الصرف الصحي .. معاناة اليمنيين وتحــــديات الوضــع الراهــــن
صوت الأمل – سماح عملاق
تعاني الجمهورية اليمنية من مشكلات بيئية خطيرة جراء تلوث موارد المياه، وغياب خدمات الصرف الصحي في مناطقأغلبها مراكز لتجمع فئة المهمشين، وكذلك رداءة الخدمة في معظم مراكز المدن والقرى؛ الأمر الذي أدى إلى انتشار كثيرٍ من الأمراض، وتدهور الوضع الصحي والبيئي للبلد عمومًا.
كما يعيش اليمن الأزمة الإنسانية الأسوأ عالميًّا بناءً علىتصريحات الأمم المتحدة؛ بسبب استمرار الصراع الذي تعيشه البلاد منذ أواخر عام 2014، وهو ما تسبب في انتشار الكثير من الأمراض القاتلة، وفي مقدمتها “الكوليرا” نظرًا للخضراوات المشبعة بـ”مياه الصرف الصحي” كأحد أسباب انتشاره، وفقًا لمصادر طبية.
تقييم عابر
ذكرت محطة الغيثي للصرف الصحي في صنعاء خلال عام 2020 في دراستها الصادرة عنها (النفايات السائلة والمواد الصلبة الحيوية الناتجة عن أربع محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي) أن تركيزات القولونيات البرازية كانت أعلى من تلك الموصى بها في إرشادات منظمة الصحة العالمية في جميع عينات المياه العادمة.
وتوضح الدراسة أن:”القولونيات البرازية في 50% من المواد الصلبة الحيوية أكثر من الحدود القياسية التي أوصت بها وكالة حماية البيئة بالولايات المتحدة الأمريكية من الفئة باء. وكشفت الدراسة عن وجود 88,88% من الإشريكية القولونية، و70,37% من العقديات البرازية، و66,76% من بكتيريا الكلبسيلة الرئوية، و 59,23% من البكتيريا الأمعائية المرياحة، و33,33% من جرثومة السالمونيلا التيفية، و25,93% من السالمونيلا التيفية الفأرية، و25,93% من الشيغيلة السونية، و22,2 % من اليرسينيا الطاعونية، في العينات”.
كما كشفت الأبحاث التي أجراها مكتبالمياه والبيئة في صنعاء حول مدى ملاءمة الحمأة من محطة معالجة مياه الصرف الصحي في صنعاء لاستخدامها كسماد؛ أن الحمأة ستحتاج إلى التجفيف لمدة ثلاثة أشهر على الأقل للتخلص من بيض الديدان الطفيلية والقولونية البرازية. وأظهرت الأبحاث السابقة التي أجريت على الحمأة من خمس محطات معالجة لمياه الصرف الصحي الرئيسة في مدن كحجة وإب ويريم وعدن أن الحمأة ما زالت ملوثة بالبكتيريا المسببة للأمراض وبيض الديدان الطفيلية حتى بعد تجفيفها . وتعدُّ المادة المرتشحة من مطامر النفايات تهديدًاآخر للمياه الجوفية.
دراسات أممية
تقولد. ماريا نيرا(مديرة قسم الصحة العامة والبيئة والمحددات الاجتماعية للصحة في منظمة الصحة العالمية) في توطئة لها لدراسة أصدرتها المنظمة بعنوان (التخطيط لسلامة الصرف الصحي أواخر عام 2019):”في أي وقت من الأوقات سوف يتأثر مايقرب من نصف سكان العالم بمرض أو أمراض مرتبطة مباشرةً بالمياه غير الآمنة أو القليلة جدًا، ووجود مرافق الصرف الصحي السيئة أو عدم وجودها، أو سوء إدارة الموارد المائية”.
وتضيف نيرا :” تظل زيادة فرص الحصول على خدمات الصرف الصحي الأساسية على مستوى الأسرة تدخلًا حيويًّا للصحة العامة للوقاية من الأمراض ذات الصلة بالصرف الصحي، وبخاصة الإسهال والديدان المعوية والتراخوما التي تؤثر في ملايين الناس حول العالم”.
مارغريت تشان (المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية) تقول :”لايمكن القضاء على الفقر أو حتى تقلصه تقلصًا كبيرًا مادام أن هناك ملايينعديدة من الناس لايستطيعون الوصول إلى المياه الآمنة أو الصالحة للشرب، كما أن هناك العديد من المليارات التي تعيش في البيئات الملوثة بالبراز، يجب أن يعطى الصرف الصحي جنبًا إلى جنب مع النظافة مكانًا أعلى من ذلك بكثير في أي جدول أعمال التنمية في المستقبل، وأن يحدث ذلك على وجه السرعة وبصراحة”.
غياب المانحين
إن الأشخاص الذين تتوفر لديهم مياه آمنة لايتعدون نسبة 73% من الأطفال اليمنيين في حين أن التمويل في هذا الجانب يؤلف68% ، تبعًا لتقرير الوضع الإنساني الصادر عن المكتب القطري لمنظمة اليونيسيف في اليمن خلال شهر مايو 2021 فيما يتعلق بشق المياه والصرف الصحي والإصحاح البيئي.
ويذكر التقرير:”أن نقص التمويل المخصص لتدخلات المياه والصرف الصحي والإصحاح البيئي في حالات الطوارئ قد أدى إلى تقويض الاستجابة المتكاملة، وأن المنظمة ستضطر إلى وقف توفير الوقود لمحطات ضخ المياه في شهر سبتمبر 2021 إذا لم يُحشَد التمويل عاجلًا لدعم هذا النشاط الحيوي”.
وتضيف منظمة اليونيسيف في ذات التقرير :”أن أكثر من 15.4 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة العاجلة من أجل الوصول إلى خدمات المياه، والصرف الصحي والإصحاح البيئي، ويرتبط غياب هذه الخدمات بدوافع سوء التغذية، كما أدى النقص فيها إلى تفاقم خطر الإصابة بفيروس “كوفيد-19″ والأمراض المنقولة عبر المياه بما فيها مرض الكوليرا”.
وتقول منظمة الصحة العالمية في موقعها الرسمي على الإنترنت: “إن مياه الصرف الصحي غير المعالجة تحتوي على أكثر من 15 مرضًا خطيرًا مميتًا ، في حين أشارت اليونيسف إلى أن انتشار مرض الكوليرا في اليمن تسبب بضغوط أكبر على النظام الصحي المتدهور في البلد، موضحة أنها تعمل على تعقيم مصادر المياه، وتوزيع لوازم النظافة، وتوعية العائلات بشأن الوقاية من المرض”.
عواقب وخيمة
أُبلِغ عن 15863 حالة اشتباه مصابة بالإسهال المائي الحاد “الكوليرا” في اليمن خلال الفترة من 1 يناير وإلى6 يونيو 2021،إضافة لثلاث حالات وفاة مصاحبة أي بنسبة 0.02% من معدل وفيات الحالات المؤكدة، وتتركز معظم الحالات في محافظتي صنعاء والحديدة،وفقًا لتقارير أكدها الموقع الرسمي لوزارة الصحة اليمنية وأوردها كذلك التقرير القطري للوضع الإنساني في اليمن الصادر عن منظمة الأمم المتحدة لعام 2021.
يقول أحمد يحيى الصبري(50 عامًا، مواطن من تعز):”نحن نرى مجاري الصرف الصحي أينما نظرنا، وكلما بادرت جهة معينة في وضع الحلول يذهب الدعم أدراج الرياح، المواطن متعب نفسيًّا وصحيًّا، وكما ترون فبلادنا أصبحت غارقة في الأوبئة من دون معالجات من القائمين على الحكم، وعلى الأقل عليهم صرف مستحقات عمال النظافة وإكرامهم ليرفعوا عنا هذا المرض”.
يضيف الصبري:” تنقصنا مسافة سنة ضوئية لنصل إلى وعي العالم المتقدم، ولو تحكم كلُّ مواطن بمخلفاته وصرّفها تصريفًا سليمًا وحضاريًّا لما احتجنا لعمال نظافة إطلاقًا، لكننا نرى أكوامًا من القمامة كلما مشينا عدة خطوات، وهذا الأمر يسيء لنا لأننا سببه ونحن أيضًا ضحاياه”.
من جانبه د. طه محمد مسعد(طبيب عام من مدينة عتق محافظة شبوة) يقول:”إن مياه الصرف الصحي تحوي كائنات حية دقيقة كالبكتيريا والطفيليات والفيروسات، بالإضافة إلى المعادن الثقيلة والمواد السامة المستخدمة في أغراض الحياة اليومية للمواطنين، وهو ما يزيد من انتشار الأمراض”.
وأضاف الدكتور طه:المسرطنات وأمراض كثيرة كالبلهارسيا وبعض الديدان، والحميات انتشرت بسبب الأوساخ المتكدسة ومجاري الصرف الصحي التي تعدُّ بيئة خصبة لتجمع البعوض الناقل للأمراض.
تحديات وجهود
يقولبندر محمد أحمد صلاح(سكرتير مجلس إدارة مؤسسة المياه والصرف الصحي في إب):”تواجهنا مشكلة انعدام مادة الديزل،ووضع البلاد كما تعرفون؛ مما يسبب انخفاض الإيرادات نظرًا لظروف المواطن، وأيضًا محافظة إب تحوي أكثر من مليون نازح،وجميعنا يعرف وضع النازحين وما يحتاجونه من المياه ناهيك من أبناءالمدينة، وهذا يحتاج إلى تمويل من مادة الديزل وهو أكبر عائق نواجهه”.
يكمل صلاح فيقول: إنالمؤسسة تقوم بشراء مادة الديزل بسعر السوق السوداء،ناهيك من تكاليف الصيانة وغيرها،وهذا يؤثر في انخفاض الموارد المالية.وقد وُضِعت حلول لمواجهة التحديات وهي عمل (كرفانات) لتغذية المياه الجوفية، وإعادة أكثر الآبارالتي أوشكت على الجفاف إلى ماكانت عليه سابقًا.
ويضيف بندر صلاح:الصرف الصحي في إبيواجه مشكلات عديدة، لكن هناك جزءًا من حل لهذه المشكلات ؛ فقد أُشرِكَت الشركات المجتمعية في أكثر من حارة سواء في مجال المياه أم الصرف الصحي،ومازالت مشكلة الصرف الصحي موجودة مع الأسف وبدرجة كبيرةمع كل الجهود التي تقوم بها قيادة الوزارة وقيادة المحافظة وقيادة المؤسسة لوضع حلول لشبكة الصرف الصحي أو محطة المعالجة.
مشيرًا إلى أنه قد وُفِّرت منظومات شمسية لجميع الآبار؛ لتخفيف معاناة المؤسسة من مادة الديزل، ووضعت آلية لتحصيل الدُّيون المتأخرة التي سببها الصراع؛ ليتسنى للمؤسسة الاستمرار بخدمتها على أكمل وجه، كذلك جرى توسعة محطة المعالجة للصرف الصحي وتوسعة شبكة الصرف الصحي؛ نظرًا للازدحام القائم بالمحافظة، والعمل ساري على وضع جملة من الحلول خطوة خطوة.
استطلاع.. ازدياد نسبة التلوث في البيئة بنسبة 89 %
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر …