‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة القطاع الخاص في اليمن إسهامات القطاع الخاص في تحسن القطاع الصحي في اليمن

إسهامات القطاع الخاص في تحسن القطاع الصحي في اليمن

صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ

لا تكاد تدخل مدينة يمنية إلا وتصادفك الكثير من المراكز الصحية والوحدات الطبية الصغيرة والمنشآت الصيدلانية في شوارع وأحياء تلك المدن، ناهيك عن الانتشار الواسع للمستشفيات العملاقة التي باتت تتنافس في استضافة كادر طبي متخصص ذي كفاءة عالية وشراء أحدث الأجهزة الطبية الباهظة الثمن إضافة إلى تطوير بنيتها التحتية وتعزيز الخدمات الطبية الأخرى.

تسبب الصراع في اليمن بتردي الوضع الصحي حيث إنَّ الكثير من  المنشآت الصحية العامة قد تضررت إما جزئياً أو دمرت بالكامل بسبب النزاع، كما لم يتم دفع مرتبات الكوادر والأطقم الطبية كما تعاني الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية الأخرى من نقص في المعروض، إلى جانب هجرة الكثير من الكوادر الطبية إلى خارج البلاد، في هذا التوقيت ساهم القطاع الخاص في تحسين القطاع الصحي من خلال تأسيس الكثير من المنشآت الطبية سواء مستشفيات أو مراكز ووحدات صحية في الكثير من المدن لاسيما المحافظات اليمنية التي عانت من التهميش في بعض المشاريع الخدمية قبل اندلاع الصراعات.

القطاع الصحي في اليمن

 الحراك الصحي الذي برز مؤخراً في عموم مناطق البلاد في الوقت الراهن لم يكن بهذا الظهور قبل اندلاع الصراع في المنشأة  الطبية سواء التابعة للمكاتب الصحية أو للقطاع الخاص، كانت قليلة العدد وكوادرها بسيطة وإمكاناتها متواضعة. الكثير من المرافق الصحية الحكومية في ظل الصراع وبعده تلقت دعماً سخياً من المنظمات الدولية العاملة في المجال الصحي في اليمن سواء من خلال تعزيز قدرات الكوادر الطبية أو تأثيثها بالمعدات والتجهيزات الأخرى وتزويدها بالأدوية والعيادات المجانية في وقت كانت هذه المنشآت قبل الصراع تعاني من تردي الخدمات الصحية التي تقدمها للمواطن قبل العام2015.  

الدكتور منير بشر، اختصاصي طب الأسنان يرى أنَّ القطاع الصحي تحسن في السنوات الأخيرة وذكر أن القطاع الخاص توسع بشكل أكبر بعد العام 2011 نظراً لتسهيل المعاملات والحصول على التراخيص لتنفيذ مشاريع خاصة في الجانب الصحي عكس ما كان عليه من قبل.

ويؤكد بشر أنَّ  افتتاح المشاريع الخاصة في مجال الصحة كان  أمراً  صعباً ومستحيلاً؛ نظراً لصعوبة المعاملات التي تسهَّل على القطاع الخاص فتح مشاريعه  الصحية بشكل كبير في عموم محافظات البلاد.

الدكتور عبدالعزيز الشدادي مدير مكتب الصحة في مأرب يقول “لصوت الأمل” إن عدد المنشآت الطبية التابعة لمكتب الصحة في محافظة مأرب بعد الصراع بلغ 101 مرفق صحي بعد أن كان عددها قبل الصراع لا يزيد عن 37مرفقاً، بينما وصل عدد الكادر الصحي في الوقت الراهن إلى ما يقارب 2000 كادر طبي في المحافظة بعد أن كان قبل الصراع  600.

وفي سياق الحديث عن القطاع الخاص الصحي في محافظة مأرب يقول الشدادي:” إنَّه لم يكن في مأرب قبل الصراع أي مركز صحي يتبع القطاع الخاص وأصبح في الوقت الحالي يوجد خمسة مستشفيات خاصة في المدينة إلى جانب وجود  ثلاثة مستشفيات خاصة في المديريات إضافة إلى أنَّ الوكالات والشركات الصحية  كانت 7وكالات حتى بلغ عددها  28وكالة وشركة دواء”.

وأضاف الشدادي  أنَّ عدد الصيدليات في المحافظة  كانت قليلة وأصبحت تقارب مائتين وثمانين صيدلية خاصة، ورأى الشدادي أنَّ هذا التوسع الكبير في القطاع الخاص والاستثمار الصحي في المدينة ناتجٌ عن التسهيلات التي يعمد مكتب الصحة إلى تقديمها للقطاع الخاص في المحافظة.

أهمية ودور القطاع الخاص

من المعروف  أنَّ الصراعات والنزاعات تسبب عبئاً كبيراً على القطاع الصحي في مقدمة القطاعات الأخرى في أي مجتمع نظراً لما تسببه من ضحايا وتفشى أوبئة وأمراض وغيرها من المشكلات التي يكون احتوائها من مسؤولية القطاع الصحي فالدولة منشغلة في ميادين القتال في بلادنا بدلاً عن تحسين القطاع  العام. في الوضع الراهن  تأتي أهمية القطاع الخاص الصحي التي تتمثل في سد الفجوة خصوصاً في المدن اليمنية التي عانت التهميش والإهمال في المشاريع الخدمية وعدم اهتمام  المؤسسات الموجودة بالبنية التحتية، وشهدت نمواً سكانياً متزايداً جراء موجات النزوح إليها مثل مأرب وشبوة وغيرها من المدن. فيمكن القول إنَّ القطاع الخاص  يعد رديفاً أساسياً للقطاع الحكومي كما يعزز من تخفيف العبء الذي يواجهه القطاع العام الصحي في ظل الوضع الراهن الذي تعيشه البلاد.

في هذا الشأن تقول الدكتورة سلوى الأرياني اختصاصية أوبئة” يعد إشراك القطاع الخاص ضرورياً فهو يتيح الفرصة لتعزيز التغطية الصحية الشاملة، ويمكن أن يزدهر نمو القطاع الخاص واستثماراته  في العديد من المجالات، مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة، وخفض التكاليف، والعدالة في تقديم الخدمات، والحماية المالية”.

وتوضح الأرياني أنَّه حينما يستوعب النظام الصحي القطاع الخاص ويوفر البيئة المواتية له التي تمكنه من التكيف، وإشراكه في مواجهة تحديات النظام الصحي فيما يتعلق بتلبية الاحتياجات أثناء الأزمات وخصوصاً ما تمر به بلدنا في هذه الفترة  مما أدى إلى انتشار إصابات ناتجة عن القتال وكذلك الأمراض السارية، ومخاوف بشأن صحة الأم والطفل، وأيضا تزايد معدلات الإصابة بالأمراض، والعجز، والوفيات الناتجة عن الأمراض غير السارية.

الطبيبة منى حجري إحدى العاملات في مستشفى الثورة  العام في الحديدة تعلق على أهمية المراكز الصحية في ظل الوضع الراهن وتأثيرها على الواقع بقولها:” نظراً لتفشي الأمراض الموسمية والأوبئة كان للمراكز الصحية دورها البارز في تجويد العمل الصحي وحصر المرض في أطر محدودة ومنها المراكز الصحية والعيادات التخصصية المتفرعة في المديريات”.

 وتؤكد الطبيبة منى على أنَّ المراكز الصحية لها فوائد منها سهولة وصول المريض للمركز الصحي في حارته بأسرع وقت، وتقديم الإسعافات الأولية الضرورية وتحجيم المرض ونقل المريض لمستشفى عام إن استدعت حالته لذلك بالإضافة إلى التخفيف من رسوم الخدمة الصحية حيث إنَّ قيمة المعاينة والفحوصات تكون بشكل رمزي ومخفض؛ لاهتمام المنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية بدعم المنشآت الصحية الصغيرة لتوفير الخدمة الطبية للمرضى.

نموذج من القطاع الخاص

قرر الطبيبان منير و سهام فتح عيادة خاصة بهما كان الهدف من افتتاحها مساعدة المرضى من الفقراء الذين لا يستطيعون دفع مبالغ كبيرة للعلاج.

كان الطبيبان يعملان في إحدى المرافق الصحية قبل أن يتزوجا واتفقا على شراء عيادة كانت لطبيب قبلهما قرر بيعها وساهما في تطويرها من ناحية الترميم والتأثيث، عمد الطبيبان على تسهيل الحصول على الخدمة الصحية أمام المواطنين في مجال طب الأسنان مقابل مبالغ معقولة عكس بعض العيادات الأخرى التي تفرض على المواطن دفع أسعار لا تتناسب مع قدرتهم المادية.

يقول منير:” إنَّ مهنة الطب هي مهنة إنسانية وليست للربح” إذا كان هدفنا أنا وزوجتي من افتتاح عيادتنا من أجل الربح لاتجهنا  للعمل في التجارة، نحرص أن يكون مصروفنا اليومي قليلاً حتى لا نُجبَر على تعويض خسارتنا اليومية من ظهر المواطن كما يفعل البعض من الأطباء”.

المواطنة نهى السروري(33عاما) وهي إحدى المواطنات اللواتي تلقن العلاج في عيادة الطبيبين تقول:” إنَّهما يسهلان على المرضى الحصول على الخدمة الصحية بمبلغ معقول، كما يتعاونان معها بخصم المبلغ الذي يتوجب عليها دفعه مراعاة لظروفها المادية”.

يذكر الطبيب أنَّ زوجته التي تعد الأولى على دفعتها لا تفكر في جلب المال وشراء المجوهرات من مهنتها بقدر حبها للمجال وخدمة الناس لاسيما وأنَّ لها ما يقارب عشر سنوات في العمل.

منير وثريا  ليسا الوحيدين في البلاد هدفهم من مهنة الطب العمل الإنساني فهناك الكثير من الأطباء الذين يقدمون خدمة إنسانية للمواطن بضمير حي وروح وطنية في ظروف تعد هي الأسوأ لليمنيين..

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

43% : الصراع أبرز العوائق امام عمل القطاع الخاص في اليمن

صوت الأمل قالت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر لصالح صحيفة صوت الأمل، في ش…