تأثير التغيرات المناخية في القطاع الزراعي – ( إب أنموذجًا)
صوت الأمل – سماح عملاق
ووفقاً لتقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي (أهدف التنمية المستدامة في اليمن) نوفمبر 2020، الذي جاء فيه «أن معظم التغيرات المناخية تشير إلى زيادة تداعيات تقلب الظروف المناخية على اليمن، والتي لها تأثيرات كبيرة تضر بالبلاد نظرًا للمستويات العالية من ندرة المياه والأمطار الحمضية الناتجة عن التلوث البيئي، الأمر الذي أثر في الزراعة ومخزون المياه الجوفية”.
وقد بينت نشرة المناخ الزراعي في اليمن ـ يونيو 2021 التي نفذتها منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ، أن شهر يونيو كان من الأشهر التي شهد فيها اليمن تقلبات مناخية شديدة خاصة فيما يتعلق بدرجات الحرارة، حيث كان يُعد أكثر الشهور حراراً مُنذ بداية عام 2021 ليتجاوز 45 درجة مئوية في بعض المناطق، بالإضافة إلى التأخير في بداية موسم الأمطار ساهم في فقد العديد من المزارعين البذور التي زرعوها في بداية الموسم .
تأثير التوسع العمراني
للتوسع العمراني أضرارٌ على نوعية البيئة التي تمتاز بها الأراضي الزراعية في محافظة إب، حيث نتج التوسع أضرارًا تمثلت في القضاء على المساحات الخضراء من الأراضي الزراعية وزيادة في معدل التصحر، والإخلال بتوازن النظام البيئي للمنطقة، والقضاء على الغطاء النباتي .
يقول المهندس يحيى علي إدريس (نائب مدير مكتب الزراعة في محافظة إب): “تعّد محافظة إب من أخصب الأماكن في اليمن؛ لغزارة أمطارها، ومساحتها الخضراء، لكن هذه المدينة تشكو خطر التوسع العمراني الذي يهدد الأراضي الزراعية بالانقراض”.
ويشير إدريس إلى، أن هناك أسبابًا عديدة تقف خلف الزحف العمراني، أهمها رغبة المزارع في تحسين وضعه المادي، وارتفاع أسعار الأراضي الزراعية؛ حيث بلغ سعر البنه (وحدة مساحة) الواحدة في المدينة ما يقارب 90 مليون ريالًا يمنيًّا، وهو ما يدفع المزارع للسعي وراء الربح السريع والمضاعف بعد هجران العمل في الزراعة.
ويضيف: “خصصت الدولة أماكن للمياه الجوفية لري المزروعات، ومع الأسف نتفاجأ ببناء المنازل عليها وكأنها ملكية خاصة للمواطنين لا للدولة، وللحد من البناء العشوائي في الأماكن الزراعية وعلى الأحواض المائية ينبغي أن يكون هناك ضبط للأمور وإحكامها ودور صارم وفاعل من الجهات المعنية، وإصدار قوانين تجرّم تلك الممارسات”.
مؤكدًا، أن دور مكتب الزراعة في المحافظة ينحصر في تقديم التسهيلات والتوعية والدعم للمزارعين، ولا يمتلك أية صلاحيات لمنع المزارعين من البناء على أراضيهم الزراعية. وفقًا لنائب مدير مكتب الزراعة في محافظة إب.
ندرة المياه
يذكر تقرير منظمة الأغذية العالمية (الفاو) لعام 2019م، أن مخاطر انخفاض توافر المياه العذبة سوف تتوسع، وستظهر مخاطر جديدة خلال القرن الحادي والعشرين وبعده، وستشمل الآثار المستقبلية زيادة خطر الانقراض، فلن تستطيع معظم الأنواع النباتية تغيير نطاقها الجغرافي تغييرًا طبيعيًّا بالسرعة الكافية، لمواكبة معدل تغير المناخ، وستتعرض الكائنات البحرية لمستويات أكسجين أقل وارتفاع حموضة المياه، وقد لا تكون قادرة على التكيف مع هذه التغيرات، وقد يؤدي المزيد من تغير المناخ أيضًا إلى تهديد الأمن الغذائي عن طريق التأثيرات في المحاصيل الغذائية والأعلاف الحيوانية النباتية.
تظهر الدراسات التي ذكرتها اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ووكالات الأمم المتحدة واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ UNFCCC لعام 2018م، أنه كلما ازداد معدل حدوث الجفاف وأصبح أكثر شدة، فسوف تواجه المنطقة تناميًا في ندرة المياه والإجهاد المائي، مع احتمالية زيادة الصراعات حول المياه.
وتبعًا للدراسة سوف ينخفض الإنتاج الزراعي الذي يعتمد اعتمادًا رئيسًا على هطول الأمطار لري المحاصيل في كثير من البلدان، ونتيجة لذلك ستنكمش المحاصيل بنحو 50% بحلول عام 2020م في بعض الدول من قارتي أفريقيا وآسيا، وستتراجع العائدات الصافية بنحو %90بحلول عام 2100، كما ستُفقَد الكثير من الأراضي الزراعية مما سيتسبب في معاناة الكثير من المزارعين، وهذا سيؤثر سلبًا في الأمن الغذائي.
المبيدات الحشرية
يقول موسى محمد سعد (50 عامًا، مزارع من محافظة إب): «إنه يبتاع المبيد لمزرعته بعد أن يصف للبائع المشكلة فيعطيه الدواء، أما تحديد الكمية المطلوبة وعدد مرات الرش فيقدره شخصيًّا من دون استشارة”.
ويضيف موسى: “في كل مرة أرش فيها المبيد أشعر بتهيُّج في صدري، وضيق في تنفسي مصحوبًا بكحة شديدة، استمرت معي عدة أيام، وعامًا بعد عام أصبحت الكحة لا تفارقني، فكما يبدو أنني أصبتُ بمرضٍ مزمن”.
كشفت رسالة ماجستير نشرت عام 2019م بعنوان “المبيدات الزراعية وأثرها على الصحة” للباحثة ناريمان جبر العطاونة (باحثة في شؤون البيئة من فلسطين) عن تَعاظُم خطر إصابة المزارعين بعدد من الأمراض، منها الفشل الكلوي والكبدي وأمراض الجهاز العصبي والأورام السرطانية؛ نتيجة الإفراط في استخدام المبيدات الحشرية وطول مدة التعرُّض، وأثبتت الدراسة وجود ارتباط بين المستوى التعليمي للمزارع وكيفية تحديده الجرعة المطلوبة من المبيد، وأنه كلما زاد مستواه التعليمي زادت كفاءته في تحديد الجرعة من دون إفراط.
وذكرت دراسة مصرية أجراها فريق من جامعة المنصورة بالتعاون مع جامعة ميونيخ في ألمانيا، أواخر 2018م، أن التعرُّض المفرط للمبيدات الحشرية يزيد من خطر إصابة المزارعين بمرض الشلل الرعاش، وكشفت عن وجود جين يزيد من فرص الإصابة بالمرض لدى الأشخاص الذين يتعرضون للمبيدات الحشرية. على وفق التقرير الملخص للدراسة الذي حصلت مُعِدِّة التقرير على نسخة منه.
وأوضح عبد الواحد أحمد (51 عامًا، مزارع من إب)، أن التأثير المناخي في الغالب يؤثر في نتيجة المحاصيل الزراعية وجودتها، حيث تتأثر بسبب ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها، ومعدل هطول الأمطار، وأحيانًا تتزايد أعداد الآفات الحشرية التي تضر بالمحاصيل الزراعية ، وتسبب لنا خسائر كبيرة.
كما أضاف ، أن زيادة ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى تلف بعض النباتات الغذائية التي قد تسبب تصحر وجفاف في بعض المناطق، ويحدث أيضًا اضطرابات في كميات المياه.
وقال: إن الأراضي الزراعية تستفيد من عملية هطول الأمطار، حيث تصبح الأوراق رطبة وتخلق مساحة للتبخر وتصبح التربة رطبة فترة طويلة وصالحة للزراعة.
بوابة للمعالجات
(مركز يمن انفورميشن سنتر للبحوث والدراسات التنموية والإنتاج الإعلامي) في منتصف يونيو 2021م، أقام ورشة عمل حول “ أثر التوسع العمراني في التنمية الزراعية محافظة إب” وذلك بالتعاون مع جامعة المستقبل في العاصمة صنعاء، هدفت إلى تسليط الضوء على تأثير مشكلة التوسع العمراني المتزايد في مساحة الأراضي الزراعية، وتأثرها بالتغيرات المناخية خلال العام، ووضع حلولًا علمية للحد من الزحف العمراني المؤثر سلبًا في النظام البيئي والمناخي بقطاع الزراعة في المحافظة.
كما أكدت الندوة العلمية المنعقدة في نوفمبر 2019 بعنوان “أثر التغير المناخي وانعكاساته على اليمن” في جامعة عدن ، أن التغيرات المناخية تؤثر سلباً في كل نواحي الحياة في اليمن، وقد يكون القطاع الزراعي هو الأكثر تضررًا لتأثره المباشر بالظروف الطبيعية، كما أنه يواجه العديد من التحديات التي تعيقه عن مسار التنمية.
وقد عقدت المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب بذمار وبالتنسيق مع مكتب الزراعة؛ لقاءً تشاوريًّا موسَّعًا أواخر 2019م ، نوقشت فيه مخاطر التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية بالمحافظة والسبل الكفيلة للحد من هذه الظاهرة، وأهمية تنسيق الجهود بين مختلف الجهات ذات العلاقة لإيجاد الحلول المناسبة للحد من ظاهرة التوسع العمراني والحفاظ على جودة الأراضي الزراعية .
استطلاع.. ازدياد نسبة التلوث في البيئة بنسبة 89 %
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر …