‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة العمل الانساني في اليمن كيف أثر الصراع على التعليم في اليمن وما دور المساعدات الإنسانية لانتشال قطاع التعليم من مخالب الصراع في اليمن

كيف أثر الصراع على التعليم في اليمن وما دور المساعدات الإنسانية لانتشال قطاع التعليم من مخالب الصراع في اليمن

صوت الأمل – فاطمة رشاد

يعد القطاع التعليمي من أهم القطاعات الحيوية، وقد تأثر  كثيرا  جراء الأحداث والصراعات الأخيرة الدائرة في اليمن بشكل كبير. حيث إن التدخلات الإنسانية وتقديم الدعم للحفاظ على هذا القطاع من منظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية ساعدت في حفظ بعض كيانه عبر رصد أضرار الصراع في اليمن. ومن أهم الفئات هم فئة النازحين والمهمشين، إذ بلغت نسبة الأمية في صفوف المهمشين إلى 90٪ وهذا ما أكدته تقارير الأمم المتحدة في مارس2020تحت عنوان الوضع الإنساني في اليمن. فقد عللت أسباب انتشار الأمية لنزوح هذه الفئات، كما تشير الإحصائيات إلى أن 4292000 طالبٍ يمثلون حوالي 72 % من إجمالي طلاب اليمن تأثروا بشكل مباشر أو غير مباشر على مدى  السنوات الماضية إثر الصراع الدائر في اليمن؛ و ذلك نتيجة انقطاع رواتب 196 ألف كادر تربوي يمثلون 64% من القوى العاملة في القطاع التعليمي.

خالدة ناصر -نازحة من الحديدة تعيش في مخيم محافظة لحج- قالت:” حرمت من العودة إلى المدرسة بسبب النزوح  الذي كان عائقا لي في استكمال دراستي “.

رغم أن خالدة قد تعدت مرحلة رابع  ابتدائي في محافظة الحديدة بنجاح ولكنها لم تكن تدرك ماينتظرها بعدما نزحت. وبحسب قولها أنها تلقتْ وعودا من قبل إدارة المخيم بفتح خيم ستكون كالفصول ليتم إدماج ومواصلة الطلاب النازحين للتعليم. هذه الوعود التي جعلت خالدة تنتظر بفارغ الصبر لتعود إلى الدراسة وتحقق حلمها. والأمر كذلك بالنسبة لكنان الذي بدا سعيدا بتلك الحقيبة ذات اللون الأزرق وشعار منظمة اليونيسيف التي حصل عليها ضمن المساعدات الانسانية التي تقدم  لطلاب المدارس. كنان واحد من الطلاب الذي شملتهم المساعدات الإنسانية لكي يعود إلى مدرسته بعدما كان سيتوقف عن مواصلة تعليمه.

مشروع مهندس ينتظر  المساعدة للعودة 

فتحي شوقي أرغمته ظروف والده الصحية على ترك المدرسة ليعمل في الورشة المقابلة لمدرسته، فلم يكن يدرك أن الظروف المعيشية ستقضي على حلمه بهذه الطريقة. يقول فتحي :” أريد إكمال الدراسة ولكن للأسف لم أجد من يساعد أهلي في المصاريف خاصة أن والدي أُصيب بطلقة في إحدى الاشتباكات عندما كنت في الصف الثامن، حينها تمنيت أن أكون مهندسا معماريا ولكن ظروفي كانت عائقا بين تحقيق حلمي ومساعدة عائلتي”.

تاثير الصراع على العملية التعليمية

أصبح ما يقارب 2500 مدرسة غير صالحة للاستخدام نتيجة تعرضها للتدمير الكلي الذي وصل إلى 15% أو الجزئي وقد قُُدّر ب 16%، حيث استخدمت هذه المدارس ثكنات للمسلحين ووقوعها في الخطوط الأمامية للقتال ما يقارب 21%، واستخدام48 % مأوى للنازحين داخلياً. وقد أُجريت دراسة حديثة قدرت أن حوالي 2 مليون طفل خارج المدرسة، ويمثلون أكثر من ربع الأطفال في سن المدرسة، ويوجد حوالي 1.71 مليون طفل نازحا داخلياً محتاج إلى المساعدة التعليمية.

وأشارت دراسة حديثة للأمم المتحدة لشؤون الإنسانية  التي قيمت وضع الخدمات الأساسية في اليمن، بتمويل من اليونسيف لحوالي  4.7 مليون طفل في التعليم الأساسي والثانوي – أي 81 % من إجمالي الطلاب – في حاجة إلى المساعدة لضمان استمرار تعليمهم، ويتوزعون بواقع 44.7 % فتيات و 55.3 % أولاد، ضمن الطلاب المحتاجين للمساعدة، وهناك 3.7 مليون طفل في حاجة ماسة للمساعدة التعليمية.

ضغط كبير على مدارس محافظة عدن

“لايخف على أحد تأثير الصراع الدائر في اليمن على قطاع التعليم الذي يعد من أهم القطاعات في اليمن خاصة أنه صناعة المستقبل، ولكن ما يواجه القطاع التعليمي اليوم جعل الجميع يفكر في الكيفية التي يتم بها انقاذ هذا القطاع. فرغم المساعدات الإنسانية والتدخلات التي تحاول  انتشاله من الأحداث التي تدور في اليمن ومن يحاول إيقافها إلا أنه مايزال يقاوم حتى لايتم تجهيل هذا الجيل. هكذا قالت إحدى التربويات   وتدعى خديجة صالح  في محافظة عدن حيث واصلت حديثها قائلة:” تعاني بعض مدارس محافظة عدن لضغط شديد بسبب النزوح إليها وإدماج الطلاب النازحين في مدارس المحافظة ونحن هنا نحاول أن نتجاوز هذه الصعوبات التي أصبحت تشكل عبء علينا كتربويين “.

إلى جانبها تقول يسرى محمد معلمة :”نعاني كثيرا من إدماج الطلاب النازحين  مع الطلاب الأساسين، نجد كذلك قلة في الكتاب المدرسي لكن إدارة بعض المدارس إلى جانب المساعدات التي تقدم تساعد الطلاب في الحصول على الكتاب المدرسي وكذلك هناك برنامج اليونسيف الذي يهتم بقطاع التعليم في تسليم الطلاب المحتاجين وخاصة النازحين للحقائب المدرسية “

تواصل يسرى قائلة :”هناك العديد من المدارس الذي تم توزيع الحقائب المدرسية وخاصة مديريات صيرة التي شملتها هذا العام المساعدات الإنسانية في القطاع التعليمي لكن هناك ملاحظات نقوم في تقديمها للعاملين على توزيع هذه الحقائب فكثير من الطلاب المحتاجين يخجلون في قول إننا نحتاج إلى هذه الحقائب بسبب لون الحقيبة، كذلك شعار اليونسيف عليها هذا يسبب بشكل كبير نفور بعض الطلاب في حصولهم على المساعدات.  لذلك نطالب الجهات المانحة بعدم طبع شعاراتهم على المساعدات التي تعطى لأبنائنا الطلاب كي لايتحرجون”.

إلى جانبه  أكدت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في تحديثها الأخير 30 يونيو 2021م أنها تعيد الوصول إلى التعليم الأساسي وتسهل العودة إليه من خلال مشروع التعليم الأساسي في اليمن” مشروع الاستجابة الطارئة للأزمات”، وتشمل التدخلات: حملة العودة إلى المدرسة التي تزود الطلاب بالحقائب المدرسية ومستلزمات التعلم الأساسية للمساعدة في زيادة التسجيل، إصلاحات طفيفة في المدرسة لضمان بيئة مواتية للتعلم، برنامج رائد للتعلم الذاتي للأطفال في المناطق المعرضة للخطر والذين لا يستطيعون الوصول إلى المدارس لمواصلة تعليمهم، الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدة الأطفال على التغلب على الصدمات من خلال تطوير آليات التأقلم الإيجابية، ووضع وتنفيذ خطط السلامة والطوارئ لمساعدة المدارس على حماية الطلاب والحفاظ على أماكن آمنة للأطفال، قدم هذا النشاط الدعم لأكثر من 1.3 مليون طفل حتى مارس 202

وجبة طعام

يقول زكريا يسلم في جمعية التكافل الإنساني عن مشروع وجبة الطعام الصحية التي تمنح لطلاب المدارس قائلا :”لدينا مشروع الوجبة الصحية الذي يعتبر مشروع أولي في محافظة عدن فمع بدء الدراسة ورجوع الطلاب لاستئناف الفصل الدراسي الثاني تم توسيع برنامج مشروع التغذية المدرسية ليتم إضافة ثلاث مدارس للسبع المدارس المستهدفة، وبهذا يتم استهداف عشر مدارس أي مايقارب 15861 طالب وطالبة وذلك لدعم الطلاب بوجبة غذائية صحية”.

وتابع حديثه قائلا :” لقد تم إعادة ترتيب المطبخ المدرسي لكي يستوعب الزيادة في إعداد الوجبات المحضرة يوميا للطلاب حيث تسهم هذه الزيادة في عدد المدارس والطلاب بتعزيز أهداف المشروع ليكتمل النهوض بالمستوى الصحي والتعليمي ومحاربة الفقر والحد من التسرب في المدارس وتشجيع الطلاب على التركيز والتحصيل العلمي ودعم المرأة العاملة التي تعيل أسرة في ظل ارتفاع الأسعار والظروف المعيشية الصعبة وتشجيع السوق المحلية في البلاد “.

وقالت سعاد علي إحدى العاملات في المجال الإغاثي في اليمن عن الوضع التعليمي في اليمن :” التعليم إحدى الإشكاليات المؤرقة للمجتمع ككل على مدى سنوات طويلة، لكنها أخذت تزداد حدة في السنوات القليلة الماضية مع ظهور مشاكل جديدة مثل ظاهرة التسرب اللافت من المدارس، وتدني مستوى التعليم بقسميه

الحكومي والخاص، والناتج عن عدم تحديث المناهج الدراسية، فضلا عن الكثافة الطلابية في الفصول التي يتجاوز عدد الطلاب في الفصل الواحد أحياناً 120 طالباً، وعليه هناك جهود مبذولة من الجهات الداعمة ليست على المستوى الدولي فقط بل على المستوى المحلي خاصة. كلك وُجدَ دعم من بعض التجار للمساعدة والمساهمة في توفير وجبات إفطار للطلاب، وهناك عدة بقالات. لذا فالمحافظة شاكرة لهم جهودهم الشخصية  لهذه المساهمة كي يواصل لطلاب تعليمهم. فهذه الوجبة تمثل كفاية لدى بعض الأسر الفقيرة التي لاتستطيع أن توفرها لابنائها خاصة إذا كانت تمتلك أكثر من شخص يدرس في المدرسة “.

تحديات

يواجه قطاع التعليم في البلاد العديد من التحديات والمعوقات الناجمة عن الصراع، أبرزها توقف دفع مرتبات  المعلمين التي مثلت أخطر التحديات أمام العملية التعليمية في البلاد حيث تركت حوالي 51% من المعلمين دون مرتبات لأكثر من خمس سنوات، ما أن أثرت بشدة على حوالي 64% من إجمالي المدارس و 79% من إجمالي الطلاب في البلاد.

دراسات ومؤشرات حول المساعدات المقدمة  لقطاع التعليم

   لدعم القطاع التعليمي فقد قدمت الجمعية الكويتية للإغاثة دعما سخيا لليمن بحسب تصريح للدكتور عادل باعشن المدير التنفيذي للجمعية الكويتية للإغاثة في اليمن لصوت الأمل:”ـ حيث أعادت الجمعية الكويتية ترميم وتأثيث أكثر من 60 مدرسة في عموم المحافظات اليمنية وتأهيلها وتأثيثها، وقدمت لوزارة التربية والتعليم أحدث المطابع ومحتوياتها وأدواتها المرفقة لطباعة الكتب المدرسية وشهادات الثانوية والمرحلة الأساسية، ووزعت 6280 حقيبة مدرسية، وقامت ببناء فصول جديدة في مناطق تجمع النازحين، وهي عبارة عن كرفانات فصول مؤقتة في عدة محافظات، كما تعاقدت مع 100 معلم في الجزيرة لسد العجز الشديد من المعلمين”.

 وأضاف قائلا ” هناك  مشاريع مستقبلية في قطاع التعليم، وهي ترميم مدرسة الشوكاني في محافظة لحج، ومدرسة عبد الرحمن قحطان في لبعوس (يافع)، وبناء مدرسة متكاملة في منطقة لودر، إضافة إلى ترميم كلية الآداب في محافظة تعز والعديد من المدارس الأخرى”.

 إلى جانبه تدعم البوابة الرئيسية لنشاط التعليم التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية نظامًا تعليميًا معززاً ومرناً لتوفير تعليم رسمي عالي الجودة للأطفال اليمنيين، يدعم النشاط أربعة مجالات رئيسة تتماشى مع خطة التعليم الانتقالي في اليمن والوصول الآمن والعادل إلى التعليم. تحسين التدريس والتعلم، تحسين المرافق والإمدادات، وتعزيز القدرات المؤسسية منذ يناير 2021م. قامت الوكالة الامريكية بتسليم 861 مكتباً جديداً إلى المدارس، وعقدت مشاورات مع 1700 عضو من مجالس الآباء والأمهات، وأجرت تقييمات للاحتياجات المحلية لمطابقة الخدمات التعليمية والنفسية والاجتماعية مع متطلبات المجتمع، وقدمت الإمدادات المدرسية مجموعات مع اللوازم المدرسية والمواد التعليمية لـ 140 مدرسة.

ماخلفه النزوح في مناطق الصراع

بحسب ماقاله نجيب السعدي المدير التنفيذي لإدارة المخيمات :”لقد دعت منظمة إنقاذ الطفولة المهتمة بالنازحين في اليمن للوصول الكامل إلى مجتمعات النازحين، لتحسين الخدمات للأطفال في المخيمات، إذ أن هناك أطفال في المخيمات يضطرون إلى المشي لساعات للعثور على مياه شرب آمنة وحطب للطهي، وكثير منهم ليس لديهم خيار سوى العمل من أجل المساعدة في دخل الأسرة”.

وأضاف قائلاً:”بحسب رصد حالات النزوح فإن مليون و700 ألف طفل نازح في اليمن مقطوعين عن الخدمات الأساسية، ونصف مليون منهم لا يحصلون على تعليم رسمي. فقد أجبر الصراع ما يقرب من 4 ملايين يمني على النزوح من منازلهم إلى محافظات أخرى”.

وأكد قائلا :”وبحسب ما أوضحت لنا منظمة إنقاذ الطفولة أنه في عام 2020م، أُجبر ما يقدر بنحو 115000 طفلا على الفرار من منازلهم بسبب تصاعد العنف لا سيما حول مناطق مأرب والحديدة وحجة وتعز، فيما اضطر حوالي 25000 طفلا وعائلاتهم إلى مغادرة منازلهم في النصف الأول من عام 2021م، فلأطفال هم أول من يعاني من عواقب النزوح، وهم الأكثر تأثراً، بالإضافة إلى القتال والفيضانات التي دمرت ملاجئ الآلاف من الناس والموجة الثانية من COVID-19 والفقر تجبر الناس على الفرار – فلا يستطيع العديد من الآباء تحمل حتى الأساسيات لأطفالهم “

وأضاف قائلا :”تقدم منظمة أنقذوا الأطفال التعليم غير الرسمي وخدمات المياه والصرف الصحي في العديد من المخيمات في جميع أنحاء اليمن. ومع ذلك يجب بذل المزيد من الجهود لتحسين وزيادة وصول الجهات الفاعلة الإنسانية إلى مجتمعات النازحين، وضمان حصولهم على الأساسيات وحماية أطفالهم”.

أحد العاملين في مخيمات النازحين يدعى أمين محمد قال:”عن المساعدات الإنسانية الإغاثية في اليمن لقطاع التعليم  تصنف الأزمة في اليمن على أنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفي نفس الوقت يتم التعامل مع هذه الأزمة بأسوأ عملية استجابة إنسانية. صحيح أن حجم المأساة كبير وعدد المتضررين كثير والاحتياجات كبيرة، لكن الأموال الطائلة التي خصصت للاستجابة الإنسانية في اليمن لم تحدث أي أثر نظراً لضعف التخطيط وضعف الرقابة والتدخلات في قطاع التعليم مثلها مثل باقي القطاعات، فهي تدخلات طارئة في معظمها بمعنى أنها تنتهي بانتهاء المشروع وتظل هناك حاجة بشكل دائم لمشاريع تغطي هذا الاحتياج بالإضافة إلى أن جزء من العام الدراسي يمضي في التنسيق لمثل هذه المشاريع كل سنة ويظل الطلاب دون دراسة، كما أن هذه المشاريع لا تغطي كامل الاحتياج ولا تستهدف كل الأطفال في سن التعليم فهناك بحسب تقرير للوحدة التنفيذية حوالي ربع الطلاب النازحين في سن التعليم غير ملتحقين بالتعليم وهذه نسبة كبيرة جداً وتعد مؤشراً خطيراً حول مستقبل هذا الجيل ومستقبل البلد”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. الغذاء أهم الاحتياجات الإنسانية لليمنين في ظل الصراع بنسبة %36.9

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر ينا…