تجربة رائدة في صناعة الفرصة وإثبات الذات
صوت الأمل – سماح عملاق
وجدتُها في قاعةٍ للأعراس، تتنقّل كفراشةٍ بين المدعوَّات حاملةً معدّاتٍ احترافية للتصوير، ابتسامتها الطليقة تُشعرُ العروس بحجم فرحتها وهي تقف على عتبة عالم الزوجية توثّق أدقّ التفاصيل في حفلات الزفاف، متمكِّنة إلكترونيًّا على غير عادة معظم السيدات في محافظة إب.
“أضواء ياسين عبد الوارث” تخرجتْ من قسم اللغة الإنجليزية في جامعة تعز، ثمَّ اضطرت إلى النزوح مع أسرتها من محافظتها إلى محافظة إب عقب أحداث 2014م .
وجدت أضواء نفسها في محافظة غريبة عنها، تبحث عن المأوى الآمن، لكنَّها لم توقف عملية البحث عن ذاتها بين الركام الذي خلَّفته الأزمة.
عملت مدرسةً في مجال تخصصها في مدارس ومعاهد أهلية إلى أن تذكّرت هوايتها وحُلُمها القديم بمجرد أن أهداها ابن عمِّها “كاميرا”.
تقول أضواء: “إن بداياتها في عالم التصوير لم تكن هوايةً وشغفًا فقط بل ولّدتها الصدفة بهديةٍ وصلَتها عقب زواجها من ابن عمها الذي ساندها”.
التحقَت أضواء بدوراتٍ للتصوير ووثّقت حفل خِطْبة أخيها كأول تجربةٍ لها في مجال توثيق الأعراس؛ كونها كانت في منطقةٍ نائيةٍ لا توجد فيها أية مصّورات احترافيات.
تقول أضواء:”وجدتُ أن لمستي الفنية كانت رائعة في حفلة خِطبة أخي بشهادة الجميع، ففكرتُ في البدء بالعمل كمصورة للأعراس بعد دراسة البيئة الاجتماعية في مدينة إب التي لم تكن تهتم بتوثيق أفراحها “.
كان مشروع أضواء من أوائل المشاريع في هذا المجال، فبدأت أضواء بإنشاء صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” لتنشر فيها بعض تفاصيل أعمالها.
تكمل أضواء:”كان التفاعل عظيمًا لم أتوقعه فقد فتح أمامي بابًا كبيرًا من أبواب الإقبال، عميلاتٌ كثيراتٌ في المحافظة تواصلنَ معي، ومن هنا كوّنتُ فريقي وحاليًّا أعمل برفقة زميلتين درّبتهنَّ بنفسي”.
كانت أضواء في البداية متخوّفة لكن أخاها ساندها معنويًا وحسيًّا إذ كان يقوم بتوصيلها ذهابًا وإيابًا إلى مواقع العمل كي تطمئن، وكذلك الأسرة التي وفّرت لأضواء طابعةً صغيرةً ابتدأت بها.
تسرد أضواء بعض العقبات التي واجهتها بقولها:” فكرة التصوير في إب كانت وليدة؛ لم يكن المجتمع الإبّي يهتم بتوثيق الأعراس بطريقة مميزة، لكنني بالتدريج كونّت نفسي من الصفر، وابتعتُ معدّاتي قطعةً تلو الأخرى إلى أن وصلتُ إلى المعدّات الاحترافية التي تذهل كل من يتعامل معي اليوم”.
وتضيف أضواء أنها واجهت صعوبات إدارية في مكتبها وفريقها والأعراس المتزامنة أيضًا بمجرد توسع فريقها وتزايد الإقبال عليها، وتغلّبت على هذا العوائق بحضور دورات عبر النت في المهارات الإدارية.
حاليًّا تدير أضواء فريقها ووقتها بكل سلاسة بحكم خبرتها التي تمتدُّ إلى خمس سنوات في العمل بمجال توثيق الأعراس.
تروي أضواء حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها في توثيق المناسبات العائلية من حفلات للخِطبة أو للزفاف أو لأعياد الميلاد وغيرها في مجتمع محافظ؛ وهي بهذا تحذِّر بشدة من ارتكاب أية هفوة قد تهز ثقة عملائها بها؛ ولهذا السبب تطبع أضواء كلَّ أعمالها بنفسها في منزلها من دون التعاقد مع أية استوديوهات خارجية؛ استشعارًا منها بالمسؤولية، وتوكِّد أن أمانتها هذه من أعظم أسباب نجاحها.
تضيف أضواء لما سبق من مميزاتها “الشغف” بقولها: “إن الأغلبية تقلّد لا تجدّد، وإن المصورات الشغوفات بالتصوير لا يزلن في بداياتهنّ”. وتستدرك قائلة: “بالاستمرار والتطوير سيصلن إلى النجاح بجودة أعمالهنّ وإبداعاتهن إذا وُجِدت الإرادة”.
تنسب أضواء الفضل لما وصلت إليه من ريادة في عالم توثيق المناسبات ــ بعد توفيق الله ـ إلى عائلتها المتعاونة وزوجها المتفهِّم الداعم الرئيس لموهبتها، فمع استقراره في محافظة عدن بعيدًا عن زوجته التي اتّخذت من محافظة إب بيئةً خصبةً لعملها فهو يكتفي بالإجازات ليتلقي بها سواء في إب أم عدن، وتعدُّ أضواء نفسها محظوظةً لتفهّم زوجها ومساندتهِ لها على الدوام.
وتقول: “حين أرى خلاصة الجهد والتعب بعد الطباعة والمونتاج أشعر بلذة الإنجاز وأنام راضيةً عن نفسي تمامًا”.
لم تستسلم أضواء للظروف الصعبة عقب تخرجها من الجامعة وزواجها، لكنها تفاءلت وحفرت اسمها على الصخر لتخلقَ لها فرصةَ عملٍ مبتكرة مع قسوة النزوح الذي أرغمها على مغادرة ذكرياتها، ومكان طفولتها لحظة انفجارٍ الأوضاع.
اختتمت أضواء حديثها بجملةٍ مفادها:”العمل هو فكرة في المقام الأول، فلو وجَدتَ الفكرة التي ترى فيها نفسك وطموحك وشغفك تمسَّك بها وعضَّ عليها بناجذيك، عقب ذلِكَ ستتيسَّرُ لك أسباب النجاح وستزول كل العوائق والصعاب. وهذه هي قصتي باختصار”.
في استطلاع رأي: 73% يؤكدون: الأوضاع الراهنة ساهمت في انتشار البطالة باليمن
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع ا…