاريع التي ما تزال حبرًا على ورق أو فكرة في خزانة بنك مستغلٍ يرى الأرباح أهم من أرواح الناس؟ أم يبدأ إعادة الإعمار من الإنسان أولًا؟
إن أسئلة مشروعة كهذه تستدعي الحفر العميق والدراسات الجادة من جميع المعنيين بأمر اليمن لإيجاد إجابات مقنعة، ومن ثم تحويل كل الإجابات إلى واقع ملموس ينتشل هذا البلد من وحل الضياع والدمار والتناحر ويعيد إليه الحياة ولأبنائه الأمل والعيش بكرامة؛ إذ يكفيه ما قد عاناه ويعانيه إلى اليوم.
تبدو المؤسسات والبنى التحتية والمشاريع والإنسان، بوصفهم مكونات مستقلة ومتواشجة في آن، متساوية الأهمية؛ فهي تحتاج جميعها إلى إعادة إعمار حقيقي، لكن أول خطوة يجب أن تتخذ لكي يكون الإعمار مجديًا وحقيقيًا وسامحًا بتنمية مستدامة هي وقف النزاع وإيقاف الصراعات كافة؛ فمن هذه الخطوة يمكن أن نؤسس لبناء يمن جديد مستند على حضارة تليدة وإنسان قوي وفاعل وقادر على إحياء بلده، ومقبلٍ على مستقبل واعد ينافس الدول المتقدمة.
بعد إيقاف الصراع يجب النظر نحو بناء الإنسان اليمني، ذلك الإنسان الذي ضُرب عليه الشقاء منذ زمن طويل وهو يستحق الآن تقديرًا يليق به بعد كل هذه المعاناة والبؤس، فقد غمطت قدراته وأهينت كرامته في أراضيه وفي المحافل الدولية، وقُللِّ من شأنه ولم ينظر إليه ولا إلى قضاياه كما ينظر إلى أي إنسان آخر على وجه الأرض. لا يريد الإنسان اليمني أكثر من عدل إنساني وأن يترك له شأنه يديره كيف يشاء.
إن إعادة إعمار الإنسان هي أصعب أنواع الإعمار؛ فبقية الأنواع التي تستهدف البنى التحتية والمؤسسات وتنفيذ المشاريع وإحياء الاقتصاد جميعها تصب في صالح الإنسان ومن أجله ولا تقوم إلا به، ومن ثَمَّ لا بد أن يهيئ الإنسان اليمني للمرحلة القادمة، للمرحلة التي تحتاج ذهنًا صافيًا وطرق تفكير منفتحة ومرنة تستوعب ما حدث ويحدث وما سيكون. وقبل هذا وذاك معالجة نفسيته من الآثار السلبية والسيئة التي تركتها النزاعات فيه فأعمته وحطمته وجعلته يشعر بالعجز والعدمية واللاجدوى.
ومن بعد الاهتمام بإعادة إعمار الإنسان، على جميع الجهود أن تتكاثف لبناء اليمن وفق ركائز الإعمار المتعارف عليها، وهي الأمن والعدالة والمصالحة والرفاه الاجتماعي والاقتصادي والحوكمة والمشاركة، وأن تؤسس هيئة نزيهة متخصصة لإعادة الإعمار تتضمن وحدات إدارية للرقابة منعًا لأي فساد أو اختلالات وأخرى تنفيذية تشرك كل الأطراف في العمل وتسعى إلى الاستغلال الأمثل للموارد والقدرات البشرية المادية واللوجيستية، وأخرى لضمان الجودة وضبط المواصفات، إضافة إلى وحدات أخرى مساندة تعمل جميعها معًا بشفافية وتنافس من أجل هذا الهدف النبيل؛ فاليمن في حالة انهيار تام ويحتاج لإنعاش سريع جدًا.
92.9% اللُّحمة المجتمعية أولوية لإعادة الإعمار في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبانة إلكتروني أجراها ي…