الشيخ بن صياد: القضاء العرفي القبلي ليس بديلا ً عن القضاء الرسمي
للعرف القبلي في المجتمع اليمني تأثيرٌ كبيرٌ في حل المشكلات والنزاعات كافة على مستوى الأفراد والجماعات والقبائل، صحيفة “صوت الأمل” أجرت حوارًا مع رئيس مجلس القضاء العرفي القبلي اليمني الشيخ / محمد بن علي بن محمد بن صياد لمعرفة مكانة العرف القبلي في المجتمع اليمني وأهميته، فإلى الحوار:
- هل من الممكن أن تُعرِّف القارئ على شخصية الشيخ محمد بن علي صياد؟
هو محمد بن علي بن محمد بن صياد، ينتهي نسبه إلى زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب يمن بن قحطان، وهو المراغة المرجعية العليـا للقبـائل اليمنية كافة ورئيس مجلس القضاء العرفي القبلي اليمني وينتمي إلى قبيلة جبل بني جبـر خولان الطيال في محافظة صنعاء.
- ما الدور الذي يقوم به مجلس القضاء العرفي القبلي اليمني؟
المجلس يؤدي دوره في إطار الأهداف الأساسية والمتمثلة في ستة أهداف:
1- يسعى المجلـس لإصدار الأحكام القضائية القبلية في إطار نصوص وثيقة التشريع القبلي العام الموحد الموروث، لتسوية النزاعـات وتحقيق العدالة؛ والبتِّ فيها وفصلها في فترة زمنية وجيزة.
2- تفعيل قواعد مسار الطوارف المسنونة، والمغرم الغصـّاب لنصر القادية وردع الاعوجاج.
٣- تصفية صورة القبيلة من كل الشوائب التي لحقت بالمجتمع القبلي.
4- إدراج التشريع العرفي القبلي اليمني العام الموحد الموروث كأحد مصادر التشريع للدستور والقوانين الرسمية.
5- دراسة نظرية الخواص العشارية لدستور دولة “سبأ” والاستفادة منها في الدولة اليمنية الحديثة.
6- المشاركة الكاملة والفاعلة في عملية تثبيت مبادئ الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي، والتحوّل من مسار الاقتصاد الاستهلاكي إلى الاقتصاد التنموي.
- أعطينا لمحة عن العرف القبلي في المجتمع اليمني، وأهميته في حل القضايا والإسهام في السلم الاجتماعي؟
إن ثقافة اليمنيين قديمة وراسخة في المجتمع اليمني، لن تصل الشعوب في الدول العظمى إلى مستوى ثقافاتنا، فخلال العقود المنصرمة قامت اليمن بتقليد دول العالم في إنشاء وزارة الثقافة التي انحصر اهتمامها في الفنون التشكيلية والشعر والعمل على تجسيد لهجات متعددة داخل الشعب الواحد وتجسيد فكرة أن لكل قبيلة وقرية عُرفًا خاصًا بهما يختلف عن غيرهما، وهذا غير صحيح، فإن العرف القبلي مكتوب وموحد.
- ما هي أهم القضايا التي يسهم العرف القبلي في حلِّها؟
أي نوع من القضايا تكون منظورة أمام القضاء العرفي القبلي توجد حلولها في نصوص وثيقة القواعد المرجعية العرفية للإنسان في مختلف حقوقه الثلاثية (ماله وعرضه ودمه).
- ما طبيعة العلاقة بين العرف القبلي والقضاء الرسمي، وهل يعدُّ القضاء العرفي القبلي بديلاً عن القضاء الحكومي؟
القضاء العرفي القبلي ليس بديلًا عن القضاء الرسمي(الحكومي) وإنما معزز لسلطة القضاء والقوانين الرسمية لأن أغلب القضايا التي يفصل فيها القضاء العرفي القبلي اليمني تعدُّ مقاضاة الفارِّين من وجه عدالة القضاء الحكومي، ومن ثمَّ يكونون عبرة للآخرين فيخاف نظراؤهم من أن تطالهم الأحكام العرفية المغلظة، ويضطر الجميع إلى المثول أمام محاكم القضاء الحكومي في حال ما سمحت ظروفهم تحمل العقوبات العرفية المسنونة.
كذلك القضاء العرفي القبلي يُلزم أبناء القبيلة بجمع نفقات المحاماة في القضايا المنظورة أمام عدالة القضاء الرسمي، عندما تكون تلك القضايا من النوع المسنون فيها، استنادًا إلى وثيقة القواعد المرجعية العرفية، فكلما جُسِّدت وفُعِّلت القواعد المرجعية العرفية أنضبط أبناء المغرم لدفع كلفة الشريعة أمام محاكم القضاء الحكومي، فلا تجد المجتمع ينفر عن المثول في قضيته لدى المحاكم.
- ما رأيكم فيمن يقول إن الأعراف القبلية والنظام القبلي عمومًا يعدُّ نقيضًا للدولة؟
هذا كان في عقود القضاء العرفي الذي يحكم على وفق اجتهادات وليس كما هو الآن على وفق نصوص عرف قبلي مكتوب وموحد.
- هل لديكم تعاون مع منظمات المجتمع المدني في إطار تحقيق السلم الاجتماعي؟
في جوانب ضيقة ونادرة إلى حدِّ الآن.
- هل يتدخل القضاء القبلي في حلِّ مشكلات غير اليمنيين الموجودين في اليمن؟
في حل مشكلات غير اليمنيين في اليمن لا يتدخل وحسب بل يوجد في نصوص القواعد العرفية القبلية المكتوبة الموروثة ما هو كفيل بتأمين الأجانب الموجودين في اليمن بالطرق المشروعة, فأدنى عقوبة على من اعتدى على أجنبي في ماله أو عرضه أو دمه عقوبة “المحدش” بمعنى إحدى عشرة ضعف العقوبة الأساسية – بصفتها جرائم عيب أحمر(كناية عن مدى خطورة الجريمة) , وهناك عقوبة أرفع في جرائم الأختطاف وتسمى “عيب أثلم” وعقوبته (محدوش المحدش)، بمعنى أن يُحكم للمخطوف (حتى في حال كان المخطوف في سلامة خطفه) يحكم له (بـ 121 مائة وإحدى وعشرون) دية سلامة أي ما يعادل (121 مائة وواحد وعشرون ثورًا) بجانب كل ثور ومساقها نقدًا بنصف القيمة؛ أي تدفع نصف القيمة نقدًا بقاعدة ( ناصفة مهجر وناصفة متهجر) وتؤخذ أموال وأملاك وبيت الجاني (الخاطف) وإذا لم تكفِ تُجْمع بنظام المغرم؛ أي يتفرقون دفعها أبناء قبيلته، ومن ثم تقوم القبيلة بتفريده (التبرُّؤ منه).
- ما مكانة المرأة والطفل في الأعراف القبلية وهل يسهم القضاء القبلي في حل مشكلات المرأة والطفل؟
إن المطالبة بتسوية المرأة بالرجل في اليمن ليست من مصلحة المرأة، فأن العرف القبلي جعل للمرأة مساق (المحدش) وهو إحدى عشرة ضعف ما يكون للرجل من العقوبة الأساسية ضد من يُعتدى عليها في (مالها أو عرضها أو دمها) باستثناء المشكلات بين الزوج والزوجة فعقوباتها (المحشم التجبور) وهو ضعف العقوبة الأساسية في حال كانت مشكلات ظهرت وأصبحت مكشوفة بين الناس.
ومقدار العقوبة نفسها فيما يتعلق بالاعتداء على الطفل (بالمحدش) كحصانة عرفية للطفل، مثله مثل حصانة المرأة، ومن ثمَّ تكمن أهمية القواعد العرفية في ردع الجرائم قبل وقوعها خوفًا من العقوبات العرفية القوية، وهذا بفضل الحكمة اليمانية، فأن حقيقة الحكمة تكمن في أن التشريع القبلي قام على وفق عشر خواص وردت في النظرية اليمانية الموروثة، والمقصود الحقيقي لاسم الحكمة اليمانية معناه نظرية متعلقة بالتشريع يكون (حكومي أو قبلي) وللأسف دولتنا إلى الآن لا تعرف شيئًا عن موضوع النظرية اليمانية الموروثة والمتعلقة بالتشريع.
ونأمل في المستقبل استجابة إحدى المكونات السياسية بتبني هذه الرؤية لعز البلاد والعباد ولتكون دولة للجميع على وفق النظرية.
- هل يقتصر دور الأعراف القبلية على المحافظات الشمالية؟ ما مدى حضور القضاء القبلي في المحافظات الجنوبية؟
إن وثيقة التشريع القبلي هي للقبائل اليمنية كافة ـ شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًاـ وإمضاء مشايخ القبائل الجنوبية كان حاضرًا في هذه الوثيقة الموحدة (الغصـّابة)، وحاليًّا في الجنوب التطبيق ضئيل جدًا، عدا قبائل محافظة شبوة وقليل من قبائل حضرموت والضالع، وهذا أراه عن طريق التواصل مع بعض مشايخها وعقالها وأفرادها للتطبيق مثلهم مثل سائر القبائل في الشمال.
- وكلاء الشريعة، من هم، وما هو دورهم، وما أثرهم في القضايا والقانون؟
وكلاء الشريعة العرفيين هم في مقام المحاميين، وأغلبهم محاميين لأنه من السهل عليهم التعامل مع تشريعات وقوانين مكتوبة مقننة سواء كانت رسمية أم شعبية قبلية، لذلك تجد المحامين يتولون الوكالات أمام القضاء العرفي القبلي.
- ما هي أهم القواعد المرجعية العرفية للقبائل اليمنية؟
كل القواعد المرجعية العرفية العامة الموحدة الموروثة (الغصـّابة) للقبائل اليمنية كافة مهمة وتتضمن خمسة أبواب بإجمالي أربعة عشر فصلًا من الفقرة «1» إلى الفقرة «594» من وثيقة التشريع القبلي العام للقبائل اليمنية كافة.
66% من المواطنون يثقون بالتحكيم القبلي أكثر من القضاء الرسمي
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع التابع لمركز (…