‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة المهمشين في اليمن مهمشون شباب: كسروا حاجز العزلة وتغلبوا على العنصرية

مهمشون شباب: كسروا حاجز العزلة وتغلبوا على العنصرية

صوت الأمل – علياء محمد

في كل مجتمع، يمثل الشباب شعلة الأمل، ووقود محرك التغيير.. وشباب فئة المهمشين ليسوا استثناء من هذه القاعدة… ثمة أرواحٌ تتوهج تألقًا ونشاطًا وتحمسًا.. لتغيير الواقع المرير لمجتمعهم المحلي، الذي طوقتهم به ظروف قرون من الزمن، حاصرتهم في هامش الحياة.

في هذا التقرير تتناول (صوت الأمل) نماذج لشباب من فئة المهمشين، كسروا الحواجز، وتغلبوا على قيود التهميش، ورفضوا العنصرية التي تمارس ضدهم، فاقتحموا ميدان التعليم، وخرجوا إلى ميدان العمل، وأسسوا منظمات مدنية، وحققوا إنجازات وصلت إلى خارج حدود اليمن.

لم يقف الثلاثيني (عبد الغني عقلان: المنتمي إلى فئة (المهمشين)) في صنعاء عاجزًا، في سبيل تحقيق طموحاته  وأهدافه.. ولم يكن انتماؤه لهذه الفئة عائقًا له، بل كان الدافع الأساسي؛ ليبني مستقبله ويثبت نفسه واسمه.. من خلال تبنيه قضايا هذه الفئة، التي عانت – وما تزال – تعاني من التمييز العنصري؛ بسبب اللون والعرق..

حصل (عبد الغني عقلان على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال) وخاض تجربة التدريب – في مجال التنمية البشرية وإعداد المشاريع – أسس الاتحاد الوطني للمهمشين في اليمن، وكان إحدى قياداته البارزة..

وأسهم (عقلان) في مشروع إعادة تسكين المهمشين، وإبعادهم من مخاطر السيول، ورصد الانتهاكات التي طالت المهمشين، وشارك في (21 إحدى وعشرين دورة تدريبية) كما قام بإعداد ثلاثة أفلام وثائقية (خاصة بالمهمشين في اليمن) تُرجمت إلى عدة لغات.

يستنكر (عقلان) الموروث الاجتماعي السلبي – في المجتمع اليمني – المتمثل باحتقار المهمشين ذوي البشرة السوداء منذ زمن طويل.. والذي اتسع مع مرور الوقت.. يقول لـ (صوت الأمل) إن بعض الشباب المهمشين، يقضون حياتهم في غربة دائمة، وفي عزلة ممنهجة.. وسط مجتمع عنصري، لا يقدر احتياجاتهم ومتطلباتهم.. التي لن تتحقق إلا بالوعي بأهمية التعليم ودفع الأطفال إلى المدارس، والاندماج الاجتماعي، وتحقيق المواطنة المتساوية، وتمكين المهمشين من نيل كافة حقوقهم.

وتوافقه الرأي (الدكتورة هاجر نعمان) التي ترى أن بعض الشباب من فئة المهمشين، يمتلكون عددًا من المواهب والمهارات العملية والعلمية.. ولكنهم للأسف يفتقدون لأشياء كثيرة: كالتسلح بالعلم، والبيئة الآمنة، فهم محاطون بمجتمع تتفشى فيه الأمية والفقر.

شباب يكسرون حاجز التمييز

منذ فترات طويلة، أخذ المجتمع يطلق أحكامًا على ذوي البشرة السوداء – خاصة  الشباب منهم – إذ ربطتهم الثقافة السائدة، بمهن يرى البعض أنها لا تناسب إلا هذه الفئة، مثل: أعمال النظافة، والصرف الصحي، وترقيع الأحذية الجلدية، وقرع الطبول في المناسبات والأعراس.

(الناشطة المجتمعية: مها راش: من مهمشي مدينة تعز) تقول: عشت طفولة قاسية، وعانيت من نظرة المجتمع العنصرية والظالمة.. التي جعلتني أكثر قوة وإصرارًا على تحقق طموحاتي.. تقول مها لـ (صوت الأمل) لم أكترث لكلام المجتمع، وتمييزه الطبقي، وألفاظه العنصرية، تجاه فئة المهمشين.. وواصلت مشواري بكل ثقة؛ حتى وصلت إلى المشاركة، في برنامج (الزمالة للأقليات في سويسرا).

وأشارت إلى ما استفادته من هذه المشاركة الرائعة، التي أضافت لها كثيرًا من المعلومات، في معرفة المجتمع الآخر، ومعرفة ما يميزه عن مجتمعها، الذي ترغب في أن تحقق فيه مشروعها الذي يحمل عنوان «نكافح كي ننجح».

في السياق (الناشط الإعلامي/ جمال الحري: نائب رئيس تحرير موقع (صوت المهمشين نت)) ورئيس (جمعية إرادة لتنمية المجتمع بالضالع) الشباب من الفئة الأشد فقرًا، يعيشون عزلة اجتماعية إلى حد سيء، وهذا شيء يحز في نفوسهم، ويترك فيهم أثرًا بالغ الخطورة.. وبالتالي ينعكس سلبًا على كل توجهاتهم العامة.

ويضيف جمال: أنه يحلم بدولة تتجسد فيها (قيم العدالة الاجتماعية) وأن يصبح الجميع سواسية كأسنان المشط، لا فرق بينهم.. مؤكدًا على أهمية تفعيل دور الشاب المهمش، والاهتمام به وتشجيعه، والدفع به إلى الأمام، والأخذ بيده إلى بر الأمان، وتشجيعه كي يستطيع أن يؤدي رسالته، ويتمكن من أداء دوره الفعال في المجتمع، وتشغيل طاقته الكامنة فيه، التي تعاني من حالة جمود بسبب القيود الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.. التي تحاصر الفئات المهمشة في اليمن.

أمل رغم الألم

(الناشط الحقوقي: محمد الحربي) حصل على (منحة) – ضمن حصة مقاعد المهمشين – في إحدى الجامعات الحكومية، لكنه قوبل بالرفض من قبل رئاسة الجامعة.. وفي لحظة، شعر بأن حلمه تحطم، لكنه بعزيمته وإصراره وقف على قدميه؛ ليسجل في (قسم الإعلام) بإحدى الجامعات الخاصة كي يكمل تعليمه، ويحصل على الشهادة الجامعية!

يقول الحربي: تتزايد مطالبة الشباب المهمشين، بفرص أكثر إنصافًا في مجتمعاتهم.. وثمة مواجهة وتحدٍّ كبيران يواجههما الشباب المهمش، مثل فرص الحصول على: التعليم والصحة والتوظيف والمساواة.

ويؤكد أن الشباب يشكلون قوة إيجابية، تدفع عجلة التنمية إلى الأمام.. ولكن شريطة أن يتزودوا بالمعرفة والفرص التي ستؤهلهم للمشاركة في مختلف المجالات التنموية..  ويثني على ما يقوم به الشباب المهمشون من دور في صناعة القرار، وتحقيق عملية السلام، وتمثيل الوطن في المؤتمرات المحلية والدولية والإقليمية..

من جهته (المدير التنفيذي للاتحاد الوطني للمهمشين: مرتضى نعمان الزكري) يقول: ثمة كثير من الشباب الذين يكرسون كل اهتماماتهم، لتحسين الوضع الإنساني، لفئة المهمشين في جميع جوانب الحياة.

ويضيف الزكري: ثمة كثير من الأعمال والإنجازات – التي تم تنفيذها لدعم الشباب المهمشين – إذ تم إلحاق (130 مئة وثلاثين طالبًا) بالتعليم الجامعي خلال (4 أربع سنوات) و (50 خمسين طالباً) بالتعليم الفني خلال (3 ثلاث سنوات) بالإضافة إلى تسجيل أكثر من (2500 ألفين وخمسمئة أسرة) ضمن برنامج المساعدات النقدية في الأمانة، الممول من منظمة اليونسف.

ماذا بعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــد؟

على جدران التهميش، رسم هؤلاء الشباب أحلامهم وطموحاتهم؛ في خطوة إيجابية، لتغيير نظرة المجتمع إلى فئة – حوصرت في زوايا التمييز العنصري – وأثبت كثير منهم قدرتهم على تحقيق تغيير كبير في المجتمع؛ من خلال امتلاكهم القدرات التي يملكها غيرهم، من أفراد الفئات الاجتماعية الأخرى.

‫شاهد أيضًا‬

احصاءات اليونيسف حول العنصرية في اليمن

يبلغ متوسط ​​النسبة المئوية الإجمالية للمهمشين في اليمن 7.89٪ من إجمالي السكان. …