هيئة الموارد المائية: تقارير نضوب الأحواض المائية ليست كلها دقيقة والسفياني: ندعو إلى تحديث هذه التقارير الدولية بناءً على المستجدات الأخيرة
يواجه اليمن واحدة من أعقد مشكلات التنمية التي تتمثل في النقص الحاد في الموارد المائية واستنزاف المياه الجوفية, في ظل عدم التوازن بين التجديد والاستهلاك المتزايد للمياه, مما يؤدي إلى استنزاف المياه وتردِّي نوعيتها.
هنا التقت صحيفة “صوت الأمل” المهندس عبد الكريم السفياني (وكيل الهيئة العامة للموارد المائية) وأجرت هذا الحوار:
- ماهي أبرز مهامكم في هيئة الموارد المائية؟
هدفنا في هيئة الموارد المائية يتمثل في مواجهة المشكلات المتعلقة بالمياه وأهمها شحّة الموارد المائية بالتوازي مع ارتفاع معدلات التزايد السكاني، واستنزاف المياه الجوفية، وكذلك نعمل على توفير مياه الشرب النقية وإدارة الموارد المائية وتخطيط استغلالها على ضوء قانون المياه.
- لماذا نجد تضاربًا في الأرقام والإحصائيات الخاصة بالمياه؟
هناك أسباب عديدة منها: اختلاف الدراسات والمسوحات التي انتجت هذه الأرقام واختلاف فتراتها الزمنية والظروف التي أجريت خلالها؛ ومما لا شك فيه أن الدراسات التي أجريت في التسعينيات مثلا والتي يُعتمد عليها حاليًّا في أغلب الجهات؛ مختلفة عن الدراسات التي أجريت في السنوات الأخيرة التي تعدُّ قليلة لسبب رئيس ألا وهو تزايد معدلات السكان وزيادة النشاطات الصناعية والتجارية التي تأثرت أيضًا بدرجة كبيرة نتيجة الظروف التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة.
- ما تقييمكم للدراسات التي تحدثت عن جفاف بعض الأحواض المائية على مستوى البلد، بخاصة حوضي صنعاء وتعز؟
ليست كل التقارير الدولية صحيحة, وهناك من يهرف بما لا يعرف، فمثلا حوض صنعاء معدل الاستهلاك السنوي فيه نحو 300 مليون متر مكعب، ومعدل التغذية السنوية 100 مليون متر مكعب (مصدر التعويض الوحيد هو الأمطار)، والعجز السنوي 200 مليون متر مكعب, تجري تغطيته من المخزون الاستراتيجي للمياه, نظرًا لتزايد معدلات السكان والتوسع العمراني غير المدروس في أطراف المدينة, وأيضًا توسع العاصمة لتشمل بعض القرى الصغيرة القريبة, إلى جانب الهجرة المتزايدة إلى العاصمة خصوصًا خلال سنوات الصراع الأخيرة, وأيضًا النشاطات التجارية والصناعية… كلُّ هذه الأسباب أدَّت إلى تزايد الاستهلاك في حوض صنعاء بوتيرة عالية.
كثير من الدراسات أشارت إلى أن حوض صنعاء مهدد بالنضوب, وأن المياه الجوفية ستجف بحلول الفترة بين 2020ــ2025م ولكن معظم هذه الدراسات عبارة عن فرضيات وليست مبنية على معطيات حقيقية.
فالمتغيرات والظروف المناخية أثبتت في الأعوام الماضية عكس ما توقعته هذه التقارير، فالأمطار الغزيرة جدًا فاقت معدلات الاستهلاك والتصريف بدرجة كبيرة أدَّت إلى تعويض قدر كبير من كمية الاستنزاف في حوض صنعاء.
- هل أفهم من كلامك أنك تدعو إلى إعادة النظر في تلك التقارير، أو تعديلها وإجراء دراسات جديدة؟
الخلاصة أن بعض تلك التقارير التي تحدثت عن نضوب بعض الأحواض مبنية على معطيات غير حقيقية أو قد تغيرت، ومن ثمَّ يجب أن تكون هناك دراسات جديدة تتلاءم مع المتغيرات الحديثة سلبًا أو إيجابًا.
كما ندعو إلى تحديث التقارير الدولية بناءً على المستجدات الأخيرة, من حيث الاستهلاك أو التعويض أو من حيث أغراض الاستهلاك وكفاءته.
- ما هي أهم الإجراءات التي اتخذتها هيئة الموارد المائية من أجل الحفاظ على المنسوب الآمن للمياه الجوفية؟
الهيئة أعدَّت مجموعة من القوانين والإجراءات, أهمها إنشاء وحدات خاصة بإدارة كل حوض على حدة, واتخذت الهيئة مجموعة من الضوابط, مثل الحدّ من الحفر العشوائي وإنشاء جمعيات مستخدمي المياه وترشيد الاستخدام والرقابة على نوعية وأغراض الاستخدام.
- الآبار العشوائية خصيصى في حوض صنعاء معظمها تستخدم لزراعة وري القات، هل لديكم إجراءات محددة في هذا الاتجاه؟
نواجه مشكلة قديمة تتمثل في ضعف الوعي العام بأهمية الحفاظ على الماء كثروة قومية وعصب التنمية، في الفترة الأخيرة مُنِع استيراد الحفارات نهائيًّا، وقمنا بضبط المخالفين وإحالتهم للنيابة العامة، وصدرت أحكام بمصادرة الحفارات المخالفة.
بالنسبة إلى القات فمن المؤسف أن زراعته تتزايد سنويًّا بمعدل 900 هكتار, وتنتشر أفقيًّا نتيجة لعدم وجود سياسة زراعية واضحة, وغياب التسويق الزراعي الذي يعطي المواطن المزارع البديل المفيد ليتحول عن زراعة القات تدريجيًّا.
- ماذا عن حوض مياه تعز؟
حوض مياه تعز هو من أكثر الأحواض تعقيدًا, نتيجة للطبيعة الجغرافية والمناخية, أهمها تدني معدل الأمطار مقابل كثافة سكانية كبيرة ومتزايدة وعدم وجود مساقط مائية لتغذيته وعدم صيانة مجاري السيول.
وسبق أن أُعلِن عن أنَّ حوض مياه تعز من الأحواض الحرجة, ومعدل هبوط المياه في الحوض تتراوح بين 6ــ7 أمتار سنويًّا؛ ولذلك لابد من اتخاذ إجراءات عاجلة للحدِّ من استنزاف المياه الجوفية في حوض تعز واستغلال كمية الأمطار التي هطلت أخيرًا.
- ماذا عن الأحواض المائية في المحافظات الجنوبية؟
تقسيم الأحواض المائية الـ 14على مستوى الجمهورية لم يجرِ على أسس جغرافية, ومن ثمَّ هناك أحواض تشمل محافظات عديدة من شمال اليمن وجنوبه.
- ماهي المقترحات التي ترونها مناسبة للحفاظ على الأحواض المائية؟
أعتقد أن ضعف الجوانب التشريعية والتنظيمية يمثل فجوة أمام الاستخدام الأمثل للمياه، وتجزُّؤ مسؤولية المياه بين أكثر من جهة رسمية أسهم في ضعف الجانب الرقابي, خصوصًا في السنوات الأخيرة نتيجة الظروف التي تمر بها البلاد.
وأقترحُ إيجاد خطط تنفيذية واضحة على مستوى كل حوض وإجراء مشاريع لتغذية الأحواض والحدِّ من معدلات الاستنزاف عبر توعية الجمهور, وأيضًا لابد من وجود سياسة زراعية تعتمد على تشجيع المحاصيل ذات المردود الاقتصادي العالي واستخدام الأساليب الحديثة في ري المزروعات التي تضمن توفير 80% من المياه المخصصة للري. وفي الأخير ضرورة الوقوف بمسؤولية أمام هذه المشكلة تبدأ من رأس الدولة وتنتهي بالمواطن، ولا ننسى دور وسائل الإعلام في التوعية بأهمية الاستخدام الأمثل للمياه.