مساعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في ظل ضعف الأمن الغذائي
صوت الأمل – محمد عبدالعزيز
” تعد اليمن من ضمن البلدان الفقيرة التي تعاني من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في العالم ، والذي مازال يعتمد على عمليات الاستيراد والشراء من الأسواق العالمية إلى ما يصل إلى أكثر من ٩٠٪ من الحبوب (منها ٤٠% من القمح).”.. وذلك وفقاً للخبير الاقتصادي اليمني الدكتور حسين حسين الأهدل .
حيث أكد حسين الأهدل في دراسته العلمية حول “نحو تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في اليمن” : أنه وجب العمل المشترك للحد من عملية الاستيراد الخارجي للغذاء ، و تفادى أي مخاطر ممكنة مرتبطة بتقلب أسعار الأغذية العالمية، وتقليل تكاليف الاستيراد وفارق العملة، وذلك لتعزيز المنتج المحلي.
معدل الاكتفاء الذاتي
ولفتت الدراسة التي تم نشرها في 2021، إلى أنه بشكل عام يُقاس الاكتفاء الذاتي لبلد ما عبر نسبة الإنتاج الوطني من جميع الأغذية مقارنة بإجمالي الاستهلاك الداخلي (الإنتاج + الصادرات، الواردات، المعونة الغذائية)، إذا تعلق الأمر بمعدل الاكتفاء الذاتي الغذائي الكلي أو الكامل؛ ويمكن قياس معدل الاكتفاء الذاتي الجزئي أو القطاعي من خلال نسبة الإنتاج الوطني لنوع معين من الأغذية (الحبوب، الخضراوات، الفواكه وغيرها) مقارنة بإجمالي الاستهلاك من هذه الأغذية.
مبيناً، أن من أبرز المحاصيل الزراعية في اليمن: الدخن والذرة والقمح والمانجو والموز والبابايا والبطيخ والرمان والبرتقال والليمون والكمثرى والتفاح والخوخ والعنب والبن.
كما أوضحت الدراسة ، أن اليمن من الدول ذات الاكتفاء الذاتي الضعيف جداً بنسبة 17% ، خاصة لمحاصيل الحبوب والنشويات، ما يعني أن اليمن ليس بمقدوره إطعام سكانه إلا بالاعتماد على الخارج.. ومن جانب أخر لدى بلادنا اكتفاء ذاتي جيد فيما يخص بالخضار والفواكه بنسبة تصل إلى 90% ، مما يعكس ضرورة تغيير سياسات الدولة وبرامجها لتعزيز الكفاءة الاقتصادية ، وتعزيز مبدأ الاكتفاء الذاتي في الحبوب والمحاصيل الرئيسية والضرورية لتكون مساوية للخضار والفواكه.
تراجع في القطاع الزراعي
يمكن أن يساعد قطاع الزراعة في اليمن على الحد من الفقر بنسب كبيرة، ويُساهم في رفع مستويات دخل الفرد، كما يساعد عملية تحقيق الأمن الغذائي إلى تحسين ما نسبته ٨٠% من الفقراء في اليمن الذين يعيشون في مناطق ريفية تصل نسبتهم إلى أكثر من 60% من سكان اليمن، ويشتغل أغلبهم بالزراعة.
ولكن رغم ذلك تراجعت القيمة المضافة في قطاع الزراعة من إجمالي الناتج المحلي من٢٥% عام ١٩٩٠ إلى ما يقارب 6% في ٢٠١٩، ويعتبر هذا تدهوراً خطيراً جداً، كما تعد نسبة الأراضي القابلة للزراعة في اليمن ما يقارب 3% من مساحة اليمن، ونسبة الأراضي الزراعية المستغلة في زراعة محاصيل دائمة فقط نصف في المائة من إجمالي مساحة الأراضي في اليمن.. وذلك وفقاً لدراسة الدكتور حسين الأهدل.
وتبلغ مساحة الأراضي المنتجة للحبوب ما يقارب ٧٠٠ الف هكتار فقط في عام ٢٠١٧ بعد أن كانت أكثر من مليون و 300 ألف هكتار في ١٩٧٦.
وقد قدرت الدراسة اجمالي قيمة ما تستورده اليمن من الحبوب يزيد عن ملياري دولار، لكمية بلغت حوالي ٣ مليون ونصف طن من الحبوب سنوياً ، ويمثل القمح ٤٠% من المنتجات المستوردة، و٣٧% مواد غذائية وصناعية، فيما تمثل الأصناف الزراعية كالبقوليات وغيرها ١٠%، بينما بلغ عدد الأصناف الزراعية المستوردة ٨٩٦ صنفاً زراعياً، وهو ما يمثل ٩٠% من الاحتياجات الزراعية، رغم أن اليمن بلد زراعي ولها تاريخ في هذا الجانب.
حلول و معالجات
“أن بلادنا تعاني منذ أكثر من ستة سنوات من تدهور شمل كافة القطاعات والمستويات بسبب الصراع المستمر ، الأمر الذي يستوجب عليه العمل بجدية للوصول إلى الاكتفاء الذاتي كأحد مقومات الأمن القومي.”.. هذا ما أكدته الدراسة.
حيث أشارت الدراسة ، إلى أهمية البحث عن المسببات لتلافيها في المستقبل بما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي ، والتي تتمثل في ضعف الإنتاج الزراعي في اليمن، و التوسع الحضري على حساب الأراضي الزراعية ، و شحة الموارد المائية ، واستخدام الأسمدة والمبيدات بشكل عشوائي وعدم الاهتمام بالبذور الاصلية، واهمال دعم المؤسسات الزراعية لصغار المزارعين ، بالإضافة الى عدم تبني سياسة التنمية الزراعية والتوجه نحو الاكتفاء الذاتي .
هناك مساعي حكومية خلال المرحلة الراهنة تهدف الى السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء خلال الفترات القادمة، عبر الاهتمام بالقطاع الزراعي بالشكل المطلوب ، و تشجيع المنتج المحلي بالتركيز على تنفيذ سلسلة من البرامج والمشاريع الخاصة بخطة القطاع الزراعي للعام ٢٠٢١م في إطار الرؤية الوطنية.
كما أوصى الدكتور حسين الأهدل في دراسته ، بأهمية تعزيز جانب الاكتفاء الذاتي الغذائي الذي يتناسب طردياً مع تطوير الموارد الزراعية في البلاد، وتقليل الاعتماد على الواردات الزراعية ، واستخدامها بكفاءة وإنتاجية، عبر :
– تحسين إنتاجية المحاصيل والمياه وكفاءة الري.
– الحد من خسائر ما بعد الحصاد.
– تطوير سياسات إدارة الموارد المائية وتقنيات الري الحديث في الزراعة على المستوى المحلي، تشكل أولوية للنظر والعمل عليها.
– تعزيز التعاون الحكومي ممثلا بوزارة الزراعة وهيئة الاستثمار مع القطاع الخاص لتحسين القيمة المضافة في سلسلة الإنتاج الغذائي.
ونوهت الدراسة ، بأهمية تطوير سلسلة القيمة الغذائية في اليمن التي تستهدف كمرحلة أولى منتجات هامة مثل : (البن واللوزيات والعنب والمانجو والتمور والثروة الحيوانية ومجموعة متنوعة من الفواكه والخضروات و الحبوب مثل القمح)، عبر تبني سياسات شاملة وإجراءات تهدف إلى خلق وتطوير الأطر الداعمة لسلاسل القيمة الغذائية ( المدخلات: البذور، المشاتل ، الحصاد، التجميع والمخرجات: التسويق، الأسواق المحلية والتصدير).
ومن أهم الخطط المستقبلية التي أوضحتها الدراسة ، العمل على زيادة الاستثمارات في سلاسل القيمة الزراعية والغذائية المحلية ، عبر دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي ستُسهم في تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة ليس فقط من خلال ضمان توافر أكبر للأغذية وتحقيق الأمن الغذائي، ولكن أيضًا من خلال تحسين الوصول إلى الغذاء واستقراره واستخدامه، تحسين الجودة والسلامة.
70% يؤكدون أن استمرار الصراع يعد من أبرز التحديات التي تواجه اليمن في تحقيق الأمن الغذائي
أوضحت نتائج استطلاع الرأي العام التي نفذته إدارة الأعلام التابع لمركز يمن انفورميشن سنتر ل…