‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة النوع الاجتماعي في اليمن ماضٍ مشرق.. المرأة الحاكمة في التاريخ اليمني

ماضٍ مشرق.. المرأة الحاكمة في التاريخ اليمني

صوت الأمل – سماح عملاق

تظهر النقوش المسندية المكتشفة الدور الذي تقلدته المرأة في اليمن القديم، وأن لها مكانة عظيمة ومتميزة في المجتمع اليمني القديم حتى اليوم، وأنها كانت شريكة الرجل في الحكم؛ فقد تقلدت مناصب الحكم في البلاد، ووقفت صانعةً للقرار الحكيم، وكانت الحاكمة اليمنية ذات حصافةٍ ورجاحة عقلٍ؛ فأصبحت سببًا لازدهار مملكة سبأ وتطورها في كل المجالات، وقد خلَّد التاريخ اسم الملكة بلقيس واحدةً من أعظم ملكات التاريخ.

ليست ملكة سبأ الوحيدة، إنما كان هناك ملكاتٍ غيرها أسهمن في تغيير مجرى الأحداث، وحماية البلد من كوارث طبيعية أو بشرية بذكائهن وقدراتهنّ السياسية العالية؛ فالنماذج كثيرة وعصية على السرد المفصل في تقريرٍ واحد، حسب ما يذكر كتاب “الملكة بلقيس؛ التاريخ والأسطورة والرمز” للباحثة بلقيس إبراهيم الحضراني.

وتدليلاً عن مراعاة المجتمع اليمني للنوع الاجتماعي القائم على المشاركة السياسية للمرأة، تذكر “صوت الأمل” النماذج النسائية الآتية:

الملكة شَوْف السبئية

ذكرت النقوش المسندية أن الملكة شوف السبئية قد نصبت نفسها مدافعةً عن أخيها، وحينما أفلحت جهودها سجلت ذلك في نص بمعبد أوام المعروف بمحرم بلقيس، وذكرت النقوش أنها أهدت تمثالاً من الذهب للمعبود “إل مقه” شاكرةً له أن هداها إلى أن بلغت سد حروان بمشكلة أخيها، وأنها سعيدة بحججها المقنعة وحل المشكلة. ويقول أخصائيون في التنقيب عن الآثار: “يبدو أنها كانت تملك من العلم والحكمة ما مكنها من الدفاع، وإنجاح مسعاها وتخليص أخيها من ورطته”.

 الملكة نادين ذي صدقن شمس

 يشير الأستاذ خالد غالب -مدير مكتب الآثار في محافظة إب- إلى أنه لا توجد معلومات وافية عن الملكة نادين ذي صدقن شمس، سوى صورة لتمثال أثري لها، عُثر عليه ضمن الاكتشافات الأثرية في منطقة العود بمحافظة إب. مؤكدًا أن تمثال الملكة اليمنية نادين ذي صدقن شمس يرجع تاريخه إلى ثلاثة آلاف سنة دون ذكر تفاصيل أخرى.

 الملكة أروى الصليحي

ذكر كتاب التاريخ المسمى بـ”أروى ملكة اليمن” للدكتور عارف تامر أن الملكة أروى بنت أحمد الصليحي كانت ملكة للدولة الصليحية في اليمن، بوصفها أول ملكة في التاريخ الإسلامي. وتلقبها معظم الكتب التاريخية بـ”السيدة الحرة”، كما غلب على اسمها في كتب التاريخ (أروى بنت أحمد بن محمد بن جعفر بن موسى الصليحي).

يقول الدكتور عارف تامر: “ولدت الملكة أروى في مدينة جبلة، وأمها رداح بنت الفارع بن موسى الصليحي زوجة المكرّم أحمد بن علي الصليحي ملك اليمن. وقد أسهمت إسهامًا فاعلًا في توحيد اليمن، وتوسع حكمها حتى بلغ أرض الحجاز شمالًا، والحبشة جنوبًا، وعن اقتدار”.

الملكة طريفة بنت الخير الحميرية

يقول أستاذ التاريخ في جامعة صنعاء الدكتور رياض علي: “كانت الملكة طريفة الحميرية كاهنة يمنية مشهورة بالبلاغة والفصاحة واللباقة، تزوجت الملك عمرو بن ماء السماء الأزدي الكهلاني”.

ويضيف الدكتور علي أنه قد أشيع عنها أنها تنبأت بانهيار السد، وحذرت زوجها فأمر قومه بالاستعداد للهجرة، وما أن بدأت القوافل بالرحيل حتى انهار السد، وقد قيل إنها كانت عرافة زمانها وحكيمة عصرها.

لميس بنت أسعد تبع

تشرح الباحثة في التاريخ والأستاذة في جامعة صنعاء الدكتورة جميلة الرجوي حول الملكة لميس التبعية وتقول: “إنها كانت قبل بلقيس، وقد كانت ملكة وزوجة للملك مرشد بن مالك الصافح ذو ناعط من مملكة حمير. وجد قبرها في زمن الحجاج بن يوسف هي وأختها ومكتوب عليه “هذه شمسه ولميس ابنتا تبع متنا وإننا نشهد أن لا إله إلا الله”.

الملكة ديمة من بيت رثدة

تشير الدكتورة الرجوي حول الملكة ديمة بأنها عرفت باسم آخر هو (رثد إيل) من جماعة شمر القتبانية، وقد عثر على قاعدة تمثالها في دار هُدّت لدى مدخل العاصمة تَمْنُع وهو من البرونز، وأُرِّخَ بعهد الملك (ورأويل غيلان بن يهنم بن شهر يجل يهرجب) ملك قتبان الذي يحمل توقيته بمنتصف القرن الأول قبل الميلاد. ويبدو – حسب الرجوي- أنها كانت من كبريات كاهنات (عم الجو) ووكيلة (عمد باديمة)، ومن المعلنات للنّبوات المنسوبة إليه في معبده، حسب زعمهم. والنقوش مليئة بأسماء نساء قدمن قرابين جنبًا إلى جنب مع الرجل وكانت لهن مكانة وأدوار مختلفة في الحياة الاجتماعية والأدبية والسياسية في ذلك الوقت.

صفنات الأبذلية

اشتركت الملكة صفنات الأبذلية مع زوجها سعد كرب في تقديم تمثال برونزي للإله (إل مقه شهرمان) عساه يرشدها إلى آية تطمئنها على أنهما سوف يكسبان القضية القائمة بين الزوج وبين مولاه، ولم تنسَ صفنات أن تدعو معبودها أن يهبها ولداً ويبشرها به، حسب ما يقول كتاب “تاريخ اليمن السياسي”، وهو دارسة مشتركة لعديد من الباحثين اليمنيين في هذا الشأن.

أب صدوق

يقول الدكتور صادق الصفواني إن (أب صدوق) سيدة قديمة قتبانية جاء ذكرها في نقش فيه: “أب صدوق عزيم -أنثى من أسرة- وهب أيل من عشيرة حران وقبيلة ذرآن، وأنها خصصت نذرها لمعبودها ابْناِي شيمان (أي ابناي الحافظ) في معبد رصف الكبير وأوكلت إليه أن يصون تمثالها فيه من أي فرد يوم تبديل موضعه”.

الملكة شمس

ويضيف الدكتور الصفواني أن الملكة شمس ملكة يمانية وهي أخت الملكة لميس، وأشار بعضهم -حسب الصفواني- إلى وجود أخت لبلقيس اسمها شمس وفي بعض الروايات أن (سمسي) أي شمس هي أم بلقيس.

 الملكة أسيلم

وقد وجد في نقش أحد المعابد أنها ذات البيتين، أي صاحبة البيتين أو المنتمين إلى المعبدين (نفعان) و(يافع)، وربما بمعنى المشرفة عليهما ووصيفة الحاكم شارح بن همدان، وقد أهدت الملكة أسيلم المعبود عثتر بعل بناء تمثالين أو صنمين من العشور التي تعشرها من أجله أو باسمه وفاء لمقامه، وهي من أهم الملكات اللواتي لم يرد ذكرهن في النقوش ولكن تناقلت أخبارهن الحكايات الواقعية، حسب قول الأستاذ خالد غالب مدير مكتب الآثار في محافظة إب.

“تأثير غير محدود للمرأة اليمانية عبر التاريخ”

يقول مدير مكتب الآثار في محافظة إب إن للمرأة اليمانية الحاكمة تأثير غير محدود عبر التاريخ، وقد قامت بأدوار عالية الحنكة والجرأة كحاكمة لا تقل قدرةً عن الحاكم الذكر، ومن هذه التأثيرات إسهامها في تجنيب البلد ويلات الحروب والصراعات كما هو شأن ملكة سبأ في قصتها مع الملك سليمان الذي خلدها القرآن الكريم بوصفها كتابًا مقدسًا للمسلمين، حيث أشاد برجاحة عقلها، ولم يستهجن أن تغدو المرأة حاكمة كما لم يقلل من شأن قدراتها في ذلك.

ويضيف غالب أن اليمن شهدت رخاءً وازدهارًا ملحوظًا بعهد النساء، كالتسامح الديني الذي عمّ اليمن في عهد الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، حيث تلاشت المذاهب واجتمع المواطنون تحت سقف الوطن الواحد.

كما أشاد غالب بتلك الإنجازات التاريخية التي شملت كل نواحي الحياة في عهد الحاكمات اليمنيات، ووجه رسالةً مفادها أن الاستفادة من تجاربنا التاريخية قد تشكل مخرجًا من المأزق التاريخي الذي تقع فيها بلادنا في التاريخ اليمني المعاصر.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع: العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن موجه نحو المرأة بنسبة %69.9

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ينا…