‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الأمن الغذائي في اليمن شريكة في التنمية: قصص المرأة الريفية مع تحقيق الأمن الغذائي

شريكة في التنمية: قصص المرأة الريفية مع تحقيق الأمن الغذائي

صوت الأمل – رجاء مكرد

تُعدُّ المرأة الريفية المرتكز الأساس لتحقيق الأمن الغذائي، إذ لا يقتصر دورها على القيام بالمهام المنزلية فقط، بل هي شريكة في التنمية الاقتصادية عن طريق الأعمال الزراعية التي تقوم بها.

    الكثير من المناطق الريفية اليمنية تعتمد اعتمادًا كليًّا على المرأة في مصدر دخلها، سواء فيما تقوم به من أعمال في الأراضي الزراعية بدءًا بالبذر وانتهاءً بالحصاد، أم عن طريق قيامها بتربية الحيوانات والقيام على خدمتها، أم القيام بمشروعات تنموية تحقق الأمن الغذائي للأسر الريفية.

حقائق

       ووفقًا لآخر إحصائية نشرها صندوق الأمم المتحدة ومنظمة الأوتشا إبريل 2021م، تبين الآتي:

تحتل اليمن المرتبة 155 ــ قبل الأخيرة ــ في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين للعام 2021م مقارنة بـ 115 في العام 2006م.

بلغت نسبة الفقر بين الأسر اليمنية التي تترأسها النساء على مستوى الريف 72%، بينما نسبة الفقر بين الأسر التي تترأسها النساء 20.1% على مستوى الحضر.

71% نسبة انتشار فقر الدم بين النساء الحوامل والمرضعات في اليمن.

4.6 ملايين امرأة و5.5 ملايين فتاة بحاجة إلى المساعدة خلال العام 2021م.

أحقاف

    ضربت أروع الأمثلة في السعي لتحقيق الأمن الغذائي، وتركت بصمة يتذكرها الجميع بالدعاء لها بعد وفاتها، إذ أصبحت مثالًا يحتذى به، الحجة زهرة عبد الله ــ رحمة الله تغشاهاــ عملت مبادرة (الأحقاف) بجهودها الشخصية، مع كبر سنها، واستمرت فوائد المبادرة جيلًا بعد جيل.

     فقد قامت الحجة زهرة ببناء أحقاف الماء في كل جبل وكل تلة وهضبة صغيرة (فغرة أو خلفة) في مناطق (من القشع إلى الزماخيط، ونجد الوطيف وجبل الإكرث والمحفار والخلفة جهة الخظب) ، وأماكن لا حصر لها بحي الأعروق- مديرية حيفان، ولم تشتكِ أو تتذمر من التعب والشمس والعطش.

     يقول إسكندر درهم (مدير إدارة مركز تنمية المرأة الريفية، وادي الحسيمة، أعبوس): إن الحجة زهرة عبدالله كانت قبل كل موسم أمطار تنقل أكياس الإسمنت، إذ كان الكيس يحتاج إلى مراحل لنقله، فيجري ذلك خلال أيام حتى يصل إلى مكان استخدامه في أي قمة أو تلة من الجبال، وكذلك نقل الماء بالدبب سعة  20لترًا، والعمل على ماتريد تجهيزه ليستفيد منه الناس عند زيارتهم وارتيادهم لهذه الأماكن.

    ويضيف درهم: بأنها كانت تقوم بنقل الأدوات اللازمة للحفر والبناء، ونقل الأكل لمن يعمل معها في مشروعها، وعاشت على هذا لم تتراجع أو تمل. قبل كل موسم أمطار تعمل زيارات لتتفقد أحقافها وتتأكد فيما إذا كان أحدها بحاجة إلى صيانة أوترميم، وتتمثل فائدة الأحقاف في ري المحاصيل الزراعية، ويستفيد منها المزارعون والحيوانات، وكل هذا يسهم في تحقيق الأمن الغذائي الزراعي والحيواني.

    كما يقول المهندس عبدالله درهم: إن الحجة المرحومة جهزت جبل الإكرث بأدوات مطبخ كاملة حتى إذا قرَّرت جماعة الذهاب إلى هذا المنتزه تجده مزودًا بكل ما تحتاج إليه، وهذا ما يخفف عليها حمل هذه الأشياء من بيوتها، كما قامت ببناء حمام أسفل التلة.

ثروة حيوانية

    تتنوع الأعمال التي تقوم بها النساء في الريف، فهذه أم سالم (من منطقة بني علي مديرية حيفان) تمتلك حظيرة لحيوان الماعز وبقرة، تقوم بتربيتها ورعايتها، لتستفيد هي وأسرتها من عائداتها الغذائية، والمالية بخاصة في فترة عيد الأضحى المبارك.

     تقول أم سالم: بسبب الصراع وانقطاع الرواتب عاد أولادها وزوجاتهم إلى المنزل في منطقة (بني علي) واعتمدت الأسرة بأكملها على الثروة الحيوانية في المنزل، إذ استفادت من البقرة في بيع الحليب والسمن وصبغ (عيش) المائدة اليومية، وبحسب قولها فالبقرة توفر لها نصف دخل البيت،  وأن أبرز صعوبة تواجهها رعي الماعز في مواسم الزراعة.

    أما في منطقة التبيعة- مديرية حيفان، تقول (س . م) الوسطى بين إخوتها : “كانت حياتنا صعبة جدًا في محافظة الحديدة، انتقلنا إلى الريف منطقة التبيعة وكانت أوضاعنا الاقتصادية في البداية متدنية جدًا، بعدها قررت أن أربي الدواجن البلدي (غير المزرعة)، وبدأت بدجاجتين”.

بعد أربعة أشهر من تربية الدواجن، تقول (س. م) :إن إحدى السيدات في المنطقة أعطت أحد إخوتها أرنبين، وأن العائلة أصبح لديها صنفان من الحيوانات تكاثروا إلى أن أصبحت العائلة مشهورة ببيع البيض والدواجن والأرانب، بعدها بفترة اشتروا بقرة واستفادوا منها. تؤكد (س.م) أن حياتهم تحسنت مع استثمارهم لهذه الثروات، وبدأوا ببناء منزل لهم في المنطقة.

    أما أسرة (أ. س)، فتقول :إن مهنة زوجها كانت الحراثة، وما خلفه الزوج لها ولأطفالها هو ثور يعتمدون عليه لإعالة الأسرة. (أ .س) لديها طفلان في عمر التاسعة وطفلة في الحادية عشر، استفادت من الثروة الحيوانية (الثور) في تأجيره في مواسم الزراعة والاستفادة من العائد في تحقيق دخلها وعائلتها، بالإضافة إلى نشاطها في الأراضي الزراعية في أثناء الحصاد.

التشجير

     في قرية العدنة عزلة الأعروق – مديرية حيفان، استطاعت (ندى سيف) أن توصل عدد أشجار  البسباس المنتجة إلى(150) شجرة.

     يقول الدكتور حبيب ردمان (صاحب مشروع صندوق د. حبيب التنموي)- برنامج الزراعة والري والمسابقات الزراعية النسائية: «إن تزرع شجرة واحدة من كل نوع فهذا لك أنت وأهل بيتك، لكن أن تتحول الزراعة إلى استثمار وتنمية ريفية هو الأهم». وقد عمل الدكتور حبيب ضمن أنشطة (صندوق الدكتور حبيب التنموي) الذي شمل 51 قرية في مديرية حيفان والقبيطة، برنامج الزراعة والري مسابقة للنساء في الريف.

     نصت المسابقة على أن تقوم كل متسابقة إما بتربية  20دجاجة، وإما زراعة أكثر من 50 شجرة طماطم، وإما 20 عمبة فلفل (البابايا) وإما ثلاثة رؤوس من الماشية (تيوس) كأضحية للعيد، وأي متسابقة تحقق أحد هذه الشروط السابقة تفوز بمبلغ مالي مقداره عشرة آلف ريال، وبلغ عدد الفائزات بالجوائز 20 امرأة من مختلف القرى في مديرية حيفان والقبيطة.

المورينجا (البان)

  في قرية (السما لله)- القبيطة، يقول جبران عبده جبران (مؤسس مبادرة المورينجا): إن مبادرة زراعة شجرة المورينجا (البان)، هي مبادرة زراعية هدفها الأساس تنمية الزراعة، وكانت البداية في قرى (السما لله، يوسفين، قبيطة) وبعدها توسعنا على مستوى مديرية القبيطة ومن ثم توسعنا إلى قرى مديرية حيفان.

    ويضيف جبران: بداية أُنشِئت مجموعة بالواتساب باسم «الملتقى الزراعي» وضم الملتقى مجموعة من المهتمين بالزراعة في قرى السما لله وما جاورها، وأعطى موافقته على دخول أي قرية من قرى مديرية حيفان ضمن مبادرته الأولى. كان الهدف هو حث الناس وتوجيههم إلى الزراعة وحب الأرض والاعتناء بها.

وعن أسباب اختيار شجرة المورينجا لتكون هي الشجرة الأولى للملتقى الزراعي، يقول المهندس جبران: سرعة نمو الشجرة وتأقلمها مع أي تربة وعدم احتياجها إلى كميات كبيرة من الماء. شجرة مثالية لتكون تجربة زراعية ناجحة، وهذا بدوره سوف يحفز الجانب الزراعي عند الكثير من المبادرين بالزراعة، فوائد المورينجا في علاج الكثير من الأمراض وتعدُّ مصنعًا طبيعيًّا لمقاومة التأكسد والإصابة بالسرطان.

     مؤكدًا أن المورينجا توفر الظل للأشجار الأخرى ولا تنافسها على الماء، لاسيما وقد كانت الشجرة الثانية في مبادرة «الملتقى الزراعي» هي شجرة البن وهي تحتاج إلى ظلٍّ كي تنمو. المورينجا أو البان معظم الناس لا يعرفونها ولا يسمعون عنها سوى في أغنية الفنان أيوب طارش (أحبك ياغصين البان) ومن الجميل أن يكتسب الناس معرفة جيدة حول هذه الشجرة وأهميتها.

وحول الفائدة الصحية لشجرة (البان) للنساء في الريف فقد أوضحت الدراسة المنشورة في ديسمبر 2013م (Moringa oleifera (Malunggay) as a Galactagogue for Breastfeeding Mothers)، أن للشجرة فوائد صحية تعود على الأمهات المرضعات فهي مدرة للحليب، ولها فوائد جمالية إلى جانب الصحية، وتحتوي على العديد من الفيتامينات والعناصر الغذائية التي من الممكن أن تُسهم في تحقيق الأمن الغذائي.

سد الماء

     أقيمت مبادرات للمجتمع المحلي لبناء حواجز مائية لتجميع مياة الأمطار، إذ بادر شباب وادي شرار قبيطة – لحج العمل التطوعي من شهر يوليو 2021م، وكانت البداية في العمل بمشروع حاجز مياه شعب التاريخي الزراعي بوادي شرار. وعن هذا النشاط المجتمعي صرح لنا الأستاذ عبده أحمد ناصر القباطي (الناشط في مجال العمل الخيري والاجتماعي)  أن  المجتمع المحلي  بادر بتبني مشروع التنمية الزراعية في وادي شرار قبيطة؛ لغرض الري بدعم من المجتمع المحلي.

وكانت المبادرة بتوزيع عدد 250 شتلة بن للمزارعين ضمن برنامج توزيع ألف شتلة بهدف تشجيع زراعة البن لتكون مصدر دخل للأسرة. وسيكون هناك استفادة من الحواجز المائية.

     وأضاف القباطي أن للنساء دورًا مهمًا ورئيسًا في زراعة أشجار الخضروات الضرورية للمائدة الغذائية للأسرة بجانب المنازل بحسب توفر المياه مثل: الطماطم والبسباس وعمبة الفلفل والخيار والبامية والكوسة وغيرها.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

70% يؤكدون أن استمرار الصراع يعد من أبرز التحديات التي تواجه اليمن في تحقيق الأمن الغذائي

أوضحت نتائج استطلاع الرأي العام التي نفذته إدارة الأعلام التابع لمركز يمن انفورميشن سنتر ل…