تحديات وجدوى إنتاج القمح في اليمن .. في أرقام
صوت الأمل – منال أمين
يعتبر القمح من السلع الأستراتيجية الهامة في عملية تحقيق الأمن الغذائي في أي بلد بالعالم ، وتزداد أهميته في اليمن خاصة في هذه المرحلة الصعبة ، باعتباره مكوناً اساسياً في الوجبات الغذائية ؛ ولكن أصبح إنتاج القمح المحلي محدوداً لا يلبي احتياجات المواطنين بالشكل المناسب .
في دراسة صادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي ( قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية ) 2018 ، تبين أن اليمن يقوم باستيراد أكثر من 95% من محصول القمح من الخارج لتلبية احتياجات الاستهلاك المحلي، وذلك لسد الفجوة الغذائية في القمح المقدرة بأكثر من 3 مليون طن متري سنوياً، وقد أنخفض نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح إلى أقل من 5% .
و وفقاً لدراسة المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن 2018 ، بما يتعلق بـ(القمح في اليمن .. وتنامي الفجوة الغذائية رغم الجدوى الاقتصادية) ، إن الدراسات أثبتت جدوى اقتصادية متوسطة في إنتاج القمح وتشجع على التوسع في زراعته محلياً، لكن بتكلفة انتاج أعلى من تكلفة القمح المستورد، مؤكدةً أن القمح سلعة استراتيجية ترتبط بالأمن القومي.
حيث بينت الدراسة، أن رغم الجهود التي بذلت لزيادة الرقعة الزراعية، إلا أن الفجوة الغذائية لم تجد معالجات مستدامة ومازالت كبيرة للغاية، وتتسع باستمرار في ظل محدودية الإنتاج المحلي وتزايد النمو السكاني وتنامي الطلب، وهذا يزيد من حجم التهديدات التي تواجه اليمن الذي يعاني أكثر من 53% من سكانه من انعدام الأمن الغذائي الحاد ، حيث بلغ كمية الاستيراد لمحصول القمح في 2017 حوالي 3.379.181 طن .
وتشير أحدث البيانات الإحصائية إلى تراجع أنتاج الحبوب في اليمن بنسبة 130% ما بين الفترة 2012 و2017، إذ تدهور إنتاج الحبوب ومنها القمح تدريجياً من 250،264 طن إلى 95،651 طن للفترة ذاتها بمعدل انخفاض بلغ 16.6 % سنوياً .
وتقف أسعار الوقود ومدخلات الإنتاج، وضعف خدمات الإرشاد الزراعي، ومحدودية الحافز المالي للمزارعين عائقاً امام زيادة إنتاج القمح، الذي يلعب دوراً حيوياً في دعم الأمن الغذائي ومكافحة الفقر في اليمن .
وبات اليمن يعتمد على الاستيراد لتلبية أكثر من 90 % من احتياجاته الاستهلاكية من القمح، الامر الذي يضاعف حجم التهديدات التي تواجه الأمن الغذائي في بلاد يقاسي نحو 53 % من سكانها (15.9) مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد .
ويعتبر القمح سلعة استراتيجية في غاية الأهمية للأمن الغذائي في البلاد، لكن إنتاج القمح المحلي محدوداً ومتناقصاً، مقابل تنامي الاحتياجات الاستهلاكية للسكان، وارتفعت الاسعار المحلية للقمح بمعدل 377%.
ويستورد اليمن معظم كميات القمح من استراليا وأمريكا وروسيا، وباتت فاتورة استيراده تؤرق الاقتصاد والعملة الوطنية متجاوزة 700 مليون دولار سنوياً، ويبلغ عدد مستوردي القمح النشطين حوالي 6- 7 مستورد في اليمن مما يعكس حالة الاحتكار التي تسود سوق استيراد القمح .
فرص لإنتاج القمح
هناك مؤشرات تقريبية أوردتها الدراسة تفيد بتوفر جدوى اقتصادية متوسطة في إنتاج القمح وتشجع على التوسع في زراعته محلياً، مع الأخذ في الاعتبار أن تكلفة انتاج القمح محلياً أعلى من تكلفة القمح المستورد وعائداته أقل من عائدات محاصيل نقدية محلية بديلة مثل القات.
و ذكرت الدراسة الغير منشورة حول الجدوى الفنية ـ الاستراتيجية ـ الاقتصادية لإنتاج القمح نفذتها وزارة الزراعة عام 2016، أن المنطقة الشرقية والمرتفعات الجبلية الشمالية والوسطى تعتبر من أهم المناطق الواعدة لزراعة القمح في البلاد.
وأضافت الدراسة أن المنطقة الشرقية على وجه الخصوص وتشمل محافظات مأرب وحضرموت والجوف، تتمتع بمزايا فريد عن سواها من المناطق اليمنية مثل وفرة المياه الجوفية وقابلية إدخال الميكنة في العمليات الزراعية ، حيث تتميز المنطقة الشرقية وتحديداً في ( مأرب ، حضرموت والجوف) بمزايا تؤهلها لزيادة إنتاج القمح بعوائد مجزية إلى 114 ألف طن، أي بأكثر من ضعف مستواه الحالي 107.7 %، وذلك من دون تغير كبير في المساحة المزروعة 22.4. %
ولفتت الدراسة الى وجود فرصة غير مستغلة لزيادة إنتاج القمح في المرتفعات الجبلية بحوالي 122.3% عن مستواه الحالي، بالتزامن مع زيادة المساحة المزروعة بحوالي 27.6% .
وتتميز بعض مناطق المرتفعات الجبلية مثل محافظات (إب، ذمار، البيضاء، المحويت) بتوفر مصادر المياه الجوفية للري وأمطار غزيرة في مناطق مثل إب، وتنوع طبوغرافية الأراضي بين قيعان واسعة ومدرجات جبلية. إضافة إلى قابلية إنتاج القمح في موسمي الشتاء والصيف، وتمتعها بإنتاجية عالية يمكن أن تبلغ 5 طن للهكتار.
واكدت الدراسة، أنه في حال تطبيق الحزمة المتكاملة لتقنيات الإنتاج الحديثة، يوجد فرصة كامنة غير مستغلة لزيادة انتاج القمح في المناطق الواعدة المناطق الشرقية والمرتفعات الجبلية بمعدل 118.2 % عن مستواه الحالي، أو بكمية اضافية قدرت بحوالي 228،559 طن.
وفي حال استخدام التقنيات الإنتاجية الحديثة في المناطق الواعدة، سيسهم في زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح في عموم البلاد إلى12.4% مقارنة بالنسبة الحالية المقدرة 2.8 %، بينما ستنخفض فاتورة الواردات وعجز الميزان التجاري في حدود 57 – 69 مليون دولار سنوياً، فضلاً عن توفير كثير من فرص العمل والدخل للأسر الزراعية.
وقدرت الدراسة إجمالي عائدات إنتاج الهكتار من محصول القمح، في القطاع المروي 2700 دولار عام 2016 بينما قدرت التكلفة الكلية 1750 دولار، ليبلغ العائد الصافي 950 دولار، وكانت نسبة التكاليف إلى العائدات 65%.
كما نوهت الدراسة إلى أنه مهما كانت النتائج متواضعة إلا أن القمح يبقى سلعة إستراتيجية ترتبط بأمن الوطن واستقلال القرار الوطني، مما يستوجب التعاطي مع الفجوة الغذائية في القمح من منظور إستراتيجي واسع على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
وأضافت منظور استراتيجي يركز على التوسع الرأسي في زيادة الإنتاجية، وأيضاً التوسع الأفقي في المساحة المزروعة، والتأثير على الأنماط الاستهلاكية، وتعزيز وضع الميزان التجاري الزراعي من خلال زيادة انتاج وتصدير المحاصيل ذات الميزة النسبية ، وبالمقابل تقليص إنتاج واستهلاك القات الذي يستهلك حوالي 30 % من المياه المستخدمة في الزراعة وتتمدد زراعته كل عام على حساب المحاصيل الأخرى رغم مخاطره الصحية والاقتصادية والبيئية.
ونصحت الدراسة بأهمية تخصيص جزء من مساعدات المانحين الغذائية العينية لدعم مزارعي القمح والحبوب الأخرى على التحول من مستهلكين للمساعدات الغذائية إلى منتجين للمحاصيل الضرورية.
70% يؤكدون أن استمرار الصراع يعد من أبرز التحديات التي تواجه اليمن في تحقيق الأمن الغذائي
أوضحت نتائج استطلاع الرأي العام التي نفذته إدارة الأعلام التابع لمركز يمن انفورميشن سنتر ل…