‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة المياه في اليمن المياه والنشاط الاقتصادي: توفر المياه عامل جذب للنشاط الاقتصادي والاستثماري

المياه والنشاط الاقتصادي: توفر المياه عامل جذب للنشاط الاقتصادي والاستثماري

صوت الأمل – رجاء مكرد

يعاني المواطن في معظم انحاء اليمن من صعوبة الحصول على مياه الشرب النقية ويضطر الكثير منهم الى شرائها كل يوم لأغراض الطبخ والشرب سواء من محطات تنقية المياه التجارية او عن طريق شراء حمولة سيارات نقل الماء التي تعرف شعبيا بـ(الوايتات) التي تشهد ارتفاعا متزايدا في اسعارها بسبب زيادة الطلب عليه شهريًّا نتيجة زيادة الاستخدام والكثافة السكانية.

في أغلب المحافظات اليمنية نرى تجمعات غفيرة يخيَّل إلى الناظر إليها للوهلة الأولى أنها حشود تسعى لأمرٍ ما وعند الاقتراب منها نكتشف أنها عبارة عن طوابير تنتظر دورها امام خزان مياه.

   فوزية سلطان(مواطنة)تحكي ما تكابده من اجل الحصول على الماء، فتقول: “إنها تحرص على أن تنهض في الصباح الباكر لتجلب من السبيل (خزانات مياه توضع في الاحياء السكنية بدون أجر مدفوع) ما يُقارب 20 لترًا من الماء، وتعود إلى البيت باكرًا محتفظة بالماء للاستخدام المنزلي بحرص شديد”.

حقائق وأرقام

     توجد علاقة وطيدة بين المياه والنشاط الاقتصادي. فالنشاط الاقتصادي يتأثر بالمياه من ناحية الكمية والنوعية كونه اللبنة الأساسية في التنمية الاقتصادية في العالم ككل، وهناك عددًا من الصناعات المرتبطة بالنشاط الاقتصادي تقوم على المياه، بل إن أكبر ملاك المصانع والمستثمرين يبحثون عن المناطق الغنية بالمياه لممارسة نشاطاتهم.

    قدَّم عبد السلام الحكيمي (الوكيل مساعد في وزارة المياه والبيئة) لـصحيفة “صوت الأمل” إحصائيات تبيِّن عدد الأحواض المائية في اليمن إذ بلغت 14 حوضًا، منها سبعة أحواض حالتها حرجة (مهددة بالجفاف)، كما بيَّن أن ميزانية الوزارة في العام 2018م، قُدرت بـ 168 مليون ريال. وكشفت الاحصائية أن كمية العجز في المياه المتجددة يتجاوز الثلث سنويًا.

كما أظهرت الإحصائية أن عدد الآبار على مستوى البلد تجاوز 100 ألف بئر، منها في صنعاء 14ألف بئر، يعمل منه 8000 بئر.

   “إن شحة المشتقات النفطية دفعت اليمنيين من أصحاب المزارع وملاك الأراضي الزراعية إلى استخدام الطاقة الشمسية كبديل لضخ المياه وري المحاصيل الزراعية، لكن الدراسة المنشورة أخيرًا عن (مرصد المياه والبيئة) التابع للمملكة المتحدة في أبريل 2021، خلصت نتائجها إلى أن الانخفاض الكبير الحاصل في المياه الجوفية منذ عام 2018م، من المحتمل أن يكون بسبب استخدام الطاقة الشمسية في ري الأراضي الزراعية”.  كما اوضحت الدراسة:” أن مناطق تدني مستوى المياه الجوفية يظهر في غرب اليمن منذ بدء تسجيل البيانات عبر تقنية الأقمار الصناعية عام 2002م”.

الأسباب

  و حول تأثَّر المياه الجوفية بالطاقة الشمسية، يقول الحكيمي: “إن نتائج الدراسة التي ترى أن استخدام الطاقة الشمسية يستنزف المياه الجوفية غير منطقية، فالبئر الذي يعتمد على مادة الديزل  24ساعة، لن يعمل على الشمس إلا 12 ساعة، ومنذ ست سنوات بدأت مادة الديزل بالانعدام كليًّا بسبب عدم الاستقرار؛ فأصبح الناس يلجؤون إلى حلول بديلة، كالطاقة الشمسية ، حيث توجد مدن مغطاة بنسبة  100% من الطاقة الشمسية كمحافظة (ذمار وصعدة)، في مجال إنتاج المياه وتوزيعها، وهناك مناطق مازالت النسبة قليلة مثل محافظة صنعاء بنحو 15 %”.

     وأضاف:” في الوقت الذي استخدمنا فيه الطاقة الشمسية كنا نتمنى من الدولة تشجيع الاستثمارات المحلية بصناعة الألواح الشمسية محليًّا بدلًا من استيرادها من الخارج، حيث يمكننا أن نستورد الفوتونات (مادة تحتاجها الألواح) فقط، وباقي المكونات هي محلية كالزجاج والألمنيوم. واليمن ليس البلد الوحيد الذي جرب الطاقة المتجددة، بل الولايات المتحدة الأمريكية عملت مزارع بأكملها تغطي طلبات الناس وتحد من انبعاثات طاقات الوقود”.

ضعف الدور الرقابي

     فهد الجنيد (مدير الإعلام الزراعي في وزارة الزراعة والري)، يقول: “إن الأسباب التي أدت إلى استنزاف المياه الجوفية تتمثل في الحفر العشوائي للآبار السطحية والارتوازية، وفي عملية الري حيث يسود مفهوم خاطئ عند أغلب المزارعين فهم يعتقدون أن الري بالغمر له مردود إيجابي، وكذلك انتشار وتوسع زراعة القات التي تستهلك أكثر المياه الجوفية، حيث أطلق على مزارعي القات اسم “جراد الماء”.

     وأوضح: أنَّ زراعة القات أدَّت إلى بروز ظاهرة الحفر العشوائي للآبار التي استنزفت المياه الجوفية استنزافًا كبيرًا، لدرجة نضوبها في بعض المناطق، كما أنَّ هناك الكثير من الوديان جفت آبارها تمامًا، نتيجة ضعف الدور الرقابي من قبل الجهات المختصة، مع أنَّ هناك قانونًا ينظم ذلك. مضيفًا أن الثقافة السائدة عند المجتمع اليمني تعدُّ المياه التي توجد في حيازته من الأراضي والمرافق (ملكيه خاصة) ويحق له التصرف فيها كيفما يشاء ومتى يشاء.

     في استطلاع إلكتروني أجرته “صوت الأمل” عبر استمارة الاستبانة في منتصف مايو 2021م، تبين أن أسباب العجز المائي في اليمن: 5.7 قلة الوعي، 2.9 الإسراف، 5.7 ازدياد تلوث المياه، 2.9 عدم تدوير المياه، 2.9 شحة مصادر التغذية، 80 كل ما ذُكر.

المعالجات

      يرى الوكيل المساعد عبدالسلام الحكيمي:” إنه في حال جرى خلق خطط موازنة حقيقية سيتعايش الشعب اليمني مع الأزمة المائية، و سنعيش كما عاش أجدادنا قبل أكثر من 400 سنة، حيث كانوا يعالجون قضايا شحة المياه بـالسدود والكرفانات (حفر الأحواض) والبِرك، وسكنوا في أعالي الجبال والتنمية استمرت وكانت اليمن من أغنى دول المنطقة”.

ويضيف الحكيمي: “أن اليمن تمتلك كل المكونات لإعادة بناء دولة قوية مكتفية إلى حدٍّ ما بمصادرها، وأنه قديمًا كان سد مأرب يسقي المناطق من مأرب إلى أطراف حضرموت”.

    عبدالله الهندي (مدير العلاقات العامة في مياه الريف) يقول: “إن الحلَّ في بناء السدود والحواجز المائية وخزانات الحصاد، بالإضافة إلى الترشيد في الاستهلاك لمياه الشرب والري بالتقطير للزراعة”.

  حسن الشيخ (مستشار وزارة المياه والبيئة)، قال: “إن تجربة السدود في اليمن ممكن أن تكون مفيدة في مناطق وأخرى لا، مثلًا في المناطق الساحلية عملية التبخر تكون عالية جدًا؛ فلا يُستفاد من الحواجز المائية والسدود، أما عملية الكرفان (حفر الأحواض)، ففيها صعوبة لأن الماء يخترق إلى المياه الجوفية، والسدود تفيد في المناطق التي فيها أودية ومياه سطحية”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع خاص لصحيفة صوت الأمل لعدد المياه