الشيخ الجمرة: “القبيلة مكون أساسي من مكونات الدولة في اليمن” والقضاء القبلي يضمن أقصى درجات العدالة عبر مراحله المتعددة
أوضح عدد من المشايخ القبليين أن النظام القضائي القَبَلي هو نظام متكامل قائم على عدد من الأعراف الموروثة ويشمل إجراءات تقاضٍ محددة ومعروفة ومتناسقة تقوم على أسس منظمة، وأنها تشبه إلى حد كبير النظام القضائي الرسمي بدرجاته المختلفة.
يؤكد ذلك ما قال الشيخ زيد الجمرة إن النظام القبَلي يشمل نظام تقاضٍ منسق بإجراءات معينة وقواعد معروفة ودرجات متفاوتة، وهو نظام مصغر من الدولة المؤسسية وفق نظم إدارية متدرجة تبدأ على مستوى القرى ممثلة في “العُقَّال” ثم “المشايخ” ثم “شيخ الضمان” على مستوى القبيلة.
ووفقاً للشيخ الجمرة – الذي يحضر حالياً رسالة دكتوراه في الإدارة العامة- فإن النظام القبَلي اليمني يشمل أيضا مجالسَ للحكم شبيهة بتلك الموجودة في الدولة المؤسسية مثل “المسراخ”، وهو ميدان عام لتجمع أبناء القبيلة لمناقشة القضايا التي تهم القبيلة بشكل عام أو المشاكل التي تواجهها، ويشبه مجلس الشورى في الدولة.
أفاد الشيخ الجمرة -في لقاء خاص بـ”صوت الأمل”- أن نظام الحكم القبلي قائم على الشورى، وأنه يتم اختيار “الشيخ” عن طريق الانتخابات عبر ما يسمى بـ”قاعدة المشيخ”؛ حيث يوقع أبناء القبيلة على عريضة تثبت موافقتهم على اختيار المرشح لمنصب “الشيخ”، وتكون هذه الأوراق كأنها أوراق التصويت وسجل الانتخابات في نظام الدولة.
ويوضح الجمرة أن انتخاب “الشيخ” لا يكون بالوراثة وأن الابن لا يكون وريثاً لوالده في منصب “الشيخ” إلا بتوفر شرطين أساسيين، الأول: الكفاءة والفعالية، والثاني: موافقة أبناء القبيلة عبر التوقيع على “قاعدة المشيخ”، وفي حالات كثيرة يتم اختيار شيخ آخر ليس من أبناء الشيخ السابق، ومن ثم فالشرعية في النظام القبلي هي بيد أبناء القبيلة كما أن الشرعية في النظام الديمقراطي هي بيد الشعب.
وفيما يخص نظام التقاضي القبلي، يقول الشيخ الجمرة إن هناك ثلاث درجات للتقاضي توازي الدرجات الثلاث الرئيسة المعروفة في النظام الرسمي؛ فالدرجة الأولى تتمثل في الاحتكام إلى شيخ القرية، وتعد بمثابة المحاكم الابتدائية، وتعترف الدولة بالحكم كأنه حكم محكمة ابتدائية. أما الدرجة الثانية فتسمى بـ”المنهى”، وخلالها يتم استئناف حكم شيخ القرية لدى شيخ القبيلة، وهو بمثابة محكمة الاستئناف في القضاء الرسمي. أما الدرجة الثالثة فهي “الفرع الأعلى” التي يتم خلالها الطعن في حكم شيخ القبيلة لدى “المراغة” وهو الشيخ الكبير لمجموعة من قبائل مثل “شيخ بكيل” أو “شيخ حاشد” أو “شيخ مذحج”، وهذه المرحلة هي أعلى درجات التقاضي في الأعراف القبلية وتماثل المحكمة العليا في النظام القضائي الرسمي.
وبخصوص قضايا المرأة والطفل والأجنبي في القضاء القبلي فيقول الشيخ الجمرة إن الأعراف القبلية تضمن لهذه الفئات حقوقاً مميزة، فكما هو محرم دولياً خلال الحروب استهداف المرأة والطفل والمدنيين فإن الأعراف القبلية أيضا تحرم استهداف هذه الفئات وتضع لمن يخالف ذلك أحكاماً مشددة وروادعَ وتعزيراتٍ، مثل الحكم المسمى بـ”المحدعش” الذي يعني أحدَ عشرَ ضعف العقوبة المعروفة في غير هذه الفئات.
ويضيف أنه الى جانب هذه الفئات هناك أيضا ما يسمى بـ”الهَجَر”، وهم الناس الذين يقومون بالوساطة بين الأطراف المتنازعة أو من يقومون بانتشال الجثث أو إسعاف المصابين أثناء الحروب أو من هم مكلفين بجمع الدلائل والشواهد في أماكن النزاع. ويُعَدُّ “الهَجَر” محايدين ويحظون باحترام جميع الأطراف، ومن هنا فإنهم يقومون بالمهام التي تقوم بها المنظمات الإنسانية مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر الدولي والمنظمات الخيرية في هذه الأيام.
أما أهم ما يميز القضاء القبَلي في رأي الشيخ الجمرة فهو سرعة البت في القضايا والفصل فيها وبأقل التكاليف. بالإضافة إلى أن الأحكام القبلية غالباً ما تكون مُرْضِيَةٍ لجميع الأطراف، وتضمن إيصال الحق إلى أهله، فالقيم والمبادئ القبلية -مثل نصرة المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقيم الشهامة ونصرة المرأة وغيرها- تضمن لأبناء المجتمع حقوقهم الإنسانية الأساسية.
وفي الختام يؤكد الشيخ زيد الجمرة أن القبيلة في اليمن نظام متكامل لا عصبية فيه ولا طائفية ولا إخلال بمبدأ المساواة، وأن القبيلة قادرة على الانخراط في الدولة المدنية الحديثة في إطار الإثراء وليس الاختلاف، بل وأن القبيلة في اليمن تعد مكوناً أساسياً من مكونات الدولة الحديثة، وأن القضاء القبلي مساند للقضاء الرسمي ومساعد له ويخفف العبء عنه.
66% من المواطنون يثقون بالتحكيم القبلي أكثر من القضاء الرسمي
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع التابع لمركز (…