‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة ذوو الإعاقة في اليمن أربعة ملايين على هامش الحياة في اليمن: حياة ذوي الإعاقة بين القانون والواقع المعاش

أربعة ملايين على هامش الحياة في اليمن: حياة ذوي الإعاقة بين القانون والواقع المعاش

صوت الأمل – أرواد الخطيب

مع أن الصراع المتواصل في اليمن منذ سنوات قد ترك آثارًا كارثية على قطاع عريض من السكان، وأضرَّ بعملية التنمية والاقتصاد المحلي، إلا أن نحو أربعة ملايين يمني من ذوي الإعاقة يشكلون اليوم أكثر الفئات تضررًا. ومع وجود النصوص القانونية الواضحة التي تضمنها القانون رقم 61 بشأن رعاية ذوي الإعاقة الصادر عام 1999م. تراجع الاهتمام المتواضع بحقوق المعاقين وسط احتدام الصراع.

    ويقول مسؤول في صندوق رعاية وتأهيل المعاقين لـ “ صوت الأمل «: إنهم لا يمتلكون إحصائيات دقيقة عن عدد ذوي الإعاقة في البلد ولكنهم يستندون إلى تقديرات منظمة الصحة العالمية التي قدَّرت نسبتهم بنحو 15‎%‎ من إجمالي عدد السكان، ويشير إلى التعداد العام للمساكن والسكان عام 2004م يقول: إن عدد الاشخاص من ذوي الإعاقة بين 500 إلى 700 ألف شخص «لكن لا يعتمد عليه” لإدراكنا أن الإحصائية غير دقيقة، وقدر أن عددهم اليوم نحو أربعة ملايين بعد أن أرتفع عدد سكان البلاد إلى ثلاثين مليون نسمة.

    المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام وكَّد أن الصراع أثر تأثيرًا كبيرًا في أداء الصندوق، وهو الأداء الذي اتَّسم بالتواضع منذ إنشائه، وبيَّن أن الكثير من الجهات العامة أو المؤسسات الخاصة لا تلتزم بمقتضيات القانون اليمني بشأن حقوق ذوي الإعاقة،  كذلك الأمر فيما يخص مؤسسات الدولة التي تلزمها نصوص القانون والاتفاقية الدولية الموقعة عليها اليمن بجملة من المتطلبات بخاصة ما يتصل بالبحوث وتطوير التكنولوجيا وتوفيرها لهذه الفئة.

    وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرٍ خاص بذوي الإعاقات في اليمن وزَّعته نهاية 2019م: إن ملايين الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن قد تحمَّلوا سنوات من النزاع المسلح، بل كانوا من أكثر الفئات تعرضًا للإقصاء في غمار تلك الأزمة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

ووكدت أن الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون صعوبات مضاعفة في أثناء الفرار من العنف. وقد ذكر كثيرون منهم أنهم قطعوا رحلات النزوح الشاقة من دون أن يكون لديهم مقاعد متحركة أو عكاكيز، أو غيرها من الأدوات المساعدة. وكان جميعهم تقريبًا يعتمدون على أهاليهم، ووصفت تلك الرحلات بأنها نوعًا من العذاب.

اتفاقية دولية

     كانت اليمن من ضمن الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتنص على أن تتعهد الدول باتخاذ جميع التدابير الملائمة، بما فيها التشريعية، لتعديل أو إلغاء ما يوجد من قوانين ولوائح وأعراف وممارسات تحوي تمييزًا ضد الأشخاص ذوي الإعاقة؛ والامتناع عن القيام بأي عمل أو ممارسات تتعارض وهذه الاتفاقية وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق معها؛ واتخاذ كل التدابير المناسبة للقضاء على التمييز على أساس الإعاقة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة خاصة؛  وإجراء أو تعزيز البحوث والتطوير للسلع والخدمات والمعدات والمرافق العامة.

      كما تنص في بنودها على أن تقوم الدول بتعزيز البحوث والتطوير للتكنولوجيا الجديدة، وتعزيز توفيرها واستعمالها، بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والوسائل والأجهزة المساعدة على التنقل، والتكنولوجيا المُعِينة الملائمة للأشخاص ذوي الإعاقة، مع إعطاء الأولوية للتكنولوجيا المتاحة بأسعار معقولة بما في ذلك التكنولوجيا الجديدة، فضلًا عن أشكال المساعدة الأخرى، وخدمات ومرافق الدعم.

     يقول المحامي رأفت الصلوي: إن توقيع اليمن على هذه الاتفاقية الدولية يلزمها بالعمل بكل النصوص الواردة فيها كالتزامات دولية.

     مضيفًا، أن نصوص القانون اليمني رقم 61 الصادر عام 1999م كانت واضحة في أن يتمتع كلُّ شخص معاق بممارسة كل الحقوق التي يكفلها له الدستور والقوانين النافذة الأخرى وأن لكل معاق حق التأهيل من دون مقابل والاستفادة من برنامج التأهيل المهني والرعاية الاجتماعية التي تقدمها مؤسسات ومراكز دور الرعاية وتأهيل المعاقين.

      ويوكِّد الصلوي أن وزارة التدريب المهني ملزمة وفقًا للنصوص القانونية المحلية بتوفير خدمات التأهيل للمعاقين وإنشاء المعاهد والمؤسسات والهيئات والمراكز الكفيلة بذلك.

 ووفقًا للقانون الوطني وللعمل بالاتفاقيات الدولية يرى د. عبد السلام المروني (باحث في مركز التطوير التربوي) أنه لابد أن يكون هناك تنسيق بين الجهات المعنية من أجل إعداد المناهج والوسائل التعليمية لمراكز رعاية وتأهيل المعاقين وتوفير المدرسين والموجهين الفنيين وإيجار الاختصاصيين في الكتابة بواسطة طريقة (برايل) وتوفير المناهج المكتوبة بهذه الطريقة لخدمة المكفوفين.

ويوكِّد المروني أن دمج ذوي الإعاقة في الحياة العامة يبدأ من دمجهم في النظام التعليمي عن طريق المدارس والمناهج التربوية ومن ثم حقهم في المشاركة في شغل الوظائف العامة، وإيجاد اختصاصيين في لغة الإشارة للتفاهم مع الصم والبكم، والتنسيق مع الجامعات والمعاهد لإعداد المربين المسؤولين عن البرامج التربوية الخاصة والمهنية والثقافية والإعلامية وتأهيلهم لمعالجة أوضاع المعاقين واحتياجاتهم الخاصة.

      قراءة نصوص القانون تلزم الوزارات والدوائر الحكومية وجميع الجهات ذات العلاقة أيضًا بتقديم المساعدة الطبية المجانية للمعاقين وتحديد درجة الإعاقة والتدخل المبكر للحد منها. 

ويضيف المروني: “الحقوق المنصوص عليها في القانون تلزم الوزارة التنسيق مع الجامعات والكليات الحكومية الخاصة لاستحداث الأقسام المتخصصة في مجال تأهيل المعاقين، ووضع المواد التربوية الخاصة بهم، وتوفير فرص الرياضة وإيجاد ملاعب وقاعات وأدوات للمعاقين بما يلبي حاجاتهم وتطوير قدراتهم وفقًا للتشريعات، وأعطت الأولوية في الالتحاق بالكليات والجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة للمعاقين الحاصلين على شهادات ومعدلات علمية تتناسب وشروط القبول فيها”.

    وفيما يتعلق بالمباني والمخططات العامة ألزم القانون الجهات المعنية عند وضع التصاميم والخرائط لإقامة الأبنية الرسمية العامة فتحَ الطرق وتوفير الاحتياجات والتجهيزات اللازمة وإزالة الحواجز التي تعيق حركة سير المعاقين وتوفير الوسائل الإرشادية لتسهيل حركة سيرهم وتأمين سلامتهم.

    وعند السفر إلى الخارج أو الداخل منحهم تخفيض في قيمة التذاكر تصل إلى (50%) من سعرها الأصلي وتسهيل له كل الإجراءات. وإعفاء الأدوات والأجهزة والمعدات التي تستورد لأغراض رعاية المعاقين ومساعدتهم بما في ذلك السيارات المصنعة للمعاقين من الضرائب والرسوم الجمركية، وأن تعمل وزارة الصحة على توفير الأجهزة التعويضية والأطراف الصناعية وتعمل على إنشاء ورش لذلك.

     وبشأن الوظائف العامة ألزمت مكاتب العمل والخدمة المدنية بأمانة العاصمة والمحافظات بتمكين المعاقين المقيدين لديها من الالتحاق بالوظائف والأعمال في القطاع العام والمختلط والخاص حسب مؤهلاتهم وقدراتهم، وعليها تبليغ مكاتب وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية الواقعة في نطاقها الجغرافي ببيان شهري عن المعاقين الذين استلموا وظائفهم .

     يقول المحامي الصلوي: إن القانون ينص على  تخصيص نسبة (5%) من مجموع الوظائف الشاغرة بالجهاز الإداري للدولة ووحدات القطاعين العام والمختلط للمعاقين الحاصلين على شهادات تأهيل، ويجوز لأي من هذه الجهات استخدام المعاقين من دون ترشيح من مكاتب وزارة الخدمة المدنية وتحسب هذه التعيينات من النسبة المنصوص عليها في هذه النسبة.

وأن يتولى أصحاب الأعمال بحسب الإمكانات والفرص المتاحة تشغيل المعاقين الذين ترشحهم وزارة العمل والتدريب المهني أو مكاتبها، بما لا يزيد على (5%) من حجم العمالة الكلية لصاحب العمل, وينبغي أن يعملوا في الأعمال والمهن التي تتناسب وقدراتهم وإمكاناتهم ,بحيث يتمتعون بكل الحقوق المقررة في قانون العمل النافذ. وجُرم حرمان المعاقين ــ الذين حصلوا على وظائف طبقًا لأحكام هذا القانون ــ من أية مزايا أو حقوق مقررة للعاملين الآخرين من الجهات الأخرى بسبب إعاقتهم.

      لكن الصلوي يرى أن هذه النصوص غير موجودة على أرض الواقع، وأنها فقط مجرد حبر على ورق داعيًا الجهات ذات العلاقة بالمطالبة بتطبيق النصوص القانونية الخاصة بذوي الإعاقة؛ لأنها أحد حقوقهم الأساسية.

عقوبات

لم يترك المشرع اليمني نصوص هذا القانون من دون عقوبات في حق من يخالفه حيث تنص المادة  (25)  على أن كل من يخالف أحكام المادتين (24,19) من هذا القانون يعاقب بغرامة مالية لا تزيد على (10.000) عشرة ألف ريال. وتتضاعف العقوبة بتعدد المخالفات المرتكبة، وفيما يخص المؤسسات نص القانون على أنه إذا خالفت أي مؤسسة أو معهد أو مركز لرعاية وتأهيل المعاقين أيَّ حكم من أحكام هذا القانون أو أي قرار صادر بمقتضاه يقوم الوزير أو من ينوب عنه بإنذاره لإزالة تلك المخالفة خلال مدة يحددها في الإنذار.

وعند تكرار المخالفة يُوقَّف المسؤولون المباشرون عنها إلى أن يُحقَّق معهم في أسباب تكرار المخالفة والعمل على إزالتها والتعهد بعدم تكرارها، أو يقوم القائمون على المؤسسة باستبدالهم بآخرين. وإغلاق المؤسسة أو المعهد أو المركز إغلاقًا دائمًا بقرار مسبب من الوزير.

تعليقًا على هذه العقوبات يوكِّد المحامي الصلوي أن هذه العقوبات لم تعد صالحة في الوقت الحالي وأنها تعدُّ غير صارمة وغير رادعة، داعيًا إلى العمل على إعادة النظر فيها وتعديلها بما يتناسب مع المتغيرات الحاصلة خصوصًا في جانبها المادي.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. انخفاض دور ذوي الإعاقة في النشاط الاقتصادي إلى 25%

صوت الأمل – رجاء مكرد وجد استطلاع الرأي العام الذي أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر سبتم…