القات: إيجابيات يحكيها واقعنا
صوت الأمل – د. بلقيس العريقي
“اليمن بلاد القات”، يقولها الزائرون عن اليمن، لملازمة اليمنيين لهذه النبتة في حياتهم، والقات كنبتة ضارة أكدتها دراسات وباحثون ومواطنون كثر، وفي مقابل ذلك، قال فيه مناصرون إيجابيات سأحكي هنا بعضاً منها، وهي إيجابيات يحكيها واقع الحال، أو تحكيها علاقة اليمني بالقات، والتي وصفها أديب اليمن عبد العزيز المقالح، في ديونه “أبجدية الروح” بقصيدته المشهورة انا من بلاد القات:
والقات عشب الصداقة
هل يستوي تحت أضراسنا
وبين أصابعنا..
حين لا يتلألأ وجه الصديق!!
فالقات أكثر شيء يجمع اليمنيين إذ تُعدُ مجالس القات فرصة للالتقاء والتواصل يومياً، سواء كان ذلك في ريف اليمن أو في مدنه، في فترة ما بعد الظهر يقصد اليمنيون مقايل القات، يناقشون قضايا اليمن الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وقضايا دول أخرى، ويصل الأمر- باعتراف الكثير- أن مثقفين وسياسيين واقتصاديين وأكاديميين يلتقون في مقايل القات لمناقشة قضايا متنوعة، ويبنون عليها قرارات هامة.
ويعد القات في نظر البعض بديلا لوسائل الترفيه وأماكن التجمعات العامة، كالمكتبات والنوادي والحدائق والمتنزهات التي يلجأ إليها المواطنون في الدول الأخرى لقضاء أوقات ما بعد الظهيرة، فاليمن تفتقر إلى الكثير من وسائل الترفيه، ويجد اليمنيون في مقايل القات بديلا عن كل ذلك، ففيها يقضون أوقات تحضر فيها النشوة والنكتة أيضا، ومثلما هو القات وجبة يومية لليمنيين، صار شيئا أساسيّاً وملازما لحضور المناسبات الاجتماعية، كالأعراس والخطوبة، والمناسبات الدينية كمناسبة عيدي الأضحى والفطر المباركين، وغيرها من المناسبات الوطنية.
والقات في نظر الطلاب والعُمَّال اليمنيين، وسيلة للتنشيط وتحفيز الذهن، يقول بعض العمّال إن إنتاجهم في العمل يزداد في فترة ما بعد الظهر، بسبب تعاطيهم للقات، ويرى طلاب أن تعاطيهم للقات يرفع من مستوى استيعابهم عند المذاكرة، وفي هذا الصدد ثمة صحفيون ومثقفون يؤكدون أن الأوقات المفضلة لكتاباتهم لا تأتي إلا بعد مضغهم للقات.
مزايا القات تمتد لتشمل الجانب الاقتصادي، والأمر ليس وجهة نظر لي، بل أكدته دراسات علمية، حيث ذهبت إلى أن العائد الاقتصادي للقات يفوق العديد من المحاصيل الزراعية، وإذا تم تحصيل ضرائب القات وفريضة الزكاة منه بالطريقة السليمة، فبكل تأكيد سيسهم ذلك بنسبة كبيرة في الميزانية السنوية للدولة، هذا بالإضافة إلى العائد الكبير الذي يحصده مزارعو القات من زراعته، فضلا عن ذلك فإن نسبة كبيرة من المواطنين يعملون في مزارع القات وتجارته في الأسواق، ويعتبر الأمر بالنسبة لهم المصدر الوحيد للرزق والمضمون استمراره طوال العام.
محبو القات يرون أن وجود القات يخفف أو يمنع ظاهرة تعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية، كون القات يؤدي إلى حالة تنشيط للجسم ذهنيا وجسديا، إذ يعتبر منتجاً بديلاً من وجهة نظرهم عن المخدرات وما شابهها كالخمور وغيرها، لكن ثمة دراسات علمية تنفي ذلك، وتؤكد أن تعاطي القات قد يقود إلى تناول مخدرات أقوى.
وحديثنا عن إيجابيات القات، لا يعني التقليل من أضراره الصحية والاجتماعية والاقتصادية، والتي أكدتها دراسات وأبحاث علمية، وإنما من باب لفت نظر الدولة والجهات المهتمة بالقات، أن هناك فوائد للقات ينبغي النظر إليها، وأخذها في الاعتبار عند اتخاذ قرارات لمعالجة ظاهرة القات، وعلى سبيل المثال، من غير الممكن اتخاذ قرار اقتلاع القات أو الحد من زراعته، دونما التفكير بمصير مئات الآلاف من المواطنين الذين يتخذونه مصدراً اقتصادياً لهم ولعائلتهم، فلا بد من إيجاد البديل اقتصادياً، وبدائل أخرى كبناء المزيد من الحدائق والمنتزهات والنوادي، لكي يقصدها اليمنيون حال إقلاعهم عن القات.
القات أحد أسباب الخلافات الأُسرية في اليمن وانشغال الآباء في مجالس القات يتسبّب بفجوة تؤثر على الأسرة اجتماعيًّا
صوت الامل – رجاء مكرد إن الحديث عن شجرة القات في اليمن، لا يقتصر على استيلاء هذه الشجرة عل…