ترشيد الميـــــاه.. خطوة للحفاظ على المحاصيل الزراعة والمساهمة في بناء أمن غذائي
صوت الأمل – حنين أحمد
تشكل عملية ترشيد المياه خطوة مهمة في تحقيق الأمن الغذائي في اليمن، حيث تواجه في الوقت الراهن تحديًا كبيرًا يتمثل في غياب وتدني نسبة الوعي للأفراد، وعدم الاسترشاد في الاستهلاك أثناء عملية ري المحاصيل الزراعية.
ولترشيد المياه فوائد تعود على المحاصيل الزراعية وتحقق الأمن الغذائي في البلد، حيث أن هناك صعوبات تواجه القطاع المائي أثناء الزراعة، تتمثل في كيفية تطبيق التقنيات الحديثة للري للتوفير والاسترشاد المائي.
(رائد العمراني: مهندس ري في مكتب الزراعة والري – تعز) يقول، يتم ترشيد استخدام المياه في الأراضي الزراعية عن طريق تغيير النمط التقليدي في الري، و استخدام طرق ري حديثة تتمثل في الري بالتنقيط للمحاصيل النقدية (الخضروات، البن، محاصيل الفاكهة)، والتي تعمل أنظمة الري الحديث على إضافة الكميات المناسبة من المياه للمحصول المزروع بالوقت المناسب.
مضيفًا، أنه إذا تم تصميم هذه الأنظمة بشكل صحيح، فسيتم توفير تكاليف إنتاج المحصول بنسبة تصل الى 50%، _على سبيل المثال_ عند ري المحاصيل الزراعية التي تستهلك كمية كبيرة من المياه: (الخضروات، الموز، والقرعيات ) باستخدام طرق الري الحديث، فإن الواحد هكتار يحتاج الى 4000 متر مكعب من المياه، أما عند استخدام طرق الري التقليدية (الري بالغمر) نحتاج الى 7000 متر مكعب وقياسًا مع هذا يتم قياس الوقود والعمالة والمبيدات لكل طريقة.
ويؤكد العمراني، أن الأساليب المتبعة في عملية الري هي (النمط التقليدي) الذي في الغالب يكون من خلال ضخ كميات كبيرة من المياه لري المحصول المزروع زيادة عن حاجته ، وهذه الطريقة تعد أسوء طريقة شائعة ومتبعة عند المزارعين، حيث ترفع من تكاليف إنتاج المحصول، عن طريق ارتفاع كمية الوقود المستخدم لضخ المياه للحقل، وارتفاع تكاليف العمالة الذي يحتاجها المزارع؛ لتسوية الأرض وصيانة قنوات الري التقليدية.
مشاكل القطاع المائي
ويوضح العمراني، أن المشاكل التي تواجه القطاع المائي في الزراعة عديدة، تتمثل في صعوبة إقناع المزارعين باستخدام أنظمة الري الزراعية الحديثة عالية الكفاءة (أنظمة الري بالتنقيط – أنظمة نقل مياه الأنابيب) ،واستخدام كميات كبيرة من المياه عند الري بالغمر؛ مما يهدد بنضوب سريع للمياه الجوفية بمعدل ينذر بالخطر؛ لذا لابد من تسهيل المعنيين بالحفاظ على المياه الجوفية، في فرض الحلول الضرورية للتقليل من استنزاف المياه الجوفية وترشيد استخدامها بتبني طرق الري الحديثة وتسهيل وصولها للمزارعين بأقل التكاليف.
من جانبه، (المهندس خالد الشجاع: مدير عام هيئة الموارد المائية-تعز) يقول، أنه ليتم ترشيد استهلاك المياه في الأراضي الزراعية يجب توعيه المزارعين بأهمية المياه، والمشاكل المترتبة من الاستخدام الخاطئ للمياه، وطرق الاستفادة بكل وسائل التوعية المتاحة، العمل مع المزارعين والجهات ذات العلاقة بمبدأ المشاركة المجتمعية للمياه، والمشاركة في إدارة وتخطيط وتنظيم المياه عن طريق انشاء جمعيات ومجموعات مستخدمي المياه الزراعية، وتشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل ذات الاستهلاك المائي القليل وذات الجدوى الاقتصادية للمزارعين.
وأشار: إلى أن من أهم المشاكل التي تواجه هذا القطاع، الحفر والضخ العشوائي للآبار دون إتخاذ أي إجراءات قانونية للحد من ذلك، التوسع بزراعة محصول القات على حساب الأراضي الزراعية الخصبة ذات الجدوى الاقتصادية، وعدم وجود سياسة زراعية واضحة، واعتماد القطاع الزراعي على المياه الجوفية بشكل رئيسي وعدم الاستفادة من المياه العادمة ، غياب وتدني الوعي المائي والزراعي واستخدم نظم الري القديمة.
جودة الإنتاج
تختلف جودة المحاصيل باختلاف الطرق المتبعة لإنتاج المحصول.. هذا ما يوضحه المختصون في هذا المجال، فبحسب (أبو بكر الحكيم: مدير عام الجودة في وزارة الزراعة والري- صنعاء سابقًا)، أن المحاصيل تختلف جودتها باختلاف الأساليب المتبعة أثناء زراعتها وطرق ريها ، فمن العوامل التي تساعد على زيادة جودة الإنتاج، استخدام التقنيات الزراعية المختلفة مثل: البذور المحسنة، الري بواسطة أنظمة الري الحديث، واستخدام الأسمدة الطبيعية العضوية، و مكافحة الآفات، والمبيدات العضوية، و المكينة الزراعية، هذه كلها تقنيات تساهم في زيادة جودة الإنتاج من نفس وحدة المساحة والمياه.
وفي ذات السياق، يوضح (غسان المقطري: المدير العام لمركز بحوث الأغذية وتقانات ما بعد الحصاد- عدن) :أن من العوامل التي تؤثر على حجم الجودة والإنتاج والصنف والنوعية، هي عوامل ترجع لطرق المتبعة في تجهيز الأرض المتمثلة في (نوع السماد، التربة، نوعية البذور، أسلوب الري المتبع في الأراضي الزراعية وعوامل أخرى).
معقبًا، أن الأصناف الهجينة (بذور تتضمن جيل جديد من النباتات تحمل صفات نباتيين أصليين) تزرع في بيوت محمية وليس في حقول مفتوحة، وتعطي إنتاج عالي لمرة واحدة.
تجربة الري بالتنقيط
كما يقول (عبدالسلام القدسي ، مدير إدارة البن في وزارة الزراعة والري في تعز) : يستخدم الكثير من المزارعين في قرى مدينة تعز ، التقنيات الحديثة في عملية الرش للحصول على محاصيل ذات جودة والمتمثلة في استخدام الري بالتنقيط ، واستخدام الملش الزراعي ” المصنوع من البلاستك الزراعي -النايلون- الذي يهدف لتقليد الطبيعي بالحفاظ على الرطوبة و رفع درجة حرارة التربة” ، واتباع برنامج المدارس الحلقية، وذلك للحصول على محاصيل زراعية ذات جودة عالية واهمية بالغة، كما يتم عملية الحفاظ على جودة المحصول عبر المتابعة المستمرة منذ بداية عملية الزراعة وحتى أجراه عملية الحصاد والتسويق .
(صدام علي: مزارع – لحج)، يمتلك مزرعة خضروات يحكي الطرق الذي يتبعها لري المحصول الخاص به باستخدام الري بالتنقيط.
يحكي صدام تجربته مع الري بالتنقيط، أنه بعد اتباعه لهذه الطريقة وجد أن نتيجة المحصول أفضل وأعلى جودة من عدة جوانب، كون الماء يتوزع بنسب متساوية بين المحاصيل، كذلك تسهلت عملية استخدام الأسمدة، وبهذا نكون قد عملنا على المحافظة على المياه والمحصول والمساهمة بتحقيق الأمن الغذائي.
الاسترشاد المائي برؤية اقتصادية
(الدكتور علي مقحيش: خبير وطني في مجال الدراسات الاقتصادية والاجتماعية) ففي جانب رؤيته للأبعاد الاقتصادية لدور الترشيد والاستهلاك في تحقيق الأمن الغذائي يوضح : أنه في دراسة أُجريت في عام 2018 م للجهاز المركزي للإحصاء تبين أنه يمكن توفير 991073147 متر مكعب من المياه في حالة ترشيد استهلاك المياه، وهذا يغطي مساحة بحوالي 130 ألف هكتار تزرع بالمحاصيل ومن الممكن أن تساهم في سد الفجوة الغذائية.
مؤكدًا، أن الاستخدام الرشيد لمورد المياه هو الأساس في التنمية خصوصًا وأن البلاد تعتبر من البلدان الشحيحة، لذا فإن تحقيق الأمن الغذائي مرهون ببقاء (الأمن المائي).
(الأستاذ الدكتور: محمد يحيى الرفيق رئيس جامعة ذمار ودكتور في العلوم الإدارية ) يوضح، بأنه على الرغم من أن اليمن تمتلك العديد من الموارد المائية (تقليدية – سطحية – جوفية) إلا أنها تعد غير كافية بسبب عدم الاستغلال الرشيد لها، وعدم الوعي بطرق الري المتبعة، وبالتالي كمية كبيرة من الموارد والمدخلات الزراعية والمياه تهدر بسبب الري الخاطئ ، مما قد يتسبب في فجوة مائية كبيرة، تؤثر في عملية الزراعة و تحقيق الأمن المائي والغذائي ، وخلق تشوهات واختلالات في الاقتصاد الوطني.
ويضيف ، أنه لابد من السيطرة على المياه، وتنظيم شؤونها، ومنع استغلالها من قبل بعض المالكين للأراضي الزراعية، والحفاظ على الموارد المائية، وتقييم أداء السدود، إنشاء عدد آخر بحسب ترتيب أولويتها وجدواها مع رفع كفاءة استخدامات القائم منها، وإعطاء الأولوية للمشاريع الزراعية التي تهدف إلى ترشيد استهلاك المياه وزيادة الكفاءة الإنتاجية.
70% يؤكدون أن استمرار الصراع يعد من أبرز التحديات التي تواجه اليمن في تحقيق الأمن الغذائي
أوضحت نتائج استطلاع الرأي العام التي نفذته إدارة الأعلام التابع لمركز يمن انفورميشن سنتر ل…