‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة ذوو الإعاقة في اليمن بسبب إعاقتهم.. تعب الشقاء وألم البقـــــاء

بسبب إعاقتهم.. تعب الشقاء وألم البقـــــاء

صوت الأمل – رجاء مكرد

لم يَعُد عبدالله ــ أب لثلاثة رجال في سن العشرين من ذوي الإعاقة الذهنية والحركيةــ يهتم لأمور ملابس أولاده أو مشيهم زحفًا في الشارع؛ فهمُّه الوحيد أصبح في سد رمق جوعهم فقط.

    تلك الخطوط على وجهه، والعصا الهشة التي يتكئ عليها سيرًا خلف أولاده، توحي بمعاناته التي يصارع بها كُبر سنه من جهة وعجزه عن مقاومة الأوضاع الصعبة، ومخلفات الصراع في اليمن من جهة أخرى.

يتنفس بعمق، نظراته توحي بالتعب، فبعد أن كان مستقرًا ولديه عمل خاص ــ محل لبيع الخضار في الحديدةــ نزح هو وأسرته إلى صنعاء.

استاءت حالة أولاده الصحية؛ نظرًا لظروف النزوح مشيًا وزحفًا من منطقة إلى أخرى ومن مُخيم إلى آخر، كما أنه ليس بمقدوره شراء الأدوية اللازمة لأولاده.

يقول الأب الستيني: «كثير هم ضحايا الصراع، ولكن إعاقة أولادي ضاعفت معاناتي، وجعلتني أنتظر أنا وأطفالي على قارعة الطريق من يعطينا ما نسد به جوعنا».

في الآونة الأخيرة، ومع استمرار الصراع تزايدت حالات ذوي الإعاقة، أطفال ونساء ورجال، واختلفت الأسباب بين متضررين جراء النزاع بانفجارات أو قصف، أو إعاقة رافقت الأشخاص منذ الطفولة، وتتنوع حالة الإصابة باختلاف المُسبب لها والعضو المُصاب.

     لا توجد إحصائية حديثة عن نسبة ذوي الهمم في اليمن من الجهات المعنية أو الجمعيات المهتمة برعاية وتأهيل المعاقين، لكن وفقًا لما نشرته منظمة العفو الدولية بوثيقتها الصادرة في يونيو عام 2019م، بلغ عدد ذوي الإعاقة في الجمهورية اليمنية أربعة ملايين ونصف مليون مُعاق، متوقعة أن يتزايد العدد باستمرار النزاع.

ماهي الإعاقة؟

    يُعرف الدكتور يوسف الشميري (طبيب عام) الإعاقة بأنّها حالة من العجز، وتعني إصابة الفرد بقصور جزئي أو كلّي في إحدى القدرات البدنية أو العقلية أو الحسيّة، ويوضح الأسباب المؤدية إلى الإعاقة عمومًا بـالاضطرابات الجينية، سواء بسبب وجود جينات موروثة أم بسبب مؤثر خارجي كبعض الأمراض التي قد تصيب الأم والمضاعفات التي قد تحدث في أثناء الحمل والولادة والتشوهات الخلقية.

مضيفًا، أن من أسباب الإعاقة الإصابة ببعض الأمراض ومضاعفاتها مثل أمراض العضلات والمفاصل والجهاز الحركي وأمراض القلب والسكتة الدماغية(الجلطة)، وداء السكّري والأورام  وأمراض الجهاز العصبي المختلفة والإصابات، بالإضافة الى التقدّم بالعمر وأسباب غير معروفة.

أنواع الإعاقة

ويوضح الدكتور الشميري « لصوت الأمل» أنواع الإعاقة:

* الإعاقة العقلية(الذهنية): هي الإعاقة الناتجة عن توقّف النمو أو عدم اكتماله مما يؤدي إلى إحداث ضرر في الوظائف الإدراكية للدماغ كالذاكرة والتركيز ومهارات الاتصال مع الآخرين. ومن أشهر العوامل التي قد تسبب هذا النوع من الإعاقة هي: متلازمة داون(الطفل المنغولي)، قصور الغدة الدرقية للمواليد، ضمور الدماغ ونقص الأكسجين، متلازمة الصبغي الهش، داء الفينيل كيتون، عدوى الدماغ والتهاب السحايا، إصابات الرأس الشديدة، سوء التغذية، تطوّر الدماغ غير الطبيعي مثل القيلة الدماغية.

* الإعاقة الحركية(البدنية): هي الإعاقة الناتجة عن خلل وظيفي في الجهاز العصبي والحركي مما يؤدي إلى فقدان الجسم القدرة على الحركة الطبيعية. وأسباب هذه الإعاقة مختلفة، أهمها : إصابات الدماغ والعمود الفقري، الشلل الدماغي وأمراض الجهاز العصبي المركزي والطرفي، ضمور العضلات، التهاب المفاصل، الإصابات، التشوهات الخلقية، اختلال الغدد الصماء، هشاشة العظام، وأمراض الأوعية الدموية المزمنة وغيرها.

* الإعاقة الحسيّة: هي الإعاقة الناتجة عن إصابة الأعصاب أو النسيج في الأعضاء الآتية: العين، الأذن، اللّسان.

أ- الإعاقة البصرية: تتراوح بين العمى الكلّي والجزئي، ويوجد نوعان هما المصابون بالعمى  وضعاف البصر، وتنتج هذه الإعاقة الكثير من الأسباب أشهرها :- ضمور العصب البصري، التهاب الشبكية الصباغي، طول وقصر النظر، توسّع الحدقة الولادي، المياه البيضاء والزرقاء، انفصال الشبكية وغيرها.

ب- الإعاقة السمعية: خلل في حاسة السمع يتدرّج ما بين فقدان السمع الخفيف والشديد والصمم. وعادةً ما يكون مصاحبًا للعديد من الإعاقات مثل متلازمة الطفل المنغولي والتوحُّد، ومن أهم أسباب هذه الإعاقة هي: الحوادث والإصابات، والحصبة الألمانية، والالتهابات المختلفة، وتصلّب عظيمات الأذن، والعيوب الخلقية وغيرها.

أسباب صحية

    صحيًّا، تختلف حالات الإعاقة بين المرضى، وهذا ما أوضحه طبيب الأطفال الدكتور لُطف الزُبير، إذ وصفها بالاضطرابات الجسدية والذهنية والحسية (سمع أو بصر)، منها ما ترتبط بالجهاز العصبي أو مسببات ما بعد الولادة.

ويضيف الزبير « لصوت الأمل» أن من الاضطرابات تأخر النمو، وتحصل عند الأطفال بين سن الولادة حتى الخامسة، واضطرابات نفسية كالانطواء، والانفصام، والقلق أو الاكتئاب، أما الجسدية فتكون بخلل أحد الأعضاء أو فقدانه، كضمور العضلات، والتهاب بمفاصل الظهر، والشلل النصفي، والتشوهات في الأطراف.

      في السياق ذاته توضح الدكتورة المتخصصة في طب الأسنان رؤى العفيفي لـ «صوت الأمل»، أن من الأمراض التي تسبب الإعاقة الحركية وكذلك الحسية والذهنية ضمور الدماغ، ويكون سببه نقص الأكسجين عند الولادة أو ارتفاع نسبة الصفار الولادي عن الطبيعي أو ارتفاع الحمى الشديد.

     وتشرح الدكتورة رؤى بقولها: ذهنيًّا، هناك مرض التوحد ومرض البلاء المنغولي الذي سببه وراثي، ويكون بزيادة في عدد الكروموسومات الطبيعية بمقدار كروموسوم واحد. أما حسيًّا فقد تكون هناك أمراض وراثية بسبب زواج الأقارب أو أمراض أخرى مثل الأورام في الدماغ التي تضغط على المراكز الحسية وتؤدي إلى فقدان حاسة السمع والبصر، أيضًا هناك التهابات تحدث للطفل إما بالعين وإما بالأذن؛ نتيجة الإهمال الأسري أو الطبي؛ تؤدي إلى فقدان حاستي البصر والسمع.

      يتفق معها الدكتور المتخصص في الصيدلة فتحي الفُتيح، فيرى أن هناك أسبابًا عديدة منها: وراثية (زواج الأقارب)، ونقص الأكسجين على الجنين الواصل للدماغ  في أثناء الولادة، وإصابة الأم في أثناء الحمل بالحصبة الألمانية، ونقص اليود الذي بدوره يسبب نقص في الغدة الدرقية، وتعرض الأم في أثناء الحمل لمواد كيمائية سببت لها تسمم أو تعرضها للأشعة.

كما يُلخص الدكتور ماجد العطن (طبيب عام) الأمراض المسببة للإعاقة بـ «الحميات عمومًا، ومنها الحمى الفيروسية، والتهاب السحايا».

توصيات

      توضح الأخصائية النفسية الدكتورة خولة مطهر، أنه من الضروري تحسين التعامل مع ذوي الهمم، وأن هُناك أساليب للاهتمام بهم كلُ حسب نوع إعاقته، وأنه ينبغي لمقدمي الرعاية فهم احتياجات ذوي الإعاقة، ومراعاة التعامل معهم بتعاون، ومن دون تضجر أو إشعارهم بالشفقة والتحدث عن المشكلات الخاصة بهم.

     في محاولة لـ «صوت الأمل» التواصل مع وزارة الصحة للتعرف على دور وزارة الصحة في رعاية ذوي الإعاقة، لم يكن هُناك أي تجاوب، واتجهت الصحيفة إلى صندوق رعاية وتأهيل ذوي الإعاقة، وهُناك التقت بمدير الإعلام في الصندوق وتحدث عن الدور الذي تؤديه الوزارة.

يقول حسن عردوم (مدير الإعلام في صندوق رعاية وتأهيل ذوي الإعاقة): إن الصندوق عبارة عن جهة إيرادية تعمل على تمويل مشروعات تهتم بالأشخاص ذوي الإعاقة.

ويؤكد عردوم، أنه من ناحية التوعية هناك حالات إعاقة منتشرة انتشارًا كبيرًا، وصندوق المعاقين يتلقى يوميًّا أكثر من 30 – 40 حالة جديدة، وهذه الحالات أغلب الأسر لا تعي ماهي مسببات إعاقتها.

 منبِّهًا: «المفروض أن يكون لمركز التثقيف الصحي في وزارة الصحة دور كبير في توعية المجتمع اليمني بمسببات الإعاقة حتى يتفادى حدوث إعاقات في المستقبل».

  وأضاف « لصوت الأمل»، أنهُ على وزارة الصحة أن تقوم بدورها من جانب تسهيل الخدمات الصحية لذوي الإعاقة، ومن الناحية العلاجية توفر العلاج والأجهزة التعويضية، لأنها الجهة المعنية بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة والحياة الصحية لهذه الفئة خصوصًا .

مشيرًا إلى أن وزارة التربية عليها دور كبير جدًا في دمج الطلاب ذوي الإعاقة وأيضًا التهيئة، للمدارس والأماكن الخاصة، وأنه على وزارة الأشغال أو الجهات المعنية باعتماد المشروعات أن تفرض على المقاولين، سواء مقاولي المنشآت مثل المدارس أم مقاولي الطرقات، تفرض أن يكون للأشخاص ذوي الإعاقة نصيب، مثلا في المدارس والمنشآت الحكومية ينبغي توفير رامبات، التي من شأنها أن تُسهل للمعاقين حركيًّا أن يصعدوا إلى هذه المنشآت بكل سهولة.

ويردف حسن عردوم قائلًا: من الضروري عمل طريق للمكفوفين، والجهات كلها يجب أن تتعاون، لأن فئة ذوي الإعاقة ليست مسؤولية صندوق المعاقين فقط، بل مسؤولية المجتمع اليمني عامة، والصندوق وحده لا يستطيع أن يقدم الخدمات كافة، كأن يخدم هذه الفئة بنسبة 100%، لأنه مهما كانت إيراداته فلن يستطيع أن يوزعها على المعاقين الذين يتوافدون يوميًّا بخاصة أن حالات الإعاقة تزايدت تزايدًا كبيرًا بسبب الصراع.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. انخفاض دور ذوي الإعاقة في النشاط الاقتصادي إلى 25%

صوت الأمل – رجاء مكرد وجد استطلاع الرأي العام الذي أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر سبتم…