‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الفن في اليمن تعرضت البنية التحتية للفنون لأضرار ووجد الفنانون بدائل لعرض فنونهم

تعرضت البنية التحتية للفنون لأضرار ووجد الفنانون بدائل لعرض فنونهم

صوت الأمل – عبد الجليل السلمي

فنانو اليمن: ما زلنا نصنع الفن

لم يكن الفن في اليمن بمنأى عن تداعيات الصراع النشط منذ سبع سنوات؛ فقد تعرضت البنية التحتية للفنون في البلاد لأضرار، وأغلقت بعض منشآته ونُهبت أخرى، وتقلصت مساحات العرض، لكن لا يزال المشهد الفني في اليمن موجودًا، إلا أنّه صغير، ووجد الفنانون بدائل جديدة، لصناعة وعرض فنونهم.. «صوت الأمل» تسلط الضوء في هذا التحقيق على الوضع العام للفن في اليمن ومقوماته العلمية والبنيوية ومتطلباته ليقوم بدوره كاملًا.

يقول (خالد حمدان: ممثل مقيم في عدن) لـ»صوت الأمل»، إنّ الصراع في اليمن صنع تحديات كبيرة للفنانين، وتأثرت العديد من الأماكن العامة إما جزئيًا أو كليًا ومنها ما يقع في مناطق النزاع، مع التقلص المستمر لمساحة العمل والمشاركة في الفن، وانعكست الانقسامات السياسية والاجتماعية والجغرافية على الأعمال الفنية.

مضيفًا، المتاحف والمعارض والمباني الأخرى التي تم استخدامها سابقًا على أنّها أماكن الأداء ومساحات المعارض، مثل المراكز الثقافية في الحديدة وتعز والمكلا ومتحف تعز الوطني تضررت من الصراع، وبعضها تعرضت لحالات النهب والسلب، وكثير من الفنانين هاجروا من البلاد إلى بلدان أخرى.

ويتابع حمدان، بالنسبة للفنانين والمؤسسات التي بقيت في اليمن، نقص التمويل والموارد، والافتقار إلى الدعم هو التحدي الرئيسي، على وجه الخصوص في كافة المناطق اليمنية، استدرك بالقول.

وأردف، أن تكون في اليمن، يعني أن تستمر في فعل ما تحبه رغم كل الصعوبات، رغم الصراع النشط، ونقص الكهرباء، وضعف الإنترنت، ما زلنا نصنع الفن.

من جانبه يرى (منير طلال: الكاتب والروائي المسرحي – يعمل في وزارة الثقافة)، -أنّ الفنون الإبداعية لعبت دورًا كبيرًا ومركزيًا في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في اليمن، ليس _فقط_ في أوقات السلام ولكن في أوقات الصراع، قائلًا: « على الرغم من تاريخ ضعف دعم الدولة للمشهد الفني، الشعر والرقص والموسيقى والأدب والمسرح والفنون البصرية، إلا أنّها ازدهرت في أوقات وبطرق مختلفة في جميع أنحاء البلاد».

موضحًا، كانت هناك بعض المحاولات القليلة والمتباعدة من قبل الحكومة لدعم تعليم الفن، لكن لا يزال القطاع الفني ضعيفًا، ففي عام 1998، انشأت كلية الفنون الجميلة في جامعة الحديدة، أول جامعة حكومية في اليمن، تمنح درجة علمية في الفنون البصرية، وبعد عقد من الزمان، تم إنشاء قسم للتربية الفنية تحت إشراف كلية البنات جامعة حضرموت، ثم أقسام الفنون الجميلة تأسست في كليتي الآداب بجامعة عدن عام 2013م، وفي جامعة تعز في عام م2014، وفي الوقت ذاته، لم يكن هناك كليات أو أقسام الفنون في جامعة صنعاء.

 ويشير طلال إلى أن معهد جميل غانم للفنون الجميلة الذي تأسس في أواخر السبعينيات ساهم بشكل كبير في تطور الفنون في جنوب البلاد، وفي الثمانينيات نمت الحركة الفنية في عدن وتوسعت، مع صالات العرض الخاصة وجمعيات الفنانين المحترفين وإنشاء النقابات، لكنّه الآن معهد جميل غانم يعاني من مشاكل مالية ضخمة أعاقت أنشطته.

كما يقول (المخرج والممثل المعروف صالح الصالح)، ضعف دعم الدولة للفنون على الرغم من استخدام الحكومات اليمنية للفنون التقليدية بانتظام كأداة دعاية، الدعم الرسمي للفنانين من الدولة اليمنية كان محدودًا.

ولفت صالح إلى أنّه لا توجد أكاديمية في اليمن تُخرج الممثل أو المخرجين والإضاءة، وفي اليمن من ستة إلى عشرة أكاديميين فقط من بين الممثلين والمخرجين، أما البقية يتم استقطابهم من الأعراس والآن من مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أنّ الفنون غابت من داخل مناهج المدارس العامة منذ 1994، ومع غياب كيان يحدد معايير الإنتاج الدرامي وجودته، ويحاسب ويراقب، أصبح العمل الفني والإنتاج الدرامي عشوائي.

(الكاتب والناقد، أحمد النويهي) يقول لـ “صوت الأمل»، لقد أظهر الصراع الحالي لامبالاة ملحوظة لاستهداف التراث والمتاحف، مؤسسة السعيد في تعز مغلقة منذ أبريل 2015؛ نتيجة الصراع في المدينة، ومؤسسة العفيف الثقافية في صنعاء أغلقت أبوابها حتى إشعار آخر في أبريل 2015، والبعض الآخر الذي ظل مفتوحاً يخضع باستمرار للتهديد بالإغلاق.

وأضاف، كان الفنانون يتمتعون بإعفاء ضريبي من شراء الأدوات، لكن هذا لا يعد موجودًا الآن، والعديد من المتاجر التي كانت قادرة في السابق على استيراد الأدوات الفنية توقفت، وتوقف معها تداول أدوات الرسم ومعدات التصوير والصوت.

يري النويهي، أنه يمكن للجهات الحكومية الداعمة أن تساعد في إنشاء بيئة مشجعة ومساحة للفن والفنانين أكثر دعمًا، من خلال توفر بنية تحتية ومرافق أفضل من خلال دمج الفنون الإبداعية في التعليم.

 وزاد، حاليًا لا توجد دروس فنون في المدارس الابتدائية والثانوية، وعدد قليل جدًا من الأقسام والكليات والمعاهد الفنية الإبداعية، ويمكن تضمين الفنون الإبداعية جزءًا أساسيًا من مناهج التعليم العام، والفن موجود في جميع مناهج الدراسة الابتدائية في أنحاء البلاد.

 وشدد بالقول، يجب على السلطات والوزارات المعنية إعطاء الأولوية لإعادة فتح الأماكن العامة، لا سيما المكتبات والمسارح ودور السينما والمتاحف والمراكز الثقافية، واكتشاف المواهب وتوليد الفنون الإبداعية والفنانين في اليمن، والمساعدة لإنشاء ثقافة حيث يتم تقييم الفن وحمايته، ويُنظر إليه على أنه عنصر مهم، جزء من الحياة للجميع في اليمن.

على الرغم من تعرض الفنون للكثير من الضغوط الإضافية، إلا أن بعض العروض المادية والأداء والمساحات لا تزال تعمل في صنعاء وتعز والمكلا وعدن وحتى الحديدة ولحج، ويؤكد (الكاتب الروائي والمسرحي منير طلال) لـ»صوت الأمل»، أن جميع الفنانين والمجموعات الفردية يستخدمون المساحات عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي الافتراضية لمشاركة أعمالهم والتواصل مع الجماهير والفنانين الآخرين.

ونوه طلال، إلى أنّ هذه المساحات الافتراضية في حين يصعب الوصول إليها من اليمن مع ارتفاع التكاليف، وانخفاض توافر الإنترنت لكن لها مزايا أخرى: قدرة الفنانين اليمنيين على التواصل والتعاون عبر الحدود، والقدرة على مشاركة الفن والقصص اليمنية مع جمهور عالمي. 

تدخلت العديد من منظمات المجتمع المدني المحلية لملء الفراغ المتبقي، مؤسسات الفنون التقليدية، مع منظمات مثل مؤسسة البيسمنت وروموز وميز وغيرها تقدم مساحات جديدة للفنانين والجمهور.

كما يواصل البيت اليمني للموسيقى والفنون، بصنعاء تدريب الشباب على الآلات الموسيقية، والتي يمكن أن تكون مصدر دخل لهم، إذ يقول (فؤاد الشرجبي – مدير البيت اليمني للموسيقى)، نساعد الفنانين الشباب على تطوير استراتيجيات التسويق لعملهم.

وتعمل مؤسسة رموز اليمنية على الترويج للفن والثقافة في خضم النزاع، وهي مؤسسة تم إطلاقها في مارس 2018، كرد فعل على اندلاع الصراع في اليمن، وتوفر المنصة تعليمًا بديلًا في وقت لا توجد فيه أكاديمية فنية في الدولة، مما يجلب القيمين والمعلمين عبر الإنترنت.

إلى جانب رموز، تعمل مؤسسات ثقافية أخرى في جميع أنحاء اليمن، أيضًا نشطت مؤسسة بيسمنت الثقافية منذ عام 2009م، وشاركت مع الفنانين الشباب على المستوى المحلي، كما تقيم قاعدة البيانات اليمنية للفنون على الإنترنت، وفي عدن، تعمل مجموعة (فرقة خليج عدن) منذ عام 2005 تحت قيادة عمرو جمال، وهو مخرج أول فيلم يُعرض للجمهور في اليمن منذ ثلاثة عقود (عشرة أيام قبل الزفة) الذي عرض في 2019.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. 67.3% للفن دور في دعم ثقافة السلام في اليمن

صوت الأمل – رجاء مكرد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر فبرا…