القاضي الشيباني: القضاء سلطة تُمارَس ضدَّها سياسات تضعف قوتها
صوت الأمل – علياء محمد
تمر السلطة القضائية بالكثير من التحديات والصعوبات التي أثرت في سير العمل القضائي في البلد، وأسهمت في فقد الكثير من المواطنين الثقة بها واتهامها بالتقصير وعدم الالتزام بالمعايير الأساسية في حلِّ النزاعات بين المواطنين حلًا عادلًا كما هو معهود منها.
ولمعرفة الوضع العام التي آلت إليه السلطة القضائية صحيفة “صوت الأمل” التقت بالقاضي مازن الشيباني (قاضٍ جنائي في محكمة بلاد الروس وبني بهلول الابتدائية) وأجرت معه هذا الحوار:
- في البداية ما هو تقييمك العام لوضع السلطة القضائية حاليًّا؟
في بلادنا يعد القضاء سلطة تُمارَس ضدَّها سياسات متعمدة تضعف من قوتها في حلِّ مشكلات البلد في مختلف المجالات، مع أن الجميع يعي دور القضاء وأهميته وقدرته على حسم النازعات والصراعات الموجودة حاليًّا، خصوصًا في مثل هذه الظروف الصعبة مقارنة بباقي السلطات والمؤسسات الأخرى، وهنالك حقائق يجهلها الناس بصفة عامة حول وضع القضاء والمحاكم في اليمن، والأغلب يتهم القضاء بالفساد من دون العلم بالتحديات التي تواجه المحاكم وبالدور الكبير الذي يؤديه القاضي في اليمن مقارنة بباقي الدول.
- كيف تجري آلية العمل في المحاكم القضائية؟
في جدول الجلسات يتم تسجيل 40 جلسة في اليوم لكل قاضٍ، وأحيانًا أكثر من ذلك، وهذا يعني أن بعض القضاة يعقدون في الأسبوع الواحد من 150 إلى 200 جلسة، وفي الشهر من 600 إلى 800 جلسة.
وللعلم كل قضية تحتاج من القاضي إلى العناية والتركيز والاهتمام، مع الأخذ في الحسبان أن ـ في الغالب ــ عدد القضايا التي تصل إلى القاضي في الشهر الواحد أكثر من عدد القضايا المنجزة في الشهر نفسه، مما يعني أن عدد القضايا في تزايد مستمر.
- ما الأسباب المؤدية إلى تأجيل الحكم وتطويله في بعض القضايا؟
أول سبب يكمن في رفض الخصوم والمدَّعين ــ خصوصًاــ تنفيذ قرارات المحكمة إما بالإعلانات أو بإحضار المستندات أو بتقديم الردود, حينها يقرر القاضي إلزام المدعي بإعلان المدعى عليه والتأجيل لمدة أسبوعين, وبعد أسبوعين يحضر المدعي غير منفذٍ للقرار ويطلب مهلة أخرى فتمنحه المحكمة مهلة أخرى فيحضر بعد المهلة الثانية ويقدم للمحكمة صورة إعلان ليس فيه أي إفادة على وصوله إلى المدعى عليه, حينها تقرر المحكمة إعادة إعلان المدعى عليه إعلانًا صحيحًا وتؤجل مرة أخرى وتضيع سنوات في إجراءات شكلية، بالإضافة إلى مسائل متعددة مثل الدفوع الكيدية المتكررة و تشعب الخصومات في التدخل والإدخال واستبعاد الدعاوى وشطبها وتغيير القاضي قبل الحكم وتعيين قاضٍ آخر محله.
- يتهم عدد كبير من الأشخاص القضاء بالفساد وأخذ رشوات، فكيف ترد على الاتهامات؟
الجهل المجتمعي بالقانون وغياب الوعي هو من يتسبب بدرجة أساسية في لجوء الناس إلى تقديم الرشاوى إلى القضاة لأن الناس لا تؤمن بالقانون، ونحن لا ننكر وجود فساد ووجود من يأخذون الرشوة في السلطة القضائية، وهؤلاء معدودو الأصابع ويتسببون في الإساءة إلى كل من يعمل في جهاز القضاء، ولكن يجب أن نأخذ في الحسبان أن ليس كل ما يقال عن القضاة صحيحًا، ولابد من النظر إلى عمل القاضي وتقييمه عن طريق أعماله وحكمه.
- ماهي أبرز التحديات التي تواجه السلطة القضائية وتعرقل عملها؟
مشكلات كثيرة لا حصر لها تؤدي إلى عرقلة إجراءات السلطة القضائية، تمثلت في قلة عدد القضاة وعدم وجود قضاة متخصصين في فحص الدعاوي وأمور التنفيذ والأمور المستعجلة والسير في نظر دعاوٍ ناقصة.
كما هو متعارف عليه يبلغ عدد سكان اليمن أكثر من30 مليون نسمة، وهذا التعداد تقريبي وليس دقيقًا، ويحتاج إلى جهاز قضائي لا يقل عدد القضاة فيه عن ثمانية ألف قاضٍ، يجري توزيعهم بنسبة أربعة قضاة حكم لكل 30 ألف نسمة، وأربعة قضاة تحقيق كذلك لكل 30 ألف نسمة، وهذا يعني أن اليمن بحاجة إلى عدد ثمانية آلاف قاضٍ كحدٍّ أدنى؛ من أجل أن يستقيم معه أمر العدالة نسبيًّا.
وإذا أردنا جهاز قضاء متقدم وحاسم يضاهي الدول المتقدمة، فإننا سنكون بحاجة إلى ما يقارب خمسة عشر ألف قاضٍ.
- برأيك ما أسباب قلة عدد القضاة في اليمن؟
أسباب قلة عدد القضاة ترجع إلى السياسة الخاطئة التي مورست عند تكوين جهاز القضاء منذ عشرات الأعوام، فمن التسعينيات وإلى عام ٢٠١٠م كان معهد القضاء يفتح أبوابه مرة واحدة كل ثلاث سنوات، وفي كل ثلاث سنوات كان يقبل من 50 إلى 60 متقدِّمًا فقط، وفي ٢٠١٢م تغيرت سياسة القبول تدريجيًّا في معهد القضاء، حيث ضُوعِف العدد ليبلغ عدد من يجري قبولهم في المعهد 100 متقدم، وأصبح المعهد يفتح أبوابه كل عام.
وفي 2٠١٦م زاد عدد المقبولين في المعهد إلى ٢٠٠ متقدم، وفي بداية ٢٠١٩م تقريبًا أصبح عدد القضاة الخريجين من المعهد ٢٠٠ قاضٍ، وهذا يعني أن ٦٥٪ من القضاة العاملين في الميدان هم خريجون من معهد القضاء من بعد ٢٠١٢م، أي أنه خلال 20عامًا من (19٩٠ إلى ٢٠١٠م) كان العدد لا يزيد عن 700 قاضٍ، حكم في اليمن كلها، ومن عام (٢٠١٠م إلى ٢٠٢٠م) زاد عدد القضاة إلى حوالي 3000 قاضٍ.
- ماهي أفضل الحلول والمعالجات لتنظيم سير عمل السلطة القضائية؟
يجب أن تدرك الدولة أن عليها تأهيل المزيد من القضاة وتدريس قضاء جدد مع الاهتمام بالكيف وليس فقط بالكم لتغطية العجز، بالإضافة إلى اعتماد تخصص القضاة على الأقل عند التعيين، بحيث يكون في كلِّ محكمة قاضي أمور مستعجلة خاص، وقاضي تنفيذ خاص، وقاضٍ لفحص الدعاوي قبل إحالتها؛ ومن جانب آخر يجب توفر مباني للمحاكم. فللأسف أغلب المحاكم مقراتها ليست حكومية بل مبانٍ مستأجرة.
66% من المواطنون يثقون بالتحكيم القبلي أكثر من القضاء الرسمي
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع التابع لمركز (…