‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الطاقة النظيفة في اليمن المرأة اليمنية.. أدوار حيوية ونقلة نوعية في مجال استخدام الطاقة النظيفة

المرأة اليمنية.. أدوار حيوية ونقلة نوعية في مجال استخدام الطاقة النظيفة

صوت الأمل – علياء محمد

بالرغم من اتساع الفجوة بين الرجل والمرأة في اليمن، فإن النساء استطعن أن يبرزن ويلعبن دورًا مهمًا في مجال توليد الطاقة النظيفة، خاصةً في الآونة الأخيرة، فكان لها ظهور ونجاحات سُجلت في شتى المراحل؛ وعملت على التصميم والتنفيذ للمشاريع التي تعتمد على المصادر البديلة، مثل الطاقة الشمسية والرياح و”البيوغاز”.

نساء مساهمات

أنتجت المرأة اليمنية العديد من المنتجات المبتكرة، واستخدمت الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح أيضًا، مثل الأفران الشمسية التي تعمل بالطاقة الشمسية؛ لطهي الطعام وتوفير الطاقة في نفس الوقت.

تقوم فكرة الفرن الشمسي على تحويل طاقة الشمس الضوئية إلى طاقة حرارية يتم تخزينها عن طريق الغطاء المحكم، وهو عبارة عن زجاج يخزن الطاقة داخل صاج حديدي مدهون باللون الأسود المطفي لكي يمتص الحرارة، وتقوم المادة العازلة بحفظ الحرارة من التسرب إلى خارج الصندوق.

نجوى نديم إحدى النساء المشاركات في البرنامج التدريبي الخاص بصناعة فرن الطاقة الشمسية في القاهرة، بإشراف مؤسسة “لايت فور ميديا”، وبالتنسيق مع البيت اليمني للموسيقى والفنون في صنعا. شاركت نديم في البداية كواحدة من المتدربات والمتدربين من أكثر من محافظة يمنية.

حول دور المرأة في مجال الطاقة النظيفة تقول نديم: “المرأة هي العمود الفقري للمجتمع اليمني، وهي مسؤولة عن العديد من المهام الأساسية، بما في ذلك رعاية الأطفال، والأعمال المنزلية، والزراعة، وفي ظل ظروف النزاع والحصار في اليمن واجهت النساء تحديات إضافية للحصول على الطاقة اللازمة لأداء هذه المهام”.

مضيفة: “وفرت الطاقة المستدامة، مثل الطاقة الشمسية، للمرأة عدداً من المزايا، وأسهمت في مساعدة النساء على توفير الوقت والطاقة في المهام اليومية، مثل الطهي والإضاءة. كما عملت على حماية البيئة من التلوث بالتقليل من انبعاثات الغازات السامة، وامتلاكها خاصية التجديد بسرعة وبشكل مستدام”.

وعن تجربتها في برنامج صناعة الفرن الشمسي، أكدت نديم على مدى استفادتها من البرنامج في تعلم أساسيات صناعته وكيفية استخدامه. وتقول: “على المستوى الشخصي استفدت من التدريب باكتساب مهارات جديدة في مجال الطاقة المستدامة، وتحسنت قدراتي العملية في استخدام الأدوات اليدوية والكهربائية بأمان وفعالية، وأصبح لدي الخبرة في أخذ القياسات وقطع المواد بدقة، بالإضافة إلى قدرتي على التعامل مع المواد العازلة وتجميع الأجزاء وتركيبها بشكل صحيح؛ وهذا بالفعل عزز ثقتي بنفسي وقدرتي على مساعدة الآخرين”.

لم تكتفِ نجوى نديم بالتدرَّب فقط، وإنما قامت بدور كبير في تدريب عدد من فئات المجتمع -بصفتها عضوة في مبادرة صناع البركة، فريق صنعاء- ونقلت تجربتها إلى النازحين وذوي الاحتياجات الخاصة؛ كونهم من الفئات التي تعاني من تحديات إضافية في الحصول على الطاقة اللازمة لأداء المهام اليومية.

وفي سياق الحديث عن المميزات والخصائص تقول نديم: “يحظى الفرن الشمسي بالعديد من المميزات والخصائص تجعله مناسبًا للناس، وملبيًا لاحتياجاتهم من حيث سهولة الاستخدام؛ فلا يتطلب أي مهارات أو خبرات خاصة. وهو كذلك منخفض التكلفة مقارنة بالفرن التقليدي، وآمن على الأطفال، ولا ينتج عنه أيَّ دخان أو عوادم، إضافة إلى سهولة حمله ونقله من مكان إلى آخر”.       

تدريبات  

استطاعت المهندسة أفراح صناعة الفرن الشمسي الخاص بها بعد أن انضمت إلى فريق “صناع البركة” في عدن، وتلقت التدريب مع فريقها. وفي حديثها عن التأهيل الذي تلقته تقول أفراح: “بعد أن تلقيت التدريب على صناعة الموقد الشمسي، كان المطلوب منا بعد التدريب أن ندرب مجموعات أخرى. وبعد تدريبنا لهم، مُنحَ كل عضو عُدَّة خاصة به لتسهل عليه إعداد الفرن. وبالفعل، بعد عودتي إلى مدينتي عدن أنشأتُ فرنًا خاصًا بي، وحينها جمعت أهلي وأقاربي وجيراني ودربتهم، وهذه كانت أول تجربة لي”.

 واجهت أفراح عددًا من الصعوبات أثناء صناعتها للفرن الشمسي؛ فالخشب المستخدم للصناعة لم يكن بنفس المقاييس المطلوبة، بالإضافة إلى تحديات أخرى استطاعت التغلب عليها حسب حديثها.

وعن دور الفرن الشمسي في الحفاظ على البيئة ترى أفراح أنه مثالي كبديل للغاز في الوضع الحالي تحديدًا؛ بسبب أزمة الغاز في القرى الأمر الذي جعل منه حلًّا فعالًا ومجديًا وبديلًا عن الغاز، إضافة إلى كونه صحيًّا وصديقًا للبيئة نظرًا لعدم وجود أي دخان متصاعد”.

 وفي سياق متصل، أشارت سالي قاسم مرشد -عضوة في فريق صناع البركة- إلى الأدوات البسيطة التي يُصنع منها الموقد الشمسي، أهمها الأخشاب والزجاج والمسامير والقصدير والعازل الحراري والحديد والصاج.

وتستطرد: “لم تكن لدي أدنى فكرة عن عمل الفرن الشمسي، وكنت مستبعِدَةً أن أشعة الشمس تستطيع مساعدتنا في الطهي. ومن هذا المنطلق تحمست للتدريب ونقل التجربة للناس؛ للاستفادة منه كصناعة صديقة للبيئة تحمينا وتحمي البيئة من الأدخنة. كانت تجربةً جميلة ومفيدة”.

وتتابع: “بعدما تلقيت التدريب نقلت تجربتي إلى العامة. كان التدريب الأول لي ولأعضاء الفريق في محافظة لحج، وثاني تدريب في محافظة عدن، بلغ عدد المتدربين فيه أكثر من خمسين متدربًا ومتدربة. أما التدريب الثالث فكان في منزلي استهدفت به الجيران والأقارب، وكان التدريب الرابع في محافظة أبين”.

 ذكرت سالي في حديثها أن فكرة الفرن الشمسي أتت نتيجة للظروف القاسية التي نعيشها من انعدام الغاز؛ الأمر الذي أجبر الكثيرين على استخدام الحطب لطهي الطعام. وأضافت: “نظرًا لما يتسبب به الحطب من أدخنة ضارة بالبيئة، فقد هدف المشروع بشكل أساسي إلى الاستفادة من أشعة الشمس واستخدامها كبديل للغاز والحطب”.

ترى سالي قاسم أن “المرأة قادرة كالرجل على توليد الطاقة النظيفة، وتستطيع أن تسهم في تحقيق التنمية المستدامة من خلال الحصول على ما يلزمها من التعليم والتدريب والتمويل”.

مشاريع تُديرها نساء

 لم تقتصر مشاركة المرأة اليمنية في مجال توليد الطاقة النظيفة على المشاريع الصغيرة فقط، بل استطاعت أن تعمل أيضًا في المشاريع الكبرى التي تهدف إلى توفير الكهرباء للقرى والمدارس والمستشفيات بشكل مستدام.

وهذا ما أكده مشروع إيمان غالب الحملي وزميلاتها اللاتي استطعن اقتحام مجال توليد الطاقة الشمسية، وخففن من معاناة سكان الساحل التهامي بمديرية عبس في الشمال الغربي لمحافظة حجة، غرب اليمن.

 تعد إيمان الحملي أول امرأة يمنية تؤسس محطة طاقة كهربائية لإنارة بيوت الفقراء في الريف. حصلت إيمان على المنحة الأولى من برنامج تعزيز القدرة على الصمود في الريف اليمني الذي نفذته مؤسسة التنمية المستدامة، الممول من UNDP (البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة).

وبمساهمتها ومساهمة زميلاتها العشر، أطلقت إيمان المشروع في العام 2019، وبدأت المحطة العمل بسعر 200 ريال للكيلووات الواحد، وبيعت العدادات والأسلاك بالتقسيط. واجهت إيمان تحديات عدة، وبالرغم من الصعوبات، استطاعت تطوير مشروعها، وما زالت تعمل على توسيعه.

 تواصلنا مع إيمان للحديث عن مشروعها وتطويره، لكنها لم تستطع التصريح؛ لانشغالها بأعمال أخرى.

التوعية بأهمية الطاقة النظيفة

تعد المرأة اليمنية شريكًا مهمًا في صناعة توليد الطاقة النظيفة في اليمن، ويمكن لها أن تلعب دورًا فعالًا في التوعية، من خلال المشاركة في حملات التوعية والفعاليات المجتمعية.

 وفي الجانب التوعوي، تقول نديم: “تقع على عاتقنا مهمة توعية الناس بأهمية استخدام الطاقة النظيفة وتقنيات الإدارة الفعّالة لاستهلاك الطاقة؛ لنسهم في تحقيق وضع أفضل للجميع، ونتيح لهم فرصة الاستفادة من مجالات الطاقة المتنوعة والمتجددة التي تلبي احتياجاتهم”. تظل المرأة اليمنية قادرة على تحقيق النجاح أينما حلت وعملت. ومن هذا المنطلق، فإن عبورها نحو مجال استخدام الطاقة النظيفة يعد نقلةً نوعيةً ومباركةً لليمن. نأمل أن تظل المرأة اليمنية قوة محركة للتغيير والتنمية المستدامة في البلاد.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن

صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…