الطريق إلى المصالحة الوطنية
صوت الأمل – د. أحلام القباطي
لا مكان للثبات (وعدم التغيُّر) في حياة الأمم والشعوب.. فالتغير هو القانون الطبيعي الأكثر بروزًا ووضوحًا في الحياة.. وينطبق قانون التغير، على المجتمع – بكل نظمه – خاصة النظام السياسي؛ فإن تغير المجتمع – من البساطة إلى التعقيد – يحدث تغيرات هائلة في طبيعة الدولة، وبنيتها، ومظاهر الحياة السياسية والثقافية.
وتتمثل العدالة الانتقالية في: المساءلة، وجبر ضرر الضحايا، والإقرار بحقوق المواطنة لجميع أفراد الشعب – على حد سواء – دون أي تمييز.. ومن البديهي الإقرار بأن عملية الانتقال الديمقراطي، والعمل على بناء السلام، أصبحا ضرورة ملحّة في اليمن؛ وذلك من أجل تخفيف تبعات الصراع، وأهمها:1- تدهور مستوى المعيشة2- وندرة سبل العيش الكريم.
ومن هنا، وجب التفكير في السلام.. وإعداد العدة للمرحلة الانتقالية؛ ما يتطلب الأخذ بوسائل داعمة: إحداها العدالة التصالحية التي تقتضي مجموعة من الاستراتيجيات، والآليات (القانونية والإنسانية).
بمعنى أن العدالة الانتقالية، ينبغي أن تنتهج مسارًا، يضع في حسبانه آلية التعامل مع تلك التجاوزات والانتهاكات.. بحيث يمكّن الضحايا من التعامل مع الماضي، بطريقة منهجية شاملة: من مراعاة عدالة جبر الضرر، والعدالتين الاجتماعية والاقتصادية، ومراعاة كافة حقوق المواطنة المتساوية.
إن تعريف العدالة الانتقالية، يختلف وفقا للزاوية التي ينظر إليه منها: ففي إحدى وثائق (المركز الدولي للعدالة الانتقالية) وهي (تاريخ العدالة الانتقالية ونظريتها) ورد في الطيات “تقوم العدالة الانتقالية على أساس: أن المطالبة بالعدالة الجنائية ليست شيئا مطلقا.. ولكن يجب أن تتم موازنتها بالحاجة: إلى السلم، والديمقراطية، والتنمية العادلة، وسيادة القانون”.
وفي هذه السياق، ذكر تعريف (الأمم المتحدة 2004) أن العدالة الانتقالية، ترمي إلى “كامل نطاق العمليات والآليات.. المرتبطة بالمحاولات التي يبذلها المجتمع؛ لتفهم تركة تجاوزات الماضي الواسعة النطاق، بغية كفالة المساءلة، وإقامة العدالة، وتحقيق المصالحة”.
في الجانب العربي، ينظر بعض المفكرين أن العدالة الانتقالية، تمثل الانتقال من حالة النزاع الداخلي المسلح، الى حالة السلم.
واستنادا إلى الأطر النظرية للعدالة الانتقالية، ترتبط استراتيجية العدالة الانتقالية المختارة: بالنظام السياسي من ناحية، وبنمط الانتقال الديمقراطي من ناحية أخرى.. وثمة خمسة أصناف أساسية للعملية الانتقالية: أربعة منها داخلية هي 1- الانتقال من أعلى – حيث رأس النظام – 2- أو الانتقال من أسفل 3- أو الانتقال عبر حلول توافقية 4- أو عبر التدخل المباشر للمؤسسة العسكرية.. أما الصنف الخامس، فيكون عبر التدخل الخارجي.
وعلى كل حال، ونظرا لخصوصية الوضع اليمني؛ فإن العدالة الانتقالية، لابد أن تتضمن الأهداف الأساسية لمبادرات بناء السلام.. التي تركز على إحقاق العدالة، وتيسير المسامحة، والعمل بآليات التعايش المجتمعي.. بين من كانوا أعداءً في السابق..
لا بد أن تركز مبادرات بناء السلام، على مبادئ ومواثيق (حقوق الإنسان) وأن تضمن: 1- تحقيق (المساواة في التمثيل) 2- وإشراك الفئات الاجتماعية المختلفة 3- وتحقيق المساءلة للاستجابة لاحتياجات كافة أفراد المجتمع ومتطلباتهم.. ولا بد أن تشكل الأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان جزءًا أساسيًّا من هذه التسويات.
وبالتالي، فلابد أن يستند مسار العدالة الانتقالية، إلى (تصور سياسي) لمفهوم الحق.. بجانب (منظور إنساني) لحقوق المواطنة، و (تصور حقوقي) لمصالحة عادلة.. وهذه التصورات، تعمل ضمن نظام تشاركي تكاملي.. بحيث تسعى: 1- لتحقيق وطن للجميع 2- ومنح تعويض للضحايا 3- ومنع ارتكاب جرائم حقوق الإنسان في المستقبل 4- وتعزيز السلام والديمقراطية وتحسينهما 5- وتشجيع المصالحة الفردية والوطنية.. 6- بجانب حتمية تبني استراتيجيات مؤسساتية قوية؛ لمواجهة كل إخفاقات وإرهاصات الماضي، وإعادة بناء علاقات بين الدولة والمواطن.. إيمانًا منها بحتمية انتهاج حلول جذرية.. شاملة لكافة أسباب نزاعات الماضي، وانتهاج السلمية والديمقراطية.. بشفافية لبناء المستقبل.
وينبغي ألا يقتصر ذلك على المراحل (الأولية) لإنهاء الصراع، وإحلال السلام.. بل يتوجب إعادة الإعمار الشامل للقطاعات الاجتماعية والسياسية والقضائية والإدارية والأمنية.. بما يسهم في تنفيذ إعادة الإعمار، وبناء النظام المؤسسي الفاعل.. بما يضمن ديمومة الاستقرار.
حوالي 90% من المواطنين يؤكدون أهمية تحقيق المصالحة الوطنية في اليمن
أكد ما يقارب 90% من المواطنين اليمنيين، أهمية تحقيق (المصالحة الوطنية) لحل الأزمة اليمنية …