حتمية المصالحة الوطنية
صوت الأمل – د. عبدالقوي حزام الشميري
تدخل الحرب – في اليمن – هذا الشهر عامها (السابع) ومازالت رحاها تطحن الشعب اليمني، الذي ليس له فيها ناقة ولا جمل.. وقد أنهكته: ماديًّا، ونفسيًّا، واجتماعيًّا، وفكريا.. ودمرت نسيجه الاجتماعي، وجعلت أبناءه أعداء، واطفاله أيتامًا، ونساءه أرامل.
عشرات الآلاف من القتلى، وأضعاف أضعافهم جرحى.. الوضعان الصحي والتعليمي لا يخفيان على أحد: جامعات بلا تعليم، ومدارس بلا تدريس، ومستشفيات مكتظة بجثث الموتى، وأنات الجرحى.. أمراض القرون الوسطى انتشرت، والمجاعة استفحلت، والوضع الاقتصادي كارثي، والعملة اليمنية اصبحت في مهب الريح.. حالها حال مستخدميها.
ماذا حل باليمن السعيد، وماذا بقي من سعادته؟! ألم يئن الأوان، لاتخاذ قرارٍ شجاعٍ، بإيقاف هذه الحرب؟! لا بد أن جميع المتخاصمين، أصبحوا يدركون الوضع العسكري على الأرض، وأنهم على يقين، أن الظروف: السياسية المحلية والإقليمية والدولية قد تغيرت.. وأن ما بعد 2020 ليس كما قبله.
لابد أن الجميع، قد وصلوا إلى نتيجتين مهمتين: أولاهما: أن الحل العسكري ثبت فشله في حسم المعركة، وثانيتهما: أنه لابد للحرب أن تضع أوزارها.. نجزم أن الجميع متفقون، على أن الحرب أوصلت اليمن (أرضًا وانسانًا) الى وضع كارثي بكل المقاييس.. وما عاد ليحتمل المزيد.. والكل أصبح متيقنًا: أنه لا مخرج من هذه الحرب؛ إلا (بمصالحة وطنية شاملة) مصالحة تُبنى أولًا – وقبل كل شيء – على الإيمان بأن هذا الشعب (المكلوم) يحق له العيش كباقي شعوب العالم.. وأن يعترف كل طرف بالآخر: سياسيًّا وفكريًّا ومذهبيًّا.. وأن تكون المصالحة غاية، وليست استراحة محارب.. وأن تكون نابعة من الذات: لا إملاءات، ولا استقواءً بالخارج، ولا استعلاء بمذهب، أو نسب، أو قبيلة.
يجب أن تكون مصالحةً نابعة من قناعة خالصة: أن اليمن يتسع للجميع، ولكنه – بلحظة ما – قد يلفظ الجميع.
قد يقول البعض: هذا تنظيرٌ وضربٌ من الخيال.. كيف للتصالح أن يكون، وقد سُفكت الدماء، ورُملت النساء، وشُوه التاريخ لصالح هذا الطرف أو ذاك، وأُوغِرت الصدور بالحقد، وحُرفت المبادئ والقيم، وأُهلك الحرث والنسل؟! قد يكون الرد نعم صدقتم في كل ما قلتموه آنفا.. ولكن.. إذا استسلمنا لهذا الخطاب، فلن نجني إلا مزيدًا من الدموع والدماء.. مزيدًا من الفقر والدمار.. مزيدًا من الكره والضياع.. مزيدًا من التشرذم والانقسام.. لا مفر ولا مخرج – من هذه الحرب المدمرة – الا (بمصالحة وطنية شاملة) تدعمها النخب: السياسية والدينية والعلمية والفكرية والثقافية.. منابر مساجدنا، أقلام كتابنا، بحوث أكاديميينا، قنوات إعلاميينا، مقالات صحفيينا.. لابد أن تُوجه نحو هذا الهدف.. وبدونه قد تصبح المصالحة الوطنية، أمنيَةً مستحيلةً ومتأخرةً.
حوالي 90% من المواطنين يؤكدون أهمية تحقيق المصالحة الوطنية في اليمن
أكد ما يقارب 90% من المواطنين اليمنيين، أهمية تحقيق (المصالحة الوطنية) لحل الأزمة اليمنية …