تعايش منذ مئات السنين: تنوع الأسواق التجارية اليمنية
صوت الأمل – رجاء مـكـرد
في اليمن تتنوع المِهن التي يزاولها الناس، ويتشارك الأغلبية في كثير منها، ولا تتصف فئة أو جماعة من منطقة محددة بوظائف غير الأخرى، ولكن هُناك بعض المهن التي تميزت بها بعض الجماعات المذهبية وهذا لا يعني أنها _حصرًا_ عليهم، بل أبرز ما لاحظته صحيفة «صوت الأمل» على بعض المذاهب الدينية.
إن الشخص المتجول في أسواق عدن _تحديدًا في (كريتر)_ يجد التجار الإسماعيليون يتميزون بتجارة البخور والعطور واستيراد الملابس الهندية، كما أن البعض يعمل في البهارات.. أما في العاصمة صنعاء _تحديدًا_ باب اليمن، يجد الزائر أنواعًا من الملابس والأقمشة التي أغلب تجارها ينتمون للطائفة الإسماعيلية، إذ أن أعمال هذه الطائفة أكثرها في تجارة الملابس.
يصف ناصر الفيصلي (تاجر ملابس في سوق باب السلام بصنعاء)، وضع التعاملات الاقتصادية بين التجار من مختلف المذاهب بأنه طبيعي، وأن هناك تعايش.. ويؤكد أنه لا يوجد أي تأثير مذهبي على التعاملات الاقتصادية بين التجار.
يوافقهُ الرأي محمد شعبه (تاجر ملابس في منطقة شميلة)، بقولهِ: “أمور الاقتصاد والتعاملات تجري بالشكل المناسب، ولم يسبق أن حدث خلاف بين التجار من باب اختلاف المذاهب.. مؤكدًا: أن هناك تعايش كبير”.
تناغم وانسجام بين التُجار
هُناك مذهبان سائدان في اليمن وهما (المذهب الشافعي والزيدي)، واللذان يشكلان الأغلبية في الشعب اليمني، وأعمالهما بين التجارة والوظائف الحكومية والأعمال الحرة، وهُناك تُجار بارزون من المذهبين في مجال التجارة.
يقول محمود القباطي (تاجر مواد غذائية في الحوبان -تعز):»بالرغم من الظروف التي تمر بها اليمن، إلا أن الوضع الاقتصادي مستمر في تعاملاتهُ التجارية، إذ يوجد تناغم وانسجام بين التُجار، ولم يحدث أن أختلف تاجران بسبب الاختلاف المذهبي.. وأن التنافس الحاصل في الأسواق أساسهُ البضاعة من ناحية الجودة والأسعار».
أما بالنسبة للسلفيين، فغالبًا ما تجدهم في الأعمال الخيرية المأجورة والطوعية أحيانًا، الإقامة في الجوامع، ومنهم من يعمل في الرقية الشرعية أحيانًا بمقابل والبعض بدون مقابل، وغيرها من المِهن الأخرى التي يزاولها عامة الشعب سواء في تجارة العسل أو غيرها.
علي الراعي (تاجر ساعات ولديه مناحل لبيع العسل) في صنعاء، يوضح: أن أكثر من قابلهم وتعامل معهم في بيع العسل هم المطاوعة (السلفيين)، وأن سوق باب السلام في صنعاء تجتمع فيه كثير من الطوائف الدينية فمثلًا الإسماعيليون تجار ملابس، واليهود _خصوصًا كبار السن_ كانوا في السابق يقومون بعمل القمريات (النوافذ).
ويضيف الراعي، حاليًا القمريات يشتغلها يمنين؛ إذ لا يوجد يهود بكثرة.. ويؤكد أن التجار متعايشون منذ زمن بعيد.
كما أن في اليمن تعيش ديانات أخرى كالمسيحية واليهودية، حيث أن أغلب من يعتنق الديانة المسيحية من جنسيات مختلفة مثل: الأثيوبيين.. وفي زيارة “صوت الأمل”، لأماكن عملهم في صنعاء، وجدت الصحيفة البعض يعمل لدى ملاك يمنيين، وأغلب المِهن التي يعملون فيها هي بيع المأكولات الحبشية، وتجارة الجلود (الأحذية الجلدية)، والعسل الحبشي.
أما معتنقين الديانة اليهودية في اليمن فقد اشتهروا بالحِرف اليدوية، كعمل الفضيات، والقمريات (النوافذ المزخرفة)، والأبواب.
إن المُطلع على الطوائف الدينية في اليمن.. يُلاحظ التنوع في المِهن التي تزاولها كل طائفة والتجارة المفضلة لها، وهذا ما استنتجته صحيفة «صوت الأمل» في زياراتها للأسواق والمحلات التجارية، واستمتعت بالحوار مع بعض التجار، كما خرجت بوصف لحال الوضع الاقتصادي الراهن بناءًا على رأي تُجار وخبراء اقتصاد.
وضع الاقتصاد الحالي
«صوت الأمل» في الحديث عن وضع الاقتصاد وإذا كان هُناك تأثير مذهبي على حركة الاستثمار، استضافت دكتور الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة تعز/ فيصل الحذيفي، والذي تحدث عن وضع الاقتصاد اليمني ولم يتطرق للحديث عن المذهبية كونها متعايشة ولم تبرز في الساحة الاقتصادية.
يقول الدكتور الحذيفي، أن الاقتصاد حاليًا هو اقتصاد الغنيمة، وأنه بعيد عن أي رقابة، ولم يعد ثمة أي ملامح لاقتصاد الدولة، والسبب في ذلك؛ أن موارد الدولة المتمثلة بقطاعات هامة مثل: الزراعة، الأسماك، النفط والغاز، ومشاريع الاستثمار، لم تعد تعمل.. وبعضها ينتج في حدها الأدنى بظل تعطيل حركة الاستثمار.
ويضيف الدكتور الحذيفي، أن الاقتصاد الخدمي الذي يديره القطاع الخاص أنكمش في حدوده الدنيا؛ مع ارتفاع كلفة التأمين للنقل البحري؛ الذي تسبب بارتفاع أسعار السلع المستوردة والمواد الخام التي تدخل في الصناعة المحلية والزراعة، مع غياب واضح للاقتصاد الاستثماري، وانسحاب المستثمرين من المشهد.
في استطلاع خاص (بصوت الأمل) مواطنون يؤگدون أهمية الدولة المدنية؛ من أجل حرية المذاهب!
شدد مواطنون يمنيون على «أهمية إقامة نظام دستوري، عبر تحديد قوانين معينة، تكفل حرية ممارسة …