التأثيرات البيئية والصحية لمخلفات البلاستيك وطرق التخلص منها
صوت الأمل – علياء محمد
وفي تقرير صادر عن المركز الوطني للمعلومات بعنوان «الأكياس البلاستيكية والحد من التلوث البيئي» ذكر أن اليمن لم تعرف أكياس البلاستيك إلا في مطلع عقد الثمانينيات، وقبل ذلك كان اليمنيون يستخدمون الأكياس المصنوعة من القماش أو القش إلى جانب الأكياس الورقية التي تعد صحية وغير ضارة بالبيئة.
أما الآن أصبحت الأسر اليمنية تستهلك كميات كبيرة من الأكياس والمواد البلاستيكية في حياتها اليومية عند الشراء أو التسوق، فتتراكم مخلفات البلاستيك تراكمًا لافتًا وكبيرًا، وتعد من أشد الملوثات البيئية التي ثلوث المنظر العام والتربة والهواء.
البلاستيك أخطر الملوثات
جميل قاسم محمد (رئيس قسم الكيمياء كلية العلوم جامعة إب) يقول: بدأ إنتاج البلاستيك في العام 1839م، ومنذ عام 1950م إلى عام 2018م، صُنِّع نحو 6,3 مليار طن من البلاستيك على مستوى العالم
، 9% أُعيد تدويره و12% تم ترميده (حرقه)، وما تبقى يلقى في البيئة من دون أي معالجات.
مضيفًا، أن التلوث بمخلفات المواد البلاستيكية واحد من أخطر أنواع التلوث البيئي، والبلاستيك يعد من أكثر المواد انتشارًا ولا يزال الطلب على المنتجات البلاستيكية في تزايد مستمر؛ وذلك لما يتمتع به من مواصفات مثل: القوة والمرونة وخفة الوزن ومقاومته للتآكل وسهولة تشكيله وانخفاض تكلفته نسبيًّا.
ويؤكد قاسم، أن البلاستيك -اليوم- واحد من أهم المنتجات التي لا يكاد يوجد منتج يخلو منه، فهو يدخل في صناعة قوارير المياه، والملابس، وتغليف الأطعمة والمنتجات الغذائية، وفي صناعة السيارات، وشبكات المياه، والأواني المنزلية، والقطع الإلكترونية.
مشيرًا إلى أن، هناك الكثير من أنواع البلاستيك التي تختلف في تركيبها وخواصها ونوع المضافات حسب الهدف من التصنيع، فهناك مواد بلاستيكية تصنع لأغراض الاستخدام المتكرر، وهناك مواد بلاستيكية تصنع لغرض الاستخدام لمرة واحدة مثل البولي إيثيلين ثلاثي الفثلات (Polyethylene Terephthalate (PET)) التي تستخدم في صناعة قوارير المياه وعلب العصائر.
المنشآت المنتجة لمواد البلاستيك
في العام 1997م أصدر مجلس الوزراء قرار رقم 146 الخاص بالأكياس البلاستيكية؛ للحد من تأثير الأكياس البلاستيكية في البيئة، وجاء فيه منع دخول أي أكياس بلاستيكية عند سماكة أقل من 70 ميكرون للوجه، بالإضافة إلى إلتزام المصانع المحلية بإنتاج الأكياس المصنوعة من مادة بولي إيثيلين منخفضة الكثافة، ومادة بولي إيثيلين مرتفعة الكثافة عند سماكة 60 ميكرون للوجه كحد أدنى.
من جانبه أوضح قاسم صالح عبد الرحمن (مدير إدارة تأكيد الجودة) أن الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة أصدرت تعميم رقم 211 لسنة 2013م، ووفقًا للأنظمة واللوائح الفنية، منعت بموجبه دخول المواد الأولية التي صُنِعت بإعادة تدوير المخلفات من العبوات والمنتجات البلاستيكية المستخدمة حرصًا منها على صحة المستهلك وسلامة البيئة.
وحول أهم المعايير والشروط التي تفرضها الهيئة على المعامل ومصانع إنتاج المواد البلاستيكية، يقول عبد الرحمن: «من الضروري أن تكون المواد البلاستيكية قابلة للتحلل، وهناك أنواع لها النوعان الرئيسان هما: (أوكسو- OXO قابلة للتحلل) وتندرج تحت هذا النوع المواد التي تتحلل عن طريق الأكسدة، حيث يتحلل البلاستيك حتى يصبح كل ما تبقى هو ثاني أكسيد الكربون والماء والدبال ولا يترك أي بتروكيماويات في التربة.
أما النوع الآخر وهو (المائي تحلل) وتندرج تحت هذا النوع المواد التي تتحلل بيولوجيًّا عن طريق التحلل المائي، حيث يتفاعل فيه الماء مع مركب لإنتاج مركبات أخرى، لاسيما أن المواد البلاستيكية تحت هذه الفئة تصنع من مصادر متجددة، وتحتوي على محتويات النشا والزيت.
ويردف عبدالرحمن، أنه في كلتا الحالتين يبدأ التدهور بعملية كيميائية (أكسدة أو تحلل مائي)، تليها عملية بيولوجية، وكلا النوعين تنبعث منه ثاني أكسيد الكربون 2CO كما أنها تتحلل، ولكن المائية القابلة للتحلل الحيوي سوف ينبعث منها غاز الميثان في ظل الظروف غير الهوائية على سبيل المثال في عمق مدافن النفايات.
موضحًا، أن هذه الأنواع قد اجتازت جميع اختبارات السمية البيئية المعتادة، بما في ذلك إنبات البذور ونمو النبات وبقاء الكائن الحي، وفقًا لمعايير منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
أضرار المخلفات البلاستيكية
يتركب البلاستيك من مادة سهلة التشكيل، ويطلق عليها (البوليمرات) تتكون من العديد من المركبات العضوية وغير العضویة مصنعة من البتروكیماویات، حيث تقوم مصانع البتروكيماوية بتحويل البترول الخام إلى مونوميرات عن طريق تكسير الروابط.
يرى الدكتور أحمد محمد مجرن (مدير مركز دراسات وعلوم البيئة)، أن موضوع التلوث البلاستيكي من القضايا البيئية التي يجب أن نوليها اهتمامًا كبيرًا جدًا، حيث أثبتت الدراسات خطورة أضرارها على البيئة والإنسان، ويجب أن يعي ويفهم الإنسان كيفية التعامل مع هذه المخلفات؛ كوننا نستخدمها كل يوم في حياتنا اليومية.
ويضيف مجرن: أن كثيرًا من الناس تغفل أضرار الإفراط في استخدام البلاستيك خصوصًا عند حفظ الأشياء الساخنة، حيث أثبتت الدراسات أن ما يحدث من تفاعل بين الطعام والمشروبات الساخنة والمواد البلاستيكية خطر على صحة الإنسان بسبب المواد الناتجة من التفاعل.
حسن عبد الجبار (استاذ بكلية الزراعة) يقول: إن المواد والمخلفات البلاستيكية تؤثر في التربة؛ وتفقدها خصوبتها وتمنع النبات من النمو.
مضيفًا: «البلاستيك من المواد التي تحتاج إلى مدة طويلة لتتحلل فتتأثر بذلك التربة وعملية تبادل الغازات، بالإضافة إلى تكوين طبقات تمنع وصول الماء إلى الطبقة السفلى للنبات».
من جانبه جميل محمد قاسم (رئيس قسم الكيمياء -كلية العلوم جامعة إب) يوضح، أنه حتى عند حدوث تحلل أو تكسر لبعض المنتجات البلاستيكية في التربة فإنها تتكسر إلى مواد نانومترية (جزيئات فائقة الصغر)، وتشير الدراسات إلى أن هذه المواد تحتاج إلى أكثر من ألف عام حتى تتحلل كليًّا وتصبح غير ضارة بالبيئة.
كما يؤكد محمد «أن رمي المخلفات البلاستيكية من دون أي معالجة يؤدي إلى تناثر القطع البلاستيكية على مساحات واسعة من اليابسة والمسطحات المائية، مؤثرًا بذلك في الأحياء المائية مثل الأسماك والطيور والسلاحف والأحياء الدقيقة».
ويشير إلى، أن التأثير في الحيوانات يكون إما عن طريق تعرضها للتسمم وإما لتعرض الكثير منها للاختناق بسبب ابتلاع القطع البلاستيكية، كما يسبب التلوث بالبلاستيك الكثير من الأضرار للإنسان نتيجة ما تحتويه من مواد ضارة، فمعظم المضافات مواد مسرطنة، مثل: مشتقات الفوثالات، كما تسبب مادة BPA اختلالات الغدد الصماء ما يسبب الكثير من الأضرار لجسم الإنسان.
طرق التخلص من البلاستيك
وعن طرق التخلص من البلاستيك، يقول قاسم محمد: «تختلف الطرق المتبعة للتخلص من المخلفات البلاستيكية، التي تكون عادة إما بإعادة التدوير، وإما بالحرق أو ما يسمى بالترميد، وإما بالدفن (الطمر) في التربة، أورميها من دون أي معالجات.
مشيرًا إلى، أن إعادة التدوير أفضل الطرق للتعامل مع المخلفات البلاستيكية، ولكن لا يُدوَّر سوى 9% من إجمالي البلاستيك المنتج في العالم، أما الطريقة الثانية فينتج عنها الكثير من الملوثات التي تنطلق إلى الهواء الجوي ومن ثم تعود إلى التربة والماء وتنتقل بذلك إلى النباتات والحيوانات حتى تصل إلى الإنسان.
«وكذلك الحال عند دفن المخلفات البلاستيكية فإنه يؤدي إلى تحلل جزء منها إلى (مواد نانومترية) تتسرب إلى التربة والماء ثم تصل إلى الإنسان وغيره من الكائنات، وتؤدي عملية حرق المواد البلاستيكية إلى تصاعد الدخان والغازات السامة إلى الهواء الجوي، مثل ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان اللذين يسببان عملية الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة الأرض»، وفقًا لـجميل محمد قاسم (رئيس قسم الكيمياء كلية العلوم جامعة إب).
منبِّهًا، أن هناك الكثير من المواد السامة والخطرة التي تتطاير عند الحرق، مثل: (الأستالدهد، والبنزالدهيد، والاسيتون، والبنزول، وغاز الفوسجين الذي يستخدم في الحروب الكيميائية) كما تؤدي عملية الترميد إلى ترك الكثير من المخلفات الصلبة غير المحترقة تمامًا أو الرماد الذي يحتوي على الكثير من المواد السامة، مثل: العناصر الثقيلة التي تتسرب إلى التربة والمياه.
يقول الدكتور أحمد مجرن (مدير مركز دراسات وعلوم البيئة): إن إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية بعد جمعها من أفضل الطرق للحدِّ من تأثيراتها، بالإضافة إلى نشر وخلق الوعي للاستخدام الرشيد لهذه المواد وعدم الإفراط في استخدامها ومحاولة استخدام البديل الأنسب لها.
مؤكدًا، أهمية دور الجمعيات والمنظمات والجهات المختصة بحماية البيئة لعمل خطط مدروسة من شأنها التقليل والحدِّ من خطر المخلفات البلاستيكية.
جمعية حماية المستهلك:
وفي تصريح خاص لصوت الامل اكد مدير الجمعية اليمنية لحماية المستهلك فضل منصور « هناك مواصفات قياسية لأكياس البلاستيك المستخدمة، ولكن لا يتم الالتزام بتنفيذ هذه المواصفات من جميع الأطراف ذات العلاقة المصنعين والمستوردين وأكياس خاصة ذات السماكة الخفيفة التي تقل عن ٦٠ ميكرو وكذلك الجهات المختصة مضيفا «بينت المواصفات المعتمدة بهذا الخصوص وضع البيانات الإيضاحية على كل عبوة من أكياس ومشمعات عديد الايثلين المستخدمة للأغراض العامة منها اسم الصانع وعلامته التجارية ، اسم المنتج ، مقاس الأكياس ونوعها وبلد المنشأ وتاريخ الإنتاج.
كما ألزمت المواصفات المعتمدة أن يتضمن المنتج أي بيانات إيضاحية أخرى مثل الوزن الذي يتحمله الكيس، سمكه، والإشارة الى مدى الأضرار البيئية.
ويؤكد منصور انه لم يلتزم أحد بتنفيذ المواصفات ولا القرارات المتعلقة بالجودة بل زادت المشكلة وتوسعت نتيجة زيادة الاستخدام والإنتاج لهذه الأكياس والتي أصبحت أكبر ملوث للبيئة ولصحة الانسان والحيوان
وعن دور الجمعية أوضح منصور « إن في مطلع هذا العام شكلت لجنة لموضوع الأكياس البلاستيكية وتم وضع مقترحات الحلول والمعالجات ورفعها لمجلس الوزراء لإصدار قرارات تنفيذية بذلك.
ولم يقتصر دور الجمعية على المتابعة فعملت خلال السنوات السابقة برامج توعوية وإعلانات تحذيرية عن استخدامات هذه الأكياس وخاصة النوع الأسود في كافة وسائل الإعلام تحذير المستهلكين من استخدام هذه الأكياس وإيجاد بدائل
وعن البرامج التدريبية التي تتبناها الجمعية قال: لتونا انتهينا من تنفيذ برنامج تدريبي للمرأة العاملة في القطاع التربوي تحت شعار «معا للحفاظ على البيئة والاستدامة «
وتم تنفيذ هذا البرنامج التدريبي بالتنسيق والتعاون مع وزارة التربية والتعليم ومكتب التربية بأمانة العاصمة واستهدف البرنامج 50 متدربة من مختلف المناطق التعليمية والمديريات بأمانة العاصمة بعنوان «المرأة والبيئة والحد من التلوث البلاستيكي « واستمر البرنامج التدريبي خلال الفترة ٤-٧ أكتوبر ٢٠٢١
وسيستمر دور الجمعية الفاعل في كل القضايا التي تهم المستهلك والمجتمع.
استطلاع.. ازدياد نسبة التلوث في البيئة بنسبة 89 %
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر …